أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2014
3927
التاريخ: 25-3-2022
2141
التاريخ: 18-4-2017
3348
التاريخ: 10-5-2022
2257
|
زوجات الأنبياء « عليهم السلام » فيهم الصالحات والطالحات
اعتقادنا أن كل أعمال النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأمر ربه ، فكما أنه لا ينطق عن الهوي ، لا يفعل عن الهوي ، وزواجه ( صلى الله عليه وآله ) كله بأمر ربه ، وحِكْمَته وأغراضه متعددة ، لجلب منفعة للرسالة أو دفع مفسدة عنها . لكنه لا يدل على اختيار إلهي لتلك الزوجة وأسرتها ، إلا إذا نص النبي ( صلى الله عليه وآله ) على ذلك . فلا قيمة لما تخيله البعض أو زعموه .
وقد بين الله عز وجل ذلك في المثل الذي ضربه لنساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) بزوجتى نوح ولوط ، فقال : : ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحِينِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يغْنِيا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ . وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِنْدَكَ بَيتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . وَمَرْيمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ . التحريم : 10 - 12 .
فلا يصح الإستدلال على مدح نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقوله تعالي : وَالطَّيبَاتُ للَّطَّيبِينَ وَالطَّيبُونَ للَّطَّيبَاتِ ، لأن الآية تقصد أهل الجنة ، لا أهل الدنيا .
وقد روت عائشة في مدح نفسها كثيراً ، وادعت أن جبرئيل جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) بصورتها على منديل حرير ، وقال له : « هذه زوجتك في الدنيا والآخرة » . « تاريخ بغداد : 11 / 221 » . ورووا أن جبرئيل طبع صورتها على كف النبي ( صلى الله عليه وآله ) » ! وشهد الذهبي بأنه مكذوب ، ميزان الإعتدال : 3 / 44 .
وقال الشيخ أبو رية في كتابه أبو هريرة شيخ المضيرة / 135 : « أسرع أبو هريرة فتبرع بحديث من كيسه يقول فيه : إن طول تلك الخرقة ذراعان وعرضها شبر » !
ونحن لانثق بأحاديث عائشة ، وحفصة خاصة في مدح نفسيهما وأسرتيهما ، ونعتقد أنه تزوجهما لمصلحة ، وأنهما عملتا ضد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتظاهرتا عليه بنص القرآن ، فأنزل الله فيهما : إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَمَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ . عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيبَاتٍ وَأَبْكَارًا .
وأنهما عصتا الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) وشقتا عصا المسلمين ، وخرجت عائشة على إمامها ( عليه السلام ) ، وسببت قتل ألوف المسلمين ، وانقسام الأمة !
عائلتا عائشة وحفصة
اسمها عائشة بنت أبي بكر واسمه عتيق بن أبي قحافة ، وقبيلته بنو تيم بن مرة . وحفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل ، وقبيلته بنو عَدِي ، وهما من القبائل الصغيرة ، ولعل عدد تيم عند بعثة النبي ( صلى الله عليه وآله ) نحو ثلاث مئة نفر ، وعدد قبيلة عدى لا يبلغ مئة . ولم يكن لهما موقع بين قبائل مكة ، ولذلك قال أبو سفيان لعلى ( عليه السلام ) عندما تفاجأ ببيعة أبى بكر كما في تاريخ الطبري : 2 / 449 : « ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش ! والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلاً ورجالاً » !
وذكر المؤرخ ابن حبيب في المنمق / 80 ، أن بنى عدى سرقوا ناقة لبنى عبد شمس فطردوهم من مكة ! « فارتحلوا ، وتعرض بنو سهم لهم وأنزلوهم بين أظهرهم ، وقالوا : والله لاتخرجون ! وأم سهم بن عمرو الأَلُوف بنت عدى بن كعب ، فأقاموا وهم حلف بنى سهم » .
وقال ابن حبيب / 129 ، إنهم لقلتهم لم يكن لهم رئيس : « ولم يكن من قريش قبيلة إلا وفيها سيد يقوم بأمرها ويطلب بثأرها ، إلا عدى بن كعب » .
وكان مسكنهم خارج مكة في الحثمات ، وقد رأيت الحثمات قريباً من غار ثور ، وهى صخرات سوداء كبار ليس بينها فسحة لنصب خيمة كبيرة .
قال البكري في معجمه : 2 / 425 : « الحثمة بفتح أوله وإسكان ثانيه : صخرات بأسفل مكة بها رَبْعُ عمر بن الخطاب » . ومعجم البلدان : 2 / 218 ولسان العرب : 12 / 115 .
وعليه ، فقد ولدت عائشة وحفصة ونشأتا في بيت عادى فقير ، ولاصحة لزعم عائشة بأن أباها كان ثرياً ، وأنه كان ينفق على النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
مبالغة عائشة في فضائل أبيها وثروته
أكثروا من روايات عائشة عن هجرة أبيها وثروته الطائلة ، وعن هجرتها وفضائلها هي . مع أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) صادف أبا بكر في طريق هجرته فأخذه معه ، وأمر علياً ( عليه السلام ) في الغار أن يشترى منه بعيراً لدليله ابن أريقط ، فاشتراه من أبى بكر ونقَّده الثمن أربع مئة درهم أو ثمان مئة كما روى ابن حجر ، ثم مات البعير في الطريق فاستأجر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعيراً لدليله لبقية الطريق !
وعندما وصل النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى قباء أصرَّ عليه أبو بكر أن يدخل إلى المدينة فأبي ، فتركه من عصر ذلك اليوم وذهب إلى السنح فلا تسمع له خبراً في الهجرة !
أما عن ثروة أبى بكر : فكان في الجاهلية معلم صبيان وصار خياطاً . ولما ولى أمر المسلمين ، قال لهم : » إني أحتاج إلى القوت فجعلوا له في كل يوم ثلاثة دراهم من بيت المال . والنبي ( صلى الله عليه وآله ) كان قبل الهجرة غنياً بمال خديجة ولم يحتج إلى الحرب وتجهيز الجيوش ، وبعد الهجرة لم يكن لأبى بكر شئ البتة . منهاج الكرامة / 187 .
وعندما استُخلف أبو بكر قال : « إن حرفتى لم تكن لتعجز عن مؤونة أهلي ، وقد شغلت بأمر المسلمين وسأحترف للمسلمين في مالهم ، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال » . « الطبقات : 3 / 184 » . فجعلوا له كل يوم درهمين ونصف شاة . « مغنى ابن قدامه : 11 / 377 » . ثم جعلوا له ألفي درهم في السنة : « فقال زيدونى فإن لي عيالاً ، وقد شغلتمونى عن التجارة ، فزادوه خمس مائة » . الطبقات : 3 / 184 .
وفى الطبقات : 3 / 186 : « فأقام هناك بالسنح بعدما بويع له ستة أشهر ، يغدو على رجليه إلى المدينة ، وربما ركب على فرس له ، وعليه إزار ورداء ممشق ، فيوافى المدينة فيصلى الصلوات بالناس ، فإذا صلى العشاء رجع إلى أهله بالسنح . فكان إذا حضر صلى بالناس وإذا لم يحضر صلى عمر بن الخطاب . وكان يقيم يوم الجمعة في صدر النهار بالسنح يصبغ رأسه ولحيته ثم يروح لقدر الجمعة فيجَمِّع بالناس . وكان رجلاً تاجراً ، فكان يغدو كل يوم السوق فيبيع ويبتاع ، وكانت له قطعة غنم تروح عليه ، وربما خرج هو نفسه فيها » .
