أقرأ أيضاً
التاريخ: 8/11/2022
1276
التاريخ: 2024-09-22
230
التاريخ: 2023-12-04
1131
التاريخ: 22/11/2022
2061
|
الجدير بالذكر أنه لم يوجد فقط تضاد وخلاف بين الإنسان وقسم من الموجودات في هذا العالم، بل يوجد تضاد أيضاً في داخل الإنسان نفسه وفي رغباته، وهذا التضاد هو من خلق الله تبارك وتعالى، ولذا فإن باطن كل فرد ساحة صراع للرغبات المتضادة.
مثلا فإن غريزة التقليد وغريزة عدم التقليد، غريزتان متضادتان نشطتان في باطن الإنسان، فغريزة التقليد تدعو الإنسان لاتباع هذا وذاك، بينما غريزة عدم التقليد تدفع بالإنسان للتمرد على اسلوب الآخرين.
الإنسان يستفيد، بغريزة التقليد من تجارب القدماء، ويتبع البرامج العلمية والعملية للآخرين ويستثمرها، بينما بغريزة عدم التقليد يحرر نفسه من أعمال القدماء ويستخدم حس الابتكار في نفسه وبالتالي يصل إلى أساليب جديدة ويحصل على مواضيع جديدة غفل عنها القدماء.
الرغبات المتضادة:
(يضع (يونك) أهمية بالغة للرغبات المتضادة المتصارعة في باطن الإنسان، وهو، كقاعدة عامة، يؤمن بأنه توجد مقابل كل رغبة، وكل إحساس وعاطفة، حالة ضد كل ذلك في الإنسان، مثلا يوجد مقابل الرغبات الظاهرية البارزة والمشهورة، رغبات باطنية شديدة وخفية، أو وجود تفوق الاستدلال الظاهري مقابل تفوق الإحساسات الباطنية الخفية، بشرط عدم اعتبار أن هذه الأشياء مضادة أو مغايرة بعضها لبعض. إن هذه الظواهر والحالات المتضادة تكمل في الحقيقة إحداها الأخرى وهدفها إيجاد التوازن والوحدة في روح الإنسان. ويعتقد (يونك) أن الشخص العصبي هو ذلك الشخص الذي تكون لديه إحدى هذه الحالات أو الإحساسات أو العواطف المتضادة من طرف واحد، أو بصورة احتكارية، وفي تلك الحالة فإن توازنه الروحي يختل فتظهر عليه الحالات العصبية. وقد أطلق (يونك) فرضيته ونظرياته حول إيجاد التوازن بين الرغبات والعواطف المتضادة بـ ـ القانون المكمل ـ) (1).
قياس الرغبات:
لقد وجدت الرغبات المتضادة في الإنسان بأمر إلهي وليس عبثاً، وإنما على أساس من الحكمة والمصلحة. فإننا لو استطعنا أن نقيس كل واحدة من هذه الرغبات بصورة صحيحة وفي مكانها، فإننا نكون قد خطونا نحو سعادتنا، وإذا استخدمناها دون تفكير ودراسة فقد ألقينا بأنفسنا في ظلمات البؤس والتعاسة.
الإمام علي (عليه السلام) قد أشار في إحدى كلماته القصار إلى بعض الصفات المتضادة للإنسان، وينبه في ختام حديثه إلى لزوم قياس الرغبات وخطر الإفراط والتفريط، حيث يقول (عليه السلام): (فكل تقصير به مضر، وكل إفراطٍ له مفسد) (2).
تعديل الأفكار:
إن تضاد افكار الشباب والكهول والشيوخ قد خلقت من قبل الله (عز وجل) كسائر الأفكار الظاهرة والخفية للموجودات الأخرى، وقد خلقت على أساس من الحكمة والمصلحة، ولو أن أبناء هذه الأجيال الثلاثة تمكنوا من تعديل أفكارهم المختلفة، ودرسوا نظرياتهم وفق مقياس صحيح فسوف لن يظهر بينهم عداء وخصومة، وإنما ستكمل أفكار كل فئة أفكار الفئة الأخرى. ولكن إذا أصر كل واحد من هذه الأجيال على افكاره بعناد، وأراد فرض آرائه على الآخرين فمن المؤكد ان ذلك سيؤدي إلى الخصومة فيما بينهم، وبالتالي ستعرض حياة الأسرة والمجتمع لاختلافات وفوضى مزعجة.
