أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015
28753
التاريخ: 19-9-2021
3946
التاريخ: 25-12-2015
6547
التاريخ: 5-6-2017
4982
|
شعراء النقائض
هيأ استعار العصبيات في البصرة وخراسان لاشتعال الهجاء طوال هذا العصر، كما هيأ لنمو فن النقائض نموا واسعا، وقد أعدت لهذا النمو أسباب كثيرة، يرجع بعضها الى عوامل اجتماعية وبعضها الى عوامل عقلية. أما العوامل الاجتماعية فمردها الى حاجة المجتمع العربي خاصة في البصرة الى ضرب من الملاهي يقطع به الناس أوقاتهم الطويلة. ودائما حين تنشأ المدن تنشأ معها أوقات فراغ تبعث أهلها على أن يملئوها إما بالدرس والنظر العقلي وإما بلهو يختلفون إليه.
وفعلا نهضت-كما رأينا في غير هذا الموضع-دراسات دينية وعقلية مختلفة، وكان لا بد أن ينشأ بجانبها نوع من أنواع الملاهي يجد فيه الفارغون من العمل تسليتهم، وقد رأينا المدينة ومكة تقبلان على الغناء وتجدان فيه حاجة أهلهما من التسلية واللهو. ولم تتجه قبائل العراق هذا الاتجاه، إذ كانت شديدة الصلة بحياتها البدوية القديمة، وأخذت نيران الهجاء تشتعل فيها اشتعالا شديدا.
حينئذ انبري الهجاءون يملأون أوقات الناس هناك بأهاجيهم، وسرعان ما تحولوا بها الى نقائض مثيرة، فشاعر قبيلة من القبائل ينظم قصيدة من القصائد في الفخر بقبيلته وأمجادها ويتعرض لخصومها من القبائل الأخري فينبري له شاعر
242
من شعراء تلك القبائل يرد عليه بقصيدة على وزن قصيدته ورويها، وكأنه يريد أن يظهر تفوقه عليه من ناحية المعاني ومن ناحية الفن نفسه، ويتجمع الناس من حواليهما يصفقون ويهتفون ويصيحون (1). وبذلك تحولت النقائض من غاية الهجاء الخالص الى غاية جديدة هي سد حاجة الجماعة الحديثة في البصرة الى ضرب من ضروب الملاهي.
وتدخلت في صنع النقائض بجانب هذه العوامل الاجتماعية عوامل عقلية مردها الى نمو العقل العربي ومرانه الواسع على الحوار والجدل والمناظرة في النحل السياسية والعقيدية وفي الفقه وشئون التشريع. وعلي ضوء من ذلك كله أخذ شعراء النقائض يتناظرون في حقائق القبائل ومفاخرها ومثالبها، وكل منهم يدرس موضوعه دراسة دقيقة ويبحث في أدلته ليوثقها وفي أدلة خصمه لينقضها دليلا دليلا، وكأننا أصبحنا بإزاء مناظرات شعرية، وهي مناظرات كانت تتخذ سوق المربد مسرحا لها، فالشعراء يذهبون هناك، ويذهب إليهم الناس ويتحلقون من حولهم، ليروا من تكون له الغلبة على زميله أو زملائه.
وأهم من وقفوا حياتهم على تنمية تلك النقائض القبلية مستلهمين فيها ظروف العصر وأحداثه السياسية جرير والفرزدق التميميان (2). وكان أولهما من عشيرة كليب اليربوعية، والثاني من عشيرة مجاشع الدارمية، وقد ظلا يتناظران نحو خمسة وأربعين عاما في عشيرتيهما من جهة وفي قيس وتميم من جهة ثانية، فإن ظروفا كثيرة جعلت جريرا يقف في صفوف قيس محاميا عنها ضد خصومها، وذلك أن عشيرته اليربوعية أسرعت بالبيعة لابن الزبير، فاتفق هوي عشيرته مع هوي قيس، وتصادف أن كان قد قتل مجاشعي الزبير بن العوام حين لجأ بعد موقعة الجمل الى مجاشع، وأيضا تصادف أن لجأت النوار زوج الفرزدق حين غاضبته الى ابن الزبير، فأعانها عليه، مما جعل الفرزدق يهجوه (3).
243
ونحن لا نصل الى حكم القباع والي ابن الزبير على البصرة سنة 66 حتي نجد الشاعرين التميميين ملتحمين في تلك المناظرة، يدل على ذلك أننا نجدهما في نقيضتين لهما يعلنان نكيرهما على هذا الوالي، إذ أمر بهدم بيتهما لما يثيران من ضغائن بين القبائل (4). ويقول الرواة إن سبب التحامهما أن شاعرا من عشيرة سليط اليربوعية يسمي غسانا هجا جريرا فسقط عليه بهجاء مرير، فاستغاث منه بالبعيث (5) المجاشعي، فأغاثه بمثل قوله في جرير وعشيرته:
أترجو كليب أن يجئ حديثها … بخير وقد أعيا كليبا قديمها
فانصب جرير عليه وعلي مجاشع شواظ نار، وأفحش بنسائهم إفحاشا شديدا جعلهن يستغثن منه بالفرزدق. وكان معروفا بإقذاعه في الهجاء، وقصته مع زياد بن أبيه وهربه منه لهجائه بني فقيم التميميين معروفة، ووجدنه عاكفا على حفظ القرآن الكريم، يريد أن يبدأ سيرة جديدة، فما زلن به يستثرنه قائلات إن جريرا هتك عورات نسائك، وظللن يوردن عليه ذلك حتي أحفظنه، فهجا جريرا، واستطار الهجاء بينهما وامتدا به لا الى عشيرتيهما فحسب، بل أيضا الى قيس وتغلب وتميم.