قال في منهاج الكرامة / 187 : » أما إنفاقه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فكذب ، لأنه لم يكن ذا مال ، فإن أباه كان فقيراً في الغاية وكان ينادى على مائدة عبد الله بن جدعان بمد في كل يوم يقتات به ! فلو كان أبو بكر غنياً لكفى أباه » .
أقول : تبارت أسماء بنت أبي بكر مع أختها عائشة في الحديث عن ثروة أبيهما التي حرمهم إياها وأنفقها على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! فقالت أسماء « مسند أحمد : 6 / 350 » : « لما خرج رسول الله وخرج معه أبو بكر ، احتمل أبو بكر ماله كله معه ، خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم ، قالت : وانطلق بها معه ، قالت : فدخل علينا جدى أبو قحافة وقد ذهب بصره ، فقال : والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه ! قالت قلت : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيراً كثيراً ، قالت فأخذت أحجاراً فتركتها فوضعتها في كوة لبيت كان أبى يضع فيها ماله ، ثم وضعت عليها ثوباً ثم أخذت بيده فقلت : يا أبت ضع يدك على هذا المال ! قالت : فوضع يده عليه فقال : لا بأس ، إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفى هذا لكم بلاغ . قالت : ولا والله ما ترك لنا شيئاً ، ولكني قد أردت أن أسكِّن الشيخ بذلك » ! ورواه الحاكم : 3 / 5 والزوائد : 6 / 59 وصححاه ، واعتمده أئمتهم كالشاطبي ، فقال في الإعتصام : 2 / 201 : « فإنه هاجر بجميع ماله وكان خمسة آلاف » .
ثم إن أسماء بنت أبي بكر كانت عند الهجرة في المدينة ، فقد هاجرت مع زوجها الزبير وكانت حاملاً بعبد الله ، وولدته في قباء عندما وصل النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
ومن جهة أخري : رووا في % صحيح مسلم : 6 / 117 : « بينا أبو بكر قاعد وعمر معه إذ أتاهما رسول الله ( صلى % الله عليه وآله ) فقال : ما أقعدكما هاهنا ؟ قالا : أخرجنا الجوع من بيوتنا »
وفى % الترغيب والترهيب : 3 / 148 : « فانطلقوا حتى % أتوا باب أبى % أيوب الأنصاري % فأطعمهم » ! وقال الرازي % في % تفسيره : 4 / 169 : « وأما الجوع فقد أصابهم في % أول مهاجرة النبي % إلى % المدينة لقلة أموالهم » .
فأين صارت ثروة أبى % بكر جد الفخر الرازي ، وهل ضاعت في % طريق الهجرة ؟ ! فالصحيح أن الجائعين كانا الشيخين وكان النبي % ( صلى % الله عليه وآله ) مدة سنة في % بيت أبى % أيوب « رحمه الله » .
أما عائشة فرفعت سقف ثروة أبيها وجعلتها خيالية فتحير فيها علماء السلطة ! قالت كما في % سنن النسائي : 5 / 358 « : « فخرتُ بمال أبى % في % الجاهلية ، وكان ألف ألف أوقية ! فقال النبي % ( صلى % الله عليه وآله ) « عليهم السلام » أسكتى % يا عائشة فإني % كنت لك كأبى % زرع لأم زرع ! ثم أنشأ رسول الله ( صلى % الله عليه وآله ) يحدث أن إحدى % عشرة امرأة اجتمعن في % الجاهلية ، فتعاهدن لتخبرن كل امرأة بما في % زوجها ولا تكذب ، فتحدثت كل منهن بمدح أو ذم ، وكانت آخرهم أم زرع فمدحته ، وذكرت أنه تزوج عليها ثم طلقها فتزوجت شاباً وأعطاها كثيراً ، لكنها بقيت تمدح أبا زرع وتفضله عليه ، فقالت عائشة في % آخر الحديث : « قلت : يا رسول الله بل أنت خير من أبى زرع » . وروته مصادرهم ووثقه علماؤهم أو صححوه ، كتهذيب الكمال : 23 / 392 ، ميزان الإعتدال : 3 / 375 ، مجمع الزوائد : 4 / 317 ، فتح الباري :
9 / 222 ، تاريخ بخارى الكبير : 1 / 224 ، تهذيب الكمال : 21 / 416 ، تهذيب التهذيب : 8 / 325 ، سنة ابن أبي عاصم / 225 ، إعانة الطالبين : 4 / 199 والطبراني الكبير : 23 / 174 .
وتبلغ الأوقية في ذلك الوقت أربعين درهماً ، وفى زمن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ألف درهم ، « الأوزان والمقادير / 16 » فتكون ثروة أبى بكر حسب قول عائشة ألف مليون درهم ، وهو أمرٌ غير معقول ! ولهذا اضطر الذهبي إلى معالجة هذه الكذبة فحذف منها صفراً ! قال في سيره : 2 / 185 : « وأعتقد لفظة ألف الواحدة باطلة فإنه يكون أربعين ألف درهم ، وفى ذلك مفخر لرجل تاجر ، وقد أنفق ماله في ذات الله ، ولما هاجر كان قد بقي معه ستة آلاف درهم ، فأخذها صحبته . أما ألف ألف أوقية فلا تجتمع إلا لسلطان كبير » .
والصحيح أن الألف الثانية أيضاً زائدة ، ولا يمكن فصلها عن أختها لأن علماءهم تلقوا الخبر وصححوه برواية : ألف ألف أوقية !
كما تبرع الذهبي بأن أبا بكر أنفق المليون درهم على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكة ، لأن ذلك لم يروه أحد حتى في صاع حنطة في سنوات حصارهم في الشعب ! ولا بدراهم يسيرة أعطاها لمسلم ، إلا ما زعموه من شرائه لبلال ، ولم يثبت ، أما ما زعموه من إنفاقه على ابن خالته مسطح ، فقد كان يعمل معه .
قال الأميني « رحمه الله » في الغدير : 8 / 50 : ونضدت له « عائشة » ثلاث مائة وستين كرسياً في داره ، وأسدلت على كل كرسي حلة بألف دينار ، كما سمعته عن الشيخ محمد زين العابدين البكري ، وأنت تعلم ما يستتبع هذا التجمل من لوازم وآثار وأثاث ورياش ، ومناضد وأوانى وفرش ، لا تقصر عنها في القيمة ! وما يلزم من خدم وحشم ، وقصور شاهقة وغرف مشيدة ، وما يلازم هذه البسطة في المال من خيل وركاب وأغنام ومواش وضيع وعقار ، إلى غيرها من توابع !
من أي حرفة أو مهنة أو صنعة أو ضياع حصل الرجل على مليون أوقية من النقود ؟ وكان يومئذ يوم فاقة لقريش ، وكانوا كما وصفتهم الصديقة الطاهرة في خطبتها مخاطبة أبا بكر والقوم معه : كنتم تشربون الطَّرَق ، وتقتالون الوَرق ، أذلة خاسئين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله برسوله ( صلى الله عليه وآله ) » !
وقال المفيد « رحمه الله » في الإفصاح / 229 ، ما خلاصته : « لو كان للرجلين فضل حسب ما ادعيتموه لوجب أن تأتى به الأخبار وترويه نقلة السير والآثار ، بل وجب أن يظهر على حد يوجب علم اليقين ، لأن جميع الدواعي إلى انتشار فضائل الرجلين متوفرة ! ألا ترى أنهما كانا أميري الناس ، وكان المُظهر لولايتهما من زمانهما إلى هذه الحال هو الظاهر على عدوه ، والمظهر لعداوتهما مهدور الدم أو خائفاً مطروداً عن البلاد ! حتى صار القتل مسنوناً لمن أظهر ولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وإن كان مظهراً لمحبة أبى بكر وعمر ! ومن تبرأ من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حكموا له باعتقاد السنة وولاية أبى بكر وعمر وعثمان ، ونال القضاء والشهادات والإمارات ، وقربت منازلهم من خلفاء بنى أمية وبنى العباس بالعصبيه لهؤلاء والدعاء إلى إمامتهم ، والتخرص بما يضيفونه إليهم من الفضل الذي يخالف القرآن وتنفيه السنة ، ويستحيل في العقول » !
