المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4880 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
السيادة القمية Apical Dominance في البطاطس
2024-11-28
مناخ المرتفعات Height Climate
2024-11-28
التربة المناسبة لزراعة البطاطس Solanum tuberosum
2024-11-28
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28



جواز التقليد في أُصول الدين  
  
2400   01:53 صباحاً   التاريخ: 12-08-2015
المؤلف : محمّد آصف المحسني
الكتاب أو المصدر : صراط الحق في المعارف الإسلامية والأُصول الاعتقادية
الجزء والصفحة : ج1- ص40-46
القسم : العقائد الاسلامية / مصطلحات عقائدية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015 22350
التاريخ: 12-08-2015 1457
التاريخ: 3-3-2019 1409
التاريخ: 28-4-2018 1347

 الصورة الحاصلة في الذهن إمّا أن تتأثر بها النفس من قبض أو بسط ـ وإن كان خلافاها ثابتاً لدى العقل ـ أو لا ، والأَوّل يسمّى تخييلاً ، وعلى الثاني فإمّا أن تكون نسبتها متساوية الطرفين بحيث لا يرجّح أحدهما على الآخر ، فتسمّى شكّاً ، وإمّا أن لا تكون متساويةً ، فإن لم يحصل القطع بأحد طرفيها تسمّى وهماً إن كان الطرف مرجوحاً ، وظناً إن كان راجحاً ؛ وإن حصل القطع بأحد طرفيها فإن كان عدمها فهي كذب ، وإن كان وجودها فهي جزم ، فإن طابق الواقع فهو يقين إن لم يقبل التشكيك ، واعتقاد وتقليد إن قبله ؛ وإن لم يطابق الواقع فهو جهل مركب .

إذا تقرّر هذا فنقول : المقدار اللازم في الاعتقاد بالمعارف هو الجزم ؛ إذ به يرتفع احتمال الضرر ، فلا يبقى حكم الفطرة بلزوم الفحص والنظر أبداً ، فإذا جزم بطرف فهو في مقام أمين طابق الواقع أم أخطأه قبل التشكيك أم لا ؛ ضرورة أنّ موافقة الواقع ليست أمراً اختيارياً ، فاشتراطها ـ مع عدم الدليل عليه ـ هدم للقواعد المقرّرة عند العدلية .

وليس الطلب يستلزم الوصول في كلّ مورد ، فإذا خالف الواقع قصوراً لا شيء عليه أبداً... كما أنّ احتمال اعتبار نفي قبول التشكيك موهون بعدم الدليل عليه، بل الدليل على خلافه ...

وأمّا الاكتفاء بالظن مطلقاً ، كما حكي (1) عن المحقّق الطوسي ، والمقدّس الأردبيلي ، وصاحب المدارك ، والشيخ البهائي ، والعلاّمة المجلسي ، والمحدّث الكاشاني ، وغيرهم قدّس الله أسرارهم ، أو بالظن الناشئ من النظر والاستدلال كما نُسب إلى بعض ، أو من الأخبار الآحاد كما نقل عن غَفَلة أصحاب الحديث ، أو من التقليد مع كون النظر واجباً مستقلاً لكن تركه معفو عنه ، فهو ممّا نطق الدليل المتقدّم على خلافه كما دريت .

فالمتحصّل : أنّ القولين المتقدّمين ـ اعتبار اليقين المصطلح ، وكفاية الظن ولو مع التمكّن من تحصيل الجزم ـ في طرفي الإفراط والتفريط ، وخير الأُمور أوساطها . 

وهنا خلاف آخر بينهم وهو جواز التقليد ـ أي قبول قول الغير بلا دليل ـ في أُصول الدين وعدمه، فالمشهور المعروف من مذهب أصحابنا هو الثاني ، وذهب جماعة منهم المحقّق الطوسي إلى الجواز ، وذهب طائفة إلى حرمة النظر (2) ، وفصّل سيّدنا الأُستاذ الحكيم ـ دام ظله ـ فجعل الأظهر القول الأَوّل مع خوف الضلال بدون النظر ، والثالث مع خوفه به ، والثاني على تقدير الأمن من النظر وعدمه (3) ، ولكنّه ليس مخالفاً للقول الآتي كما لا يخفى ، لكن تنجّز هذا الحكم موقوف على التفات المكلّف إليه ، فافهم .

