أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
22350
التاريخ: 12-08-2015
1457
التاريخ: 3-3-2019
1409
التاريخ: 28-4-2018
1347
|
الصورة الحاصلة في الذهن إمّا أن تتأثر بها النفس من قبض أو بسط ـ وإن كان خلافاها ثابتاً لدى العقل ـ أو لا ، والأَوّل يسمّى تخييلاً ، وعلى الثاني فإمّا أن تكون نسبتها متساوية الطرفين بحيث لا يرجّح أحدهما على الآخر ، فتسمّى شكّاً ، وإمّا أن لا تكون متساويةً ، فإن لم يحصل القطع بأحد طرفيها تسمّى وهماً إن كان الطرف مرجوحاً ، وظناً إن كان راجحاً ؛ وإن حصل القطع بأحد طرفيها فإن كان عدمها فهي كذب ، وإن كان وجودها فهي جزم ، فإن طابق الواقع فهو يقين إن لم يقبل التشكيك ، واعتقاد وتقليد إن قبله ؛ وإن لم يطابق الواقع فهو جهل مركب .
إذا تقرّر هذا فنقول : المقدار اللازم في
الاعتقاد بالمعارف هو الجزم ؛ إذ به يرتفع احتمال الضرر ، فلا يبقى حكم الفطرة
بلزوم الفحص والنظر أبداً ، فإذا جزم بطرف فهو في مقام أمين طابق الواقع أم أخطأه
قبل التشكيك أم لا ؛ ضرورة أنّ موافقة الواقع ليست أمراً اختيارياً ، فاشتراطها ـ
مع عدم الدليل عليه ـ هدم للقواعد المقرّرة عند العدلية .
وليس الطلب يستلزم الوصول في كلّ مورد ، فإذا
خالف الواقع قصوراً لا شيء عليه أبداً... كما أنّ احتمال اعتبار نفي قبول التشكيك
موهون بعدم الدليل عليه، بل الدليل على خلافه ...
وأمّا الاكتفاء بالظن مطلقاً ، كما حكي (1) عن
المحقّق الطوسي ، والمقدّس الأردبيلي ، وصاحب المدارك ، والشيخ البهائي ،
والعلاّمة المجلسي ، والمحدّث الكاشاني ، وغيرهم قدّس الله أسرارهم ، أو بالظن
الناشئ من النظر والاستدلال كما نُسب إلى بعض ، أو من الأخبار الآحاد كما نقل عن
غَفَلة أصحاب الحديث ، أو من التقليد مع كون النظر واجباً مستقلاً لكن تركه معفو
عنه ، فهو ممّا نطق الدليل المتقدّم على خلافه كما دريت .
فالمتحصّل : أنّ القولين المتقدّمين ـ اعتبار
اليقين المصطلح ، وكفاية الظن ولو مع التمكّن من تحصيل الجزم ـ في طرفي الإفراط
والتفريط ، وخير الأُمور أوساطها .
وهنا خلاف آخر بينهم وهو جواز التقليد ـ أي قبول
قول الغير بلا دليل ـ في أُصول الدين وعدمه، فالمشهور المعروف من مذهب أصحابنا هو
الثاني ، وذهب جماعة منهم المحقّق الطوسي إلى الجواز ، وذهب طائفة إلى حرمة النظر
(2) ، وفصّل سيّدنا الأُستاذ الحكيم ـ دام ظله ـ فجعل الأظهر القول الأَوّل مع خوف
الضلال بدون النظر ، والثالث مع خوفه به ، والثاني على تقدير الأمن من النظر وعدمه
(3) ، ولكنّه ليس مخالفاً للقول الآتي كما لا يخفى ، لكن تنجّز هذا الحكم موقوف
على التفات المكلّف إليه ، فافهم .
وذهب صاحب القوانين والشيخ العلاّمة الأنصاري (4)
ـ رحمهما الله ـ إلى كفاية حصول الجزم وإن كان من التقليد .