وبذلك تكاملت حلقات هذه المناظرة العنيفة بين الشاعرين. وكان كثير من الشعراء ينزلق فيها متحيزا للفرزدق على جرير، فكان يشوي وجوههم ووجوه عشائرهم بنيران هجائه، فينسحبون منهزمين على شاكلة الراعي (6)، وكان من سوء حظه أن فضل الفرزدق على جرير بقوله:
يا صاحبي دنا الرواح فسيرا … غلب الفرزدق في الهجاء جريرا
وهجاه بقصيدة بائية، فنظم جرير قصيدة هجاه بها كما هجا الفرزدق، ويقول الرواة إنه ما زال يعدها «حتي عرف أن الناس قد جلسوا مجالسهم
244
بالمربد، وكان له مجلس، وللفرزدق مجلس، فدعا بدهن (طيب) فادهن وكف (7) رأسه، وكان حسن الشعر، ثم قال: يا غلام أسرج لي، فأسرج له حصانا، ثم قصد مجلس الفرزدق والراعي، فتوجه للراعي يقول له: أبعثك نسوتك تكسبهن المال بالعراق، أما والذي نفس جرير بيده لترجعن إليهن بميسر (8) يسوءهن ولا يسرهن (9)، ثم اندفع فأنشد قصيدته، وفيها يقول للراعي بيته المشهور:
فغض الطرف إنك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا
ولم يلبث الراعي أن انصرف من مجلس الفرزدق يعلوه الخزي والصغار، واتجه توا الى منازل قبيلته نمير في نجد، وهو يردد: فضحنا والله جرير، وهم يقولون: هذا شؤمك.
وإنما أطلنا في هذا الخبر لنعطي صورة عن شاعر النقائض في المربد، وكيف كان بحتفل بثيابه وزينته، وكيف كان له مجلس يتحلق فيه الناس من حوله ليستمعوا الى شعره بين الصياح والتهليل، وأيضا لندل على قدرة جرير في الهجاء وكيف كان يفضح من يتعرضون له فضيحة الأبد. ويقال إنه أسقط في الهجاء ثلاثة وأربعين شاعرا، ويقال بل ثمانين ونيفا، كانت أقواسهم أضعف من أن ترميه بمثل سهامه المصمية، وممن ثبت له قليلا ثم اندحر عمر بن لجأ التيمي (10)، وله يقول:
أتوعدنا ونمنع ما أردنا … ونأخذ من ورائك ما نريد
ويقضي الأمر حين تغيب تيم … ولا يستأذنون وهم شهود
لئام العالمين كرام تيم … وسيدهم-وإن رغموا-مسود
245
وقد جعله دفاعه عن قيس يصطدم بالأخطل شاعر تغلب، وسنعرض لذلك عما قليل. وفي الحق أن الفرزدق أهم شاعر اشتبك معه، إذ كان على شاكلته يعرف كيف يبري نبال الهجاء المصمية، وقد تبادل معه نقائض كثيرة، وظلا سنين طويلة يتحاوران ويتجادلان وكل منهما يغترف من نبع لا ينضب في نفسه.
ومن يرجع الى شرح أبي عبيدة لنقائضهما يجده يستعين على شرحه لها بأيام العرب، ذلك لأن الشاعرين لم يتركا يوما للقبائل التي يتحدثان عنها دون أن يذكراه. فجرير يتحدث عن أيام يربوع وقيس، والفرزدق يتحدث عن أيام مجاشع وتميم، وقد يضيف الى ذلك حديثا عن أيام تغلب انتصارا للأخطل. وهما لا يتحدثان عن أيام الجاهلية فحسب، بل يتحدثان أيضا عن أيام الإسلام، وخاصة ما كان بين تميم وقيس في خراسان، إذ دفعت تميما الحوادث هناك لكي تنكل بعبد الله بن خازم السلمي والي ابن الزبير حين ثار على عبد الملك بعد قتل مصعب، كما نكلت بعد ذلك بقتيبة بن مسلم الباهلي حين ثار على سليمان ابن عبد الملك.
ومعني ذلك أن جريرا والفرزدق درسا دراسة عميقة تاريخ القبائل العربية في الجاهلية والإسلام واستلهما هذا التاريخ في نقائضهما، بحيث تعد وثائق تاريخية طريفة. وكان ذلك من غير شك يصعب عمل النقيضة، لأنها لم تكن هجاء فحسب، بل كانت أيضا دراسة، ولم يكن الشاعر يدرس تاريخ القبائل التي كان يحامي عنها فحسب، بل كان يدرس أيضا تاريخ القبائل التي يهجوها ليقف على الأيام التي انهزمت فيها، حتي ينشر مخازيها في الناس.