وذهب صاحب القوانين والشيخ العلاّمة الأنصاري (4) ـ رحمهما الله ـ إلى كفاية حصول الجزم وإن كان من التقليد .

أقول : القائل بجواز التقليد إن أراد كفاية التقليد مطلقاً وإن لم يكن مفيداً للجزم فهو مقطوع الفساد عقلاً ؛ لعدم زوال الخوف بمجرّد متابعة الغير والبناء على قوله ، وشرعاً ؛ لعدم صدق العلم عليه وعدم كون المقلّد عالماً بمجرّد تقليده ، مع اعتباره في صحّة الإيمان كما ينطق به القرآن العزيز .

إلاّ أن يقال : إنّ هذا الكلام يتمّ في ما يتوقّف عليه الدين لا في غيره من المعارف ، فإنّ ما دلّ على اعتبار التقليد في الفروع يشمل الأُصول أيضاً ، فيكون الظن الحاصل منه أو البناء على ما يقول المقلَّد ـ بالفتح ـ علماً ومعرفة تعبّداً وتنزيلاً ، فلا ينافيه العمومات النقلية الدالة على عدم اعتبار الظن ولزوم تحصيل العلم ؛ ولذا ذكر سيدنا الأُستاذ الحكيم (5) ـ دام ظله ـ أنّ العمدة في منع التقليد في أمثال هذه المعارف هو الإجماع المستفيض النقل .

قلت : استناد الإجماع المذكور إلى الوجوه الآتية إن لم يكن معلوماً فلا أقل من كونه محتملاً ، فهو ليس بإجماع تعبدي معتبر ، وجواز التقليد في حقّ مَن يتمكّن من تحصيل الجزم ، يَشكل استفادته من أدلة جواز التقليد الشرعية ... هذا مع أنّ المراد بالمقلَّد ـ بالفتح ـ هنا ليس هو المجتهد الجامع للشرائط المذكورة في الفقه ؛ حتى يشمله الأدلة الدالة على حجّية التقليد في الفرع ، بل كل مَن كان ثقةً وفائقاً بزعم المكلّف، وإن كان جاهلاً في الواقع ، فيشمل الخطباء الواعظين والأبوين والمعلّم ونحوهم ، كما يظهر من المحقّق القمي قدّس سره أيضاً ، نعم مثل هذا التقليد لا يتيسر للمتفطنين الملتفتين إلى احتمال خطأ المقلّد المذكور؛ إذ لا يحصل لهم الجزم كما يحصل للبسطاء .

فتحصّل أنّ إطلاقات أدلة التقليد إنّما تنتج جواز التقليد فيما إذا كان المورد قابلاً للتعبّد ، وكان المقلّد ـ بالفتح ـ جامعاً للشرائط المقرّرة في علم الفقه ، فتأمل جيداً . فالصحيح أن يعنون البحث هكذا : هل يجب تحصيل الجزم من الاستدلال والنظر ، أم يكفي مجرّد الجزم المذكور وإن حصل من التقليد وقول الغير ؟

ثمّ إنّ أكثر العلماء (6) يجعلون النظر شرط تحقّق الإيمان ؛ لأنّ الإيمان عندهم عبارة عن المعرفة الحاصلة من الدليل لا التقليد ، كما ذكره الشيخ الأنصاري (7) ، نعم ذكر الشيخ الطوسي قدّس سره أنّه واجب مستقل ، ولو تركه المكلّف لا يستحق العقاب فإنّه معفو عنه ، لكنّه ضعيف ، والأقوى هو القول الثاني ... ، من أنّه لا موضوع للحكم الفطري مع الجزم المذكور ، ولا حكم للشرع بتحصيل النظر والاستدلال .