أقول : القائل بجواز التقليد إن أراد كفاية
التقليد مطلقاً وإن لم يكن مفيداً للجزم فهو مقطوع الفساد عقلاً ؛ لعدم زوال الخوف
بمجرّد متابعة الغير والبناء على قوله ، وشرعاً ؛ لعدم صدق العلم عليه وعدم كون المقلّد
عالماً بمجرّد تقليده ، مع اعتباره في صحّة الإيمان كما ينطق به القرآن العزيز .
إلاّ أن يقال : إنّ هذا الكلام يتمّ في ما يتوقّف
عليه الدين لا في غيره من المعارف ، فإنّ ما دلّ على اعتبار التقليد في الفروع
يشمل الأُصول أيضاً ، فيكون الظن الحاصل منه أو البناء على ما يقول المقلَّد ـ
بالفتح ـ علماً ومعرفة تعبّداً وتنزيلاً ، فلا ينافيه العمومات النقلية الدالة على
عدم اعتبار الظن ولزوم تحصيل العلم ؛ ولذا ذكر سيدنا الأُستاذ الحكيم (5) ـ دام
ظله ـ أنّ العمدة في منع التقليد في أمثال هذه المعارف هو الإجماع المستفيض النقل
.
قلت : استناد الإجماع المذكور إلى الوجوه الآتية
إن لم يكن معلوماً فلا أقل من كونه محتملاً ، فهو ليس بإجماع تعبدي معتبر ، وجواز
التقليد في حقّ مَن يتمكّن من تحصيل الجزم ، يَشكل استفادته من أدلة جواز التقليد
الشرعية ... هذا مع أنّ المراد بالمقلَّد ـ بالفتح ـ هنا ليس هو المجتهد الجامع
للشرائط المذكورة في الفقه ؛ حتى يشمله الأدلة الدالة على حجّية التقليد في الفرع
، بل كل مَن كان ثقةً وفائقاً بزعم المكلّف، وإن كان جاهلاً في الواقع ، فيشمل
الخطباء الواعظين والأبوين والمعلّم ونحوهم ، كما يظهر من المحقّق القمي قدّس سره
أيضاً ، نعم مثل هذا التقليد لا يتيسر للمتفطنين الملتفتين إلى احتمال خطأ المقلّد
المذكور؛ إذ لا يحصل لهم الجزم
كما يحصل للبسطاء .
فتحصّل أنّ إطلاقات أدلة التقليد إنّما تنتج جواز
التقليد فيما إذا كان المورد قابلاً للتعبّد ، وكان المقلّد ـ بالفتح ـ جامعاً
للشرائط المقرّرة في علم الفقه ، فتأمل جيداً . فالصحيح أن يعنون البحث هكذا : هل
يجب تحصيل الجزم من الاستدلال والنظر ، أم يكفي مجرّد الجزم المذكور وإن حصل من
التقليد وقول الغير ؟
ثمّ إنّ أكثر العلماء (6) يجعلون النظر شرط تحقّق
الإيمان ؛ لأنّ الإيمان عندهم عبارة عن المعرفة الحاصلة من الدليل لا التقليد ،
كما ذكره الشيخ الأنصاري (7) ، نعم ذكر الشيخ الطوسي قدّس سره أنّه واجب مستقل ،
ولو تركه المكلّف لا يستحق العقاب فإنّه معفو عنه ، لكنّه ضعيف ، والأقوى هو القول
الثاني ... ، من أنّه لا موضوع للحكم الفطري مع الجزم المذكور ، ولا حكم للشرع
بتحصيل النظر والاستدلال .
والذي يزيد في إيقانك منه : أنّ أكثر الناس ولا
سيما أهل البوادي ـ وبالأخص نساؤهم ـ لا يقدرون على إثبات العقائد ، كمباحث
التوحيد والنبوّة ونحوهما بالدليل ، فالأمر يدور بين أن يلتزم بتخصيص العمومات ،
التي تمسّك بها المشهور بجمع من المستعدّين ، أو تكفير هؤلاء الناس وإخراجهم عن
الإسلام ، وكذا في فرض قدرتهم على الاستدلال ، فإنّهم يقلّدون آباءهم في ديانتهم
بلا دليل .