وواضح أن أساس الهجاء في النقائض كان يقوم على العصبيات القبلية، وقد مر بنا في غير هذا الموضع أن هذه العصبيات اختلطت في العصر الأموي بالسياسة، وهيأ ذلك النقيضة لأن تخوض في مديح الخلفاء والولاة، بحيث أصبحت لا تحتوي فخرا وهجاء فحسب، بل تحتوي كذلك مديحا، كما تحتوي نسيبا وغزلا. والشاعر في كل هذه الموضوعات يستلهم الإسلام في معانيه، كما يستلهم قدرة العقل العربي الجديدة على الجدال ونقض الدليل بالدليل، وقدرته أيضا على التوليد في المعاني. وبذلك كله أصبحت النقيضة
246
عند الفرزدق وجرير عملا فنيا معقدا. ولعل من الخير أن نقف عند نقيضتين للشاعرين نري فيهما جملة ما كانا يعرضان له من المعاني، ونحن نختار للفرزدق نقيضته:
تحن بزوراء المدينة ناقتي … حنين عجول تبتغي البو رائم (11)
وهو في غزلها يستشعر الإسلام خائفا وجلا من يوم الحساب. ونراه يعتذر مما قد بدر منه من أشعار تصوره فاسقا، ويدعوها لغوا من القول، وإنه ليقول:
ولست بمأخوذ بلغو تقوله … إذا لم تعمد عاقدات العزائم
وهو يشير بذلك الى قوله تعالي: {{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}} ويمضي فيمدح سليمان بن عبد الملك بمثل قوله:
جعلت لأهل الأرض نورا ورحمة … وعدلا وغيث المغبرات القواتم (12)
وكان الحجاج لج في البيعة لعبد العزيز بن الوليد من دون سليمان، وتوفي قبل خلافته، فنكل بمن لجوا معه من ولاته على المشرق. ونري الفرزدق يهجو الحجاج هجاء مرا صوره فيه طاغيا باغيا، لقي جزاء بغيه وطغيانه من ربه، فأصابه بما أصاب به ابن نوح حين ارتقي الى جبل فغرق مع الغارقين وما أصاب به أصحاب الفيل إذ ترميهم طير أبابيل. ولم يزل به حتي جعله من أهل النار.
وممن يتلقون كتابهم بالشمال. وخرج الفرزدق من ذلك الى قتيبة بن مسلم الباهلي وثورته على سليمان بخراسان، وافتخر بأن تميما بزعامة وكيع بن أبي سود هي التي قضت عليه، ومضي يكيل لقيس وشاعرها جرير هجاء مريرا، متعرضا لثورة ابن خازم وقضاء تميم عليه ولأيام تغلب على قيس في الجزيرة. ويتجسم له جرير كأنه قيس نفسها فيقول:
247
وألقيت من كفيك حبل جماعة … وطاعة مهدي شديد النقائم (13)
ويسمي أصحاب قتيبة مشركين، يضربون فيهم بسيف سليمان الذي ضرب الله به مشركي قريش في يوم بدر. ويعير جريرا بما يأخذ من هدايا قيس، ويعتذر عن حادث نبو السيف في يده مما سنعرض له عما قليل. ويفتخر على صاحبه فخرا عارما بتميم وأيامها في الجاهلية وأمجادها العريقة في الحروب، ويهجو عشيرته برعيها الحمير، ومن ثم يسميه ابن المراغة (الأتان) فهم ليسوا فرسانا ولا أهل خيل وحروب، ويقول:
فيا عجبا حتي كليب تسبني … وكانت كليب مدرجا للشتائم
ودائما يصف كليب باللؤم والدناءة، ويفحش في النيل من نسائها ومن أم جرير خاصة، ولا يترك مذمة إلا ويلفح بها جريرا وعشيرته، وفيها يقول من نقيضة أخري:
ولو ترمي بلؤم بني كليب … نجوم الليل ما وضحت لسار
ولو يرمي بلؤمهم نهار … لدنس لؤمهم وضح النهار
وما يغدو عزيز بني كليب … ليطلب حاجة إلا بجار
ووقف جرير في الصف المقابل يرد عليه نقيضته التي لخصناها آنفا، فمضي بعد غزلها يتحدث عن الفرزدق وفسقه الذي اشتهر به، يقول:
لقد ولدت أم الفرزدق فاجرا … وجاءت بوزواز قصير القوائم (14)
وما كان جار للفرزدق مسلم … ليأمن قردا ليله غير نائم
أتيت حدود الله مذ أنت يافع … وشبت فما ينهاك شيب اللهازم (15)
تتبع في الماخور كل مريبة … ولست بأهل المحصنات الكرائم (16)
248
ومضي يصمه بأخته جعشن، وكانت سيدة طاهرة، ولكنه الهجاء، كما وصمه بأنه قين ابن قين، فهو ليس شريف الأصل كما يزعم. وكان لجده قيون، فرمي جدته بهم، كي يغيظه ويحفظه. ودائما يردد له جرير ذلك كما يردد قذفه في أخته، وأيضا فإنه كان يردد كما في هذه النقيضة أن مجاشعا لم تحفظ للزبير حق جواره، ولو أنه كان جارا لقيس أو ليربوع لحفظا له جواره، كل ذلك ليضرب من حواليه نطاقا من الذل. وكان الذي قتل قتيبة بن مسلم الباهلي وكيع بن أبي سود اليربوعي، فهو ليس مجاشعيا؛ إنما هو من قوم جرير، ومن ثم يقول له:
فغيرك أدي للخليفة عهده … وغيرك جلي عن وجوه الأهاتم (17)
فإن وكيعا حين خارت مجاشع … كفي شعب صدع الفتنة المتفاقم
لقد كنت فيها يا فرزدق تابعا … وريش الذنابي تابع للقوادم (18)
وبذلك استل منه الفخر بحادثة وكيع، وجعلها لقومه اليربوعيين، لا لمجاشع وشاعرها الفرزدق. وأخذ يفخر بباهلة قبيلة قتيبة القيسية وأيامها في الجاهلية، وعمم الفخر بقيس وأيامها ضد تغلب في الجزيرة، وعير تغلب بمسيحيتها وما تدفع من خراج لخليفة المسلمين، وكان عمر قبل منها أن تدفع صدقة كالعرب لا جزية، ولكن جريرا يأبي إلا أن يسمي ما تدفعه جزية، ثلبا وتعييرا. ويعود الى أيام قيس في الجاهلية، يعددها، ويعدد مالها من انتصارات على تميم وخاصة على دارم.
