المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الحرية لأجل التعالي والكمال  
  
1323   08:38 صباحاً   التاريخ: 16/11/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة : ص91 ــ 96
القسم : الاسرة و المجتمع / معلومات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-14 394
التاريخ: 2023-06-22 1202
التاريخ: 2024-11-23 154
التاريخ: 8/12/2022 1286

الحرية عامل أساسي للتربية وهي من عوامل نمو وتعالي الإنسان وفقدانها يجعل السير إلى الكمال عسيراً ويؤدي إلى إختفاء عزته واحترامه، يستوجب على الوالدين والمربي أن يربوا الطفل على الحسن وعلى الرجولة وبعبارة أخرى توفير موجبات رشده وجعله في خط الكمال.

من الطبيعي أن أي إنسان رشيد ومدرك وفاهم يوجب عليه أن يُهيء أرضية ارتقائه وتعاليه على أساس مشروع ومبني على التقوى وأن يسدد ويؤدي حسابه مقابل العطايا الإلهية الشاملة للعمر والنفس والكرامة والعزة والسلامة على أحسن وجه.

ان كانت الحرية عقلائية وموجهة من المذهب فأنها ستكون بلا شك قيد للطيش والإفراط وستحول دون الانحطاط، لا بل العكس فإنها ستحرر روحه ونفسه وتضعه في طريق التكامل.

البعد المحوري للحرية

الحرية حالة تتواجد في جميع مسائل وأبعاد الحياة، فهي تساعد على بروز الأفعال والأقوال وعلى ضوئها يتحقق العقاب والثواب وهنا نشير إلى بعض موارد البعد المحوري لها.:

1ـ محور النمو: الحرية محور النمو في البعد المادي والمعنوي، وهي مهمة جداً في تأمين موجبات حفظ وسلامة الفرد وأن النور والحركة والنشاط إن لم تك حرة في طريقه فسوف يتعرض إلى عرقلة في النمو البدني، وأما في البعد المعنوي فإن الإنسان بحاجة إلى الحرية أيضاً للتكامل والنمو في مجالات التصميم والإرادة والإيمان بالقيم وفي مسير الرقي في الحياة اليومية واستثمار العمر والاحتياط من السقوط والانحطاط وفي تنفيذ أمر أو منع آخر.

2ـ محور الانتخاب: الإنسان بحاجة إلى الاختيار والانتخاب: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[الإنسان: 3]، وهذا ضروري جداً لتكامله ورشده، وتعتبر هذه القدرة من الفوارق الموجودة بين الإنسان والحيوان.

وعلى الانسان اختيار الشيء النافع والأفضل له بين شيئين أو عدة أشياء.

 الطرق التي توجد أمام الانسان عديدة جداً ويعدها البعض بعدد الأنفس(1)، وعلى الإنسان اختيار الطريق الأقصر والأصلح والأفضل وللوصول إلى مثل هذا المقصد يجب أن يتمتع الإنسان بالحرية لأن فقدانها يغلق طريقه ويسد مسير تعاليه وتقدمه.

3ـ محور التحرر: الحرية هي محور التحرر، ولقد كانت بعثة الأنبياء لغرض كسر القيود والأغلال التي كانت تطووّق أيادي وأرجل البشر(2)، وما أكثر تلك القيود التي كانت تنبعث من باطن الإنسان وتطوق الأيادي، وكم من فخ انبثق من داخل الإنسان وقيده في الخارج وعطل حركته. ولقد كان علي (عليه السلام)، يخاف على الناس(3)، من أهوائهم التي تقف حائلاً أمام تكاملهم، وتلك الرغبات التي يقع الفرد في فخها ويصبح أسيرها.

لا يمكن للفرد التحرر من جميع القيود والأغلال إلا يُوجد الحرية وحرية الفكر والنظام الانساني، لكي يتمكن من التغلب عليها ويقتلعها من جذورها، ومن الخطأ كل الخطأ طلب التحرر من شخص وهو مقيد الأيدي والأرجل.

4ـ محور الاستقلال: ومن المهم أيضاً في حياة البشر وجود العوامل الأساسية كالإستقلال في الرأي والفكر والمشي في تطوره.

الأطفال ومنذ نعومة أضافرهم يجب تدريبهم على موضوع الاستقلالية حسب ادراكهم واستيعابهم وإحساسهم، مثل ارتداء اللباس والحذاء، وأما مسؤوليته فإنه يجب أن يكون مستقلاً في قبولها وأدائها والاعتماد على نفسه بذلك.

تشير التحليلات العلمية إلى ان الذين يتمتعون بمستوى أعلى من الحرية والاستقلالية يتمكنون من حل مشاكلهم بصورة أفضل ويتقدمون على الآخرين في نموهم واتساعهم، وإعطاء الحرية هنا يعتبر من أساسيات الاستقلال، لهذا من الضروري جداً أن يهيء الآباء والمربون الظروف المناسبة لذلك، لأن الحرية بالنسبة للفرد كالينبوع المستقل الذي يمكن أن يعطي بفورانه الطاقة اللازمة للتقدم(4).

5ـ محور الدفع والدفاع: الحرية محور دفع الخطر عن النفس والمجتمع ومحور الدفاع عن حيثيته.