لكن الأَوّل باطل ؛ لأنّه يستلزم التخصيص الأكثر
المستهجن ، والثاني فاسد بالضرورة . لا يقال: فعلى هذا تلزم معذورية أكثر أهل
الملل الفاسدة لصحّة تقليدهم ، قلت : لا بأس بها إذا كانوا قاصرين لا مقصّرين كما
أشرنا إليه سابقاً أيضاً .
وأمّا القول المشهور فاستدلّ له بوجوه :
1 ـ ما دلّ على تحصيل العلم كقوله تعالى : {فَاعْلَمْ
أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] والخطاب وإن كان للنبي الأعظم (
صلى الله عليه وآله ) لكن يجري على غيره أيضاً لوجوب التأسّي به ، لقوله تعالى : {لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] أو للأولوية .
والعلم : هو الجزم الثابت المطابق للواقع ، ومثله
ما دلّ على طلب العلم ، ووجوب التفقّه في الدين ، ونحو قوله تعالى : {وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] أي ليعرفون ،
وغير ذلك .
ومن الظاهر أنّ العلم لا يحصل من التقليد ؛ لاحتمال
الخطأ في قول المقلَّد ـ بالفتح ـ وللزوم التناقض في المسائل الخلافية ، كما إذا
قال أحد بقِدم العالَم والآخر بحدوثه ، فإنّ اعتقاد القولين معاً تناقض ، وترجيح
أحدهما إن كان بمرجّحٍ فهو اجتهاد وإلاّ فهو محال ؛ ولأنّ قول الغير لو أفاد علماً
لكان العلم بصدقه إمّا ضرورياً أو نظرياً ، والأَوّل باطل والثاني يستدعي إعمال
النظر هو خلف .
أقول : هذا الوجه بتمامه غير صحيح ؛ فإنّ التأسّي
غير واجب على الإطلاق ، والأولوية باطلة، وتفسير العلم المذكور في الكتاب والسُنة
بما اصطلح عليه أهل المعقول غير مقبول ، بل العلم عند أهل العرف والمحاورة هو :
الجزم فقط كما ذكره المحقّق القمي وصاحب الفصول رحمهما الله أيضاً ، ومنه تبيّن
أنّ هذا الاستدلال لا ربط له بالمقام ؛ إذ مفروض الكلام هو حصول الجزم للمقلّد فهو
عالم عارف فقيه تكويناً كما لا يخفى .
وأمّا تفسير جملة ( لِيَعْبُدُونِ ) بـ ( ليعرفون
) فممنوع ؛ لعدم دليل عليه من الأخبار وإن ادّعاه بعض الأعاظم .
وأمّا ما لُفّق في عدم إفادة التقليد علماً
فيزيّف الأَوّل بخروجه عن المقام ؛ لاختصاص الكلام بالغافلين والعوام الذين لا
يختلج في صدورهم شك ولا احتمال ، ولسنا نجوّزه في حقّ الملتفتين المتفطّنين
لاحتمال الخطأ كما مرّ في صدر المسألة ، ومنه ظهر فساد الثاني ، فإنّ الاختلاف لا
يحيّر الغافل ، مع أنّه يختار أحد القولين ؛ لأوثقية قائله ، أو أقربيته نسباً
وصحبة ، إلى غير ذلك من المرجّحات غير الراجعة إلى الدليل .
والثالث موهون ، فإنّ علم المقلِّد بصدق مقلَّده
حدسي ناشئ من اعتقاده بأكمليته أو الاستيناس بطريقته ، والإنصاف أنّ هذه الوجوه
مخالفة للوجدان والعيان .
