المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4526 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
إدمانُ التَّفَكّرِ
2024-05-24
التفكر فضيلته ومراتبه
2024-05-24
الخوف والرجاء
2024-05-24
تحضير مركبات الاضافة نوع [M(L)n(PPh3)2] و [M(L)n(4-Pic)2]
2024-05-24
تحضير مركبات الاضافة من نوع [M(L)n.Phen]
2024-05-24
تحضير المعقد [In(L)2I]
2024-05-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


في سرمديّته وبقائه – تعالى  
  
1040   12:16 مساءاً   التاريخ: 5-08-2015
المؤلف : مهدي النراقي
الكتاب أو المصدر : جامع الأفكار وناقد الأنظار
الجزء والصفحة : ص 506.ج2
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / صفات الله تعالى / الصفات الثبوتية / الأزلية و الأبدية /

اعلم! ، أنّ البقاء والدوام نفس السرمدية ومرادفاتها ـ أعني : الأزلية والقدم والدوام ـ إلاّ ، أنّ ما يدلّ على ثبوته للواجب وعينيته لذاته ـ تعالى ـ يدلّ على ثبوتها له وعينيتها لذاته ، وبالعكس. ولذا ترى بعض الأقوام يستدلّون على اثبات البقاء واثبات عينيته لذاته ـ تعالى ـ بالدلائل الّتي يستدلّ بها الآخرون على اثبات السرمدية ومرادفاتها واثبات عينيتها لذاته ـ سبحانه ـ ، فانّ الدلائل الدالّة على عدم زيادة البقاء هي بعينها دالّة على عدم زيادة السرمدية ومرادفاتها وبالعكس. والأكثر اختاروا السرمدية أو أحد مرادفاته في التعرّض ، لأنّ اثبات الأخصّ واثبات عدم زيادته مستلزمان لاثبات الأعمّ ـ أعني : البقاء وعدم زيادته ـ.

ثمّ لا يخفى إنّ ثبوت هذا المطلب في غاية الوضوح ؛ والبرهان عليه : إنّ حقيقة واجب الوجود ما يمتنع عليه العدم ، وكلّ ما يمتنع عدمه يكون وجوده باقيا أزلا وأبدا.

ثمّ إنّ الأشاعرة ذهبوا إلى أنّ البقاء صفة زائدة على الذات حتّى يكون الصفات ثمانية ؛

وذهب الحكماء والمحقّقون من الكلاميّين إلى أنّه ليس صفة زائدة ، بل هو عين

الذات كسائر صفاته الكمالية ؛

وذهب الكعبي واتباعه إلى ثبوت البقاء في الممكنات ونفيه عن الواجب ـ تعالى ـ.

واحتجّ الأشاعرة على الزيادة بأنّ الواجب باق بالضرورة ، فلا بدّ أن يقوم به معنى هو البقاء ـ كما في العالم والقادر ، لأنّ البقاء ليس من السلوب والاضافات ـ ، وهو ظاهر ، وليس أيضا عبارة عن الوجود ، بل زائد عليه إذ الوجود يتحقّق دونه ـ كما في آن الحدوث ـ ؛

وفيه : إنّ كون الواجب باقيا لا يتوقّف على أن يكون البقاء امرا زائدا قائما بذاته ـ سبحانه ـ ، بل كونه عين ذاته بأحد المعنيين المذكورين ـ أعني : كون الواجب فردا من مفهوم البقاء قائما بذاته سبحانه أو كونه نائبا منابه بأن يكون ذاته تعالى مصحّحا لانتزاع مفهوم البقاء عنه من دون احتياج إلى صفة زائدة ـ يكفي لتصحيح كونه باقيا ، ـ كما في سائر صفاته الكمالية ـ.

وتفصيل القول في عينية الصفات قد مرّ بما لا مزيد عليه ، فذات الواجب الّذي هو صرف الوجود عين البقاء بالمعنى المذكور وإن كان مفهوم البقاء زائدا عليه في العقل.