والذي يزيد في إيقانك منه : أنّ أكثر الناس ولا سيما أهل البوادي ـ وبالأخص نساؤهم ـ لا يقدرون على إثبات العقائد ، كمباحث التوحيد والنبوّة ونحوهما بالدليل ، فالأمر يدور بين أن يلتزم بتخصيص العمومات ، التي تمسّك بها المشهور بجمع من المستعدّين ، أو تكفير هؤلاء الناس وإخراجهم عن الإسلام ، وكذا في فرض قدرتهم على الاستدلال ، فإنّهم يقلّدون آباءهم في ديانتهم بلا دليل .

لكن الأَوّل باطل ؛ لأنّه يستلزم التخصيص الأكثر المستهجن ، والثاني فاسد بالضرورة . لا يقال: فعلى هذا تلزم معذورية أكثر أهل الملل الفاسدة لصحّة تقليدهم ، قلت : لا بأس بها إذا كانوا قاصرين لا مقصّرين كما أشرنا إليه سابقاً أيضاً .

وأمّا القول المشهور فاستدلّ له بوجوه :

1 ـ ما دلّ على تحصيل العلم كقوله تعالى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] والخطاب وإن كان للنبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) لكن يجري على غيره أيضاً لوجوب التأسّي به ، لقوله تعالى : {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] أو للأولوية .

والعلم : هو الجزم الثابت المطابق للواقع ، ومثله ما دلّ على طلب العلم ، ووجوب التفقّه في الدين ، ونحو قوله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] أي ليعرفون ، وغير ذلك .

ومن الظاهر أنّ العلم لا يحصل من التقليد ؛ لاحتمال الخطأ في قول المقلَّد ـ بالفتح ـ وللزوم التناقض في المسائل الخلافية ، كما إذا قال أحد بقِدم العالَم والآخر بحدوثه ، فإنّ اعتقاد القولين معاً تناقض ، وترجيح أحدهما إن كان بمرجّحٍ فهو اجتهاد وإلاّ فهو محال ؛ ولأنّ قول الغير لو أفاد علماً لكان العلم بصدقه إمّا ضرورياً أو نظرياً ، والأَوّل باطل والثاني يستدعي إعمال النظر هو خلف .

أقول : هذا الوجه بتمامه غير صحيح ؛ فإنّ التأسّي غير واجب على الإطلاق ، والأولوية باطلة، وتفسير العلم المذكور في الكتاب والسُنة بما اصطلح عليه أهل المعقول غير مقبول ، بل العلم عند أهل العرف والمحاورة هو : الجزم فقط كما ذكره المحقّق القمي وصاحب الفصول رحمهما الله أيضاً ، ومنه تبيّن أنّ هذا الاستدلال لا ربط له بالمقام ؛ إذ مفروض الكلام هو حصول الجزم للمقلّد فهو عالم عارف فقيه تكويناً كما لا يخفى .

وأمّا تفسير جملة ( لِيَعْبُدُونِ ) بـ ( ليعرفون ) فممنوع ؛ لعدم دليل عليه من الأخبار وإن ادّعاه بعض الأعاظم .

وأمّا ما لُفّق في عدم إفادة التقليد علماً فيزيّف الأَوّل بخروجه عن المقام ؛ لاختصاص الكلام بالغافلين والعوام الذين لا يختلج في صدورهم شك ولا احتمال ، ولسنا نجوّزه في حقّ الملتفتين المتفطّنين لاحتمال الخطأ كما مرّ في صدر المسألة ، ومنه ظهر فساد الثاني ، فإنّ الاختلاف لا يحيّر الغافل ، مع أنّه يختار أحد القولين ؛ لأوثقية قائله ، أو أقربيته نسباً وصحبة ، إلى غير ذلك من المرجّحات غير الراجعة إلى الدليل .