2ـ ما دلّ على وجوب النظر كقوله تعالى : {انْظُرُوا
مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101]، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ
يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ } [الروم: 8]، وقوله تعالى : {لَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176] إلى غير ذلك .
لكن الظاهر أنّها إرشادية إلى تحصيل الإيمان
بالله ، فإذا آمن به ولو عن تقليد كفى .
3 ـ ما دلّ على النهي عن اتّباع الظن ، وجوابه
واضح .
4 ـ ما دلّ على تحريم التقليد ، مثل قوله تعالى :
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا
بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ
آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ }
[البقرة: 170] ، ومثل قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ
وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف: 70]، وقوله : {أَمْ
آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا
إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ
} [الزخرف: 21، 22]، وقوله تعالى : {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي
قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا
عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، وقوله : {قَالَ
أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا
إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [الزخرف:
24، 25] ، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة .
وهذا عمدة الوجوه فيدلّ على منع التقليد مطلقاً ،
وإلاّ لَما استحقّ هؤلاء الكفار ذماً وعتاباً وعقاباً ، بل لهم المعارضة بجوازه في
الشرع ، فما مرّ من أنّ اعتبار مطابقة الواقع ـ في الجزم المذكور ـ يصادم ناموس
العقل وقانون العدل . والجواب التحقيقي عنه ، عدم بقاء الجزم لهم بعد مقابلتهم
للأنبياء المبعوثين من الله تعالى إليهم ، بل الظاهر زواله بمشاهدة المعجزات
وخوارق العادات الصادرة عنهم ، فهؤلاء الكفّار إنّما بقوا على مسلك آبائهم ؛
تعصّباً وعناداً كما يرشدك إلى ذلك قوله تعالى : {كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ
أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } [البقرة: 109] ، وقوله
تعالى : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14]، وغيرهما
.
5 ـ الأخبار الدالّة على أنّ الإيمان هو ما استقر
في القلب ، مثل ما قاله الصادق ( عليه السلام) ـ في جواب محمد بن مسلم حيث سأله عن
الإيمان ـ : ( إنّه شهادة أن لا إله إلاّ الله ، والإقرار بما جاء من عند الله
تعالى ، وما استقر في القلوب من التصديق بذلك ) (8) . ولا استقرار إلاّ لِما حصل
باليقين ، ولا يحصل إلاّ بالاستدلال ، لكنّه بيّن الفساد ؛ لعدم انحصار حصول
الاستقرار بالاستدلال بل يحصّله التقليد أيضاً ، ولا شكّ أنّ كل ما حصّله
الاستدلال غير مستقرّ دائماً كما هو محسوس ، ثم إنّ المناط في استقرار الإيمان
واستيداعه شيء آخر لاحظ الروايات (9) ...
6 ـ الإجماع ، قال العلاّمة الحلي قدّس سره في
الباب الحادي عشر : أجمع العلماء كافّة على وجوب معرفة الله ، وصفاته الثبوتية
والسلبية ، وما يصح عليه وما يمتنع عنه ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، بالدليل
لا بالتقليد ، فلابدّ من ذكر ما لا يمكن جهله على أحد من المسلمين، ومَن جهل شيئاً
من ذلك خرج عن رِبقة المؤمنين واستحقّ العقاب الدائم .
أقول : يُفهم من آخر كلامه أنّ الجاهل بالمعارف
بالدليل ـ ولو كان عالماً بها تقليداً ـ كافر مخلّد في النار ، وقد نقل الإجماع
على عدم جوازه ، عن السيموري والمبادي والقوشجي والعضدي (10) والحاجبي ، بل وصف
سيّدنا الأستاذ الحكيم ـ دام ظله ـ هذا الإجماع بالمستفيض النقل كما مرّ .
أقول : معقد هذه الإجماعات إمّا بطلان المعرفة
الحاصلة من التقليد ، وأنّها في حكم الجهالة من جهة العقاب والخلود ، وإمّا عدم
صحّة التقليد غير المفيد للعلم ، وإمّا حرمة التقليد المفيد للجزم حرمة تكليفية
محضة ، ولا ربط لها بالإيمان فيكون المقلّد الجازم مؤمناً فاسقاً مثلاً .