وأما عمر فكان أفقر من أبى بكر : فقد حدث عن نفسه أنه كان يرعى بعيراً لأبيه ولا يعطيه قوته ! قال عمر ، تاريخ المدينة لابن شبة 2 / 655 : « لقد رأيتني وإني لأرعى على الخطاب في هذا المكان ، وكان والله ما علمت فظاً غليظاً . . وأنا في إبل للخطاب ، أحتطب عليها مرة وأختبط عليها أخري ! آتى بالخَبْط وهو ورق الشجر . »
وفى كنز العمال : 4 / 589 : « أخذ عمر يحدث عن نفسه فقال : لقد رأيتني وأختاً لي نرعى على أبوينا ناضحنا قد ألبستنا أمنا نقبتها ، وزودتنا من الهينة فنخرج بناضحنا فإذ طلعت الشمس ألقيت النقبة إلى أختي وخرجت أسعى عرياناً فنرجع إلى أمنا وقد جعلت لنا لعبة من ذلك الهينة فياخصباه » !
أي صنعت لهم طعاماً عصيدة من حب الحنظل على شكل هِينَة ، وهى الزَّنَمَة المدلاة تحت فم الماعز كالأصابع . الفائق : 3 / 405 وشرح النهج : 12 / 20 .
وعندما كبر عمر صار مبرطشاً . ففي النهاية لابن الأثير : 1 / 119 : « وهوالدلال أو الساعي بين البائع والمشتري ، وورد في الحديث كان عمر رضى الله تعالى عنه في الجاهلية مبرطشاً ، أي كان يكترى للناس الإبل والحمير ويأخذ عليه جعلاً ، أو هو بالسين المهملة كما ذهب إليه ابن دريد » . وتاج العروس : 9 / 58 ولسان العرب : 6 / 26 .
كم كان عمر عائشة لما تزوجها النبي « صلى الله عليه وآله »
روت في زواجها لا تصح ، فقد قالت إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عقد زواجه عليها وعمرها ست سنين ، وتزوجها وعمرها تسع سنين ، لكنهم قالوا إنها أصغر من أختها أسماء بعشر سنين : « عن ابن أبي الزناد أن أسماء بنت أبي بكر كانت أكبر من عائشة بعشر سنين » . البيهقي : 6 / 204 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 380 ، تاريخ دمشق : 69 / 10 وسبل السلام : 1 / 39 .
وفى تهذيب الأسماء : 2 / 597 : « ولدت أسماء قبل هجرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بسبع وعشرين سنة ، وكان لأبيها أبى بكر حين ولدت إحدى وعشرون سنة » .
ومعناه أن عمر عائشة كان سبع عشرة سنة ، فأين الست سنين والتسع ؟ !
ومن ناحية ثانية ، كان عمر أبيها لما ولدت أسماء إحدى وعشرون سنة ، فعمره لما ولدت عائشة إحدى وثلاثون ، وعمره لما هاجر ست وخمسون لأنهم قالوا إنه أكبر من النبي ( صلى الله عليه وآله ) بثلاث سنين ، فيكون عمر عائشة عند الهجرة خمساً وعشرين .
فأين الست سنين والتسع ؟ !
ومما يؤيد أن سن عائشة أكبر مما قالت سن أمها أم رومان فقد كانت في الجاهلية زوجة ابن سخبرة وولدت له الطفيل ، وجاؤوا من الأردن مع ابنهما وغلامهما ابن فهيرة وسكنوا في مكة ، ومات زوجها ابن سخبرة ، فتزوجها أبو بكر وولدت له ولدين : عبد الرحمن وعائشة ولم تلد له بعدهما ويبدو أنها بلغت سن اليأس ، وكان عبد الرحمن في بدر مع المشركين فطلب أن يبارزه أبوه فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما رووا : متعنا بنفسك يا أبا بكر . فلا بد أن يكون عبد الرحمن في العشرينات أوالثلاثينات ، وعائشة بعده مباشرة ، فأين الست سنوات والتسع ؟ !
النهاية : 8 / 95 ، الحاكم : 3 / 474 ، الحلبية : 2 / 414 ، البيهقي : 8 / 186 و 6 / 204 ، الإستيعاب 2 / 824 و 616 وسبل السلام : 1 / 39 . راجع في ابن سخبرة : الطبقات : 8 / 276 ، التعديل والتجريح : 3 / 1155 ، تهذيب الكمال : 13 / 389 ، تهذيب التهذيب : 8 / 149 والإصابة : 3 / 421 ، 4 / 117 و 8 / 391 .
ادعت عائشة أنها لم تتزوج قبل النبي « صلى الله عليه وآله »
لكن روى ابن سعد : 8 / 59 بسند صحيح عندهم : « خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عائشة بنت أبي بكر الصديق فقال : إني كنت أعطيتها مطعماً لابنه جبير ، فدعني حتى أسلها منهم ، فاستسلها منهم فطلقها ، فتزوجها رسول الله » .
وفى الطبراني الكبير : 23 / 26 : « وكان أبو بكر قد زوجها جبير بن مطعم فخلعها منه » .
وفى صفة الصفوة : 2 / 15 والمنتظم : 5 / 302 : « دعني حتى أسلها من جبير سلاً رفيقاً » .
يضاف اليه أنها كانت تكنى أم عبد الله ، فقد يكون لها ولد من مطعم بن جبير اسمه عبد الله ومات . روى البيهقي : 9 / 311 : « أنها قالت : يا رسول الله ألا تكنينى فكل نسائك لها كنية ؟ فقال : بلى إكتنى بابنك عبد الله ، فكانت تكنى أم عبد الله . وفسروا ذلك بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قصد ابن أختها عبد الله بن الزبير ، لكن لم يعهد أن امرأة من العرب تكنت بابن أختها ! وروى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال لها تَكَنَّي ، والصحيح أنها هي التي طلبت منه كنية ، وغرضها أن يسمى لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولداً حتى ترزقه ! أحمد : 6 / 186 ، الحاكم : 4 / 278 ، الطبراني الكبير : 23 / 18 ، الطبقات : 8 / 66 ، مفرد البخاري / 183 وغيرها .
عائشة أكثر نساء النبي « صلى الله عليه وآله » كلاماً
وأكثرهن إثارة للجدل ! فقد أثارت بأقوالها وأفعالها إشكالات وأسئلة عجز عن جوابها محبوها ، ومن أولها خروجها على الخليفة الشرعي وشقها عصا المسلمين ، وإشعالها حرب الجمل التي قتل فيها ألوف بدون سبب ، وقد هزمت فيها شر هزيمة ورجعت مملوءة غيظاً ! وكانت تقول : « إن يوم الجمل لمعترض في حلقي ، ليتني متُّ قبله أو كنت نسياً منسياً » ! مسند ابن راهويه : 2 / 34 .
ثم يعجزون عن تبرير إرسالها بضعة رجال إلى أختها وزوجة أخيها ، لترضع الواحد منهم ، فيصير محرماً عليها كما تزعم ، ويدخل عليها مع أنه أجنبي !
وكانت تحتجب عن الحسن والحسين « عليهما السلام » مع أنهما من محارمها ! ولم تزر فاطمة « عليها السلام » في مرضها ، وقد زارها أبو بكر وعمر !