وتصادف أن كان جرير والفرزدق يصحبان سليمان بن عبد الملك في أثناء حجة له. وجاءوه بأسري من الروم، فأمر بحز حلاقمهم، وأعطي لبعض من صحبوه أسياف يضربون بها رءوس هؤلاء الروم، وعرف بعض القيسيين أن سيطلب الى الفرزدق أن يضرب أحدهم، فدسوا له سيفا كليلا لا يقطع، فلما ضرب به لم يصنع شيئا في الرومي. وانتهزها جرير، فكان يكرر له هذا
249
الحادث ليضحك أهل المربد عليه، بما يصور من خوره وجبنه، ومن ثم يقول له الفرزدق في نقيضته السالفة:
فهل ضربة الرومي جاعلة لكم … أبا عن كليب أو أبا مثل دارم
ونري جريرا يرد عليه بمثل قوله:
بسيف أبي رغوان سيف مجاشع … ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم (19)
ضربت به عند الإمام فأرعشت … يداك وقالوا محدث غير صارم
ضربت به عرقوب ناب بصوأر … ولا تضربون البيض تحت الغماغم (20)
عنيف بهز السيف قين مجاشع … رفيق بأخرات الفئوس الكرازم (21)
وكان الفرزدق كثير الافتخار بيوم صوءر، وهو يوم نحر فيه أبوه غالب للناس مائة بعير وقيل أربعمائة، فجلل له جرير هذه المكرمة بعار الجبن، فأبوه وهو إنما يضربان، بمثل هذا السيف الذي نبا في يده، عراقيب الإبل لا صدور الفرسان. ويقول له إنك قين لا تحسن الضرب بالسيف، بل تفزع وتهلع حين تمسك به، إنما تحسن الإمساك بالفئوس فهي صناعتك.
وواضح أن جريرا لم يقف بنبو السيف في يد الفرزدق ووصفه بأنه قين ابن قين عند حد الثلب، بل لقد تحول بهما الى عنصرين من عناصر الإضحاك على الفرزدق. واستخرج من الوصف الأخير أبياتا مضحكة كثيرة تدل أبلغ الدلالة على ما أصاب العقل العربي عند جرير من قدرة على التوليد في المعاني، كما نري في مثل قوله:
إذا آباؤنا وأبوك عدوا … أبان المقرفات من العراب (22)
فأورثك العلاة وأورثونا … رباط الخيل أفنية القباب (23)
250
وقوله:
هو القين وابن القين لا قين مثله … لفطح المساحي أو لجدل الأداهم (24)
وقوله:
ورقع لجدك أكياره … وأصلح متاعك لا تفسد
وأدن العلاة وأدن القدوم … ووسع لكيرك في المقعد
وكان جرير يعرف كيف يستخرج من كل شئ هذا العنصر من عناصر الإضحاك، وقد غاظه من الفرزدق انضمامه الى الأخطل النصراني ضده، فأخذ يضحك عليه سامعيه في المربد بمثل قوله:
وإنك لو تعطي الفرزدق درهما … على دين نصرانية لتنصرا
وقوله:
يحبك يوم عيدهم النصاري … ويوم السبت شيعتك اليهود
ولعل في هذا ما يدل أكبر الدلالة على أن النقائض عند الشاعرين الكبيرين:
جرير والفرزدق إنما كان يقصد بها قبل كل شئ الى تسلية الجماعة العاطلة التي تكونت في المدينتين الكبيرتين: البصرة والكوفة. وقد بدأت بأسباب قبلية، ولكنها تطورت الى مناظرة يراد بها ملء أوقات العاطلين، وهي مناظرة كانت تقاطع بالتهليل والتصفيق. ومن ثم لم تأخذ شكلا جادا من أشكال الهجاء المعروفة عند العرب. ولو أنها أخذت شكلا من هذه الأشكال لشهرت معها السيوف، وخاصة حين يأخذ جرير والفرزدق في قذف نساء العشائر والأمهات والأخوات.
