أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-1-2019
1915
التاريخ: 2-08-2015
1953
التاريخ: 21-6-2019
1873
التاريخ: 1-07-2015
1857
|
قال: ( والتعقّل والتجرّد متلازمان ؛ لاستلزام انقسام المحلّ انقسام الحالّ فإن تشابهت عرض الوضع للمجرّد ، وإلاّ تركّب ممّا لا يتناهى ).
أقول : هذه المسألة ... من تتمّة مباحث التعقّل ، وقد ادّعى هاهنا أنّ
التعقّل والتجرّد متلازمان ، يعني أنّ كلّ عاقل مجرّد وكلّ مجرّد عاقل.
أمّا الأوّل فاستدلّ عليه ... بأنّ التعقّل عبارة عن إدراك شيء لم
تعرضه العوارض الجزئيّة التي تلحق بسبب المادّة في الوجود الخارجي من الكمّ والكيف
ونحوهما ، وهو إنّما يكون بارتسام صورة المعقول في العاقل من حيث ذاته ، فهي
مجرّدة ، وكلّ ما هو محلّ للصورة المعقولة فهو مجرّد ؛ لأنّه لو كان مادّيّا لكان
منقسما ، وانقسام المحلّ يستدعي انقسام الحالّ ، إذ الحالّ إمّا أن يحلّ بتمامه في
جزأي المحلّ أو في أحد جزأيه ، أو لا يحلّ في شيء منه :
والأوّل يلزم منه الانقسام ؛ إذ الحالّ في أحد الجزءين غير الحالّ في
الآخر.
والثاني يفيد المطلوب مع أنّه خلاف الفرض.
والثالث خلاف الفرض.
فالصورة على هذا التقدير تكون منقسمة ، فانقسامها إمّا إلى أجزاء
متشابهة في الحقيقة ، وحينئذ يلزم عروض الوضع والمقدار للصورة المعقولة التي
فرضناها مجرّدة عن اللواحق المادّيّة من الوضع وغيره ، وهو محال ، أو إلى أجزاء
متخالفة فيلزم تركيب الصورة من أجزاء غير متناهية بالفعل ؛ لأنّ المحلّ لكونه
مادّيّا يقبل القسمة إلى غير النهاية ، فالحالّ يكون كذلك ، والفرض أنّ الأجزاء
متخالفة في الحقيقة ، فلا بدّ أن تكون حاصلة بالفعل ، وهذا محال كما سبق.
ويرد عليه ما سبق في مبحث تجرّد النفس.
قال : ( ولاستلزام التجرّد صحّة المعقوليّة ، المستلزمة لإمكان
المصاحبة ).
أقول : هذا دليل الحكم الثاني ، وهو أنّ كلّ مجرّد عاقل.
وتقريره : أنّ كلّ مجرّد
فإنّه يصحّ أن يكون معقولا بالضرورة ؛ إذ العائق عن التعقّل إنّما هو المادّة لا
غير ، والمجرّد لا يحتاج إلى عمل يعمل به حتّى يعقل ، فإن لم يعقل ، كان ذلك من
جهة العاقل ، وكلّ ما يصحّ أن يكون معقولا وحده صحّ أن يكون معقولا مع غيره ، وهو
قطعيّ، فإذن كلّ مجرّد فإنّه يصحّ أن يقارنه غيره ، وكلّ ما يصحّ أن يكون مقارنا
لغيره فإذا وجد في الخارج ، تصحّ مقارنته لذلك الغير ؛ لتقدّم صحّة المقارنة
المطلقة على المقارنة في العقل ؛ لتقدّم استعداد الكلّيّ على الجزئيّ. وصحّة
المقارنة المطلقة غير متوقّفة على المقارنة في العقل ، وإلاّ يلزم الدور ، فإذا
وجد مجرّد قائم بذاته ، تكون صحّة مقارنته بأن يحصل الغير فيه حصول الحالّ في
المحلّ ؛ لامتناع حلوله فيه مع فرض كونه قائما بذاته ، وكذا حلولهما في ثالث ،
والحصول على وجه الحلول معنى التعقّل ، فكلّ مجرّد يصحّ له التعقّل ، وصحّة تعقّله
تستلزم صحّة تعقّل أنّه يعقل الغير ، وذلك يستلزم تعقّل ذاته ؛ لأنّ تعقّل الحكم
والنسبة الحكميّة تستلزم تعقّل المحكوم عليه ، فكلّ مجرّد يصحّ أن يكون عاقلا
لذاته فيجب ذلك ؛ لأنّ تعقّله لذاته إمّا بحصول نفسه أو بحصول مثاله ، والثاني
باطل ؛ لاستلزامه اجتماع المثلين ، فتعيّن كونه بحصول نفسه ، ونفسه حاصلة دائما
غير غائبة عنه ، فيكون التعقّل دائما ؛ لوجود المقتضي وفقد المانع ، فثبت أنّ كلّ
مجرّد عاقل.
واعترض (1) عليه ـ مضافا إلى إمكان قصر المسافة بإمكان تعقّله لذاته
بالضرورة ، المستلزم لتعقّله بالفعل كما مرّ ـ بإمكان كون خصوصيّة ذات المجرّد
مانعة ، كما يقال في كنه ذات الواجب تعالى. وبأنّ تقدّم المقارنة المطلقة ـ بإطلاق
القيد ـ لا يستلزم تقدّم المقارنة المطلقة ـ بقيد الإطلاق ـ حتّى يصحّ تقدّم
المقارنة الخارجيّة ، مع منع كون هذا الكلّيّ ذاتيّا ، ومنع استلزام إمكان التعقّل
إمكان أن يعقل أنّه يعقل.
__________________
(1) المعترض هو الفخر الرازي ، كما في « شرحي الإشارات » 1 : 170 ـ 173
، ولمزيد الاطّلاع حول هذه المسألة انظر : « المباحث المشرقيّة » 1 : 491 ـ 494 ؛
« شرح الإشارات والتنبيهات » 2 : 385 ـ 391 ؛ « نهاية المرام » 2 : 200 ـ 215 ؛ «
شرح المواقف » 7 : 257 ـ 260 ؛ « شرح المقاصد » 3 : 360 ـ 362 ؛ « شرح تجريد
العقائد» : 271 ـ 273 ؛ « شوارق الإلهام » : 439.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|