ثم يعجزون عن تفسير مدحها المفرط لنفسها ، وحديثها عن ملبسها ومأكلها ونومها ويقظتها وجمالها وفضلها على نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وادعت أنها كانت أحبهن اليه ( صلى الله عليه وآله ) ، كما تحدثت بابتذال عن أمورها الشخصية مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
ثم مدحت أمها بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دعا المسلمين إلى أن يتفرجوا عليها ، فقال : « من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين ، فلينظر إلى أم رومان ! الطبقات : 8 / 277 .
وقال الحشوية إنها تقصد أن يتأملها بعين البصيرة لا البصر . فيض القدير : 6 / 197 .
وقد رأت عائشة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) تولى دفن فاطمة بنت أسد ونزل في قبرها وقال إنها أمي ! فقالت إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) نزل في قبر أمها أم رومان ! الإصابة : 8 / 392 .
حَكَمَتْ عائشة في دولة أبيها !
وصادرت قبرالنبى ( صلى الله عليه وآله ) وقالت إنه أعطاها المكان الذي دفن فيه ، فهو غرفتها . وأخذت امتيازات مالية ومعنوية كثيرة ، واستمرت على هذه الحالة في حكم عمر فكان يعطيها سنوياً مبلغاً كبيراً ، ويهديها هدايا كثيرة ، فصارت من أثرياء الصحابة واشترت بيتاً كبيراً في المدينة ، ثم باعته إلى معاوية بمئة وثمانين ألف درهم وقيل بمئتى ألف ، الطبقات : 8 / 165 . راجع جواهر التاريخ : 3 .
قطع عثمان مخصصاتهما فثارتا عليه
ولما قطع عثمان مخصصاتهما جاءتاه معترضتين فقال : « لا أجد لك موضعاً في الكتاب ولا في السنة ، وإنما كان أبوك وعمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة من أنفسهما ، وأنا لا أفعل ! قالت له : فأعطني ميراثي من رسول الله » . أمالي المفيد / 125 .
« وكان متكئاً فجلس وقال : ستعلم فاطمة أي ابن عم لها أنا اليوم ! ثم قال لهما : ألستما اللتين شهدتما عند أبويكما ولفقتما معكما أعرابياً يتطهر ببوله ، مالك بن أوس بن الحدثان ، فشهدتما معه أن النبي قال : لا نورث » . المسترشد / 508 .
وفى كتاب سُليم بن قيس / 242 : « لا والله ولا كرامة لكما ولا نَعِمْتُ عنه ! ولكن أجيز شهادتكما على أنفسكما ، فإنكما شهدتما عند أبويكما أنكما سمعتما من رسول الله يقول : النبي لا يورث ، ما ترك فهو صدقة ! ثم لقنتما أعرابياً جلفاً يبول على عقبيه ويتطهر ببوله » مالك بن أوس بن الحدثان « فشهد معكما ! ولم يكن في أصحاب رسول الله من المهاجرين ولا من الأنصار أحد شهد بذلك غيركما وغير أعرابي . « أما والله ما أشك أنه قد كذب على رسول الله وكذبتما عليه معه ، ولكني أجيز شهادتكما على أنفسكما فاذهبا فلا حق لكما ! فانصرفتا من عنده تلعنانه وتشتمانه » !
وفى رواية الجوهري في السقيفة : 82 ، وشرح النهج : 9 / 5 ، أنهما تكلمتا في المسجد تحركان الناس على عثمان فقال : « إن هاتين لفتانتان يحل لي سبهما ، وأنا بأصلهما عالم ! فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله ؟ فقال : وفيم أنت وما هاهنا ، ثم أقبل نحو سعد عامداً ليضربه ، فانسل سعد من المسجد » .
وأصرت عائشة وحفصة على ادعاء إرثهما من النبي ( صلى الله عليه وآله ) لتبرير دفن أبويهما في ملكه ( صلى الله عليه وآله ) ! فكان الشيعة يحتجون عليهما . ومن أمثلة احتجاجهم ما رواه في الفصول المختارة / 74 ، أن الفضال بن الحسن بن فضال مرَّ على أبي حنيفة : « وهو في جمع كثير يملى عليهم شيئاً من فقهه وحديثه ، فقال لصاحب كان معه : والله لا أبرح أو أخجل أبا حنيفة ! فقال صاحبه : إن أبا حنيفة ممن قد علمت حاله ومنزلته وظهرت حجته ، فقال : مه هل رأيت حجة كافر علت على مؤمن ؟ ثم دنا منه فسلم عليه فرد ورد القوم بأجمعهم السلام . فقال : يا أبا حنيفة رحمك الله إن لي أخاً يقول : إن خير الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب وأنا أقول : إن أبا بكر خير الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعده عمر ، فما تقول أنت رحمك الله ؟ فأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال : كفى بمكانهما من رسول الله كرماً وفخراً ، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره ، فأي حجة أوضح لك من هذه ؟ فقال له فضال : إني قد قلت ذلك لأخي فقال : والله لئن كان الموضع لرسول الله دونهما ، فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حق ، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقد أساءا وما أحسنا إليه ، إذ رجعا في هبتهما ونكثا عهدهما ! فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال قل له : لم يكن لهما ولا له خاصة ، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما . فقال له فضال : قد قلت له ذلك فقال : أنت تعلم أن النبي مات عن تسع حشايا ، فنظرنا فإذا لكل واحدة منهن تسع ، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر ، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك ، وبعد فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وفاطمة ابنته تمنع الميراث ؟ فقال أبو حنيفة : يا قوم نحوه عنى فإنه والله رافضي خبيث » !
زعمت أن النبي « صلى الله عليه وآله » جعل الخلافة لأبيها وأولاده !
فقد وضعت حديثاً مقابل حديث : إيتونى بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً . . فقالت : « قال لي رسول الله في مرضه : أدعى لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتاباً ، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولي » . مسلم : 7 / 110 وأحمد : 6 / 144 .
ورواه بخاري : 7 / 8 و 8 / 126 بلفظ : « أردت أن أرسل إلى أبى بكر وابنه وأعهد ، أن يقول القائلون ، أو يتمنى المتمنون » .
وقال ابن حجر : 1 / 186 و 13 / 177 : « أفرط المهلب فقال فيه دليل قاطع في خلافة أبى بكر ، والعجب أنه قرر بعد ذلك أنه ثبت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يستخلف » !
أما عبد الرحمن بن أبي بكر فصرح أكثر من أخته فقال : « قال رسول الله : إئتونى بكتاب وكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده أبداً » . مجمع الزوائد : 5 / 181 .
أي ليكتب الخلافة لأبى بكر وبنيه ! ولم يذكروا سبباً مقنعاً لعدم كتابة النبي ( صلى الله عليه وآله ) الخلافة لهم ! ولم يذكروا هل قال أحدٌ إن نبيكم يهجر ، لا تقربوا له شيئاً ، حسبنا كتاب الله ! ولم يذكروا أن الصحابة لغطوا واختلفوا ، فطردهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : قوموا عني !
إن حديث عائشة في مسلم والبخاري يفسرلنا المقصود النبوي بالحديث المتواتر : إيتونى بدواة وقرطاس . ولا يدع مجالاً للشك بأن هذه الأحاديث وضعوها مقابله !
وقد عملت عائشة ليكون أخوها عبد الرحمن خليفة ، فقتله معاوية ، ثم عملت ليكون ابن عمها طلحة خليفة ، فقتله مروان في معركة الجمل .