إنها لم تعد هجاء بالمعني القديم، بل أصبحت فنا يقصد به الى إمتاع الناس في البصرة وقطع أوقات فراغهم. ولذلك كان الخلفاء والولاة يستقدمون شاعريها المبرزين، ليتناشدا أمامهم ابتغاء اللهو والتسلية (25). وكل الأخبار تؤكد أن جريرا والفرزدق كانا متصافيين متوادين لا متخاصمين متباغضين، فهما يجتمعان
251
عند الخلفاء والولاة، وهما يرحلان الى دمشق سويا، وإذا نزلت بأحدهما شدة أو حزبه أمر وقف الآخر معه يمد له يد العون، فإذا طلب جرير لحرب الأزارقة تشفع له الفرزدق (26)، وإذا هجا الفرزدق خالدا القسري وحبسه تشفع له جرير عنده (27)، وما يزال به يستعطفه ويسترحمه، لعله يلين له قلبه ويطلقه (28). ونراه حين يلبي القدر قبله يرثيه رثاء حارا بمثل قوله:
ولا حملت بعد الفرزدق حرة … ولا ذات حمل من نفاس تعلت (29)
هو الوافد المحبو والراتق الثأي … إذا النعل يوما بالعشيرة زلت (30)
فلم تكن المسألة مسألة هجاء حاد إنما كانت مسألة مناظرة فنية بالشعر في عصبيات القبائل والعشائر، على نحو ما كان يتناظر في عصرنا أصحاب الصحافة الحزبية في آرائهم السياسية مدافعين مهاجمين، وتظل لهم في أثناء ذلك صداقتهم.
وواضح مما قدمنا أن نقائض جرير والفرزدق نشأت تلبية لحاجة أهل البصرة الى ما يسد فراغهم ويشغل أوقاتهم، ولم يلبث الشاعران أن حققا لهم كل ما كانوا يبغون من ذلك، إذ تحولا بفن الهجاء القديم الى هذه النقائض الجديدة التي استضاءا فيها بقدرة العقل العربي الحديثة على الجدال والتوليد في المعاني. وارجع الى أي فكرة عندهما كفكرة أن الفرزدق قين أو فكرة ذل بني كليب فستري كلا منهما يعرض الفكرة التي يقف عندها في صور كثيرة، إذ ما يزال يولد فيها، وما يزال يستنبط ويفرع ويشعب، وكأنما يريد أن لا يبقي فيها بقية. وانظر في أي نقيضة يرد بها أحدهما على خصمه، فستراه يقف بإزاء كل بيت قاله صاحبه ويرد عليه صنع المتناطرين من أهل اللدد والخصومة في المسائل العقيدية، فهو يحاول جاهدا أن يبطل كل فكرة اعتمد عليها صاحبه في هجائه وأن ينقضها نقضا. ومن ثم كنا نري أن نقائض جرير والفرزدق فن جديد، وهي ككل فن يتصف بهذه الصفة، سبقتها مقدمات في العصور
252
السالفة، ولكنها استوت عند الشاعرين في صورة جديدة، وهي صورة معقدة، إذ اعتمدت على دراسة التاريخ القديم والحديث للقبائل ودراسة مفاخرها ومثالبها.
كما اعتمدت على استيحاء روح الإسلام وما شاع في العصر من قدرة على الجدال والحوار، وأخذت تظهر فيها ظاهرة لم تكن شائعة في الهجاء القديم، وهي ظاهرة التندير على المهجو وقبيلته، حتي تضحك المستمعين في المربد، وحتي تمدهم بما يريدون من التسلية ومن التهليل والصياح والصفير والتصفيق.
ومن ثم لم يترك كل من الشاعرين شيئا يثير الضحك في خصمه إلا أثاره، كأن يقول الفرزدق في جرير:
يهدي الوعيد ولا يحوط حريمه … كالكلب ينبح من وراء الدار
أو يقول في كليب عشيرته:
يستيقظون الى نهاق حمارهم … وتنام أعينهم عن الأوتار (31)
أو يقول:
أتعدل أحسابا لئاما أدقة … بأحسابنا إني الى الله راجع
وكان جرير يلقاه بمثل قوله:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع
وقوله:
خذوا كحلا ومجمرة وعطرا … فلستم يا فرزدق بالرجال
وهو يتفوق على الفرزدق في هذا الجانب تفوقا واضحا، ومن ثم كان هجاؤه أكثر مرارة وأشد نكاية.
وساقت الظروف الأخطل شاعر تغلب ليصطدم بجرير شاعر قيس ومحاميها المناضل عنها. وكان الأخطل-كما قدمنا-يهاجي قيسا في الحروب التي
253
نشبت بينها وبين قبيلته منذ موقعة مرج راهط سنة 65 وكان شعراؤها يردون عليه، فيفجمهم بأهاجيه المقذعة.
