أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-7-2020
2035
التاريخ: 7-10-2016
2698
التاريخ: 22-4-2019
2163
التاريخ: 2023-03-26
2691
|
وقد ذكر علماء الأخلاق أن الطريق إلى تهذيب الأخلاق واكتسابه الفاضلة منها أحد مسلكين.
المسلك الأول:
تهذيبها بالغايات الصالحة الدنيوية والعلوم والآراء المحمودة عند الناس كما يقال: إن العفة وقناعة الانسان بما عنده والكف عما عند الناس توجب العزة والعظمة في أعين الناس والجاه عند العامة، وإن الشره يوجب الخصاصة والفقر وإن الطمع يوجب ذلة النفس المنيعة ... الخ من الأمثلة.
وهذا المسلك القديم المأثور من الأقدمين من يونان وغيرهم فيهم الذين رتبوا عليه علم الأخلاق.
ولـم يستعمل القـرآن هـذا المسلك الذي بنائه على انتخاب الممدوح عـنـد عامـة الـنـاس ، عـن المذموم عندهم، و ، والأخـذ بمـا يستقبحه.
نعم ربما جرى عليه كلامه إلى ثـواب أخروي أو عقاب آخروي كقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150]
دعا سبحانه إلى العزم والثبات وعلله بقوله: لئلا يكون، وكقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]
دعا سبحانه إلى الصبر وعلله بأن تركه وإيجاد النزاع يوجب الفشل وذهاب الريح وجرأة العدو...
المسلك الثاني:
الغايات الأخروية، وقد كثر ذكرها في كلامه تعالى كقوله: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111]. وقوله تعالى: {إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22]
وأمثالها في القرآن الكريم كثيرة على اختلاف فنونها.
ويلحق بهذا القسـم نـوع آخر من الآيات كقوله تعالى: {ا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]
فإن الآية دعت إلى ترك الأسى والفـرح بـأن الـذي أصابكـم مـا كـان ليخطئكم وما أخطـأكـم مـا كـان ليصيبكم لاستناد الحوادث إلى قضاء مقتضي ومقدر، فالأسى والفـرح لغو لا ينبغي صدوره من مؤمن يؤمن بالله الذي بيده أزمة الأمور كما يشير قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التغابن: 11]
فإذا عرفت ما ذكرنا وهو حقيقة قرآنية يعطيها التعليم الالهي كمـا مـر، ثم تدبرت بالآيات الشريفة التي في المورد وجدت أن والكتاب المحفوظ في إصلاح الأفعـال أو الأحـوال والملكات يوجب استنادها إلى القضاء والقدر إبطال حكم الاخيار فإن القرآن لا يستند إليه، بل يدفعه كل الدفع كقوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 28].
{اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28]
وما كان يوجب سلب استنادها إلى القضاء إثبات استقلال اختيار الإنسان في التأثير، وكونه سبباً تاماً غير محتاج في التأثير ومستغنياً عـن غيره، فإنه يثبت إستناده إلى القضاء ويهدي الانسان إلى مستقيم الصراط الذي لا يخطئ بسالكه، حتى ينتفي عنه رذائل الصفات التي تتبعه كإسناد الحوادث إلى القضاء كي لا يفرح الانسان بما وجد جهلاً ولا يحـزن بـمـا فقـده جهلاً كما في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } [النور: 33]
فإنه يدعو إلى الجـود بإسناد المال إلى إيتاء الله تعالى، وكما في قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 6، 7] .
نهى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عن الحزن والغم استناداً إلى أن كفرهم ليس غلبة منهم على الله سبحانه بل ما على الأرض من شيء أمور مجعولة عليها للابتلاء والامتحانات إلى غير ذلك.
وهذا المسلك الثاني في إصلاح الأخلاق طريقة الأنبياء ومنه شيء كثير في القرآن الكريم وفيما ينقل إلينا من الكتب السماوية.
المسلك الثالث:
مسلك مخصوص بالقرآن الكريم لا يوجد في شيء مما نقل اليـنا مـن الكتب السماوية وتعاليم الأنبياء الماضين (سلام الله عليهم أجمعين) ولا في المعارف المأثورة من الحكماء الالهيين، وهو تربية الإنسان وصـفاً وعلماً باستعمال علوم ومعارف لا يبقى معها لغيره ولا ركون لغيره، فهاتان القضيتان إذا صاراتا معلومتين للإنسان تغسلان كل ذميمة وصفاً أو فعلاً عن الإنسان وتحليان نفسه بحلي موضوع الرذائل، وبعبارة اخرى إزالة الأوصاف الرذيلة بالرفع لا بالدفع، مثال ذلك، كما أن كل فعل يراد به غير الله سبحانه فالغاية المطلوبة منه إمـا عـزة في المطلوب يطمع فيها أو قوة يخاف منها ويحذر عنها لكـن الله سبحانه يقول: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [يونس: 65]. ويقول: { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [البقرة: 165]. والتحقق بهذا العلم الحق لا يبقى موضوعاً لرياء ولا سمعة ولا خـوف مـن غير الله، ولا رجاء ما يقابلهـا مـن الصفات الكريمة الالهية من التقوى بالله و التعزز بالله وغيرهما من مناعة وكبرياء واستغناء ورهبة إلهية ربانية.
وخلاصـة الكـلام في المسالك الثلاثة، فإن المسلك الأول مبني على العقائد العامة الاجتماعية في الحسن والقبح، والمسلك الثانـي مبـنـي علـى العقائد العامـة الدينية في التعاليم العبودية ومجازاتها (الثواب والعقاب الأخروي) وهذا المسلك الثالث مبني على التوحيد الخالص الكامل الذي يختص به الأسلام على مشرعه و آله أفضل الصلاة.
وبعبارة أخرى فان المسلك الأول يدعو إلى الحق الاجتماعي، والمسلك الثاني يدعو إلى الحق الواقعي والكمال الحقيقي الذي فيه سعادة الإنسان في حياته الآخرة، والمسلك الثالث يدعو إلى الحق الذي هو الله ويبني تربيته على ان الله واحد لا شريك له وينتج العبودية المحضة، وقد أهـدى هـذا المسلك الأخير إلى الإجتماع الإنساني جمعـا غـفـراً مـن العــاد الصالحين، والعلماء الربانيين والأولياء المقربين رجالاً ونساء وكفى بذلك شرفاً للدين.
والمسلك الثالث بناء على الحب العبودي، وإيثار جانب الرب على جانب العبد.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|