المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مبادئ مهمة في ممارسة العلاقات العامة الدولية
21-7-2022
سعد بن هاشم بن سعيد
25-06-2015
أسرة تحتمس الأول.
2024-03-26
علامة الرشوة
23-4-2020
أنواع التلاعب
31-10-2016
الاعمال المعدنية
2023-03-21


علي بن الحسن القُهِسْتاني  
  
2380   04:49 مساءاً   التاريخ: 29-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج4، ص12-17
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-1-2018 3269
التاريخ: 30-12-2015 3673
التاريخ: 2024-11-14 185
التاريخ: 8-2-2018 3566

أبو بكر العميد، أحد من أشرق بنور الآداب شمسة وتقدم وإن تأخر زمانه بالفضل يومه وأمسه وسما بفضل أدبه كل أفاضل جنسه مشهور في أهل خراسان مذكور معروف بينهم لا يجهل قدره ولا يطمس بدره. وكان قد اتصل في أيام السلطان محمود بن سبكتكين بولده محمد بن محمود في أيام أبيه لما قلده الخوزستان وكان يميل إلى علوم الأوائل ويدمن النظر في الفلسفة فقدح في دينه ومُقت لذلك. وكان كريما جوادا ممدحا ولي الولايات الجليلة. وله أشعار فائقة ورسائل رائقة وكان كثير المزاح راغبا في اللهو والمراح له في ذلك خاطر وقاد وحكايات متداولة. وقد دونت رسائله وشاعت فضائله وكان يدمن المزاح حتى في مجلس نظره وكان يعاتب على ذلك فلا يدعه لغلبة طبعه عليه. وكان قد تولى العرض فجرى يوما بين يديه في مجلس العرض ذكر المعمى فقال قد كان عندي البارحة جماعة ((سمَّاهم)) من أهل الأدب فألقيت عليهم مثالا يصعب استخراج مثله فوقفوا فيه وهو: [البسيط]

 (مليحة القد والأعطاف قد جعلت ... في الحجر طفلا له رأسان في جسد)

 (قد ضيقت منه أنفاس الخناق بلا ... جرم وتضربه ضربا بلا حرد)

 (فتسمع الصوت منه حين تضربه ... كأنه خارج من ماضغ الأسد)

ثم قال: لقد ساءني والله فلان ((لرجل أسماه)) إذ لم يفهم هذا القدر. فقال له غلام أمرد من أولاد الكتاب كان يتعلم في ديوانه: قد عرفت أطال الله بقاء الشيخ العميد هذا المعمّى وهو الطبل. فقال له مبادرا كأنه كان قد أعد له ذلك: عهدي بك تستدخل الأعور فكيف صرت تستخرج الأعمى فخجل الغلام وضحك الحاضرون.

 قال ابن عبد الرحيم: وحدثني أبو الفضل قال بلغني أن القهستاني أنشد مرة بحضرة السلطان محمد بن محمود بيتا من المعمى فلم يعرفه هو ولا ندماؤه وهو: [المنسرح]

 (دقيقة الساق لا عروق لها ... تدوس رزق الورى بهامتها)

 فقال له محمد: ما نفهم هذا ولا نعرف شيئا يشبهه ففسره. قال: هو مغرفة الباقلاني يغرف بها الماء ويهشم برأسها الخبز والثريد وهو رزق الورى فاستبرده وثقل عليه عدم فهمه له وهو لعمري مستبرد حقيقة. قال وحدثني أن هذا الرجل كان يتميز على أهل خراسان بحسن الأخلاق والسخاء وكثرة المعروف والعطاء

 وكان الشعراء يقصدونه دائما لما اشتهر من سماحته وفائض مروءته فأنشده بعض الشعراء قصيدة باردة غير مرضية فغفل عنه وأخر صلته فكتب بيتين في رقعة وسأل الدووي أن يتركها في دواته ففعل وكان البيتان: [الوافر]

 (أبا بكر هجوتك لا لطبعي ... فطبعي عن هجاء الناس ناب)

 (ولكني بلوت الطبع فيه ... فإن السيف يبلى في الكلاب)

