أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-04-2015
1670
التاريخ: 13-11-2015
1992
التاريخ: 5-6-2016
5214
التاريخ: 12-7-2016
1867
|
أن الروح تكون مسيطرة على البدن فتهبه الحياة ، وما يرافقها من حياة نفسية تتجلى في القوى المختلفة من عقل ونفس وقلب .
والسؤال الذي يتبادر هو : هل المعلومات والمعارف والأحاسيس مستقرها في الروح أم في المراكز التي تظهر القوى فيها ؟ وعلى وجه التحديد ، هل العلم مركزه الدماغ أم الروح ؟
إنني أميل الى القول : إن الروح هي مركز كل المعارف والمشاعر ، وما المراكز المادية كالدماغ إلا أدوات لإظهار تلك المعارف والمشاعر . ولبيان هذا المعنى أسوق مثال الراديو . فالراديو لا يحمل داخله أي معلومات أو أصوات ، فالمعلومات تحملها الموجات الكهرطيسية التي تشبه الروح ، وما الراديو الذي يشبه الدماغ إلا واسطة يتمّ من خلالها تحويل المعلومات الموجيّة الى شكل مسموع أو مرئي . فإذا تعطل الراديو لم تعد تظهر المعلومات ، لأنها لا يمكن أن تظهر من تلقاء ذاتها ، بل تحتاج الى أداة لإظهارها . وإن تعطل الراديو لا يعني ذهاب المعلومات ، إنما يعني عدم إمكانية إظهارها ، فهي موجودة بمعزل عن وجود الأداة .
يقول السير أوليفر لودج الانكليزي في هذا المعنى :
وليس الدماغ كلّ عدة رجال العلم ، كما يظن الذين يقولون إن العقل هو الدماغ ، لأنه إذا تلف دماغ الإنسان ذهب عقله حسب الظاهر ، ولكن العقل لا يضمحل بل يظل موجوداً ، ولكن تتعطل آلته فلا يقدر أن يظهر .
ويقول مؤكداً أن الروح هي مقرّ القوى العقلية :
إن أرواح الناس تخرج من أجسادهم عندما يموتون وتلبس أجساماً روحية ، وتبقى في الفضاء بوجدانها ومشاعرها وقواها العقلية ، وتتصل ببعض الأحياء ، فيرونها بهذه الأجسام ويخاطبونها وتخاطبهم ، كأنها لم تزل بأجسادها (1) .
هذه الفكرة التي تؤكد حمل الروح للمعلومات الشخصية ، أكدت عليها الدراسات العلمية الحالية في علم الأرواح ، ومنها تحضير الأرواح بعد الموت ، وذلك عن طريق التنويم المغنطيسي باستخدام وسيط حي . فقد كان الأستاذ سلمون في دمشق يقوم بتنويم وسيط ، ثم يستدعي روح أحد الأموات فينزلها في الوسيط . وقد ذكر لي والدي حين حضر إحدى الجلسات ، وتم تحضير روح الشاعر جبران خليل جبران ، فلما حلّت روحه في الوسيط ، طلب منه بعض أشعاره ، فتلاها الوسيط الذي لا يعرف جبران ولا شيئاً من شعر جبران .
وبهذه الحقيقة نفسّر ما ورد في تراثنا الإسلامي عن " حياة البرزخ " التي يعيشها الإنسان بعد الموت .
إن كلمة (برزخ) كلمة فارسية ، تعني الشيء الواقع بين شيئين . وقد أطلق على الحياة بعد الموت (حياة البرزخ) ، باعتبار أن هذه الحياة تقع بين حياتين ؛ حياة أولى هي الحياة الدنيا ، وحياة ثانية هي الحياة الآخرة .
فإذا مات الإنسان تركت روحه عشها الأول وهو الجسد الذي يؤول الى التفسخ والفناء ، لتقضي حياتها الجديدة البرزخية في عش جديد . فإن الله سبحانه من لحظة الوفاة يخلق للروح جسماً نورانياً جديداً لتحل فيه نسميه الجسم الهيولي ، وتعود تعيش فيه حياة حقيقية ، بكل المعلومات والمشاعر التي كانت تحملها قبل الوفاة . وبذلك فهي تسمع كل ما يقوله الناس ، وترى كل ما يحدث . وفي الأخبار الثابتة أنها تزور أولادها وأصحابها وتسأل عن حالهم بدون أن يشعروا .
وفي اعتقادي أن الذي يسأل في القبر هو هذه الروح التي حلّت في جسمها الجديد ، وليس الجسد السابق الذي انتهى دوره وآل إلى التلف .
◄ يقول الإمام علي (عليه السلام) عن حساب القبر :
حتى إذا ذهب المُشيّع ، ورجع المتفجع ، أقعد في حفرته نجياً ، لبهتة السؤال ، وعثرة الامتحان .
◄ وفي خبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : فإذا قبضة الله عز وجل ، صيّر تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا [أي أن الجسم الهيولي الذي تسكن فيه الروح في البرزخ يشبه تماماً في شكله وتفاصيله الإنسان الذي كان في الدنيا ، فكأنه طيف له] ، فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا .
◄ ويقول الغزالي في (سرّ العالمين وكشف ما في الدارين) (2) : قال النبي (صلى الله عليه وآله) :
" إن الأرواح لتزور بيوتها وأهلها ؛ فإن رأتهم بخير شكرت ، وإلا نفرت ، وهي تنادي : يا أهلي ، إياكم والدنيا ، فلا تغرّنكم كما غرّرت بي " .
فلو لم تكن الروح عاقلة ما كانت تفعل ذلك .
_____________
1. علم الأرواح للأستاذ طنطاوي جوهري ، ص 227- ط 3 عام 1932 م .
2. سر العالمين وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ، طبع مطبعة السعادة بمصر ، ص 81 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|