أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
4460
التاريخ: 7-1-2023
1675
التاريخ: 9-10-2014
1742
التاريخ: 9-10-2014
1691
|
قال تعالى : {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } [البقرة : 158].
صحيح أن قراءة تاريخ حياة عظماء التاريخ يدفع الإنسان إلى الإقتداء بهم ، لكن هناك طريقاً أكثر تأثيراً ، وهو مشاهدة المعالم الأثرية التي كافح عليها هؤلاء الرجال ، وسجلوا فيها بطولاتهم.
هذه المعالم هي في الواقع ليست مثل كتب التاريخ الميتة ، بل هي تاريخ حيّ ناطق ، يستطيع أن يُحلّق بالإنسان عبر القرون والأعصار ، ليجعله يعيش مع الحوادث الماضية بكل مشاعره.
الأثر التربوي لهذه المشاهدات أعمق بكثير من تأثير الكتب والمحاضرات وأمثالها ... فهنا الشعور لا الإدراك ، والتصديق لا التصور ، والعينية لا الذهنية.
من جهة اُخرى ، قلّ أن يوجد بين الأنبياء نبيّ كإبراهيم (عليه السلام) ، خاض ألوان النضال وتعرض لأنواع الإِمتحان ، حتى قال القرآن عمّا اختبر به : {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات : 106]
وهذه المعاناة الطويلة التي عاشها إبراهيم هي التي أهّلته لأن ينال مقام «الإمامة».
مناسك الحج تجسّد في الأذهان دورة كاملة من مشاهد كفاح إبراهيم ومراحل تكامله التوحيدي وعبوديته وتضحياته وإخلاصه.
لو فهم المسلمون ـ لدى أدائهم مناسك الحج ـ روح الحج وأسراره ، وتعمّقوا في جوانبه «الرّمزية» لكان الحج دورة تربوية في حقل معرفة الله والنّبوة والشخصية الإِنسانية.
بعد هذه المقدمة نعود إلى الخلفيّة التاريخية للصّفا والمروة.
إبراهيم (عليه السلام) بلغه الكبر ولم يُرزق ولداً ، فدعى ربّه أن لا يتركه فرداً ، فاستجاب له ، ورزقه من جاريته هاجر ولداً سمّاه «إسماعيل».
لم تستطع «سارة» زوجته الاُولى أن تطيق الحالة الجديدة ، وقد رزق إبراهيم ولداً من غيرها ، فأمر الله إبراهيم أن يهاجر بالطفل والأم إلى مكة حيث الأرض
القاحلة المجدبة آنذاك ، ويسكنهما هناك.
امتثل إبراهيم أمر ربه ، وذهب بهما إلى صحراء مكة وأسكنهما في تلك الأرض ، وهمّ بالرجوع ، فضجّت زوجته بالبكاء ، إذ كيف تستطيع أن تعيش امرأة وحيدة مع طفل رضيع في مثل هذه الأرض؟!
بكاء هاجر ومعه بكاء الطفل الرضيع هزّ إبراهيم من الأعماق ، لكنه لم يزد على أن ناجى ربّه قائلا {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم : 37]
، ثم ودّع زوجه وطفله بحزن وألم عميقين (1).
لم يمض وقت طويل حتى نفذ طعام الأمّ وماؤها ، وجفّ لبنها. بكاء الطفل أضرم في نفس الأم ناراً ، ودفعها لأن تبحث بقلق واضطراب عن الماء. اتجهت أولا إلى جبل «الصفا» فلم تجد للماء أثراً ، لَفت نظرها بريق ماء عند جبل «المروة» فأسرعت إليه فوجدته سراباً ، ثم رأت عند المروة بريقاً لدى الصفا أسرعت إليه فما وجدت شيئاً ، وهكذا جالت سبع مرات بين الصفا والمروة بحثاً عن الماء. وفي النهاية ، وبعد أن أشرف الطفل على الموت ، انفجرت عند رجله فجأة عين زمزم ، فشرب الطفل وأمه ونجيا من الموت المحقق.
الماء ، رمز الحياة ، وانفجار العين جرّ الطيور من الآفاق نحو هذه الأرض ، والقوافل شاهدت حركة الطيور ، فاتجهت هي أيضاً نحو الماء وببركة هذه العائلة تحولت أرض مكة إلى مركز حضاري عظيم.
ويقع جوار الكعبة حجر إسماعيل حيث مدفن تلك المرأة وابنها ، وعلى الحاج أن يضمه إلى البيت في طوافه ، أي يجب على الحجاج أن يطوفوا خارج هذه الحجر وكأنه جزء من الكعبة.
في الصفا والمروة درس في التضحية بكل غال ونفيس ، حتى بالطفل الرضيع ، من أجل المبدأ والعقيدة.
السعي بينهما يعلمنا أن نعيش دائماً أمل النجاح والإنتصار ، حتى في أشدّ لحظات الشدّة ، فهاجر بذلت سعيها وجاءها رزق الله من حيث لا تحتسب.
السعي بين الصفا والمروة يقول لنا : إن هاتين الشعيرتين كانتا يوماً وكراً لصنمين من أصنام العرب ، وأصبحتا اليوم معلمين من معالم التوحيد بفضل جهاد رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، من حق جبل الصفا أن يفخر ويقول : أنا أول منطلق لدعوة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، فحينما كانت مكة تغطّ في ظلمات الشرك وبزغ من عندي فجر الهداية. واعلموا أيّها الساعون بين الصفا والمروة أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) صعد يوماً على هذا الجبل ليدعو النّاس إلى الله ، فلم يجبه أحد ، واليوم فإن الآلاف المؤلفة تجيب الدعوة وتحج بيت الله على النهج المحمّدي الإبراهيمي. وإنه لدرس لكم يعلمكم أن تسيروا على طريق الحقّ دونما يأس ، وإن قلّ الناصر والمجيب.
السعي بين الصفا والمروة يقول لنا : اعرفوا قدر نعمة هذا الدين وهذا المركز التوحيدي ، فثمة أفراد حفظوا الشريعة وشعائرها لنا بدمائهم على مرّ التاريخ.
من أجل إحياء كل تلك الأحاسيس والمشاعر في النفوس ، أمر الله الحجيج أن يسعوا سبع مرات بين الصفا والمروة.
أضف إلى ما تقدم أن السعي يقضي على كبر الإنسان وغروره ، فلا أثر للتبختر والتصنع في السعي ، بل لابدّ من قطع هذه المسافة ذهاباً ومجيئاً مع كافة النّاس ، وبنفس لباس النّاس ، وبهرولة أحياناً!! ولذلك ورد في الروايات أن السعي إيقاظ للمتكبرين (2).
على أية حال ، بعد أن ذكرت الآية أن الصفا والمروة من شعائر الله ، أكدت عدم وجود جناح على من يطوّف بهما في الحج والعمرة ، والطواف بين الصفا والمروة هو السعي بينهما ، لأن الحركة التي يعود فيها الإنسان إلى حيث إبتدأ هي
طواف وإن لم تكن الحركة دائرية.
_____________________
1. القارئ العزيز تأنى قليلا ثم ضع نفس مكان ابراهيم (عليه السلام ) الذي ترك زوجته وابنه الرضيع في صحراء لم يزرع وجافة كما أمر الله تعالى فاذا كنت لا تقدر على ذلك (اللهم صلى على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد .نعم ايها القارئ الكريم ان مفهوم الآية : {اذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } تتجلى في المعنى فقط .
2. أصول الكافي ، ج4 ، ص434 ، (باب السعى بين الصفا والمروة وما يقال فيه ، ح3 و4 و 5) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|