والثالث موهون ، فإنّ علم المقلِّد بصدق مقلَّده حدسي ناشئ من اعتقاده بأكمليته أو الاستيناس بطريقته ، والإنصاف أنّ هذه الوجوه مخالفة للوجدان والعيان .

2ـ ما دلّ على وجوب النظر كقوله تعالى : {انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [يونس: 101]، وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ } [الروم: 8]، وقوله تعالى : {لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176] إلى غير ذلك .

لكن الظاهر أنّها إرشادية إلى تحصيل الإيمان بالله ، فإذا آمن به ولو عن تقليد كفى .

3 ـ ما دلّ على النهي عن اتّباع الظن ، وجوابه واضح .

4 ـ ما دلّ على تحريم التقليد ، مثل قوله تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا

 

بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } [البقرة: 170] ، ومثل قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف: 70]، وقوله : {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ } [الزخرف: 21، 22]، وقوله تعالى : {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، وقوله : {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [الزخرف: 24، 25] ، إلى غير ذلك من الآيات الكريمة .

وهذا عمدة الوجوه فيدلّ على منع التقليد مطلقاً ، وإلاّ لَما استحقّ هؤلاء الكفار ذماً وعتاباً وعقاباً ، بل لهم المعارضة بجوازه في الشرع ، فما مرّ من أنّ اعتبار مطابقة الواقع ـ في الجزم المذكور ـ يصادم ناموس العقل وقانون العدل . والجواب التحقيقي عنه ، عدم بقاء الجزم لهم بعد مقابلتهم للأنبياء المبعوثين من الله تعالى إليهم ، بل الظاهر زواله بمشاهدة المعجزات وخوارق العادات الصادرة عنهم ، فهؤلاء الكفّار إنّما بقوا على مسلك آبائهم ؛ تعصّباً وعناداً كما يرشدك إلى ذلك قوله تعالى : {كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } [البقرة: 109] ، وقوله تعالى : {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14]، وغيرهما .

5 ـ الأخبار الدالّة على أنّ الإيمان هو ما استقر في القلب ، مثل ما قاله الصادق ( عليه السلام) ـ في جواب محمد بن مسلم حيث سأله عن الإيمان ـ : ( إنّه شهادة أن لا إله إلاّ الله ، والإقرار بما جاء من عند الله تعالى ، وما استقر في القلوب من التصديق بذلك ) (8) . ولا استقرار إلاّ لِما حصل باليقين ، ولا يحصل إلاّ بالاستدلال ، لكنّه بيّن الفساد ؛ لعدم انحصار حصول الاستقرار بالاستدلال بل يحصّله التقليد أيضاً ، ولا شكّ أنّ كل ما حصّله الاستدلال غير مستقرّ دائماً كما هو محسوس ، ثم إنّ المناط في استقرار الإيمان واستيداعه شيء آخر لاحظ الروايات (9) ...

6 ـ الإجماع ، قال العلاّمة الحلي قدّس سره في الباب الحادي عشر : أجمع العلماء كافّة على وجوب معرفة الله ، وصفاته الثبوتية والسلبية ، وما يصح عليه وما يمتنع عنه ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، بالدليل لا بالتقليد ، فلابدّ من ذكر ما لا يمكن جهله على أحد من المسلمين، ومَن جهل شيئاً من ذلك خرج عن رِبقة المؤمنين واستحقّ العقاب الدائم .

أقول : يُفهم من آخر كلامه أنّ الجاهل بالمعارف بالدليل ـ ولو كان عالماً بها تقليداً ـ كافر مخلّد في النار ، وقد نقل الإجماع على عدم جوازه ، عن السيموري والمبادي والقوشجي والعضدي (10) والحاجبي ، بل وصف سيّدنا الأستاذ الحكيم ـ دام ظله ـ هذا الإجماع بالمستفيض النقل كما مرّ .

