الاستهلاك المستدام والسياحة

نحو يعتبر تعبئة جانب الطلب في معادلة السياحة المستدامة أمراً حاسماً، والواقع أن السياحة صناعة تعتمد على الطلب بدرجة كبيرة ،وتتسم بإمكانية تضررها الشديدة من العوامل الخارجية مثل: المخاطر الطبيعة ،والأخطار التي تتعرض لهـا الـصحة والأمن واتجاهات السلوك ببساطة، ويجري تعزيز الطلب على الاستدامة في الخدمات السياحية باعتبارها الحلقة المفقودة في إقناع الفعاليات الرئيسة في الصناعة على العمـل تحقيق الاستدامة بطريق أكثر موثوقية واتساقا وفعالية، ويجمع الاستهلاك المستدام في قطاع السياحة بين قضايا الاستدامة في اختيار المقاصـد ومقدمي الخدمات، وفي سلوك السياح خلال الإقامة في المقصد.

بناء الطلب على السياحة المستدامة يعتمد عندئذ على الأعمال التي تهدف إلى استثارة وعي السياح بتأثيراتهم أثناء وجودهم في المواقع السياحية، وفي الترويج لاختيارات الشراء المسؤولة. وقد تركزت معظم الجهود التي بذلتها روابط المستهلكين والمنظمات غير الحكومية والسلطات الوطنية والسلطات العامة المحلية على توجيه السلوك السليم للسياح خلال عطلاتهم ابتداء - من المعلومات المحددة عن التجارة غير القانونية للهدايا التذكارية إلى المعلومات العامة المدرجة كجزء من النصائح الحكومية الرسمية المتعلقة بالسفريات إلى مدونات السلوك التي تدعمها المنظمات غير الحكومية.

وتملك منشآت السياحة أيضاً قدرة جيدة على التأثير في السياح لإتبـاع سـلوك مسؤول من الناحيتين البيئية والاجتماعية خلال قضائهم لعطلاتهم (ويعتبر ذلك أكثر أهمية عندما تكون السياقات البيئية والاجتماعية للمواقع السياحية مختلفة اختلافاً كبيراً عن بلد المنشأ) كما تتقاسم الحكومات هذه المسؤولية، إذ يتعين على الحكومات أن تستعين، وهي تضع حملات الدعاية، بمعارف قطاع السياحة الخاصة وما لديـه مـن إمكانيات النشر، وخاصة في الوصول إلى فرادى السياح، ويمكن أن تؤدي الحملات المشتركة ضد التجارة غير القانونية في الهدايا التذكارية ومدونات السلوك الخاصة بمشاهدة الحيوانات البرية وغير ذلك من المسائل، التي من بينهـا المسائل ذات الطابع الاجتماعي الصرف، أن تكتسب قـوة مـن خـلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وتركزت جهود أقل من ذلك بكثير على توجيه اختيار المستهلكين نحو منتجات السياحة المستدامة، وبوسع السياسات الحكومية أن تضطلع بدور هام في وضع استراتيجيات للتسويق لدعم نشاط الأعمال الذي يملك سجلات استدامة مؤكدة، ومن شأن هذه التدابير أن تؤثر على الاستدامة حيث أنهـا سـتوفر حوافز عمليـة للشركات لتطبيق الممارسات المستدامة (ثم الحصول على مزايا التسويق المقدمة) وحيث أنها ستؤثر في سلوك المستهلكين من خلال إبراز أهمية هذه المنتجات، ويمكـن أيضاً استخدام أدوات التسويق لضمان الاستدامة الاقتصادية مـن خـلال ضـمان وصول المنشآت المتناهية الصغر والمجتمعية إلى الأسواق حيث أنها لا تملك سوى موارد تسويق محدودة أو منعدمة على الإطلاق.

وتشمل قنـوات التسويق الفعالة منظمات إدارة المقاصـد ومجالس السياحة ومشغلي الجولات السياحية والكتب الإرشادية وأجهزة الإعلام وخطـط إصـدار الشهادات وأسـواق السفريات، وتجار التجزئة عـن طـريـق الإنترنت ومنظمـات المستهلكين، وبوسع العلاقة بين الإنسان والسياحة والبيئة السياسات الحكومية أن تشجع قنوات نشر السياحة على إعطاء الأفضلية لمنتجات السياحة المستدامة من خلال توفير التدريب لمنظمات إدارة المقاصـد ومجالس السياحة، ووضع المعايير المدفوعـة مـن قبـل الصناعة ونهج إدارة سلسلة الإمدادات، وتوعية الجمهور بشأن خطط إصدار شهادات الاعتماد وتعزيز أسـواق السفريات التي تركز على المنتجات المستدامة.

ويمكن الاستفادة مـن موجـة السياحة البيئية في تحقيـق عـدد مـن الفوائد الاجتماعية  والاقتصادية علي مستوي الوطن العربي، حيث يتمثل ذلك في تنشيط الاقتصاد المحلي للأقطار العربية مـن خـلال تنويع المنتج السياحي وتنشيط الحركة السياحية وزيادة عدد الرحلات الإيجابية -داخليا وخارجيا- من خلال تقديم نوعيـة جديدة من السياحة، بالإضافة إلى توليد فرص عمل جديدة خاصة في المناطق الريفية والمناطق البيئية النائية في الوطن العربي ،حيث أنهما تمثلان أكثر المناطق ملاءمة لإقامة مثل هذه النوعية من السياحة، هذا غير رفع المستوي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع المحلي نظراً للارتباط الشديد بين نوعية السياحة البيئية والمجتمع المحلي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلي رفع مستوى الاهتمام بالوعي والتعليم البيئي، وبالتالي ينعكس ذلك علي حماية الموارد الطبيعية والثقافية المحلية.