المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



عوامل تفاقم ظاهرة السرقة بين الأطفال  
  
1232   11:33 صباحاً   التاريخ: 15/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة والطفل المشاكس
الجزء والصفحة : ص317ــ321
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016 2107
التاريخ: 6/9/2022 1546
التاريخ: 2023-03-11 1244
التاريخ: 31-12-2022 1321

هنالك عوامل كثيرة تدفع الطفل لمواصلة هذا العمل حتى بعد فهمه لقبح تصرفه الى ان يتعود عليه تدريجياً ويصل الى مرحلة - في سنوات المراهقة والشباب - يصير فيها لصا محترفاً. ولو القينا نظرة على سوابق وماضي المجرمين المحترفين لثبت لنا صدق هذا الرأي. ان هذه الدراسة لا تتيح لنا ذكر جميع تلك العوامل، ولهذا نكتفي بذكر البعض منها كما يلي:

١ -النماذج التربوية المغلوطة: لاجواء البيت والمدرسة، والاجواء التي يترعرع فيها الطفل بشكل عام، تاثير كبير في انبثاق واستشراء هذه الظاهرة .

وليس المراد من هذا القول ان الأب والأم يتسوران جدران بيوت الناس بشكل علني ويسرقان، وما سلوك طفلهما الا تقليداً لهما، وانما هنالك نقطة يجب عدم تجاهلها وهي ان الكثير من تصرفات الأبوين قد تكون لها انعكاسات سلبية في ذهن الطفل. فعلى سبيل المثال قد يقرأ الطفل في كتاب بان عدم دفع الضرائب نوع من السرقة ثم يلاحظ في البيت ان ابويه يتشبثان بجميع الاساليب للتملص من دفع الضرائب المترتبة على دخل الأسرة. وعلى هذا المنوال ايضاً يلاحظ عدم حضور معلمه الى الصف في الوقت المحدد، ويأتي الى المدرسة متأخراً ويخرج منها مبكراً وتتقلص بهذا اوقات الدروس، وحتى ان بعضهم قد يضيع وقت الدرس في مطالعة الصحف. وكل هذه التصرفات التي يراها الطفل تمثل بالنسبة له دروساً ويتكون لديه تصور بان المسألة ليس كما تطرح في الكتاب فحسب، بل يمكن ايضاً مخالفتها والتمرد عليها.

٢ -اصدقاء السوء: هنالك حقيقة علمية ثابتة وهي ان الطفل لا يولد لُصاً، والسرقة ظاهرة اجتماعية ومن صنع البيئة الاجتماعية، ويكتسبها الفرد من مجتمعه ويتعلمها من اصدقائه. اي ان والدي الطفل واصدقاءه وزملاءه هم الذين يعلمونه السرقة، ونخص بالذكر هنا علاقات الصداقة، اذ تكثر امثال هذه الحالات بين الشباب. ويحصل احيانا في المجتمع والمدرسة ان يكون الشباب عصابة او زمرة تحترف السرقة.

كثيراً ما يكون الهدف المهم من وراء هذه الافعال هو التظاهر امام الزملاء بالمهارة الخارقة، وبهذا يضيع الشاب اوقاته ويستثمر ذكاءه في سلوك منحرف ويعتبره مفخرة يتباهى بها امام الاصدقاء . ولاجل ان يثبت المقابل انه لا يقل عنه كفاءة يبادر الى تقليد نفس ذلك السلوك.

٣ -وسائل الاعلام: يبدو ان اعداد القصص الاذاعية، والبرامج التلفزيونية، والافلام السينمائية يتطلب درجة عالية من الوعي والخبرة ليكون هادفاً وخالياً من الانعكاسات السلبية. ونحن نعترف وبمرارة ان الكثير من البرامج تعلم الاطفال اساليب الجريمة بشكل غير مباشر.

يجب ان يكون الاشخاص الذين يساهمون في اعداد القصص والبرامج للاطفال متخصصين في دراسة الاطفال. ومن يتولى تربية افكار الاطفال والشباب عليه ان يدرك أولاً ما هو الطفل وما هو الشاب. وما هي الخصائص التي يحملها؟ وما هي رغباته وأمانيه؟ وما هي المخاطر التي يتعرض لها في حياته؟ وما نمط تفكيره ؟

اما البرامج التي تبث من خلال وسائل الاعلام، لابد وان تخضع لرقابة تنقيها من اية تأثيرات عكسية تساهم في اذكاء او تأجيج التخيلات غير المشروعة عند الطفل، ولا توفر له المادة الأولية للعبث، وان لا يكون بطل الفيلم درساً غير مباشر للسرقة والاجرام.