قال بعض المشاهير : كلّ من السرمدية والبقاء أمر انتزاعي ينتزع من ذات الواجب باعتبار ذاته ، فقيامه ليس إلاّ على نحو قيام الأمور الانتزاعية ـ أي : كون الذات بحيث ينتزع عنه ـ ، فزيادته على الذات ليست إلاّ في التعقّل ، لا في الخارج. والحاصل : إنّ الأشعري إن أراد أنّ صدق « الباقي » و « السرمدي » على الله ـ تعالى ـ يستلزم قيام مبدأ بالاشتقاق الحقيقي ـ أعني : الصفة الكمالية من البقاء والسرمدية ، أعني : منشأ الانتزاع ـ بالمعنى المصدري منهما فلا نسلّم هذا الاستلزام ؛ وإن أراد أنّ صدقهما عليه ـ تعالى ـ يقتضي كونه بحيث يمكن انتزاعهما من ذاته المقدّسة بمعنى انّهما انتزاعيان قائمان به زائدان عليه في التعقّل نسلّم ، ولكن لا يفيد المطلوب ـ أعني : كون معناهما الحقيقي وهو الصفة الكمالية منهما له تعالى قائما به في الخارج ـ. وامّا زيادته على الوجود فبالاعتبار لاشتماله على معنى زائد على الوجود ـ بناء على أنّ معناه الموجودية على نعت الاستمرار ـ ؛ فنفي الزيادة إن كان المراد منه نفي الزيادة


على الذات فالمقصود منه نفي الزيادة في الخارج ، وإنّ ذات الواجب باعتبار ذاته سرمدي وباق لا بانضمام أمر إليه في الخارج ؛ وإن كان المراد منه نفي الزيادة على الوجود الانتزاعي كان المقصود منه نفي الزيادة بالذات بمعنى أنّه ليس ذات البقاء زائدا على ذات الوجود وإن كان زائدا عليه بحسب الاعتبار ، فهذان المعنيان الانتزاعيان ـ أعني : البقاء والسرمدية ـ لا يكونان زائدين على الوجود الانتزاعي بحسب تحقّقه وبالذات ، بل زيادتهما عليه بمجرّد اعتبار اشتماله على معنى زائد عليه ، لأنّه نفس الموجودية على نعت الاستمرار بناء على أنّ معناه الموجودية على نعت الاستمرار ؛ انتهى مع التوضيح وادنى تغيير.

وما ذكرناه من : أنّ المراد من نفي الزيادة على الذات هو نفي الزيادة في الخارج ، فيه : إنّ مجرّد نفي الزيادة في الخارج ليس معنى لعينيته ، لأنّ كثيرا من الصفات العرضية للأشياء ليست زائدة عليها في الخارج ـ كالوجود والتقدّم والتأخّر بالنسبة إلى الممكنات ـ مع أنّها ليست عينها ، بل المراد بالعينية نفي الزيادة الخارجية مع كون الذات بذاته مصحّحا للانتزاع ؛ والظاهر إنّ هذا مسامحة في العبارة ، والمراد واضح.

ثمّ ما ذكر في دليل الأشاعرة من أنّ البقاء غير الوجود ـ لتحقّق الوجود دونه ، كما في آن الحدوث ـ نقص بالحدوث ، فانّه غير الوجود لتحقّق الوجود بعد الحدوث. وتوضيح هذا النقض أن يقال : لو تمّ دليلكم على زيادة البقاء على الوجود لدلّ على زيادة الحدوث على الوجود أيضا ، لأنّ الحادث يكون له الحدوث في آن الحدوث وبعد آن الحدوث يكون الوجود دون الحدوث ، فبعد آن الحدوث يتحقّق الوجود بدون الحدوث ، فيكون الحدوث غير الوجود ـ كالبقاء ـ والحال أنّ الحدوث عندهم عبارة عن الوجود المسبوق بالعدم وليس زائدا عليه عندهم.

وقال بعضهم في حل هذا النقض : إنّ البقاء وجود مخصوص ـ لأنّه وجود مستمرّ ـ كما أنّ الحدوث أيضا كذلك ، لأنّه وجود بعد العدم عندهم ذا عين الوجود ـ أعني : الوجود المطلق ـ ، وعلى هذا فزيادة كلّ منهما على الوجود لوجود صلاحية فيه دون الوجود.

