أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-5-2022
1533
التاريخ: 13/12/2022
1633
التاريخ: 16-12-2014
3291
التاريخ: 8-5-2022
1502
|
شاء اللّه سبحانه وتعالى أن تشهد فاطمة فترة صراع الدعوة في مكة ، وتشهد محنة أبيها ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فترى الأذى والاضطهاد يقع عليه ، وتشهد جوّ مكة المعادي لبيت النبوّة ، بيت الهدى والإيمان والفضيلة ، وتشاهد أباها والصفوة المؤمنة من دعاة الإسلام والسابقين بالإيمان يخوضون ملحمة البطولة والجهاد ، فيؤثّر هذا الجوّ الجهادي في نفسها ، ويساهم في تكوين شخصيّتها وإعدادها لحياة التحمّل والمعاناة ، لقد عايشت فاطمة كلّ ذلك وهي بعد لمّا تزل صبيّة صغيرة ، لقد عايشت المحنة الأشد مع أبيها ، بعد فقد أمها ، المواسي والأنيس والحبيب الذي كان يخفّف عنها متاعب الحياة والآلام والاضطهاد ، وبعد فقده عمّه أبا طالب حامي الدعوة والمدافع عن رسول اللّه الذي ما تجرأت قريش في حياته أن تؤذيه ( صلّى اللّه عليه واله ) أو تنال منه شيئا ، إلّا كان لها بالمرصاد[1] ، هذه الحماية التي عبّر عنها رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد فقده أبا طالب بقوله : « ما زالت قريش كاعة[2] عنّي حتى مات أبو طالب »[3].
لقد صبّت قريش حقدها وأذاها على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في تلك الفترة العصيبة من عمر الدعوة ، وبكل ما تملك من وسائل الأذى والاستهزاء والسخرية ومحاولات الانتقاص من مكانة محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) وشخصيته .
لقد تحمّل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من أجل دعوته وفي سبيل مبادئه ورسالته ما لم يتحمّله أحد من الأنبياء ، فقد بلغ الأمر بأحد سفهاء قريش أن يغترف غرفة من تراب الأرض ويقذفها في وجه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وعلى رأسه ، فيتحمّل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) هذا الأذى ويعود إلى بيته صابرا محتسبا وقد لطخ التراب وجهه ورأسه ، ويعود إلى بيته وفاطمة ( عليها السّلام ) تنظر اليه فترى ما لحق به من أذى قريش وتماديها في الصلف والغرور ، فيحزّ الألم في نفسها ويعظم عليها تجرؤ السفهاء والمغرورين من طغاة الجاهلية ومتكبّريها على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ثم تقوم لأبيها وتنفض التراب عنه وتأتي بالماء وتغسل رأسه ووجهه الكريم .
ولم يمرّ هذا المشهد المؤلم دون أن يؤثّر في نفسها ( عليها السّلام ) فيستبدّ بها الحزن والألم على القائد رسول اللّه أبيها ( صلّى اللّه عليه واله ) فتبكي وتتألّم لجرأة هؤلاء الجاهلين الطغاة على رجل يريد أن يخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم سبيل الهدى والرشاد ، ويؤثّر موقف فاطمة في نفس أبيها ( صلّى اللّه عليه واله ) ويشعر بحرارة الألم تمسّ قلبها ، فيحاول ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يخفّف عنها ويحثّها على التجلّد والتحمّل ، فيمدّ يديه الكريمتين ويضعهما على رأسها فيمسّه برقّة وحنان وهو يقول لها : « لا تبكي يا بنية فإنّ اللّه مانع أباك ، وناصره على أعداء دينه ورسالته »[4].
بهذه الكلمات الجهادية المربّية يحاول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يزرع في نفس فاطمة ( عليها السّلام ) روحا جهادية عالية ، ويملأ نفسها وقلبها بالصبر والثقة بالنصر .
ولم تنته هذه المشاهد المثيرة المؤلمة ولم يقف أذى قريش واستخفافها برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ودعوة الحقّ والهدى والتحرير إلى هذا الحدّ ، بل راحت تتمادى في غيّها وتصرّ على عنتها وكبريائها ، فقد روي عن عبد اللّه ابن مسعود أنّه قال : ما رأيت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) دعا على قريش غير يوم واحد ، فإنّه كان يصلّي ورهط من قريش جلوس ، وسلى[5] جزور قريب منه ، فقالوا : من يأخذ هذا السلى فيلقيه على ظهره ، فقام رجل - وهو عقبة بن أبي معيط - وألقاه على ظهره فلم يزل ساجدا حتى جاءت فاطمة ( عليها السّلام ) فأخذته عن ظهره فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « اللهمّ عليك الملأ من قريش ، اللهمّ عليك بعتبة بن ربيعة ، اللهمّ عليك بشيبة بن ربيعة ، اللهمّ عليك بأبي جهل بن هشام ، اللهمّ عليك بعقبة بن أبي معيط ، اللهمّ عليك بابي بن خلف وأمية بن خلف » .
قال عبد اللّه بن مسعود : فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر جميعا ثم سحبوا إلى القليب[6] غير أبي بن خلف أو أمية فإنّه كان رجلا ضخما فتقطع[7].
[1] البداية والنهاية : 3 / 151 ، وسيرة ابن هشام : 1 / 416 .
[2] كاعّة : ضعيفة وجبانة .
[3] كشف الغمة : 1 / 16 ، ومستدرك الصحيحين : 2 / 622 بألفاظ أخرى .
[4] البداية والنهاية : 3 / 151 ، سيرة ابن هشام : 1 / 416 .
[5] السلى : الجلد الرقيق الذي يخرج فيه ولد الماشية من بطن أمه ملفوفا فيه .
[6] القليب : البئر .
[7] ذخائر العقبى ، للطبري : 57 ، ومثله في البداية والنهاية لابن كثير : 3 / 357 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|