المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4856 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



حقيقة اللطف  
  
705   11:36 صباحاً   التاريخ: 10-08-2015
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : الاقتصاد
الجزء والصفحة : ص 77
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / اللطف الالهي /

ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻓﻲ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﺟﺐ ﺃﻭ ﻳﺼﺮﻑ ﻋﻦ ﻗﺒﻴﺢ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:

ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﻟﻮﻻﻩ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﺴﻤﻰ ﺗﻮﻓﻴﻘﺎ، ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻭ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻓﻼ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻟﻄﻒ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻭﻟﻮﻻﻩ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻳﺴﻤﻰ ﻋﺼﻤﺔ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻩ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺳﻤﻲ ﻟﻄﻔﺎ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ، ﻭﻳﻮﺻﻒ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﺻﻼﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ (1) ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻴﻘﻊ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻗﺒﻴﺢ ﻭﻟﻮﻻﻩ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻭﺍﺳﺘﻔﺴﺎﺩ. ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭ ﺻﺎﺭﻓﺎ ﻓﻼ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ، ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺗﻔﺼﻴﻼ. ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ، ﻷﻧﻪ ﺩﺍﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ، ﻓﻬﻮ ﻛﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ. ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﻇﻦ ﺃﻭ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺊ ﻧﻔﻌﺎ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻧﻔﻊ. ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﺪﺭﻙ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ. ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﻟﻠﻤﻠﻄﻮﻑ ﻓﻴﻪ ﻟﻴﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺑﺎﻋﺜﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ، ﻭﺃﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻭﻗﺖ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻳﺠﻮﺯ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﺑﺄﻭﻗﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺴﻴﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻓﻀﻞ ﻣﺰﻳﺔ، ﻷﻥ ﺭﻓﻖ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ ﺑﻮﻟﺪﻩ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺣﺜﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻭﻗﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺩﻋﻰ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ. ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:

ﺃﺣﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ. ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ:

ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻟﻪ ﻓﻴﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻟﻠﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ ﻓﻼ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻧﻪ ﻭﺍﺟﺐ، ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺒﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻘﺪﻡ ﻟﻪ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺏ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻟﻮﺟﻪ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻓﻬﻮ ﺗﺎﺑﻊ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻓﺎﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﺟﺐ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻄﻔﺎ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﻧﻔﻞ ﻓﻬﻮ ﻧﻔﻞ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻟﻄﻒ ﻓﻴﻪ. ﻫﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺑﺪﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﺪﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﺎﺯ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻣﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻟﻠﻐﻴﺮ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻟﻄﻒ، ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻟﻤﺎ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺩﻭﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻤﻬﻢ ﻭﻟﻮﻻ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻷﺩﺍﺀ. ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ:

ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺑﺪﻝ، ﻭﻻ ﻣﺎﻧﻊ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻨﻪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﺨﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ.

ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﺪﻝ ﻭﺟﺐ ﺇﻋﻼﻣﻪ ﺫﻟﻚ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﻛﺎﻟﻜﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺫﻟﻚ ﻗﻄﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪﻝ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻻ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺑﺪﻝ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ.

ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻊ ﻛﻮﻧﻪ ﻟﻄﻔﺎ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﻟﻄﻔﺎ ﻟﻪ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﺃﻭ ﻧﺪﺑﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﻟﻪ ﻟﻄﻒ ﺃﺻﻼ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻟﻄﻒ ﻟﻠﻐﻴﺮ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﺎﺣﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻫﺬﺍ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻠﻪ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺫﺑﺢ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻧﺴﻜﺎ ﻭﻻ ﻧﺪﺑﺎ (2) ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺒﺎﺡ ﻓﻮﺟﻪ ﺣﺴﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻟﻄﻒ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﺬﺍﺑﺢ، ﻭﻗﻴﻞ ﻭﺟﻪ ﺣﺴﻨﻪ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﻮﺿﺎ ﻟﻠﻤﺬﺑﻮﺡ ﻭﻧﻔﻌﺎ ﻟﻐﻴﺮﻩ ﺑﺄﻛﻠﻪ، ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺟﺎﺋﺰﺍﻥ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻮﺟﻪ ﻭﺟﻮﺑﻬﺎ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﻳﻘﺒﺢ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺮﻙ ﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻮﺟﻪ ﻗﺒﺤﻬﺎ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﻳﺠﺐ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﺗﺮﻙ ﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺒﺎﺡ ﻓﻸﻧﻬﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻟﻐﻴﺮ ﻓﺎﻋﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ. ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﻭﺟﻮﺏ ﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻟﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﺃﻭ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻧﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺣﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ، [ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭﻩ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ] ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﺨﺘﺎﺭﻫﺎ ﺣﺴﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻣﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﻓﻴﻪ ﻭﺇﻻ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻏﻴﺮ ﻣﺰﺍﺣﺔ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺩﻋﺎﺀ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻭﺇﻏﻮﺍﻩ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺃﻡ ﻻ؟ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎﻥ:

ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﺴﺪ ﺑﺪﻋﺎﺀ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺴﺪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻋﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺪ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻣﻊ ﺩﻋﺎﺀ ﺇﺑﻠﻴﺲ ﺃﺷﻖ ﻭﺍﻟﺘﻌﺮﻳﺾ ﻟﻠﺜﻮﺍﺏ (3) ﺃﻛﺜﺮ، ﻓﺪﺧﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻭﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ. ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﺟﺎﺋﺰﺍﻥ.

ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻟﻮ ﺩﻋﺎ ﻏﻴﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺃﺣﻀﺮ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﻏﺮﺿﻪ ﻧﻔﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﺩﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺮﺓ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻋﻠﻢ ﺃﻭ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﺗﺒﺴﻢ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﺔ ﺃﻭ ﻛﻠﻤﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﻟﻄﻴﻒ ﺃﻭ ﻛﺘﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﻗﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻧﻔﺬ ﻏﻼﻣﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺣﻂ ﻟﻪ ﻋﻦ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﺣﻀﺮ ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮ، ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﺩﺍﻋﻴﻪ ﻋﻦ ﺣﻀﻮﺭ ﻃﻌﺎﻣﻪ، ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺬﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻟﻮ ﻏﻠﻖ ﺑﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﺔ، ﻓﻠﻬﺬﺍ ﺻﺎﺭ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻛﻤﻨﻊ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺢ. ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ.

ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻛﻴﻒ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺩﻋﺎ ﻏﻴﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺃﻥ ﻳﻠﻄﻒ ﻟﻪ ﻭﺃﺻﻞ ﺩﻋﺎﺋﻪ ﻟﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺗﻔﻀﻞ. ﻗﻴﻞ: ﺍﻷﺻﻞ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺗﻔﻀﻼ ﻓﻬﻮ ﺳﺒﺐ ﻟﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻛﺎﻹﻗﺪﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﺒﺐ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺍﻟﺘﺒﺴﻢ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﻻ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻘﻮﻳﺔ ﻟﺪﺍﻋﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺗﻤﻜﻴﻨﻪ ﻭﺇﻗﺪﺍﺭﻩ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺷﺮﻃﻨﺎ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻴﺘﻐﻴﺮ ﺩﺍﻋﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﺍﻟﺬﻡ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻛﺎﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ.

ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻣﺎ ﻗﻮﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻟﻮ ﻏﻠﺐ ﻓﻲ ﻇﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻀﺮ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﻟﻪ ﺷﻄﺮ ﻣﺎﻟﻪ ﺃﻭ ﻳﻘﺘﻞ ﺑﻌﺾ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﺭ ﻋﻈﻴﻢ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻫﺬﺍ ﺃﻭﻻ ﻻ ﻳﻄﻌﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪﻩ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ، ﻷﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﻣﺎ ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﺴﻢ ﻭﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﺘﺒﺴﻢ ﻭﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻣﺠﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻭﺟﺐ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻟﻄﺎﻑ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ، ﻷﻧﻬﺎ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻣﺠﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ. ﺛﻢ ﻧﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﻠﻒ ﻏﻴﺮﻩ ﺣﻀﻮﺭ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﺮﺿﻪ ﻧﻔﻊ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﺃﻭ ﻧﻔﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻣﺎ ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮﺓ، ﻭﻣﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻢ ﻳﺠﺐ. ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻕ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭ ﺣﺴﻨﻪ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺿﻪ ﻧﻔﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻟﻨﻔﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﻳﺪﻓﻊ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺑﺎﻷﻗﻞ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﻓﻬﻲ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻟﻮﻻﻩ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻟﻮﻻﻩ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﺃﻭ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺼﺮﺍﻑ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺣﻆ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻜﻴﻦ. ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻘﺒﺢ ﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺻﻔﺘﻪ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻰ ﺧﻼﻑ ﻣﻦ ﻳﺨﺎﻟﻔﻪ ﻓﻴﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻟﻄﻒ ﻟﻪ - ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻄﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ ﺃﻭ ﻳﻌﺼﻲ - ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺑﺴﺎﺋﺮ ﺿﺮﻭﺏ ﺍﻟﺘﻤﻜﻨﺎﺕ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻱ ﺩﺍﻋﻴﻪ ﻓﻴﺠﺐ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻪ، ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ.

ﻏﻴﺮ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻟﻄﻔﺎﻥ ﻟﺠﻤﻴﻌﻬﻢ، ﻭﻟﻮﻻ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻟﻜﺎﻥ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻭﻻ ﻧﺼﻴﺐ ﻟﻪ، ﻟﻜﻦ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻄﻔﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﻗﺒﻴﺢ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ.

[ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﻟﻪ ﻟﻄﻒ ﻣﺮﺍﺣﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﺘﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻷﻣﺮ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﻜﻤﻪ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﻭﺃﺟﺮﺍﻩ ﻣﺠﺮﻯ ﻣﻦ ﻻ ﻟﻄﻒ ﻟﻪ] ، ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻷﻭﻝ. ﻭﻣﺘﻰ ﺗﻌﻠﻖ ﻟﻄﻔﻪ ﺑﻔﻌﻞ ﻗﺒﻴﺢ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﻭﺭ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻼ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻟﻘﺒﺤﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻬﻮ ﺍﻷﻧﻔﻊ ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻟﻄﻒ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﺟﺐ ﺫﻟﻚ ﻷﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻝ. ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﺫﻟﻚ ﻓﺎﺳﺪ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻫﻰ ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻷﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ، ﻭﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ ﻫﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﺎﻩ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺘﻨﺎﻫﻲ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻛﻔﺮ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ، ﻭﻟﻴﺲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ. ﻭﻟﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻟﻘﺒﺢ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻌﻴﺪﺍ. ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﻊ، ﻷﻧﻪ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ. ﻭﻳﺪﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻠﺢ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺟﺐ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺑﻔﻌﻠﻬﺎ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻛﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻮﺩﻳﻌﺔ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺑﺎﻟﺘﻔﻀﻞ ﺍﻟﻤﺤﺾ، ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻷﻧﻬﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻜﺮ، ﻭﺫﻟﻚ ﺧﻼﻑ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ. ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺇﻥ ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻮﺽ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﻴﻦ، ﻓﻸﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﻫﻮ ﺗﻔﻀﻞ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻵﻻﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻮﺽ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺗﻔﻀﻞ.

_______________

(1) ﺑﺄﻧﻪ ﺻﻼﺡ ﻭﺇﺻﻼﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ.

(2) ﻭﻻ ﻧﺬﺭﺍ.

(3) ﻟﻠﺴﻮﺍﺩ.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.