وشاءت المقادير أن يلم بالعراق في ولاية بشر بن مروان، فاصطدم هناك بجرير، ويقول الرواة إنه أحفظه إذ فضل الفرزدق عليه (32) وطبيعي أن يفضل الأخطل
الفرزدق وينحاز له ضد شاعر قيس بل يجلب عليه، فلم يكن منشأ التفضيل الحكم الفتي من حيث هو، إنما كان منشؤه الخصومة العنيفة بين تغلب وقيس. وسرعان ما استطار الهجاء بين الشاعرين. وإذا هما يخلفان طائفة كبيرة من النقائض، جمعها أبو تمام (33). وقد ظلا ينظمانها منذ سنة 73 الى أن توفي الأخطل حوالي سنة 92. وهو يعد مع جرير والفرزدق فحول الشعر في هذا العصر. يقول الجاحظ: «والذين هجوا فوضعوا من قدر من هجوه، ومدحوا فرفعوا من قدر من مدحوا، وهجاهم قوم فردوا عليهم، فأفحموهم، وسكت عنهم بعض من هجاهم مخافة التعرض لهم، وسكتوا عن بعض من هجاهم رغبة بأنفسهم عن الرد عليهم، وهم إسلاميون، جرير والفرزدق والأخطل» (34)
وجميع الظواهر التي لاحظناها في نقائض جرير والفرزدق نجدها مجسمة في نقائض جرير والأخطل، فهما جميعا يعنيان بتاريخ القبائل في الجاهلية والإسلام، وهما يخلطان العصبيات بالسياسة. وقد ساقت الظروف تغلب لتقف في صفوف بني أمية ضد قيس، على نحو ما مر بنا في غير هذا الموضع، كما ساقت الأخطل التغلبي ليكون شاعر بني أمية منذ عصر معاوية ولسانهم الناطق في الجزيرة والعراق. وربما كانت قصيدة «خف القطين» للأخطل أروع نقائضه مع جرير، ونراه يستهلها بالنسيب ووصف حزنه لفراق أحبته، وهو يتبعهم طرفه مولها، حتي ليشبه نفسه بالسكران المنتشي، ويصف الخمر وصفا قصيرا، وهو موضوع لم يكن جرير ولا الفرزدق يلمان به، لتحريم الإسلام للخمر، وكان الأخطل نصرانيا، فانفرد بهذا الموضوع في شعره.
254
على أنه لم يطنب فيه هنا، فقد تركه الى وصف ظعن الحبيبة، مستلهما زهيرا في هذا الوصف ومضيفا إليه تصويرا لأخلاق النساء، وإقبالهن على الشباب وانصرافهن عن الشيوخ. وخرج من ذلك الى مديح عبد الملك، فمدحه من حيث هو خليفة، منوها بجوده، ومشبها له في هذا الجود بالفرات، وهي صورة يتأثر فيها تأثرا واضحا بصورة النابغة للنعمان بن المنذر في معلقته. ويمضي فيفصل الحديث عن حربه لمصعب بن الزبير ومهارته في قيادة الجيوش والظفر بخصومه.
ويمدح أسرته الأموية منوها بشرفها العريق وأنفتها وحمايتها عن الحقوق وبأسها وقوة مراسها وحلمها وصلابتها. ويشيد بوقوفه في صفوف بني أمية ونضاله أعداءهم، كما يشيد بنصر قبيلته لهم، ويحمل على زفر بن الحارث زعيم قيس، وكان قد دخل في طاعة عبد الملك، وكأنه يبغي أن يحفظه عليه وعلي قبيلته، يقول:
بني أمية الى ناصح لكم … فلا يبيتن فيكم آمنا زفر
ويستطرد الى انتصارات تغلب على قيس في حروبهما بالجزيرة، ويزعم أنه لولا هذه الانتصارات ما دخلت قيس في طاعة بني أمية! وقد مر بنا أنها نكلت بتغلب بعد موقعة الحشاك التي قتل فيها فارسها عمير بن الحباب وأن زفر بايع عبد الملك قبل قدومه بجيوشه لحرب مصعب، لا قهرا من تغلب، ولكن بعد نظر. ومضي الأخطل يهجو قيسا حتي إذا بلغ من ذلك كل ما يريد انتقل الى جرير وعشيرته كليب، فأقذع في هجائها إقذاعا شديدا بمثل قوله:
أما كليب بن يربوع فليس لهم … عند التفارط إيراد ولا صدر (35)
مخلفون ويقضي الناس أمرهم … وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا (36)
ملطمون بأعقار الحياض فما … ينفك من دارمي فيهم أثر (37)
قوم أنابت إليهم كل مخزية … وكل فاحشة سبت بها مضر (38)
علي العيارات هداجون قد بلغت … نجران أو حدثت سوءاتهم هجر (39)
255
ويأخذ في هجاء جرير هجاء عنيفا يقذع فيه إقذاعا شديدا. وعلي هذه الشاكلة لا يزال الأخطل في نقائضه لجرير يذم عشيرته. راميا لها بكل ما يستطيع من نبال الذل والخسة والدناءة، وهو يتحدث فيها عن مواقع تغلب مع قيس في الإسلام وما حققت من بعض الانتصارات، وكثيرا ما يضم الى ذلك فخرا بأيامها في الجاهلية، كما يضم انتصارا للفرزدق وعشيرته دارم، حتي يبلغ من جرير كل ما يريد من هجاء مرير.