وقال بعض المشاهير في حلّه : إنّ الحدوث صفة للوجود ـ بناء على أنّه عبارة عن


مسبوقية الوجود بالعدم ـ. وغرضه من هذا أنّ النقص انّما يتوجّه لو سلّم وفرض أنّ الحدوث عبارة عن الوجود وليس كذلك ، بل هو صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن مسبوقية الوجود بالعدم ـ كما أنّ البقاء صفة للوجود بناء على أنّه عبارة عن استمراره ـ ، وعلى هذا فكون الحدوث زائدا على الوجود كالبقاء لكن صفة له ـ أي : صفة زائدة على الوجود بالحقيقة ـ لا أنّه نفسه ومغايرته له بمجرّد الاعتبار ، لأنّه هو المسبوقية العارضة للوجود. وذلك كما أنّ زيادة البقاء على الوجود أيضا بحسب الحقيقة والذات بناء على أنّ البقاء هو استمرار عارض للوجود لا الوجود على نعت الاستمرار ؛ والفرق بينهما ظاهر.

والحاصل : إنّ البقاء غير الوجود لكن صفة له وليس المراد إنّه زائد على الوجود بحيث يكون أمرا غير مربوط بالوجود حتّى لا يكون صفة للوجود أيضا ، فيرد النقض بالحدوث بانّه يلزم على الدليل المذكور كونه زائدا على الوجود بالمعنى المذكور ـ أي : كونه مغايرا اجنبيا للوجود ـ ، وهو ظاهر البطلان ؛ بل المراد بزيادة البقاء على الوجود كونه مغايرا له بانّه صفة له لا أزيد من ذلك. ولا فساد في جريان هذا في الحدوث أيضا إذ هو أيضا ، صفة للوجود كالبقاء ، فلا يتخلّف الدليل في نفس الأمر في الحدوث ولا نقض على الدليل.

ثمّ الظاهر من كلام السيد الشريف في شرح المواقف إنّ هذا النقض الزامي على الشيخ الأشعري بناء على أنّه قال بعدم زيادة الحدوث على الوجود ؛ وحينئذ لا يفيدان الحلاّن المذكوران ، إلاّ أن يقال : مراد الشيخ الأشعري من عدم الزيادة ليس هو العينية ، بل غرضه منه عدم كون الحدوث شيئا مغايرا اجنبيّا للوجود ، وحينئذ يفيد الحملان ، لأنّ الحدوث إذا كان وجودا خاصّا أو صفة للوجود لا يكون اجنبيا للوجود ، فاذا كان البقاء أيضا كذلك يكون حكمهما واحدا ، فلا نقض. إلاّ أنّ حمل ما ذهب إليه الشيخ الأشعري من عدم الزيادة على عدم المغايرة والاجنبية دون العينية خلاف الظاهر ـ كما لا يخفى ـ.

وربما يدفع النقض المذكور بمنع كون الوجود متحقّقا في الزمان الثاني بدون


الحدوث ، لأنّ الوجود في الزمان الثاني أيضا يصدق عليه أنّه مسبوق بالعدم ، وهو معنى الحدوث.

قد حمل بعضهم الحمل الّذي نقلناه عن بعض المشاهير على ذلك ، وهو تعسّف! ، والصحيح إنّ مقصوده ما قرّرناه.

وهذا الدفع يرد عليه : إنّ الحدوث عند الشيخ الأشعري هو الخروج من العدم إلى الوجود ، وهو غير متحقّق في الوجود في الزمان الثاني ؛ هذا.

وأنت بعد ما عرفت من كون الواجب صرف الوجود وعينية وجوده لذاته وعينية البقاء لذاته بالمعنى المذكور تعلم سقوط الدليل الّذي ذكره الأشاعرة على زيادة البقاء للوجود ، ومنه يظهر حال النقض والحلّ الّذي ذكروه ؛ هذا.

واستدلّ القائلون بالعينية عليها بوجوه :

الأوّل : إنّ المعقول من البقاء استمرار الوجود ، ولا معنى لذلك سوى الوجود من حيث انتسابه إلى الزمان الثاني.

وأورد عليه بعض المشاهير : بأنّ هذا الدليل إن تمّ لم يدلّ إلاّ على عدم الزيادة على الوجود ، لا على الذات ـ كما هو المطلوب ـ.

