أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2017
4116
التاريخ: 12-12-2014
3778
التاريخ: 6-9-2017
7626
التاريخ: 2024-10-17
1584
|
ولدت السيّدة خديجة بنت خويلد زوجة النبيّ الأولى من أبوين قرشيين كلاهما من أعرق الأسر في الجزيرة العربية ، وقد اجتمع لها بالإضافة إلى هذا النسب الرفيع ، الذكر الطيب والخلق الكريم والصفات الفاضلة ، وبلغ من علوّ شأنها أنّها كانت قبل أن تتزوّج بالنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) تعرف بالطاهرة وبسيّدة نساء قريش ، وهي مع ذلك من أثرياء قريش وأوسعهم جاها ومفطورة على التديّن بعاملي الوراثة والتربية ، فأبوها خويلد هو الذي نازع ( تبّعا الآخر ) ملك اليمن حين أراد أن يحمل الحجر الأسود معه إلى اليمن ، فتصدّى له ولم ترهبه قوّته وكثرة أنصاره حرصا منه على هذا النسك من مناسك دينه[1].
وأسد بن عبد العزى - جدّ السيّدة خديجة - كان من المبرّزين في حلف الفضول الذي تداعت له قبائل من قريش ، فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرهم ممّن دخلها من سائر الناس إلّا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته ، وقد قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « لقد شهدت في دار عبد اللّه بن جدعان حلفا ما أحبّ أنّ لي به حمر النعم ، ولو ادعى به في الإسلام لأجبت »[2].
وابن عمّها ورقة بن نوفل كان يعكف على دراسة كتب النصارى واليهود ، ويعمل بما يستحسنه منهما ، لا لأنه كان يعاشر النصارى واليهود ، ولا لأنّ مكة كانت مقرا لهما ، بل لأنّه كان يسخر من عبادة الأصنام والتماثيل ويبحث عن دين يطمئن اليه[3].
إذن كانت السيّدة خديجة من أسرة عريقة معروفة بالعلم والديانة ، وكان ذووها على الحنيفيّة دين إبراهيم ( عليه السّلام ) ، وممّن ينتظرون ظهور دين الحقّ في بلاد الجزيرة العربية[4].
نشاطها التجاري :
خطب أشراف قريش السيّدة خديجة وقدّموا لها العروض المغرية فلم تستجب لأحد منهم[5]، وظلّت تعيش بعيدة عن الرجال ومشاكلهم طيبة النفس مرتاحة الضمير ، لأنّ أكثر الخاطبين كانوا يضعون في حساباتهم ثروتها الواسعة حتى بلغت الأربعين من عمرها .
كانت في يدي السيّدة خديجة أموال طائلة ، ولكنّها لم تترك هذه الأموال راكدة ولم تراب بها في زمان كان الربا رائجا ، وإنّما استثمرت هذه الأموال في التجارة واستخدمت رجالا صالحين لهذا الغرض ، واستطاعت أن تكسب عن طريق التجارة ثروة ضخمة .
ويروي المحدّثون أنّ السيّدة خديجة كانت ترسل في تجارتها إلى الشام جماعة بأجر معين ، وقبيل زواجها بالنبيّ أرسلت اليه ليذهب في تجارتها وبذلت له ضعفي ما كانت تبذله لغيره لأنّه كان حديث الناس رجالا ونساء في أمانته وصدقه واستقامته ، فوافق على طلبها بعد أن استشار عمّه أبا طالب ، وأرسلت معه غلامها ميسرة لخدمة القافلة ورعايتها ، وكانت الرحلة ناجحة وموفّقة بشكل لم توفّق له رحلة قبلها ، وأسرع ميسرة قبل دخول القافلة مشارف مكة ليخبر خديجة بما جرى وما حدث لمحمد ( صلّى اللّه عليه واله ) في طريقه مع بحيرا الراهب وغيره .
ومن نبوغ وحدّة ذكاء السيدة خديجة ونظرتها البعيدة أنّها أدركت عظمة شخصية الرسول الأكرم ( صلّى اللّه عليه واله ) وسموّ أخلاقه قبل تكليفه برسالة السماء ، فاختارته زوجا لها من دون الرجال والشخصيات المرموقة الذين تقدّموا لخطبتها ، بل إنّها هي التي تقدّمت وعرضت نفسها ورغبت في الاقتران به ، على رغم البون الشاسع بين حياتها المادية وحياته البسيطة .
وجاء في تاريخ اليعقوبي عن عمار بن ياسر أنّه قال : أنا أعلم الناس بزواج خديجة بنت خويلد من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، لقد كنت صديقا له وإنّا لنمشي يوما بين الصفا والمروة وإذا بخديجة وأختها هالة معها ، فلمّا رأت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) جاءتني أختها هالة وقالت : يا عمار ! ما لصاحبك رغبة في خديجة ؟ فقلت لها : واللّه لا أدري ، فرجعت اليه وذكرت ذلك له ، فقال لي :
إرجع فواضعها وعدها يوما نأتيها فيه ، فلمّا كان ذلك اليوم أرسلت إلى عمّها
عمرو بن أسد ودهنت لحيته وألقت عليه حبرا ، ثم حضر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في نفر من أعمامه يتقدّمهم أبو طالب ، فخطب في الحاضرين ، وتمّ الزواج بينهما .
وأضاف عمّار : أنّها لم تستأجره في تجارتها ولم يكن أجيرا لأحد أبدا[6].
[1] سيرة الأئمة الاثني عشر ، للسيد هاشم معروف الحسني : 1 / 42 .
[2] سيرة ابن هشام : 1 / 134 ط دار المعرفة - بيروت .
[3] سيرة الأئمة الاثني عشر : 1 / 42 .
[4] و5 ومن هنا يظهر أنّها لم تتزوّج أحدا قبل الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) فضلا عن أن تكون قد تزوجّت بزوجين مشركين وفاقدين لأيّ مكانة بين الناس ، ويؤيد ذلك ما جاء به البلاذري في أنساب الأشراف وأبو القاسم الكوفي في الاستغاثة وغيرهما . راجع الصحيح من السيرة للعاملي وكامل بهائي لعماد الدين طبري ومناقب ابن شهرآشوب . وعن ابن عباس أنّ عمرها حين الاقتران بالرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) كان 28 عاما . راجع شذرات الذهب : 1 / 14 ، وأنساب الأشراف : 1 / 98 .
[6] أورد حديث زواجه منها على هذا النحو ابن كثير في تأريخه البداية والنهاية : 2 / 361 بعد أن أورد الصورة الأولى الشائعة بين المحدّثين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|