وكان جرير ينقض عليه كالصقر الجارح، فيضع تحت عينه مخازي تغلب وهزائمها في حروبها مع قيس سواء في يوم ماكسين الذي نكل بها فيه عمير بن الحباب أو في يوم الكحيل الذي نكل بها فيه زفر بن الحارث أو في يوم البشر الذي نكل بها فيه الجحاف السلمي، ضاما الى ذلك انتصارات قبيلته: يربوع في الجاهلية وملججا في هزائم تغلب قبل الإسلام، مفتخرا عليه افتخارا عنيفا بمثل قوله يرد عليه نقيضته السالفة:
نحن اجتبينا حياض المجد مترعة … من حومة لم يخالط صفوها كدر (40)
لم يخز أول يربوع فوارسهم … ولا يقال لهم كلا إذا افتخروا
هل تعرفون بذي بهدي فوارسنا … يوم الهذيل بأيدي القوم مقتسر (41)
خابت بنو تغلب إذ ضل فارطهم … حوض المكارم إن المجد مبتدر (42)
الظاعنون على العمياء إن ظعنوا … والسائلون بظهر الغيب ما الخبر (43)
الآكلون خبيث الزاد وحدهم … والنازلون إذا واراهم الخمر (44)
إني رأيتكم والحق مغضبة … تخزون أن يذكر الجحاف أوزفر
كانت وقائع قلنا لن تري أبدا … من تغلب بعدها عين ولا أثر
حتي سمعت بخنزير ضغا جزعا … منهم فقلت أري الأموات قد نشروا (45)
256
وواضح أنه يرد على معانيه معني معني، وقد لقبه في البيت الأخير بأنه خنزير إشارة الى أنه نصراني، وكان يسقط عليه من هذا الجانب دائما، وهو يمضي في نفس هذه النقيضة، فيقول.
رجس يكون إذا صلوا، أذانهم … قرع النواقيس لا يدرون ما السور (46)
وما لتغلب إن عدت مساعيها … نجم يضيئ ولا شمس ولا قمر
الضاحكين الى الخنزير شهوته … يا قبحت تلك أفواها إذا كشروا (47)
والمقرعين على الخنزير ميسرهم … بئس الجزور وبئس القوم إذ يسروا (48)
جاء الرسول بدين الحق فانتكثوا … وهل يضير رسول الله أن كفروا
وكان الأخطل إذا سمعه يقول ذلك وشبهه انجحر، ولم يستطع له جوابا، ومن ثم كان جرير يقول إنني أعنت عليه بكفره. وأعين عليه أيضا بمهارته في التندير على خصمه، ومما يجمع الجانبين جميعا قوله في نقيضة ثانية:
قبح الإله وجوه تغلب كلما … شبح الحجيج وكبروا إهلالا (49)
عبدوا الصليب وكذبوا بمحمد … وبجبرئيل وكذبوا ميكالا
المعرسين إذا انتشوا ببناتهم … والدائبين إجارة وسؤالا (50)
والتغلبي إذا تنبح للقري … حك استه وتمثل الأمثالا (51)
ولو ان تغلب جمعت أحسابها … يوم التفاضل لم تزن مثقالا
نبئت تغلب ينكحون رخالهم … وتري نساؤهم الحرام حلالا (52)
لا تطلبن خؤولة في تغلب … فالزنج أكرم منهم أخوالا
257
ويقول في نقيضة ثالثة:
إن الذي حرم المكارم تغلبا … جعل الخلافة والنبوة فينا
مضر أبي وأبو الملوك فهل لكم … يا خزر تغلب من أب كأبينا (53)
هذا ابن عمي في دمشق خليفة … لو شئت ساقكم الى قطينا (54)
وما زالا يتهاجيان حتي حضر الأخطل الموت، فقيل له ألا توصي؟ فقال توا:
أوصي الفرزدق عند الممات … بأم جرير عيارها (55)
ولم يكد يسمع بذلك جرير، حتي نظم فيه هجاء عنيفا من وزن هذا البيت وقافيته يقول فيه:
وزار القبور أبو مالك … فأصبح ألأم زوارها (56)
والحق أن جريرا كان يتفوق على خصميه جميعا في الهجاء، وقد شهد له الأخطل بذلك، إذ قال للفرزدق فيما يروي الرواة: «إن جريرا أوتي من سير الشعر ما لم نؤته، قلت أنا بيتا ما أعلم أن أحدا قال أهجي منه، قلت:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم … قالوا لأمهم بولي على النار
فلم يروه إلا حكماء أهل الشعر، وقال هو:
والتغلبي إذا تنبح للقري … حك استه وتمثل الأمثالا
فلم تبق سقاة ولا أمثالها إلا رووه (57)». ولعل من الخير أن نلم بحياة هؤلاء الشعراء الثلاثة وأشعارهم، إذ عدهم الرواة والنقاد فحول هذا العصر ومبرزيه في الهجاء والمديح جميعا.
258
_________
(1) أغاني (دار الكتب) 10/ 152 وطبعة ساسي 19/ 103.
(2) شرح أبو عبيدة نقائض الشاعرين، وحقق الشرح ونشره بيقن سنة 1905 في ثلاثة أجزاء ضخمة. ونشر الشرح نشرة ناقصة بتحقيق الصاوي سنة 1935.
(3) أغاني (دار الكتب) 9/ 324 وما بعدها
(4) شرح النقائض لأبي عبيدة (طبعة بيقن) ص 607، 683 وانظر أنساب الأشراف للبلاذري 5/ 278.
(5) انظر في ترجمة البعيث ابن سلام ص 326 وما بعدها وفي مواضع متفرقة والشعر والشعراء 1/ 472 والاشتقاق ص 241 وابن عساكر 5/ 122 ومعجم الأدباء 11/ 52.