لا يقال : لمّا كان الوجود عينا لذات واجب الوجود ـ تعالى ـ ولم تكن السرمدية والبقاء زائدتين على الوجود لم تكونا زائدتين على الذات ؛

لأنّا نقول : البقاء انّما هو استمرار الوجود الانتزاعي الّذي هو مغاير للذات ، فباعتبار الدليل المذكور يكون كلّ من السرمدية والبقاء عبارة عن الوجود الانتزاعي المستمرّ ، فلم تكونا زائدتين على الوجود الانتزاعي الّذي هو زائد على الذات في التعقّل. نعم! ، لو كان المراد بعدم الزيادة عدم الزيادة في الخارج لتمّ ذلك الدليل ؛ انتهى.

وحاصل ما ذكره في جواب « لا يقال » : إنّه يجوز أن يكون البقاء عين الوجود الانتزاعي الّذي لا يكون عين الذات كالوجود الانتزاعي ؛

وفيه : إنّ مراد المستدلّ عدم زيادتهما بحسب معنييهما الحقيقيّين اللّذين هما من


الصفات الذاتية الحقيقية ، ولا شكّ انّهما بهذا الاعتبار نفس الوجود الحقيقي الّذي هو نفس ذاته. والحاصل : إنّ معنى عينية الصفات ليس أنّ مفهوم الوجود والعلم والقدرة وغيرها عين الذات ، بل المراد انّ ما يعبّر عنه بتلك المفهومات ـ أعني : ما هو مبدأ هذه المفهومات ومصحّحها ومنشأ انتزاعها ـ يكون عين الذات ، فالوجود الانتزاعي وإن كان زائدا على الذات لكن ما هو مبدأ الوجود الانتزاعي ومنشأها يكون عين الذات ، فاذا كان البقاء عين الوجود الانتزاعي يكون حاله كحاله في أنّ مفهومه أمر اعتباري منشأه ليس صفة زائدة قائمة بالذات ، بل منشأه مجرّد الذات بمعنى أنّ الذات فرد من هذا المفهوم أو نائب مناب الصفة القائمة بالذات المصحّحة لانتزاع هذا المفهوم ، وعلى هذا فيرجع هذا الدليل إلى ما قيل في المشهور في بيان عينية الصفات.

قال بعض الأفاضل : إنّ حمل « الباقي » و « السرمدي » على الواجب ـ جلّ شأنه ـ من قبيل حمل الذاتيات ، لأنّ ذاته ـ تعالى ـ بذاته يكون مصداق حمل الباقي والسرمدي ؛ وقد عرفت فيما سبق أنّ القول بأنّ الصفات الكمالية عين له ـ تعالى ـ ليس المراد منه أنّ مفهوم عالم وقادر مثلا عين ذاته ـ تعالى ، لأنّ المفهومات زائدة على ذاته تعالى ـ ، بل المراد منه انّ المعبّر عنه بهذا المفهوم يكون عين ذاته ، فمفهوم الباقي والسرمدي ومفهوم البقاء والسرمدية أيضا زائدة على ذاته ـ تعالى ـ ، لكن المعبّر عنه بهذا المفهوم عين ذاته ـ تعالى ـ ، انتهى.

ويمكن أن يقال : قد أشار بعض المشاهير إلى حمل الدليل المذكور على ما ذكرناه بقوله : « نعم! ، لو كان المراد بعدم الزيادة عدم الزيادة في الخارج ... » ؛ إلاّ انّا قد أشرنا إلى أنّ ذلك مسامحة ؛ والمراد واضح.

الثاني : إنّ الواجب لو كان باقيا بالبقاء الّذي هو ليس نفس ذاته لما كان واجب الوجود لذاته ، لأنّ ما هو موجود لذاته فهو باق لذاته ـ ضرورة أنّ ما بالذات لا يزول ابدا ـ وإذا فسّر البقاء بصفة يعلّل بها الوجود في الزمان الثاني لكان لزوم المحال أظهر ، لأنّه يؤول إلى أنّ الواجب موجود في الزمان الثاني لأمر سوى ذاته.

واعترض عليه : بأنّ اللازم ليس إلاّ افتقار صفة إلى صفة أخرى نشأت من


الذات ، ولا امتناع فيه ، كالارادة يتوقّف على العلم والعلم على الحياة.

وردّ بأنّ افتقار الوجود إلى أمر سوى الذات ينافي الوجوب بالذات ؛ وهو بديهي.

قيل : وعلى هذا يعود هذا الوجه الثاني إلى الوجه الأوّل ، إذ لا بدّ في اتمامه من أنّ البقاء وجود خاصّ ، فباقي المقدّمات مستدرك.