والظاهر أنّ معقد إجماع العلاّمة هو الأَوّل كما
عرفت ، لكن ذكر لي سيدنا الحكيم ـ دام ظله ـ شفاهاً أنّ معقد الإجماع المستفيض
المذكور هو الشق الثاني ، وهذا هو الذي استظهره المحقّق القمي قدّس سره من
الأُصوليين ، فلاحظ كلامه (11) ، فعلى هذا الوجه لا بأس بهذا الإجماع المذكور بل
لا حاجة إليه ؛ لأنّ المدعى واضح ...
وأمّا الاحتمال الثالث فلا مضايقة عنه أيضاً ،
والمسألة حينئذٍ تكون فقهيةً لا ربط لها بالمقام ، لكن الشأن في تحقّق الإجماع ...
وأمّا الاحتمال الأَوّل ـ كما هو ظاهر العلاّمة
ومعقد إجماعه ، وهو المنقول عن الشهيد والمحقّق الأَوّل والمحقّق الثاني أيضاً(12)
بل هو المنقول عن المشهور كما مر ـ فهو ممنوع جداً موهون قطعاً :
أمّا أوّلاً : فلِما مرّ من عدم حجّية الإجماع
إلاّ إذا كان مفيداً للقطع برأي المعصوم ، ونحن لا نظن به ولو ظناً ضعيفاً بسبب
هذا الإجماع المنقول .
وأَمّا ثانياً : فلاشتراط اعتباره بعدم استناده
إلى دليل آخر ولو احتمالاً ، وإلاّ فلا اعتبار به ، بل لابدّ من النظر إلى ذلك
الدليل ، ومن المظنون قوياً استناد المجمعين في دعواهم الإجماع إلى الوجوه
المتقدّمة وغيرها ، فلا يكون الإجماع المذكور تعبّدياً .
وأَمّا ثالثاً : فلمخالفة جماعة جوّزوا الاكتفاء
بالظن ، أو قالوا بجواز التقليد المفيد للجزم ، فلا يتمّ الإجماع المذكور ، فافهم
.
ورابعاً : ما مرّ منا من الدليل على كفاية مطلق
الجزم ولو كان حاصلاً من التقليد .
ثمّ إنّ ما ادّعاه العلاّمة غير صحيح بمجموعه
قطعاً ، وقد تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاري قدّس سره أيضاً في آخر مباحث الانسداد
من رسائله .
7 ـ إنّ الإيمان الحاصل من التقليد في معرض
الزوال ، فيجب تثبيته بالاستدلال دفعاً للضرر المحتمل أو المظنون .
أقول : الإيمان الحاصل من النظر أيضاً في معرض
الزوال ، فإنّ النظر لا ينفي المعرضية المذكورة بوجه ، والمدّعي مكابر ، وحله أنّ
الجازم لا يرى تزلزلاً ومعرضية للزوال في نفسه، فهذا الشك ساقط .
والمتحصّل : لزوم تحصيل الجزم في الاعتقاد
بالعقائد الدينية ولو من تقليد ، ولا يعتبر حصوله من الاستدلال .
_________________________
(1) القوانين 2 / 175، ورسائل الشيخ الأعظم
الأنصاري 2 / 302.
(2) القوانين 2 / 167.
(3) مستمسك العروة ( الطبعة الأُولى ) 1 / 51.
(4) رسائل الشيخ 1 / 312.
(5) المستمسك 1 / 51.
(6) القوانين 2 / 172.
(7) الرسائل 1 / 315.
(8) قوانين الأُصول 2 / 176.
(9) أُصول الكافي 2 / 416 ـ 420.
(10) قوانين الأُصول 2 / 158.
(11) القوانين 2 / 162.
(12) رسائل الشيخ 1 / 311.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|