ثم كانت تمدح موسى بن طلحة ، الذي ادعى أنه المهدى الموعود ، وأنه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ولكنه لم يصل إلى شئ ، ولم يملأ شيئاً !
واشتهرت عائشة بجرأتها على النبي « صلى الله عليه وآله »
من ذلك قولها له ( صلى الله عليه وآله ) : « ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك » ! البخاري : 6 / 24 .
وقالت له مرة في كلام غضبت عنده : أنت الذي تزعم أنك نبي الله ! وقالت له مرة : ما تشبع من أم سلمة ! وكانت تتفقده وتعقبته ليلة لما ذهب إلى زيارة البقيع . وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يصلى وهى نائمة معترضة بين يديه ، أو مادة رجلها .
وزعمت أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) سُحر فكان يتخيل أنه قاربها ولم يقاربها !
وقالت : مرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) في بيتي فمرضته وقبض ولم يشهده غيرى والملائكة !
وقالت : سلَّمَ جبرئيل على وبلغنى سلام الله !
وقالت : إنها رأت جبرئيل ( عليه السلام ) ، ولم تره امرأة غيرها .
وقالت : نزل الوحي على رسول الله وهى معه في لحاف واحد .
وقالت : صُوِّرت لرسول الله قبل أن أصور في رحم أمي !
وقالت : إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يقاربها وهى حائض !
وقالت إن آية رضاع الكبير كانت تحت سريرها فأكلتها السخلة .
وكانت تكره علياً والعباس فقالت : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من أراد أن ينظر إلى رجلين من أهل النار فلينظر اليهما ! راجع المراجعات / 325 .
وكانت معجبة بطلحة التيمي وابنه موسي
كان طلحة يأتيها فيجلس معها فنهاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأجابه طلحة بخشونة وجاهلية ! ثم قال : لئن مات محمد لأتزوجن عائشة ! « فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) « عليهم السلام » لاتقومن هذا المقام بعد يومك هذا ! فقال : يا رسول الله إنها ابنة عمى والله ما قلت لها منكراً ولا قالت لي ! قال النبي : قد عرفت ذلك . إنه ليس أحد أغْيرُ من الله وإنه ليس أحد أغْير مني ! فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمى لأتزوجنها من بعده ! فأنزل الله هذه الآية : وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا » . سنن البيهقي : 7 / 69 ، الدر المنثور : 5 / 214 .
ثم عملت ليكون طلحة الخليفة بعد عثمان ، فتفاجأت ببيعة المسلمين لعلى ( عليه السلام ) ! فقالت : وددتُ أن السماء انطبقت على الأرض إن تم هذا ! وكانت في الطريق إلى المدينة فرجعت إلى مكة وضربت خيمتها في حجر إسماعيل ، وأخذت تُخذِّلُ الناس عن بيعة على ( عليه السلام ) ، وأعلنت أن عثمان قتل مظلوماً وأنها ستطلب بدمه ! والتحق بها طلحة والزبير في مكة ، وأرسلوها لأم سلمة لتخرج معهم على على ( عليه السلام ) ! فنهتها أم سلمة وحذرتها وأقامت عليها الحجة فوعدتها أن لاتذهب ، ثم ذهبت راكبةً على الجمل الأدبب كما أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى وصلت إلى الحوأب فنبحتها كلابها كما أخبر ( صلى الله عليه وآله ) فقالت ردوني فشهدوا لها بأن المكان ليس الحوأب !
وروى الجميع تحذيرات النبي ( صلى الله عليه وآله ) للمسلمين من فتنتها ، فقد روى البخاري أنه ( صلى الله عليه وآله ) أشار إلى بيتها وقال : هاهنا الفتنة ! وقال لها عندما شكت من وجع رأسها : ماضرك لو متِّ قبلي ! وحذرها أن تكون التي تخرج فتنبحها كلاب الحوأب . وكان سعيد بن العاص معها فلما نبحتها كلاب الحوأب رجع .
أدارت عائشة معركة الجمل سبعة أيام
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن جند المرأة ، والقاسطين ، وأهل النهروان ، ملعونون على لسان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وأرسل ابن عباس وزيد بن صوحان إلى عائشة للمفاوضة ، فقالت ليس بيني وبينه إلا السيف ، مغترة بكثرة جيشها وقلة جيش على ( عليه السلام ) . وخرجت راكبة الجمل الأدبب تعبئ أصحابها ! وانسحب الزبير وقتل طلحة قبل بدء المعركة ، وبقيت وحدها ، وأدارت المعركة سبعة أيام ! وفى اليوم السابع نشر على ( عليه السلام ) راية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فهزمهم وسقط الجمل ، فأرسل أخاها محمداً فحملها من ساحة المعركة ، وأعلن العفو العام ومنع أن يعتدى على أحد ، وزارها في منزلها ، ثم أعادها إلى المدينة يحرسها نساء ملثمات وهى تحسبهن رجالاً !
وقالوا إنها ندمت وتابت ، ومدحت علياً ( عليه السلام ) لكن لما جاءها خبر قتله سجدت شكراً لله ! فاستنكرت عليها زينب بنت أم سلمة فقالت : إذا نسيت فذكروني !
قتل معاوية أخويها وسَكَّتَها
لما جاءها خبر قتل معاوية لأخيها محمد بن أبي بكر في مصر وإحراق جثته ، بكت عليه ولعنت معاوية وعمرو بن العاص ! وزاد من غيظها أن ضرتها أم حبيبة أخت معاوية أرسلت لها كبشاً مشوياً وقالت : هكذا فعلنا بأخيك محمد ! فلم تأكل عائشة شواء كل عمرها !
لكن معاوية استرضاها بالمال فسكتت عن قتله لأخيها ، ثم ساءت علاقتها به لما أراد أن يأخذ البيعة ليزيد ، ودعا مروان في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى بيعة يزيد فوقف عبد الرحمن بن أبي بكر في وجهه وتشاتما ، فأمر مروان الشرطة بأخذه فهرب إلى غرفة عائشة ، فخرجت إلى المسجد وشتمت مروان ، وهرَّبت أخاها من المدينة ، فقتلوه بالسم قرب مكة .
ثم أرضاها معاوية بالمال فسكتت عن قتله لأخيها الثاني ، وفى مسند أحمد : 4 / 92 : « عن سعيد بن المسيب أن معاوية دخل على عائشة فقالت له : أما خفت أن أُقعد لك رجلاً فيقتلك ؟ فقال : كيف أنا في الذي بيني وبينك ، حوائجك ؟ قالت : صالح . قال : فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا عز وجل » .
وتوفيت في عهد معاوية سنة 57 ، وقيل قتلها بالسم ، وقيل وقعت في بئر حفره لها في طريقها ، وكانت تصيح وهى تحتضر : إني أحدثت بعد رسول الله فلا تدفنونى عنده ! يا ليتني لم أخلق ، لوددت أنى كنت مدرة ، ولم أكن شيئاً مذكوراً ! ودفنت في البقيع ، وصلى عليها أبو هريرة .
نقاط عن حفصة زوجة النبي « صلى الله عليه وآله »
كان أبو بكر وعمر يعملان للتقرب السياسي من النبي ( صلى الله عليه وآله ) أكثر من جميع أصحابه ، ولكن الله عز وجل أمره أن لايصطدم بأصحابه ، وأن يترك الأمور تجرى بشكل طبيعي ، لتجرى مقادير الله وقوانينه في هداية الأمم وضلالها .
وقد رأى عمر أن زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من عائشة امتيازٌ مهم لأبى بكر ، ولم تكن عنده بنت ليعرضها على النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلا حفصة وهى أرملة كبيرة السن غير جميلة ! لذلك لم يعرضها عليه وعرضها على عثمان وأبى بكر فرفضا !