وفيه : انّ الكلام في أنّه لا يصلح أن يكون البقاء صفة يعلّل بها الوجود ، وبناء هذا الاستدلال على ذلك ، إذ حاصل الاستدلال انّ كون الوجود معلّلا بغير الذات ينافي وجوب الوجود سواء كان لذلك الغير صفة من صفات الذات أو لا ؛ وظاهر أنّ هذا البيان لا يحتاج إلى اخذ كون البقاء وجودا خاصّا ، لأنّه لو لم يكن البقاء وجودا خاصّا أيضا لتمّ هذا البيان ، لأنّ بناء هذا البيان على أنّه لا يصحّ أن يكون لوجود الواجب علّة سوى الذات ، فظهر الفرق بين الوجهين.

الثالث : إنّ الذات لو كان باقيا بالبقاء لا بنفسه فان افتقر صفة البقاء إلى الذات لزم الدور ـ لتوقّف ثبوت كلّ في الزمان الثاني على الآخر ـ ؛ وإن افتقر الذات إلى البقاء مع استغنائه عنه كان الواجب هو البقاء لا الذات ، هذا خلف ؛ وإن لم يفتقر أحدهما إلى الآخر ـ بل اتفق تحقّقهما معا ـ لزم تعدّد الواجب ، لأنّ كلاّ من الذات والبقاء يكون مستغنيا عمّا سواه ، إذ لو افتقر الباقي إلى شيء آخر لافتقر إلى الذات ضرورة افتقار الكلّ إليه ، والمستغني عن جميع ما سواه واجب قطعا ؛ هذا.

مع أنّ ما فرض من عدم افتقار البقاء إلى الذات محال ، لأنّ افتقار الصفة إلى الذات ضروري.

الرابع : إنّ البقاء لو كانت صفة ازلية زائدة على الذات قائمة به كانت باقية بالبقاء ويتسلسل.

فان قيل : هو باق بالبقاء من نفسه لا زائد عليه حتّى يتسلسل ؛

قلنا : فحينئذ يجوز أن يكون الباري ـ تعالى ـ باقيا ببقاء هو نفسه.

اعلم! ، أنّ الدليل الثاني والثالث يدلاّن على أنّ عدم زيادة البقاء انّما هو من خواصّ الواجب ، وأنّ وجوب الوجود يدلّ على نفي الزيادة ، فهذان الدليلان يمكن


اجرائهما في نفي زيادة كلّ صفة من صفاته ـ سبحانه ـ. وامّا الدليل الأوّل والرابع فيدلاّن على أنّ البقاء من حيث هو بقاء لا يمكن أن يكون زائدا ، وأنّ هذه الصفة من شأنها عدم الزيادة ، فمقتضاها إنّ البقاء في الممكنات أيضا غير زائدة على ذواتها.

ثمّ هذه الادلّة وإن صرّح فيها بعدم زيادة البقاء إلاّ انّها يجري في عدم زيادة السرمدية ومرادفاتها من دون تفاوت أصلا ، وقد اشرنا إلى ذلك في أوّل المبحث.

وقال بعضهم : اثبات عينية البقاء مستلزم لاثبات عينية السرمدية وبالعكس وإن قطع النظر عن اشتراك الأدلّة. أمّا الأوّل ـ أعني : استلزام ثبوت عينية البقاء لثبوت عينية السرمدية ـ فلأنّ البقاء لمّا كان أعمّ من السرمدية ـ نظرا إلى أنّ البقاء هو الموجودية المستمرّة ، سواء كانت دائمة أو في قطعة من الزمان ـ والسرمدية هي الموجودية ازلا وابدا فكما انّ نفي العامّ مستلزم لنفي الخاصّ فكذلك نفي زيادة العامّ على شيء يستلزم نفى زيادة الخاصّ عليه ، فمن نفي زيادة البقاء على ذاته ـ تعالى ـ يعلم نفي زيادة السرمدية عليها.

وامّا الثاني ـ أعني : استلزام عينية السرمدية لعينية البقاء ـ لأنّ عينية الخاصّ مع اشتماله على زيادة لشيء يستلزم عينية العامّ له.