 فوقعت بيد العميد بعد أيام فلما وقف عليها استحسنها وسأل الدووي عن الرجل فعرفه إياه فأمر بطلبه فقيل له إنه سافر فأرسل خلفه من استعاده من عدة فراسخ فلما دخل إليه قام له وأكرمه وتلقاه بالإجلال وقال لو كان مديحك كهجائك لقاسمتك نعمتي فأني ما سمعت بأحسن من هذين البيتين. ووصله وأحسن جائزته فاستجرأ الناس عليه وقالوا إنه لا يثيب إلا على الهجاء. قال: وكان أبو بكر القهستاني لهجا بالغلمان شديد الميل إليهم وكان لمحمد بن محمود سبعمائة غلام في خيله فعلق العميد أحدهم وأحبه حبا مفرطا ولم يستجرىء أن يبدي ذلك لما فيه من سوء العاقبة فاتفق أن عاد الغلمان يوما من بعض التصيدات فلقيهم العميد في صحن الدار فسلموا عليه وقرب ذلك الغلام منه وكان قد عرف ميله إليه فقرص فخذه وكان محمد مشرفا عليهم ينظر إلى ذلك فنزل واستدعى الخدم وأمرهم بضربه فضربوه ضربا مسرفا ثم أنفذه إلى العميد وقال له قد وهبناه منك وصفحنا عن ذنبك فلو لم يساعدك هذا الفاجر على ذلك لما أمكنك فعله ولكن لا تعد إلى مثل هذا. فاستحيا العميد وقال هذا أعظم من الضرب والأدب وتأخر عن داره حياء فأنفذ محمد واستدعاه وبسطه حتى زال انقباضه. وكان محمد لا رأي له في الغلمان ولا ميل عنده إليهم وكان لمعرفته بمحبة العميد لهم لا يزال يهب منه واحد بعد واحد وشكا الخدم إلى محمد أن بعض الغلمان الدارية يمكن باقي الغلمان من وطئه ولا يمتنع عليهم من الغشيان فقال أيفعل هذا طبعا أم يستجعل عليه فقالوا بل يستجعل عليه فتقدم بإخراجه وإنفاذه إلى العميد وقال قولوا له هذا بك أشبه لا بنا فخذه مباركا لك فيه. وقال أبو بكر العميد في الميمندي وزير محمود: [مجزوء الكامل]

 (ولقد سئمت من الوزير ... ومن ذويه زائده)

 (وغسلت من معروفهم ... كلتا يدي بواحده)

 (وضربتهم عرض الجدار ... فليس فيهم فائده)

ومن مشهور قوله: [مجزوء الكامل]

 (ومعقرب الأصداغ في ... خديه ورد ينتثر)

 (لاعبته بالكعبتين ... مسامحا حتى قمر)

 (فازداد حسنا وجهه ... لما رأى حسن الظفر)

 (فنعرت نعرة عاشق ... قمر القمر قمر القمر)

 وله الكامل:

 (ومقرطق في صحن غرة وجهه ... متصرف صرف الجمال وتحته)

 (عاقرته أسكرته قبّلته ... جدلته فقّحته سرّحته)

 وله من أبيات كان يغنى بها في حضرة الأمير محمد بن محمود: [مجزوء الكامل]

 (قم يا خليلي فاسقني ... كشعاع خدك من شراب)

 (فلقد يمر العيش منقرضا ... ولا مر السحاب)

 (فانعم بعيشك ما استطعت ... ولا تضع شرخ الشباب)

 (فلكم أضعت من الشباب ... وما استفدت سوى اكتئاب)

قال ابن عبد الرحيم: ثم ورد العميد إلى بغداد في أوائل سني نيف وعشرين وأربعمائة ومدح أمير المؤمنين القادر بالله والأجل عميد الرؤساء أبا طالب بن أيوب كاتبه ثم خرج من بغداد وبلغني الآن في سنة إحدى وثلاثين أنه اتصل بالملوك السلجوقية الغز المتملكين على خراسان وخوارزم والجبل وأنهم عرضوا عليه الخدم الجليلة فاختار منها ما يظن معه سلامة العاقبة والخلاص من التبعة ومن قصيدته في القادر: [الطويل]

 (ولم يرني ذو منة غير خالقي ... وغير أمير المؤمنين ببابه)

 (غنينا بلا دنيا عن الخلق كلهم ... وإن ما الغنى إلا عن الشيء لا به)

 ومما بلغني من شعره: [السريع]

 (رأيت عمارا وليتي لم أره ... حاز لتلك الطلعة المنكره)

 (لا أحمد الله على خلقه ... فلو أراد الحمد ما صوّره)

 وله يهجو ابن كثير العارض: [الطويل]

 (فلسنا نرجّي الخير من إبن واحد ... فكيف نرجّيه من ابن كثير)

 وله فيه: [مجزوء الطويل]

 (وطُول بلا طَول ... وعَرض بلا عِرض )

 وهجاه بأبيات تُصحَّف: [الكامل]

(مالي وهذا العارض بن كثير ... شيخ العميد وما له يشناني)

 (وهو الفؤاد بروحه وأحبه ... ويتيه أين رأيته ورآني)

 (ويغض من قدري ويخمل جاهدا ... ذكري ويخفي في الجَنان جِناني)

 يريد في الخِنان خِناني.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.