الشخص الذي لا يملك حق دفع الضرر عن نفسه والدفاع عن حياته وعقيدته هو بالحقيقة فرد أسير، سيء الحظ، وفي حالة موت وفناء وإن تمكن يوماً من الوصول إلى القدرة فإنه سيفرغ جميع عقده وآلامه على الآخرين.

الشعور بوجود الذات وامتلاكها من قبل نفس الفرد أمر مهم جداً والذي لا يشعر بذلك فإن وجوده معرض للافتراس من قبل الغرائز والميول، وأن قدرته في هذه الحالة على أداء وظائفه أمر مشكوك به.

يجب أن يكون الطفل حراً في منع تجاوز الآخرين عليه، وفي الدفاع عن اعتقاداته وكذلك في دفع الخطر عن وجوده، في نفس الوقت الذي يعتبر فيه الدفاع واجب شخصي ويجب على الآخرين كذلك أن يقدموا العون له.

(المؤمنون كَيد واحدة ...)(5)، وعدم الدفاع عن النفس يعتبر في الحقيقة رضى بالظلم وهو من كبائر الذنوب(6).

6ـ محور البناء والتجديد: الحرية محور بناء أو تجديد الذات والمجتمع.

يجب على الإنسان السعي في مجال التعالي والنمو إلى بناء واصلاح أبعاد وجوده ووضعها في الخط الإلهي وأن يخلع الاضطراب والقلق من ذاته والابتعاد عن الاستبداد في الرأي والغرور والأنانية، وجميع ذلك بحاجة إلى الحرية، لأن فقدها يمنع النبوغ وتجلي العلم والأدب ويؤدي إلى التجاوز على حدود الآخرين والخمول وعدم إصلاح الذات والمجتمع واختفاء المشاركة الاجتماعية البناءة وبالتالي انحراف العلاقات الإنسانية عن شكلها الطبيعي وكل ذلك سيحول دون العلو والكمال.

7ـ الحياة المتحررة من الأمور المتعلقة بالرشد والتعالي والسير في خط التكامل هي أن الفرد بطبعه متحرراً وعالي التفكير ويبتعد دائماً عن الحدود والمحدوديات ولا يرضى بهيمنة الآخرين وعليه كذلك عدم الهيمنة على الآخرين.

وقد أشار الإمام الصادق (عليه السلام) في أحد أحاديثه الشريفة حول هذا الموضوع.

الإنسان في مجال الوجود يجب عليه أن يكون واسع الصدر وجريء وشجاع وشهم ويعفو ويصفح ويصدق في قوله ويستقيم ولا يتعصب تعصباً أعمى ولا يرضى لنفسه غير الحق ويكون حر التفكير ومتين وأن يمتلك الشعور بالمسؤولية في الوجدان وأن يكون بطلاً فدائياً وكل ذلك ينتج من حرية الفكر.

8ـ وأخيراً: (من ترك الشهوات كان حراً)(7)، كالجاه والمال والموقعية، وكان كل سعيه للتكامل وتركيز القوى الفكرية لهذا الأمر (وأكرم نفسك عن كل دنية)(8)، لأن الوجود غير قابل للتخمين والتعويض.

الانسان هو حر في صنع إنسانيته وتحرير نفسه من حالة الاتكال والتبعية، زمام أمره في يده، يسعى إلى معرفة قدراته وتقييم لياقاته وتجاربه وأن لا يكون ممن يبغي الوصول إلى الهدف الدنيوي بأي وسيلة كانت وأن: (لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ...)(9).

استثمارات الحرية

يستثمر الفرد المتربي الفوائد الجمة من الحرية من جملتها في مجال الاستقلالية وترك التبعية والتصميم وتقوية الرؤى وإيصال نفسه إلى مرحلة الاقتدار المشروع والتواجد في مجاري العلم والتقوى والسير في مشي الأبرار: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: 18].

ويهدف إلى كسب الوعي لكي يصبح صاحب رأي وفكر واستقلال ويقدر على درك معنى الحياة ويكون قابلاً للاعتماد ويتمكن من الوصول إلى مرحلة الشعور المتعالي والتحرر من جميع التبعيات وامتلاك الفعالية المعقولة في استثماره للحرية.

وهنا يجدر ذكر هذه النكتة وهي ان الحياة نوع من الأخذ والعطاء ويجب مراعاة جميع أبعاد هذا الجانب وكذلك الاهتمام بشؤون طرفي المعاملة، وفي نفس الوقت الذي يكون فيه الفرد حراً يجب أن لا يسبب خطراً على أمن واختيار الآخرين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق.

2ـ ويضع عنهم إصرهم.

3ـ إن أخوف ما أخاف عليكم... نهج البلاغة: خطبة28.

4ـ جان استورت ميل (الحرية)، ترجمة شيخ الاسلام ص173.

5ـ خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله)، في مسجد خيف (تحف العقول الجزء الأول).

6ـ من رضي بالظلم فهو في النار (معنى الحديث - المترجم).

7ـ غرر الحكم: رقم4354، الإمام علي (عليه السلام).

8ـ نهج البلاغة: خطبة31.

9ـ تحف العقول: ابن شعبة الحراني؛ فصل الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام). 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.