ويرد على الأوّل : إنّه قد يكون معنى عينيا لشيء غير زائد عليه ، والخاصّ الّذي هو فرد منه من حيث انّه خاصّ يكون زائدا عليه ، كالحيوان الناطق فانّه غير زائد على النوع الطبيعى ـ أعني : الانسان ـ وفرده ـ كزيد المحفوف بالشخص زائد على حقيقة الانسان ، لأنّ التشخّص الّذي داخل في حقيقة زيد من عوارض حقيقة الانسان ، فمجرّد بيان نفي زيادة البقاء لكونه عامّا لا يوجب عدم زيادة السرمدية الّتي هي اخصّ منه.

ويرد على الثاني : منع الاستلزام.

فان قيل : العامّ إذا كان ذاتيا للخاصّ وثبت أنّ الخاصّ لا يكون زائدا على شيء معيّن وجب أن يكون عام ذلك الخاصّ أيضا غير زائد على ذلك الشيء ؛


قلنا : هذا انّما يتمّ إذا ثبت أنّ البقاء ذاتي للسرمدية وجزء له ، وهو في محلّ المنع. وأيضا إذا كانت السرمدية عينا للواجب وجب أن لا تكون مركّبة ، بل وجب أن تكون حقيقتها حقيقة بسيطة بحيث لا يكون تكثّرا فيها أصلا ، فلا يمكن أن يكون البقاء جزء وذاتيا له ـ لاستلزامه التركيب ـ.

وبما ذكرناه يظهر أنّ المناط في استلزام عينية كلّ من البقاء والسرمدية لعينية الآخر هو جريان الدلائل المذكورة فيهما معا.

ثمّ إنّه بعد دلالة الأدلّة المذكورة على عدم زيادة السرمدية والبقاء يثبت عينيتهما بالمعنى المذكور ـ أي : يكون الذات الّذي هو صرف الوجود بذاته منشئا لانتزاع مفهوميهما ـ. وحقيقتهما هي عين الذات في الخارج والذهن وإن كان مفهوماهما الاعتباري الانتزاعي زائدا على الذات الّذي هو عين حقيقتهما.

وقال بعض المشاهير : إن أريد بتلك الزيادة المنفية الزيادة على الذات مطلقا ـ أي : في كلّ من طرفي الذهن والخارج ـ اتّجه عليه أنّ الدلائل المذكورة لا يدلّ عليه ، بل انّما يدلّ على عدم زيادته في الخارج ، فالمتّجه أنّ المراد بعدم الزيادة هو عدم الزيادة في الخارج ؛ انتهى.

وقد عرفت بما ذكرناه ما فيه من التسامح والاختلال!. ونزيدك بيانا بما ذكره بعض الأفاضل رادّا عليه حيث قال : وفيه إنّ ما ذهب إليه الأكثرون هو أنّ البقاء عين الذات ـ كالوجود والعلم والقدرة ـ ، ومعنى عينية الصفات في الواجب ـ تعالى ـ على ما ذكر هو أنّ الله ـ سبحانه ـ باعتبار ذاته مصداق حمل موجود وعالم وباق وغيرها ، بل مصداق حمل وجود وعلم وبقاء ـ بناء على أنّه تعالى نفس الوجود والعلم والبقاء ـ وليس المراد أنّه ـ تعالى ـ نفس مفهوم العلم والعالم والوجود والموجود ، لأنّ جميع المفهومات عرضية بالقياس إليه ـ سبحانه ـ ، بل إنّ ما يعبّر عنه بالوجود أو العلم وغيرهما من الصفات هو ذات الواجب ـ سبحانه ـ. وكذا الحال في الانسان بالقياس إلى زيد مثلا ، لأنّ الانسان الّذي يكون ذاتيا لزيد ليس هو مفهوم الانسان ، بل الذاتي له انّما هو المعبّر عنه بمفهوم الانسان وهو النوع الطبيعى الموجود في الخارج بوجود


الاشخاص الخارجية ، فالذي يكون ذاتيا لشيء ولا يكون زائدا بالقياس إليه يكون ذاتيا له في الخارج والذهن معا ؛ ولا معنى لكون الذاتي ذاتيا في ظرف دون ظرف ، لأنّ الذاتية والعرضية انّما يكون في نفس الأمر لا باعتبار ظرف الذهن أو الخارج.

