أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2022
2716
التاريخ: 22-7-2016
2281
التاريخ: 3-3-2022
1876
التاريخ: 12-2-2021
3520
|
إن كلاً من الرجاء والخوف لو أخذا منفصلين احدهما عن الآخر لأثر هذا على سلوك الإنسان المسلم تأثيراً سلبياً – كما يبدوا ذلك من النص - : (ارج الله رجاءاً ...) غيره؛ لأن الرجال بلا خوف يجري على المعصية ، والخوف لا رجاء ييئس من رحمة الله تعالى، وسلوك اليائسين سلوك منحرف، والإنسان يعمل لآماله العريضة، ورجاؤه بالله تعالى ان يثيبه وينجيه من عذاب أليم(1)
إن الشخصية الإسلامية ترتكز على دعائم ثلاث هي : الفكر، والعواطف، والسلوك وليس بين هذه الركائز الثلاث انفصال، وانما هي اجزاء يكمل بعضها البعض الآخرة ، لتكون كياناً واحداً ، وإذا ما فقدت إحداهما أختل الكيان كله.
فالأفكار تخلق ألواناً من الاحساسات ، والانفعالات بعظمة الخالق، وجلاله وجماله.
والعواطف تفجر الحركة ، والفعالية في نفس الإيمان ، وتعطي قوة دفع وحركة فكرية عمودية تترفع بالإنسان إلى الذوبان في حب الله تعالى والفناء فيه.
ومن ثم هذه الحركة العمودية التي تشد الإنسان إلى الله، تحركه لتغير الواقع نحو رسالة الله بحركة أفقية يمتد بها إلى المجتمع، فتؤثر فيه وتغيره.
وحينئذ تتحول الافكار والعواطف إلى سلوك متوازن تتجسد من خلاله الشخصية الإلهية ...
إذن الإسلام ليس فكرة عقلية مجردة معزولة عن واقع الحياة الاجتماعية ، كما انه ليس عواطف منخفضة ساذجة، فارغة عن الافكار والمفاهيم حول الكون والحياة؛ لذلك نجد ان الإسلام في تربيته العظيمة يفجر العواطف الإنسانية النبيلة على أساس فكري؛ ليوجد فيها تياراً مغيراً في الحياة من الواقع الفاسد إلى الواقع السليم.
فالعواطف في كثير من الاحيان تكون انعكاساً للمفاهيم ، ومن هنا ربط الإسلام بين المعرفة والإيمان؛ لينتج خشوعاً وضراعة (من عرف الله خاف الله ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا)(2).
لذا جاء في مناجاة سيد الساجدين (عليه السلام) (سبحانك اخشى خلقك لك اعلمهم بك).
وإنما أمر الإسلام بالتلازم والموازنة بين الخوف والرجاء؛ لئلا يسيطر عليه الخوف فيوقعه في القنوط واليأس؛ ولئلا يسيطر عليه الرجاء فيوقعه بالإعجاب والغفلة والغرور، إذن التلازم بين الخوف والرجاء يحمي الإنسان من مرضين خطيرين وهما: الإعجاب بنفسه وبأعماله وعقيدته ، ويحميه كذلك من اليأس والقنوط حين يرتكس بالذنوب، فحالة الخوف المتوازن تجعل الإنسان حذراً يقظاً من الوقوع في مخالفات الشرع الأقدس من خلال إحساسه بالرقابة الإلهية عليه وحالة الرجاء تخلق في نفسه املاً كبيراً من خلال رجائه لرحمة الله التي وسعت كل شيء، فالخوف إذن ناتج عن ادراك هيمنة الذات المقدسة والإحساس برقابتها وتوقع لبطشها وعذابها، وحالة الرجاء جاءت عن إدراك لرأفة الله وحلمه ورحمته وغفرانه ... وبذلك يعيش الإنسان متوازن السلوك من خلال المزج بين الأفكار والعواطف.
ان الشخصية الإسلامية كما ارتكزت على أرضية فكرية كذلك اعتمدت على العواطف السامية ، ومن هنا كانت الأفكار هي الينبوع الاساسي لأعمق العواطف الإنسانية التي تستمد جذورها من مفاهيم الإسلام ، واما العواطف الساذجة المنخفضة، والقائمة على أساس الإحساس والمشاعر السطحية فلا قيمة لها.
ويمكن ان نرسم معادلة لتأثير الخوف في تحقيق التقوى على الشكل الآتي: خواف متوازن من الله ـــــــ قمع للشهوات ـــــــــ ترك للذنوب واللذات ــــــ قلع حب الدنيا من القلب ـــــ المواظبة على الذكر والفكر ـــــ المعرفة ـــ المحبة لله والأنس به ــــ الورع والتقوى .
إن الذي أراده الإسلام للإنسان هو الخوف المعتدل ، وهو تلك الحالة النفسية الملازمة للعلم والقدرة ، العلم بالله واسمائه وصفاته وشرعته، والمعرفة بعيوب النفس واهوائها ، وأخطار الاستجابة لها، والقدرة على التحكم برغائب النفس، ودفع المحذور الذي يخشى الوقوع فيه، وهذا الخوف هو الذي يثمر الورع والحذر والتقوى بالمجاهدة ، والعبادة ، والفكر ....
وأما الحب الذي يورث الإخلاص فهو عبارة عن تفريغ القلب من غير الله لأن القلب لا يسع اكثر من حب واحد ابداً، يقول تعالى : {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] .
فلا يمكن ان يجتمع حبان حب الله وحب الدنيا في قلب واحد؛ ولذا كان الولاء والحب محوراً التوحيد في التصور الإسلامي وأساساً من أسس العلاقات الاجتماعية الاصلية التي تبتنى عليها تلك العلاقات يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23]
إن حب الله هو مقياس الإيمان ، ولا يجد الإنسان لذة الإيمان بدونه عن الإمام الصادق (عليه السلام) : انه قال: (لا يمحض رجل الإيمان بالله حتى يكون الله احب إليه من نفسه، وأبيه ، وامه ، وولده، واهله، وماله، ومن الناس كلهم)(3) .
من هنا فإن حب الله ينقي القلب ويخليه من غير الله، وإذا أحب الإنسان شيئاً آخر، فهذا الحب امتداد لحب الله، او في الله حتى حب رسول الله (صلى الله عليه واله) واهل بيته ، قال (صلى الله عليه واله) : (احبوني لحب الله (عز وجل) واحبوا اهل بيتي لحبي)(4).
إذن حب الله هو تطهير للقلب عن كل العلائق الأخرى من قريب، او بعيد هذا الحب يجعل القلب صافياً خالياً لله فقط؛ ولذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : (حب الله نار لا يمر على شيء إلا احترق)(5)
وحرق الشيء افناءه ونفيه من الوجود، وهكذا يطرد حب الله من القلب كل شيء، وهذه هي غاية آمال العارفين ومنتهى أمنياتهم.
وردت في الصحيفة السجادية من دعاء الإمام السجاد (عليه السلام) : (اللهم صل على محمد وآل محمد، وفرغ قلبي لمحبتك، واشغله بذكرك ... وامنن علي بشوق إليك ).
كما ورد في دعاء آخر: (اللهم ... ارزقني حبك وحب كل من احبك ، وحب كل عمل يقربني إلى حبك)(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ثقة الإسلام الكليني، الأصول من الكافي : 2/68.
(2) الشهيد الشيخ حسين معن، الإعداد الروحي : 130.
(3) المحدث المجلسي، بحار الأنوار : 70/24-25 .
(4) المصدر نفسه : 14.
(5) المصدر نفسه : 23.
(6) المصدر نفسه : 86/182.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|