لا شك ان الغرائز نعمة كبيرة وثمينة غرستها الإرادة الإلهية في باطن الإنسان، واختلطت مع كيانه. إن الغريزة عمياء لا تشعر، ولكنها تطالب، بشكل طبيعي، بإشباعها، وتريد بأي شكل كان أن تصل إلى اهدافها. ولكننا نعلم أن حرية الغريزة بشكل مطلق لا تنسجم مع أساس الحضارة والنظام، والقانون، والمجتمع؛ إن الحرية اللامحدودة للغرائز تؤدي إلى الحرب والخصومة، وتقضي على الراحة والأمن اللذين هما أساس سعادة الفرد والمجتمع.
تعديل الغرائز:
إن حفظ مصالح المجتمع وضمان سعادة الإنسان يستوجبان قياس الرغبات الغريزية بمقياس العقل والقوانين العادلة وجعلها بما يرضي المصلحة العامة. بعبارة أخرى يجب ان نسلك اسلوباً لا تقمع فيه الغرائز ولا نترك لها الحبل على الغارب في سبيل أن تصل إلى أهدافها بحرية. وكما أن الإنسان لكي يحافظ على الحضارة ونظام المجتمع، مجبر على القبول بالضوابط القانونية، وأن يصرف النظر عن جزء من رغباته، كذلك الشباب والشيوخ، فلضمان مصالحهم وسعادتهم وللحيلولة دون حدوث اختلاف وتضاد، وللحفاظ على جو المجتمع والاسرة على أفضل وجه، يجب عليهم أن يغضوا النظر عن بعض تمنياتهم وآرائهم التي ترتبط بسني عمرهم، لكي يوازنوا بين مطالبهم ويعملوا لصالح أنفسهم والمجتمع بصورة جماعية، فيعيشون جنباً إلى جنب في جو يسوده المحبة والصفاء بعيداً عن المشاجرة والتضاد.
مثال: إن طباع الشباب تميل إلى كل ما هو جديد، فهو يتجه نحو الأفكار والآراء الجديدة، يقرأ الكتب التي تتحدث بلغة جديدة، ويبحث عن الاخلاق والآداب الجديدة، ويرغب في ان يكتب بأسلوب جديد، ويتحدث بلغات جديدة، يحب الشعر الجديد والرسم الجديد، ويميل إلى حلاقة جديدة وكذلك في ملبسه، وبناء بيته، وأثاث منزله وغرفته، الخلاصة يحب كل ما هو جديد وحديث.
بينما طبع الشيوخ يميل إلى السنن والآداب القديمة، ولا يرغبون الأشياء الجديدة، ويودون أن يبقى كل شيء في مكانه، وأن لا يتغير اسلوب الحياة، ولا تتبدل التقاليد والعادات، ولا يظهر أي اختلاف في شؤون المجتمع، وتبقى الأمور وفق ما كانت عليه في السابق كما اعتادوا عليها.
آراء مختلفة:
إذا أراد المجتمع أن يتبع آراء الشباب وينفذ مطالبهم مائة بالمائة، عليه عندئذ أن يترك الكثير من مبادئه الإيمانية واصوله القانونية والأخلاقية، ويتجاهل الكثير من الآداب والسنن الإجتماعية والأسرية التي فيها الصلاح المادي والمعنوي للناس، وهذا العمل ينافي بالتأكيد مصلحة وسعادة المجتمع.
ولو أراد المجتمع أن يتبع آراء الشيوخ ومطالبهم مائة بالمائة عندئذ يجب عليه أن يحافظ على كل شيء كما هو، ويخالف أي تحول وتجدد، فيغلق باب التقدم والتكامل بوجه الناس، ويمنعهم من الحركة والنشاط والتقدم وهذا العمل ليس في صالح المجتمع.
إن الطريق الصحيح للإستفادة من الآراء المتضادة لهذين الجيلين هو أن يعملا على تعديل مطالبهما ورغباتهما وفق مقياس صحيح للحصول على توافق وانسجام فيما بينهما، وليكمل أحدهما الآخر، وبذلك سيستفيد المجتمع إلى أقصى حد من هذا التضاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ تناقضاتنا الداخلية، ص 27.
2ـ نهج البلاغة، الكلمة 105.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|