أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-05-2015
1074
التاريخ: 26-05-2015
3732
التاريخ: 26-05-2015
9202
التاريخ: 26-05-2015
1409
|
دخل زيد الكوفة في النصف الثاني من عام 120هـ، وأقام بها، وأقبلت الشيعة تختلف إليه وتأمره بالخروج، ويقولون: إنّا لنرجو أن تكون أنت المنصور، وكان لمكانته ومنزلته بين الناس تأثير بالغ في اجتذاب الناس والتفافهم حوله، ولمّا كان الداعي عالماً بارعاً، وفقيهاً ورعاً، يأخذ بمجامع القلوب، ويؤثّر في الشعوب، التفّ حوله جماعة من الفقهاء ونقلة الآثار، منهم:
1 ـ منصور بن المعتمر.
2 ـ النعمان بن ثابت (أبو حنيفة) (80 ـ 150هـ).
3 ـ سليمان بن مهران (الأعمش).
4 ـ محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري (74 ـ 148هـ).
5 ـ هلال بن حباب.
6 ـ زبيد بن الحارث اليامي.
7 ـ يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي.
8 ـ قيس بن ربيع الأسدي (المتوفّى 168هـ).
9 ـ سلمة بن كهيل.
10 ـ هارون بن سعد العجلي.
11 ـ أبو هاشم الرماني.
12 ـ الحجّاج بن دينار.
13 ـ سفيان الثوري.
14 ـ مسعر بن كدام الفدكي.
ثُمَّ إنّه بثّ دعاته في الأطراف والأكناف، وقد سجّل التاريخ أسماءَهم، وهو ينم عن علو همّة زيد وسعة دعوته، وفي مقابل ذلك حذّره جماعة من القيام، ولكنّه اعتذر عن قبول نصائحهم، وإنّه موطّن نفسه على الشهادة، سواء أنال بغيته أم لا، وذلك لأنّ من أهدافه العالية إنهاض همم المسلمين إلى الثورة، ولو بقتله واستشهاده في سبيل الله، حتّى يُقوّضوا صرح حكم بني أُميّة.
الكوفة في مخاض الثورة:
كان يوسف بن عمر عامل هشام في العراق، وكان يسكن بالحيرة وهي بلدة بين الكوفة والنجف، وخليفته في الكوفة هو الحكم بن الصلت، ورئيس شرطته عمرو بن عبد الرحمن، ومع ما كان لهم من عيون وجواسيس، لم يطّلعوا على ما كان يجري في الكوفة وما والاها، وهذا يدلّ على حنكة الثائر؛ حيث صانها من الفشل والتسرّب إلى الخارج، وقد كان التخطيط دقيقاً للغاية، حيث كان الناس يبايعون زيداً ولا يعرفون مكانه، وذلك لأن معمر بن خيثم وفضيل بن الزبير يُدْخِلان الناس عليه وعليهم براقع لا يعرفون موقع زيد، فيأتيان بهم من مكان لا يبصرون شيئاً حتّى يدخلوا عليه ويبايعون.(1)
كانت الثورة تستفحل إلى أن وافت رسالة هشام إلى عامله؛ أطلعه على الأمر وشتمه وسفّهه، فلمّا اطّلع يوسف بن عمر على استفحال الثورة، وأنّ زيداً قد أزمع على الخروج في زمان محدود، أراد فصل الناس عن زيد والحيلولة بين القائد وقاعدته، فوقف زيد على انكشاف أمره، فعند ذاك عزم زيد على الخروج عالماً أنّه لو تأخر وتماهل في الخروج ربّما كشف العدو مخبأه، فاستعدّ للقتال بإلقاء خطب تحثّ الأشخاص للقيام، فقام خطيباً أمام الثوار:
أيّها النّاس، عليكم بالجهاد فإنّه قوام الدين وعمود الإسلام ومنار الإيمان، واعلموا أنّه ما ترك قوم الجهاد قط إلاّ حقروا وذلّوا.. ثُمَّ قرأ الفاتحة إلى قوله (الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، وقال: الصراط المستقيم هو دين الله، وسنامه وقوامه الجهاد، ثُمَّ ذكر ما نزل من القرآن في فضل الجهاد من أوّل القرآن إلى آخره.(2)
روى الإمام المهديّ في (المنهاج)، والإمام أبو طالب في (الأمالي)، والسيّد أبو العبّاس في (المصابيح)، عن سعيد بن خثيم، قال: إنّ زيداً (عليه السّلام) كتَّب كتائبه، فلمّا خفقت راياته رفع يديه إلى السماء، فقال: الحمد لله الّذي أكمل لي دِيني، والله ما يسرّني أنّي لقيت محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ولم آمر في أُمّته بالمعروف ولم أنههم عن المنكر، والله ما أُبالي إذا أقمت كتاب الله وسنّة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أن أُجِّجت لي نار ثُمَّ قُذفتُ فيها، ثُمَّ صرت بعد ذلك إلى رحمة الله تعالى، والله لا ينصرني أحد إلاّ كان في الرفيق الأعلى مع محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام).