٤ -الوساوس: من البديهي ان الطفل او الشاب او الانسان على العموم يحتاج في يومه للحظات يكون فيها بمفرده ليختلي بنفسه، لأن الانسان مع كونه اجتماعياً الا انه اذا بقي كثيراً في المجتمع يمل ويتعب، مثلاً الطفل الذي يقضي عشر ساعات من يومه في المدرسة وبين الاصدقاء يميل الى الانفراد لمدة نصف ساعة مثلاً وهذه الوحدة مفيدة له من عدة جوانب. أما ما تجب مراعاته فى هذا المجال هو ان لا تطول مثل هذه الوحدة اكثر من الحد المعقول وان لا تكون ناتجة عن القلق والاضطراب، لانها في مثل هذه الحالة تكون سببا لاثارة الوساوس والهواجس.

نحن نعلم ان لدى الطفل قدرة عالية على التخيل والتصور، ويعمد في كثير من الحالات الى التخطيط للمشاكل، ولكن من غير ان يكون له اي مارب فيها، ولهذا تقتضي الضرورة انهاء عزلته اذا تجاوزت الحد الطبيعي من غير اثارة وضعه الفكري او ايجاد نوع من الاضطراب لديه او ايقاعه في دوامة من الهواجس.

والحقيقة الثابتة في جميع الاحوال هي ان ضعف الرقابة يُوقع في بعض المخاطر. ولابد من التنويه الى ان الاشياء التي يرغب فيها يجب توفيرها له والا فلا مناص من اقناعه بشكل او آخر بعدم امكانية توفيرها في الوقت الراهن وسيتم توفيرها له في المستقبل، لكيلا تجد الهواجس الى نفسه سبيلاً.

٥ -انعدام الرقابة: على الآباء والامهات الملتزمين مراقبة المصرف اليومي لأبنائهم. نحن نرى من الوجهة التربوية - وفي هذا العصر الذي تنوعت فيه انواع الاطعمة والالبسة والالعاب وحتى القرطاسية - ان يكون لدى الطفل مبلغ من النقود وان كان قليلاً لمصرفه اليومي .

الابوان يشتريان للطفل قلماً الا ان هنالك عشرون نوعاً من الاقلام، وهو مغرم بنوع منها. والطفل يتناول في بيته الافطار والغداء والفواكه لكنه يشتهي مما يرى في الخارج من مرطبات وكرزات وحلويات. اذن لابد من وجود مبلغ من النقود في جيبه ليشتري به ما تصبو إليه نفسه.

٦ -الشجيع الاعتباطي: الكثير من أنواع التعود على ممارسة السرقة ناتج عن تساهل أولي الأمر في التربية والتشجيع الاعتباطي للطفل وهنالك مثل له قصة يعرفها الجميع عن الأم التي شجعت ولدها عندما سرق بيضة وعليها ان تتوقع منه في احد الأيام ان يسرق جملاً.

من البديهي ان الآباء والامهات لا يشجعون اولادهم على السرقة بشكل مباشر، الا ان غض الطرف عن اخطائهم في هذا المجال والتسامح معهم فيها وعدم مراقبة مصاريفهم اليومية يعتبر درساً سيئاً لهم وتشجيعاً على مواصلة انتهاج هذا المسلك.

اذا سرق الطفل حتى وان لم يتجاوز عمره الثالثة يجب ان لا يقابل عمله هذا بالضحك والتشجيع على اعتباره عمل بارع، ولا تقتلوه لقاء الاقدام على مثل هذا الفعل، بل بالعكس لابد من اظهار الاستياء والتبرم ليدرك انه جاء بعمل قبيح، والتربية الصحيحة لابد وان تكون مقرونة بمثل هذه الدقة.

هنالك طبعاً عوامل أخرى تزيد من تفاقم مثل هذه الظاهرة عند الاطفال كحالة الفقر والعوز التي تعيشها الأسرة وضعف المعتقد الديني عندها وانهيار قيمها الاخلاقية، او اضطراب اوضاعها، وعدم تربية الابناء على مفاهيم الاعتداد بالنفس، والاجواء الاجتماعية السيئة او الموبوءة، واستشعار لذة السرقة، والتي نمتنع عن الخوض فيها مراعاة للاختصار




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.