(6) انظر في ترجمة الراعي ابن سلام ص 372، 434 وفي مواضع متفرقة والشعر والشعراء 1/ 377 وأغاني (ساسي) 20/ 168 وفي ترجمة جرير، وفي الخزانة 1/ 502 والموشح ص 157
(7) كف رأسه: جمع شعره وضم أطرافه.
(8) المير: جلب الطعام للأهل والعشيرة.
(9) انظر في هذا الخبر أغاني (دار الكتب) 8/ 29.
(10) انظر في ترجمة عمر بن لجأ ابن سلام ص 363 وما بعدها وص 499 وما بعدها وفي مواضع متفرقة والشعر والشعراء 2/ 662 والاشتقاق ص 185 والخزانة 1/ 359 وفهرس الجزء الثامن من الأغاني والموشح ص 127 وما بعدها.
(11) البو: جلد ولد الناقة يحشي، ويعرض على أمه فترأمه أي تحن إليه ظنا منها أنه ولدها حقيقة.
(12) المغبرات القواتم: السنوات المجدبة.
(13) المهدي هنا سليمان بن عبد الملك، لقبه بالمهدي كما يلقب الشيعة أئمتهم.
(14) الوزواز: الخفيف، كناية عن قصره.
(15) اللهازم: أصول اللحية.
(16) المحصنات: العفيفات.
(17) الأهاتم: من أشراف تميم
(18) القوادم: الريشات الطويلة في مقدمة جناح الطائر، والذنابي ما خلفها من ريشات قصيرة.
(19) ابن ظالم: هو الحارث بن ظالم المري أحد فرسان قيس في الجاهلية.
(20) الناب: الناقة المسنة. البيض: خوذ المحاربين. الغماغم: أصوات الجيوش، جمع غمغمة.
(21) أخرات: جمع خرت وهو الثقب في أعلي الفأس. الكرازم: الفئوس ضخمة الرءوس.
(22) المقرفات: الهجينات التي لا يخلص نسبها. العراب: الأصيلات في العروبة.
(23) العلاة: سندان الحداد.
(24) فطح المساحي: تسويتها وتعريضها الجدل أيضا: التسوية. الأداهم: جمع أدهم، وهو القيد.
(25) أغاني (طبع دار الكتب) 8/ 37، 76.
(26) أغاني (ساسي) 19/ 28.
(27) أغاني 19/ 42.
(28) الديوان ص 178.
(29) تعلت: تطهرت.
(30) الثأي: الفساد والضعف. زلت: عثرت.
(31) الأوتار: جمع وتر وهو الثأر.
(32) ابن سلام ص 387، 408 وأغاني 8/ 315 ونقائض جرير والفرزدق ص 871.
(33) نشر صالحاني هذه النقائض في بيروت سنة 1022 عن مخطوطة في الآستانة، وقد اشتملت هذه المخطوطة على بعض نقائض الشاعرين، ومن الممكن أن يستخرج من ديوانيهما نقائض أخري لهما.
(34) البيان والتبيين 4/ 83.
(35) التفارط: التقدم للاستقاء من الآبار، والإيراد: ورود الماء. والصدر: الصدور عنه.
(36) يريد أنهم لا يستشارون ولا يعبا بهم.
(37) يقول إنهم يلطمون حيث يكونون في مؤخرات الحياض، تلطمهم دارم عشيرة الفرزدق لعزتها وشرفها.
(38) أنابت: رجعت وتناهت.
(39) العيارات: جمع عير وهو الحمار، يهجوء بأنهم أصحاب حمر لا أصحاب خيل. الهدج: تقارب الخطو.
(40) الحومة: معظم الماء.
(41) ذو بهدي: يوم ليربوع على تغلب وفيه أسرت فارسها الهذيل بن هبيرة.
(42) الفارط: الذي يتقدم قبل الإبل ليملأ لها الحوض.
(43) يريد أنهم لا يعرفون الأمر إلا تدبرا، فهم لا يسألون في شئ وهم يسألون عن أخبار الناس.
(44) الخمر: الموضع المستتر، يقول إنهم ينزلون به فرارا من الضيفان والحقوق التي تلزمهم.
(45) نشروا: حيوا وبعثوا.
(46) يريد سور القرآن الكريم.
(47) يريد أنهم إذا نظروا الى الخنزير ضحكوا شهوة للحمه.
(48) الميسر: اللعب بالقداح على الجزور وهو ما يذبحونه من بعير أو ناقة. يقول إنهم نصاري ولذلك ييسرون ويقامرون على الخنزير.
(49) شبح: رفع يديه بالدعاء. الإهلال: رفع الصوت.
(50) يقول إنهم بين أجير وسائل.
(51) تنبح: كانوا ينبحون في الظلام إذا ضلوا لترد عليهم كلاب الحي، فيستهدون بها للقري وهو الطعام والضيافة.
(52) الرخال: أولاد الضأن.
(53) الخزر: ضيق في مؤخر العين، يكني به جرير عن اللؤم.
(54) القطين هنا: الخدم والعبيد.
(55) أعيار: جمع عير وهو الحمار.
(56) أبو مالك: كنية الأخطل.
(57) أغاني 8/ 318.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|