ويحكم أمَا ترون هذا القرآن بين أظهركم، جاء به محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ونحن بنوه؟، يا معاشر الفقهاء، ويا أهل الحجا، أنا حجذة الله عليكم، هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله، ونعمل بكتاب الله، ونقسم فيئكم بينكم بالسويّة، فسلوني عن معالم دينكم، فإن لم أُنبّئكم عمّا سألتم، فولّوا من شئتم ممّن علمتم أنّه أعلم منّي، والله لقد علمتُ علم أبي عليّ بن الحسين، وعلم جدّي الحسين، علم عليّ بن أبي طالب وصيّ رسول الله وعيبة علمه، وإنّي لأعلم أهل بيتي، والله ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من شمالي، ولا انتهكت محرّماً لله عزّ وجلّ منذ عرفت أنّ الله يؤاخذني.(3)
تكتيب الكتائب والهجوم على الكوفة والحيرة:
غادر زيد ليلة الأربعاء، دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري، واستقرّ خارج الكوفة فأمر برفع الهراوي، فكلّما أكل النار هروياً، رفعوا آخر، فما زالوا كذلك حتّى طلع الفجر، فلمّا أصبح، أمر بعض أصحابه بالنداء والشعار لغاية تقاطر المبايعين إلى النقطة الّتي استقرّ فيها لإرسال الكتائب منها إلى الكوفة والحيرة ولفتح البلدين، ومحاربة المانعين من أبناء البيت الأُمويّ وأنصارهم، فكان التخطيط تخطيطاً عسكريّاً بارعاً لولا أنّ القضاء سبق التدبير، وتسرّب أسرار الثورة إلى الخارج، وحال العامل وخليفته بينه وبين وثوب الناس واجتماعهم لديه.
أصبح زيد وتعجب من قلّة الحاضرين، وقال: أين الناس؟!، فقيل له: هم في المسجد الأعظم محصورون، فقال: لا والله ما هذا لمن بايعنا بعذر، ولم يجد بدّاً من القتال بمن معه، موطّناً نفسه على الاستشهاد. وقد ذكر المؤرّخون كيفية قتاله وقتال أصحابه الموفين بعهدهم وبيعتهم.
قال المسعودي: مضى زيد إلى الكوفة وخرج عنها ومعه القرّاء والأشراف، فحاربه يوسف بن عمر الثقفي، فلمّا قامت الحرب انهزم أصحاب زيد وبقي في جماعة يسيرة، فقاتلهم أشدّ قتال، وهو يقول متمثّلاً:
أذلّ الحياة وعزّ الممات = وكلاًّ أراه طعاماً وبيلا
فإن كان لابدّ من واحد = فسيري إلى الموت سيراً جميلا
وحال المساء بين الفريقين، فراح زيد مثخناً بالجراح، وقد أصابه سهم
في جبهته، فطلبوا من ينزع النصل، فأُتي بحجّام من بعض القرى فاستكتموه أمره، فاستخرج النصل، فمات من ساعته، فدفنوه في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش وأُجري الماء على ذلك، وحضر الحجّام مواراته، فعرف الموضع، فلمّا أصبح، مضى إلى يوسف متنصّحاً فدلّه على موضع قبره، فاستخرجه يوسف وبعث برأسه إلى هشام، فكتب إليه هشام: أن اصلبه عُرياناً، فصلبه يوسف كذلك، ففي ذلك يقول بعض شعراء بني أُميّة يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم في أبيات:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة = ولم أر مهديّاً على الجذع يُصلب
وبنى تحت خشبته عموداً، ثُمّ كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذروه في الرياح.(4)
وفي معجم البلدان: وعلى باب الكورتين، مشهد زيد، فيه مدفن رأس زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، الّذي ق،تل بالكوفة، وأُحرق، وحُمل رأسه فطيف به الشام، ثُمَّ حُمل إلى مصر فدفن هناك.(5)
إنّ وعّاظ السلاطين، وشعراء البلاط الأُمويّ كانوا ينقمون من زيد، وينظمون القريض في ذمِّه، ولمّا صُلب قالوا في حقّه ما قالوا، ومنها ما عرفت من قولهم:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة = ولم أر مهديّاً على الجذع يُصلب
فردّ عليه شعراء الشيعة بقصائدٍ نذكر منها بعض ما جادت به قريحة سيدنا العلاّمة محسن الأمين، حيث قال:
فإن تصلبوا زيداً عناداً لجده = فقد قُتلت رُسل الإله وصلّبوا
وإنّا نعدُّ القتل أعظم فخرنا = بيوم به شمس النهار تُحجب
فمالكم والفخر بالحرب إنّها = إذا ما انتمت تنمى إلينا وتُنسب
هداة الورى في ظلمة الجهل والعمى = إذا غاب منهم كوكب بان كوكب
كفاهم فخاراً أنّ أحمد منهم = وغيرهم أن يدّعوا الفخر كذّبوا (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الروض النضير: 1/130.
(2) الروض النضير: 1/106.
(3) المصدر نفسه: 1/128.
(4) مروج الذهب: 3/207.
(5) معجم البلدان: 8/77، مادة مصر.
(6) زيد الشهيد: 78.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|