ففي مسند أحمد : 2 / 27 : « عن ابن عمر قال : لما تأيمَتْ حفصة وكانت تحت خنيس بن حذافة ، ولقى عمر عثمان فعرضها عليه فقال عثمان : مالي في النساء حاجة وسأنظر ! فلقى أبا بكر فعرضها عليه فسكت ! فوجد عمر في نفسه على أبى بكر ، فإذا رسول الله قد خطبها ، فلقى عمر أبا بكر فقال : إني كنت عرضتها على عثمان فردنى وإني عرضتها عليك فسكتَّ عني ، فلأنا عليك كنت أشد غضباً منى على عثمان وقد ردني ! فقال أبو بكر إنه قد كان ذكر من أمرها وكان سراً ، فكرهت أن أفشى السر » . وفى الإصابة : 8 / 85 ، أن عمر عرضها على أبى بكر أولاً !
وفى الطبقات : 8 / 83 و 189 ، أن عمر شكى أبا بكر وعثمان للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فخطبها منه ففرح فرحاً شديداً ! ولهذا لما طلقها النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال عمر : « يا ويح حفصة » .
وفى البخاري : 3 / 103 وأحمد : 1 / 33 : « قد خابت حفصة وخسرت ، قد كنت أظن هذا كائناً » !
وعندما تزوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بحفصة اكتفى بوليمة عادية كبقية زوجاته : « تزوج حفصة أو بعض أزواجه فأولم عليها بتمر وسويق » . مكارم الأخلاق / 212 والمنتقي / 181 .
أما عرس عائشة فكان بدون وليمة ، ففي مسند أحمد : 6 / 438 : « عن أسماء بنت يزيد قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعي نسوة قالت : فوالله ما وجدنا عنده قرى إلا قدحاً من لبن » ! أما عرس الزهراء « عليها السلام » فأقام لها أوسع مراسم أقامها نبي في تزويج ابنته ، كما بينا في محله !
وكان زواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بحفصة : « في شعبان على رأس ثلاثين شهراً قبل أحد » « الطبقات : 8 / 83 » . أي قبل ولادة الحسن بشهر وأيام ، لأنه ولد منتصف شهر رمضان سنة ثلاث . وأما مهرها فكان أربع مئة درهم . « ابن هشام : 4 / 1059 » .
وفى الطبقات : 8 / 86 : « توفيت حفصة في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان وهى يومئذ ابنة ستين سنة » . وقد صغروا من عمرها لأنهم نصوا على أنها ولدت قبل البعثة بخمس سنين وأكثر . الحاكم : 4 / 15 .
كانت حفصة أكبر أولاد أبيها ، وقد اشتق كنيته من اسمها فتكنى بأبى حفص ، وكانت معتمدته في أموره ، فكان يضع نسخة القرآن التي يريد أن ينشرها عندها ، قال البخاري : 5 / 211 ، 6 / 98 و 8 / 119 : « وكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر » .
وعندما وحَّد عثمان نسخة القرآن حاول أن يأخذها منها فلم تعطها ، لأن فيها اجتهادات عمر الكثيرة المخالفة للقرآن المعروف ! فلما ماتت أخذها مروان وأحرقها ! قال ابن شبة في تاريخ المدينة : 3 / 1003 : « عن ابن شهاب قال : حدثني أنس قال : لما كان مروان أمير المدينة أرسل إلى حفصة يسألها عن المصاحف ليمزقها ، وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضاً فمنعتها إياه ! قال الزهري : فحدثني سالم قال : لما توفيت حفصة أرسل مروان إلى ابن عمر بعزيمة ليرسلن بها ، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر فشققها ومزقها ، مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان » !
وكانت حفصة قوية الشخصية جداً ، وجعلها عمر وصيته : « وقال أحمد بن حنبل : إن عمر أوصى إلى حفصة » . « الأم للشافعي : 7 / 236 » . وخصها بالولاية على ما أوقفه على ذريته ، وأهمها بساتين خيبر « ثمغ » التي أهداها له اليهود في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
وكان لها مخصصات من الخليفة ، فأوقفت ذهباً على نساء عشيرتها : « ابتاعت حفصة حلياً بعشرين ألفاً فحبسته على نساء آل الخطاب » . المجموع : 15 / 325 .
اعترف محبوها أنها كانت تؤذى النبي « صلى الله عليه وآله »
كانت حفصة تؤمن بنبوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لكن ذلك لم يمنعها من مخالفته ، وحتى مقاطعته وأذيته ! قال عمر : « فدخلت على حفصة فقلت : أتغاضب إحداكن رسول الله اليوم حتى الليل ؟ فقالت : نعم » . صحيح بخاري : 3 / 103 .
قال عمر : « وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لما وإنك لهناك ؟ قالت : تقول هذا لي وابنتك تؤذى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! » صحيح بخاري : 7 / 47 .
وكانت تعرف حرص عمر على استمرار زواجها من النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأنه يغضب من سوء أخلاقها معه ( صلى الله عليه وآله ) ، لكنها مع ذلك كانت تخالفه وتؤذيه !
ففي السيرة ، الحلبي : 3 / 406 : « شجر بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبين حفصة أمر فقال لها : إجعلى بنى وبينك رجلاً . قالت : نعم . قال : فأبوك إذن ، فأرسلت إلى عمر فجاء ، فلما دخل عليها قال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) تكلمي . فقالت : بل أنت يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقاً ! فرفع عمر يده فوجأها في وجهها فقال له النبي : كف يا عمر ، فقال عمر : يا عدوة الله النبي لا يقول إلا الحق ، والذي بعثه بالحق لولا مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي ! » وتفسير السمعاني : 4 / 276 ، مجمع البيان : 8 / 151 ، عن الواحدي ، عن ابن عباس .
وفى الكافي : 6 / 138 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « أن زينب قالت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا تعدل وأنت رسول الله ! وقالت حفصة : إن طلقنا وجدنا أكفاءنا في قومنا ! فاحتبس الوحي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عشرين يوماً ، قال : فأنف الله عز وجل لرسوله فأنزل : يا أَيهَا النَّبِى قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً . . إلى قوله : أَجْرًا عَظِيمًا . قال : فاخترن الله ورسوله ولو اخترن أنفسهن لبنَّ » .
وقد طلق النبي ( صلى الله عليه وآله ) حفصة مرتين ورجع إليها ، وكانت الثانية في السنة التاسعة قبيل غزوة تبوك ، كما نص أبوها ورواه البخاري وغيره . أما الأولى فيبدو أنها في نفس سنة زواجه بها ، كما في الطبقات : 8 / 84 والحاكم : 4 / 15 : « عن قيس بن زيد أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طلق حفصة بنت عمر ، فأتاها خالاها عثمان وقدامة ابنا مظعون فبكت وقالت : والله ما طلقني رسول الله عن شبع ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدخل عليها فتجلببت ، فقال رسول الله : إن جبريل أتاني فقال لي أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة » . وتوفى خالها عثمان بن مظعون بعد رجوعه من بدر . الطبري : 2 / 177 .
وفى الإصابة : 8 / 86 : « طلق رسول الله حفصة بنت عمر فبلغ ذلك عمر ، فحثا التراب على رأسه وقال : مايعبأ الله بعمر وابنته بعدها ! فنزل جبريل من الغد على النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر » .
والصحيح أن الله تعالى أمر نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بزواجها ثم بطلاقها ثم بإرجاعها ، لمصالح لا تتعلق بأبيها ولا بإيمانها وعبادتها كما زعموا ، فقد ضرب الله لها ولعائشة مثلاً بامرأتي نوح ولوط وهما كافرتان . بل لتحزبها مع عائشة وعملهما ضد النبي ( صلى الله عليه وآله ) كما نصت سورة التحريم . قالت عائشة : « إن نساء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كنَّ حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة . والحزب الآخر : أم سلمة وسائر نساء رسول الله » . بخاري : 3 / 132 .
نزلت فيها وفى عائشة آية النهى عن السخرية
ولم تكن صفية من حزبهما ، قال المجموع : 15 / 353 : « بلغ صفية أن حفصة قالت بنت يهودي فبكت فدخل عليها النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهى تبكى وقالت : قالت لي حفصة : أنت ابنة يهودي ! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) « عليهم السلام » إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي فبمَ تفتخر عليك ؟ ثم قال : إتقى الله يا حفصة » .
وروى الجميع أن آية : لا يسخر قوم من قوم ، نزلت في حفصة وعائشة ! لسخريتهما من صفية بنت حيي ، ففي تفسير القمي : 2 / 321 : « نزلت في صفية بنت حيى بن أخطب وكانت زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهودية ! فشكت ذلك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال لها : ألا تجيبنهما ؟ فقالت بماذا يا رسول الله ؟ قال قولي : أبى هارون نبي الله ، وعمى موسى كليم الله ، وزوجي محمد رسول الله ، فما تنكران مني ؟ فقالت لهمافقالتا : هذا علمك رسول الله ! فأنزل الله في ذلك : يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يكُونُوا خَيرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يكُنَّ خَيرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الإسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمان وَمَنْ لَمْ يتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . والحاكم : 4 / 29 ، عمدة القاري / 122 ، الأحوذي : 10 / 267 ، أوسط الطبراني : 8 / 236 .
وفى أسباب النزول للواحدي / 263 ، أن سبب نزول الآية أن حفصة وعائشة سخرتا من أم سلمة « وذلك أنها ربطت حقويها بسبنية وهى ثوب أبيض وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره ، فقالت عائشة لحفصة : أنظرى ما تجر خلفها كأنه لسان كلب . . » !
واتفقت حفصة مع عائشة على الكذب والحيلة ! ففي الكافي : 5 / 568 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدخلت عليه وهو في منزل حفصة والمرأة متلبسة متمشطة ، فدخلت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت : يا رسول الله إن المرأة لا تخطب الزوج وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد ، فهل لك من حاجة ، فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : خيراً ودعا لها ثم قال : يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيراً فقد نصرني رجالكم ورغبت في نساؤكم ، فقالت لها حفصة : ما أقل حياءك وأجراك وأنهمك للرجال ! فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كفى عنها يا حفصة فإنها خير منك ، رغبت في رسول الله فلمتها وعيبتها ، ثم قال للمرأة : إنصرفى رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك في وتعرضك لمحبتي وسروري ، وسيأتيك أمرى إن شاء الله ، فأنزل الله عز وجل : وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِى إِنْ أَرَادَ النَّبِى أَنْ يسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ . « الأحزاب : 50 » قال : فأحل الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا يحل ذلك لغيره » .
وفى الخصال / 419 ، أن اسمها : خولة بنت حكيم السلمي . وروى أنها أسدية .
وفى الحدائق : 23 / 98 : « الظاهر أنه بعد نزول الآية على أثر هذه الواقعة ، نكح النبي ( صلى الله عليه وآله ) المرأة ولا إيجاب هنا ولا قبول » .
كانت حفصة عنيفة فقتلت امرأتين !
قتلت عائشة امرأة واحدة ، زعمت أنها كتبت لها سحراً ، أما حفصة فقتلت امرأتين زعمت أنهما كتبتا لها سحراً ! « المحلي : 11 / 395 » . وروى في الطبقات : 3 / 356 ، أنها دفعت عبيد الله بن عمر لقتل الهرمزان وجفينة طفلة أبى لؤلؤة ، على أثر قتل عمر ! قال أخوها عبد الله : « يرحم الله حفصة فإنها ممن شجع عبيد الله على قتلهم » !
كانت حفصة وعائشة حليفتين
وكان تحالفهما كتحالف أبويهما ، وكانت حفصة تقلد عائشة في كثير من الأمور ، وقد أخذت برأيها في رضاع الكبير ، فكانت ترسل الأجنبي إلى أختها لترضعه خمس رضعات ويدخل عليها ! الأم للشافعي : 7 / 236 .
« وأرسلت عائشة إلى حفصة وغيرها من أمهات المؤمنين كما نص عليه غير واحد من أثبات أهل الأخبار ، تسألهن الخروج معها إلى البصرة ، فما أجابها إلى ذلك منهن إلا حفصة ، لكن أخاها عبد الله أتاها فعزم عليها بترك الخروج ، فحطت رحلها بعد أن همت » . النص والاجتهاد / 432 .
تهديد الله تعالى لعائشة وحفصة !
اتفق الجميع على أن نزول سورة التحريم كان بسبب أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ائتمن حفصة على سره فأذاعته ، وتآمرت على النبي ( صلى الله عليه وآله ) هي وعائشة ! فهددهما الله تعالى بأشد تهديد وضرب الله لهما مثلاً بكافرتين من زوجات الأنبياء « عليهم السلام » خانتا زوجيهما في أمر الرسالة ، وأمر رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أن يشدد على المنافقين والمنافقات ، فقال تعالي : يا أَيهَا النَّبِى جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحِينِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يغْنِيا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ .
قال المفيد في المسائل العكبرية / 77 : « جاء في حديث الشيعة عن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) أن السر الذي كان من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى بعض أزواجه إخباره عائشة أن الله أوحى إليه أن يستخلف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأنه قد ضاق ذرعاً بذلك ، لعلمه بما في قلوب قريش له من البغضاء والحسد والشنآن ، وأنه خائف منهم فتنة عاجلة تضر بالدين ، وعاهدها أن تكتم ذلك ولا تبديه وتستره وتخفيه . فنقضت عهد الله سبحانه عليها في ذلك وأذاعت سره إلى حفصة ، وأمرتها أن تعلم أباها ليعلمه صاحبه ، فيأخذ القوم لأنفسهم ويحتالوا في بعض ما يثبته رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حديث طويل له أسباب مذكورة . ففعلت ذلك حفصة واتفق القوم على عقد بينهم إن مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم يورثوا أحداً من أهل بيته ولايؤتوهم مقامه ، واجتهدوا في تأخيرهم والتقدم عليهم ، فأوحى الله إلى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بذلك وأعلمه ما صنع القوم وتعاهدوا عليه ، وأن الأمر يتم لهم محنة من الله تعالى للخلق بهم . فأوقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) عائشة على ذلك وعرفها ما كان منها من إذاعة السر ، وطوى عنها الخبر بما علمه من تمام الأمر لهم ، لئلا تتعجل إلى المسرة به وتلقيه إلى أبيها فيتأكد طمع القوم فيما عزموا عليه ، وهو قوله تعالي : عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ، فالبعض الذي عرفه ما كان منها من إذاعة سره ، والبعض الذي أعرض عنه ذكر تمام الأمر لهم » .
وروى الطبراني في الكبير : 12 / 91 ، عن ابن عباس : « فقال لها رسول الله : لاتخبرى عائشة حتى أبشرك ببشارة ، فإن أباك يلي من بعد أبي بكر إذا أنا مت ، ويلي عمر من بعده ، فذهبت حفصة فأخبرت عائشة ! »
وقد بحثنا ذلك في اتهامهم لمارية القبطية رضي الله عنها ، ونزول براءتها .