وإذا علمت ذلك نقول : إنّ ما ذكره بقوله : « اتّجه عليه أنّ الدلائل المذكورة ـ ... إلى آخره ـ » غير متوجّه ، لأنّ الدلائل المذكورة دلّت على عينية البقاء ، وإذا كان البقاء عينا يكون ذاتيا لا عرضيا ، فلا يكون زائدا أصلا لا في الخارج ولا في الذهن ، وقد ذكر هذا القائل في مبحث نفي الشريك إنّ الوجود الحقيقي والوجوب الحقيقي ـ أي : ما يعبّر عنه بمفهوم الوجود الانتزاعي والوجوب الانتزاعي ـ عين له ـ تعالى ـ في الذهن والخارج جميعا. والغرض إنّ ما هو عين له انّما هو المعبّر عنه بمفهوم الوجود والبقاء وغيرهما من الصفات الكمالية ، وذلك المعبّر عنه يكون عينا له في الخارج والذهن جميعا ؛ وامّا المفهوم فهو ليس بعين ، بل زائد مطلقا. ومعنى كونه عينا في الذهن انّه لو جاز حصوله في الذهن لما جاز انفكاكه عنه في الذهن أيضا.

حجّة الكعبي واتباعه : إنّ البقاء مقارنة الوجود لأكثر من زمان واحد بعد الزمان الأوّل ، وذلك لا يعقل فيما لا يكون زمانيا. واعتبر الحكم بكون الكلّ اعظم من جزئه ، فانّه لا يمكن أن يقال : إنّه واقع في زمان أو في جميع الازمنة كما لا يقال إنّه واقع في مكان أو في جميع الأمكنة. وإذا كان الحكم التصديقي كذلك فما يتوقّف عليه الحكم أولى بأن يكون كذلك ؛ وعلّة الزمان لا يكون زمانيا ، فكيف مبدأ الكلّ؟ ؛ فاذن الواجب ـ سبحانه ـ لا يتّصف بالبقاء وانّما اتصافه به نوع من التشبيه بالزمانيات.

وأجيب عنه : بأنّ البقاء إذا كان حقيقة في الزمانيات فيلزم أن يكون اطلاق « الباقي » عليه مجازا ، والحال أنّ الباقى من اسمائه الحسنى. فالاولى أن يقال : البقاء على قسمين : أحدهما بقاء زماني ؛ والآخر بقاء حقّ ؛ والأوّل ـ تعالى ـ باق بالبقاء بالمعنى الثاني دون الأوّل.

أقول : قد عرفت فيما سبق أنّ الواجب ـ سبحانه ـ متعال عن الزمان ومحيط به وليس وجوده ـ الّذي هو عين ذاته ـ زمانيا ، فلا يكون وجوده في الزمان حتّى يكون


بقائه بمعنى وقوعه في الزمان المستمرّ. كيف ولو كان بقائه بهذا المعنى لزم أن لا يكون بقائه دائميا حتّى يكون سرمديا ازليا ـ لأنّ الزمان حادث ـ ؛ إلاّ أن يعمّم الزمان بحيث يشمل الزمان الموهوم. وقد عرفت بطلانه. فالسرمدية والبقاء بمعنى ثبوت وجوده في الوعاء اللائق به ـ أعني : السرمد ـ ، ومعنى الامتداد فيه يظهر لنا بتصوير أنّه لو وقع في الزمان لكان له امتداد. وتوضيح ذلك يظهر لمن تدبّر فيما ذكرناه في بحث الحدوث الدهري.

والظاهر أنّ المراد من البقاء الحقّ الّذي تقدّم في الجواب هو هذا المعنى ، ولا ريب في أنّ البقاء حقيقة في هذا المعنى في عرف الشريعة والعقلاء وإن لم يكن حقيقة فيه عند اللغويين ـ نظرا إلى عدم تعقّلهم لذلك ـ.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.

في السيرة النبوية قسم الشؤون الفكرية يدعو للاشتراك في مسابقة أفضل قصة قصيرة
أكثر من عشرة آلاف طالب يشاركون في الدورات القرآنية الصيفية ببغداد
في قضاء الهندية المجمع العلمي يحيي ولادة الإمام الرضا (عليه السلام) بمحفل قرآني
بعد إعلانه دعوة المشاركة مجمع العفاف النسوي يشهد إقبالًا واسعًا للمشاركة في معرضه التسويقي