أقول : معقد هذه الإجماعات إمّا بطلان المعرفة الحاصلة من التقليد ، وأنّها في حكم الجهالة من جهة العقاب والخلود ، وإمّا عدم صحّة التقليد غير المفيد للعلم ، وإمّا حرمة التقليد المفيد للجزم حرمة تكليفية محضة ، ولا ربط لها بالإيمان فيكون المقلّد الجازم مؤمناً فاسقاً مثلاً .

والظاهر أنّ معقد إجماع العلاّمة هو الأَوّل كما عرفت ، لكن ذكر لي سيدنا الحكيم ـ دام ظله ـ شفاهاً أنّ معقد الإجماع المستفيض المذكور هو الشق الثاني ، وهذا هو الذي استظهره المحقّق القمي قدّس سره من الأُصوليين ، فلاحظ كلامه (11) ، فعلى هذا الوجه لا بأس بهذا الإجماع المذكور بل لا حاجة إليه ؛ لأنّ المدعى واضح ...

وأمّا الاحتمال الثالث فلا مضايقة عنه أيضاً ، والمسألة حينئذٍ تكون فقهيةً لا ربط لها بالمقام ، لكن الشأن في تحقّق الإجماع ...

وأمّا الاحتمال الأَوّل ـ كما هو ظاهر العلاّمة ومعقد إجماعه ، وهو المنقول عن الشهيد والمحقّق الأَوّل والمحقّق الثاني أيضاً(12) بل هو المنقول عن المشهور كما مر ـ فهو ممنوع جداً موهون قطعاً :

أمّا أوّلاً : فلِما مرّ من عدم حجّية الإجماع إلاّ إذا كان مفيداً للقطع برأي المعصوم ، ونحن لا نظن به ولو ظناً ضعيفاً بسبب هذا الإجماع المنقول .

وأَمّا ثانياً : فلاشتراط اعتباره بعدم استناده إلى دليل آخر ولو احتمالاً ، وإلاّ فلا اعتبار به ، بل لابدّ من النظر إلى ذلك الدليل ، ومن المظنون قوياً استناد المجمعين في دعواهم الإجماع إلى الوجوه المتقدّمة وغيرها ، فلا يكون الإجماع المذكور تعبّدياً .

وأَمّا ثالثاً : فلمخالفة جماعة جوّزوا الاكتفاء بالظن ، أو قالوا بجواز التقليد المفيد للجزم ، فلا يتمّ الإجماع المذكور ، فافهم .

ورابعاً : ما مرّ منا من الدليل على كفاية مطلق الجزم ولو كان حاصلاً من التقليد .

ثمّ إنّ ما ادّعاه العلاّمة غير صحيح بمجموعه قطعاً ، وقد تعرّض له الشيخ الأعظم الأنصاري قدّس سره أيضاً في آخر مباحث الانسداد من رسائله .

7 ـ إنّ الإيمان الحاصل من التقليد في معرض الزوال ، فيجب تثبيته بالاستدلال دفعاً للضرر المحتمل أو المظنون .

أقول : الإيمان الحاصل من النظر أيضاً في معرض الزوال ، فإنّ النظر لا ينفي المعرضية المذكورة بوجه ، والمدّعي مكابر ، وحله أنّ الجازم لا يرى تزلزلاً ومعرضية للزوال في نفسه، فهذا الشك ساقط .

والمتحصّل : لزوم تحصيل الجزم في الاعتقاد بالعقائد الدينية ولو من تقليد ، ولا يعتبر حصوله من الاستدلال .

_________________________

(1) القوانين 2 / 175، ورسائل الشيخ الأعظم الأنصاري 2 / 302.

(2) القوانين 2 / 167.

(3) مستمسك العروة ( الطبعة الأُولى ) 1 / 51.

(4) رسائل الشيخ 1 / 312.

(5) المستمسك 1 / 51.

(6) القوانين 2 / 172.

(7) الرسائل 1 / 315.

(8) قوانين الأُصول 2 / 176.

(9) أُصول الكافي 2 / 416 ـ 420.

(10) قوانين الأُصول 2 / 158.

(11) القوانين 2 / 162.

(12) رسائل الشيخ 1 / 311.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.