هذا ، وقد انفردت حفصة بأحاديث لم يروها غيرها ! مثل حديث أن أهل بدر كلهم في الجنة ، وأهل بيعة الرضوان كلهم في الجنة ، وحديث : « اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر » . فهي متهمة بوضعها ! راجع : الإفصاح للمفيد / 219 .
أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها
في مناقب آل أبي طالب : 1 / 138 : « وميمونة بنت الحارث الهلالية خالة ابن عباس ، وكانت عند عمير بن عمرو الثقفي ، ثم عند أبي زيد بن عبد العامري ، خطبها للنبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفر بن أبي طالب ، وكان تزويجها وزفافها وموتها وقبرها بسَرَف ، وهو على عشرة أميال من مكة . » تزوجها « في سنة سبع ، وماتت في سنة ست وثلاثين . وأفضلهن خديجة ، ثم أم سلمة ، ثم ميمونة » .
وفى الكافي : 5 / 368 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين تزوج ميمونة بنت الحارث أوْلَمَ عليها وأطعم الناس الحَيس . » وهو التمر بالسمن .
وذكر في الإصابة : 8 / 328 ، أنها آخر من مات من أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . لكن يظهر أن أم سلمة ماتت بعدها ، فقد عاشت إلى خلافة يزيد ووقعة الحرة سنة 63 .
وروى ابن عبد البر في الإستيعاب : 4 / 1917 ، أن العباس اقترح على النبي ( صلى الله عليه وآله ) الزواج بها : « فقال له العباس : يا رسول الله تأيمت ميمونة بنت الحارث بن حزن بن أبي رهم بن عبد العزي ، هل لك في أن تزوجها ؟ فتزوجها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو مُحرم . فلما أن قدم مكة أقام ثلاثاً فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه من أهل مكة فقال : يا محمد أُخرج عنا ، اليوم آخر شرطك ! فقال ( صلى الله عليه وآله ) « عليهم السلام » دعوني أبتنى بامرأتي وأصنع لكم طعاماً . فقال : لا حاجة لنا بك ولا بطعامك ، أخرج عنا » ! فأجابه سعد بن عبادة بشتيمة فهدأه النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وهذا يدل على فظاظة سهيل بن عمرو وعدائه للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والإسلام ! ولهذه الصفات اختارته قريش لقيادتها بعد فتح مكة وعزلت أبا سفيان واتهمته بأنه خضع لمطلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) بخلع سلاحها ! ويدل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أراد أن يتأخر في مكة ويدعو القرشيين إلى وليمة عرسه ، ليخفف العداء ويهدئ الأجواء المتوترة بينهم ، ولو قبلوا بذلك لكان خيراً لهم ، لأن نجمهم كان في أفول ونجم النبي ( صلى الله عليه وآله ) في صعود .
وغطى ابن هشام : 3 / 829 فظاظة سهيل بن عمرو مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) وزعم أن الذي جاء إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) حويطب بن عبد العزى في نفر من قريش .
وفى الحدائق : 22 / 3 وقاموس الرجال : 12 / 345 : « بلغ سعيد ابن المسيب أن عكرمة قال : تزوجها وهو محرم فقال : كذب عكرمة ! قدم وهو محرم فلما حل تزوجها . فخرج وخلف أبا رافع وقال : إلحقنى بميمونة ، فحملها على قلوص ، فجعل أهل مكة ينفرون بها ويقولون : لا بارك الله لك ! فوافى النبي بسرف وهو على أميال من مكة ، فبنى بها بسرف . ودفنت بسرف سنة 61 » .
أم المؤمنين ميمونة من أهل الجنة
وردت أحاديث في مدح ميمونة رضي الله عنها وفى بعضها شهادة لها بالجنة . واتفقت أحاديثنا على أنها كانت موالية لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
ففي الأصول الستة عشر / 62 ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : « قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا ينجو من النار وشدة تغيظها وزفيرها وقرنها وحميمها من عادى علياً وترك ولايته وأحب من عاداه ! فقالت ميمونة زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) : والله ما أعرف من أصحابك يا رسول الله من يحب علياً إلا قليلاً منهم ! فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : القليل من المؤمنين كثير ، ومن تعرفين منهم ؟ قالت : أعرف أبا ذر والمقداد وسلمان ، وقد تعلم أنى أحب علياً بحبك إياه ونصيحته لك . قال فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : صدقت ، إنك صديقة ، امتحن الله قلبك للإيمان . »
وفى أمالي الطوسي / 505 ، عن : « يزيد بن الأصم قال : قدم شقير بن شجرة العامري المدينة ، فاستأذن على خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي ( صلى الله عليه وآله ) وكنت عندها فقالت : إئذن للرجل ، فدخل فقالت : من أين أقبل الرجل ؟ قال : من الكوفة . قالت : فمن أي القبائل أنت ؟ قال : من بنى عامر . قالت : حُييت ، إزدد قرباً ، فما أقدمك ؟ قال : يا أم المؤمنين ، رهبت أن تكبسنى الفتنة لما رأيت من اختلاف الناس فخرجت . قالت : فهل كنت بايعت علياً ؟ قال : نعم . قالت : فارجع فلا تزولن عن صفِّه ، فوالله ما ضل ولا ضُلَّ به . قال : يا أماه فهل أنت محدثتى في علي بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قالت : اللهم نعم ، سمعت رسول الله يقول : على آية الحق ، وراية الهدي ، على سيف الله يسله على الكفار والمنافقين ، فمن أحبه فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه ، ومن أبغضني أو أبغض علياً لقى الله عز وجل ولا حجة له » !
ورواه في شرح الأخبار / 256 ، عن أبي قتادة بسنده عن أبي إسحاق ، وفيه : « فأردت الخروج معه فوجدت في نفسي من ذلك وجئت أسألك . قالت : أخرج معه فإنه لن يضل ولن يضل به . قال أبو إسحاق : وما شك في علي إلا فاسق » .
وقد وبخت ميمونة عائشة لما أرادت الخروج وذكرتها بحديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) :
يا حميراء إنك لتقاتلين علياً وأنت ظالمة له ! قالت نعم . الجمل لابن شدقم / 106 .
وفى الخصال / 363 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « رحم الله الأخوات من
أهل الجنة فسماهن : أسماء بنت عميس الخثعمية وكانت تحت جعفر بن أبي طالب ، وسلمى بنت عميس الخثعمية وكانت تحت حمزة . وخمس من بنى هلال : ميمونة بنت الحارث كانت تحت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأم الفضل عند العباس اسمها هند ، والغميصاء أم خالد بن الوليد ، وعزة كانت في ثقيف تحت الحجاج بن علاط . وحميدة ولم يكن لها عقب » .
وفى مقاتل الطالبيين / 11 ، أن هنداً أم ميمونة قيل فيها : « الجرشية أكرم الناس أحماءً « أصهاراً » وجرش من اليمن ، وابنتها أسماء بنت عميس تزوجها جعفر بن أبي طالب ثم أبو بكر ، ثم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . وابنتها الأخرى ميمونة أم المؤمنين زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وابنتها الأخرى لبابة أم الفضل أخت ميمونة أم ولد العباس بن عبد المطلب . وابنتها الأخرى سلمى بنت عميس أم ولد حمزة بن عبد المطلب . وأحماء هذه الجرشية : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ، والحمزة ، والعباس ، وجعفر ، وأبو بكر . ومن أحمائها أيضاً الوليد بن المغيرة المخزومي » . فأم خالد بن الوليد أخت أسماء بنت عميس ، ومن هنا كانت نجابة بعض أولاد خالد كالمهاجر بن خالد « رحمه الله » .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|