أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2020
1987
التاريخ: 24-10-2019
2626
التاريخ: 5-12-2016
2307
التاريخ: 12-7-2019
1866
|
تناقضات في تاريخ إسلام حمزة عليه السّلام :
ويقولون : إن إسلام حمزة بن عبد المطلب «عليه السلام» كان في الثانية من البعثة.
ثم يقولون : إنه أسلم بعد دخوله «صلى الله عليه وآله» دار الأرقم. وهذا متناقض ؛ لأنه إنما دخل دار الأرقم في أواخر السنة الثالثة ، كما يدّعون.
وتناقض آخر : إنهم يذكرون أنه أسلم قبل عمر بثلاثة أيام ، مع أنهم يذكرون أن عمر أسلم في السنة السادسة بعد خروج النبي «صلى الله عليه وآله» من دار الأرقم ، وهذا متناقض ؛ لأنه «صلى الله عليه وآله» إنما دخلها في أواخر السنة الثالثة من البعثة ولمدة شهر واحد فقط كما يقال ..
وسيأتي أن التحقيق هو : أن إسلام عمر كان بعد إسلام حمزة بسنوات.
إسلام حمزة عليه السّلام :
ونلاحظ : أن ابن هشام وغيره يذكرون إسلام حمزة «رحمه الله» بعد الهجرة إلى الحبشة ، أي في حوالي السنة السادسة للبعثة ، ونحن نرجح ذلك ؛ لأنه حين أسلم ـ كما يقول المقدسي ـ عز به النبي «صلى الله عليه وآله» وأهل الإسلام ، فشق ذلك على المشركين ، فعدلوا عن المنابذة إلى المعاتبة ، وأقبلوا يرغبونه في المال والأنعام ، ويعرضون عليه الأزواج (١).
وعروضهم هذه إنما كانت بعد الهجرة إلى الحبشة ، كما يفهم من سيرة ابن هشام.
كما أنه إنما أسلم بعد الإعلان بالدعوة ، وبعد مفاوضات قريش مع أبي طالب وعروضها عليه ، وبعد أن عدلوا عن ذلك إلى العداوة والأذى.
وعلى كل حال ، فقد كان إسلام حمزة تطورا جديدا لم يكن قد دخل في حسابات قريش ، حيث قلب الموازين رأسا على عقب ، وفتّ في عضد قريش ، وزاد من مخاوفها ، وكبح من جماحها.
فقد مر أبو جهل بالرسول عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ، فلم يكلمه الرسول «صلى الله عليه وآله».
وكان حمزة صاحب صيد وقنص ، وكان إذا رجع بدأ بالبيت ، وطاف به ، وسلم على من فيه ، ورجع إلى بيته.
وفي هذه المرة كان حمزة راجعا من صيده ، فأخبرته إحدى النساء بما كان من أبي جهل تجاه الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، فاحتمل حمزة الغضب ، ودخل المسجد ، فرأى أبا جهل جالسا مع القوم ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس ، فضربه بها ضربة شجه بها شجة منكرة.
ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه ، أقول ما يقول؟
فرد عليّ ذلك إن استطعت وكان ذلك بعد أن تضرع إليه أبو جهل ، وأخذ بثوبه ، فلم يقبل منه.
فقام رجال من بني مخزوم لينصروا أبا جهل ، فقالوا لحمزة : ما نراك إلا قد صبأت؟
فقال حمزة : وما يمنعني؟
وقد استبان لي منه أنه رسول الله ، والذي يقول حق؟! فو الله لا أنزع ، فامنعوني إن كنتم صادقين.
فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا.
يقول المقدسي : «فلما أسلم حمزة عزّ به الدين والنبي «صلى الله عليه وآله» (2) ، وسرّ رسول الله بإسلامه كثيرا.
وعلمت قريش : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد عز وامتنع ، فكفوا عما كانوا ينالونه منه.
وقال حمزة للنبي «صلى الله عليه وآله» : فأظهر يا ابن أخي دينك ، فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء ، وأني على دين الأول (3).
وكان حمزة أعز فتى في قريش ، وأشدهم شكيمة (4).
إسلام حمزة كان عن وعي لا حمية :
والظاهر ، بل الصريح من كلام حمزة «رحمه الله» ، ولا سيما قوله الأخير : «وما يمنعني ، وقد استبان لي منه : أنه رسول الله ، والذي يقول حق» أنه لم يكن في إسلامه منطلقا من عاطفته التي أثيرت وحسب ، وإنما سبقت ذلك قناعة كاملة ، كوّنها مما شاهده عن قرب من مواقف وسلوك ، وسمعه من أقوال النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».
وقد يستفاد من قوله : أتشتمه وأنا على دينه؟! أن إسلامه كان متقدما على ذلك الوقت ، ولكنه كان يتكتم به مراعاة للظروف ، وحفاظا على الإسلام والمسلمين ، الذين كانوا أضعف من أن يتمكنوا من مواجهة قريش وجبروتها.
ولربما كان بعضهم بحاجة إلى المزيد من التربية النفسية الخاصة ، ليتمكن من مواجهة تلك الظروف القاسية مع المشركين.
سر جبن أبي جهل في مواجهة حمزة :
ولا بد من التذكير هنا : بأن أبا جهل ، عظيم المشركين وجبارهم مع أنه كان بين أهله وعشيرته ، ومع أن عشيرته قد أعلنت عن استعدادها لنصرته ، فإنه كان أجبن وأذل من أن يقف في وجه أسد الله وأسد رسوله ، وما ذلك إلا لأنه كان من جهة :
يعلم فتوة حمزة وعزته ، وشدة شكيمته وبطولته ، ورأى مدى تصميمه وإصراره ، وعرف مقدار استعداده للتضحية والفداء في سبيل دينه ، وعقيدته.
ومن الجهة الأخرى : فإن أبا جهل إنما كان يحارب النبي «صلى الله عليه وآله» ويناقضه ، حبا بالحياة ، ومن أجل الدنيا ، فهو إذا لا يريد الموت إطلاقا ، بل هو يهرب منه ، ويعده خسارة له ، ما بعدها خسارة.
أما حمزة «رحمه الله» ، فكان يعتبر الموت في سبيل هذا الدين نصرا وفوزا ، تماما بالمقدار الذي يعتبره أبو جهل ، ومن هم على شاكلته خسرانا وضياعا فلماذا إذا يخشى الموت ويخافه؟
بل لماذا لا يكون الموت عنده أحلى من العسل ، وألذ من الشهد؟.
ومن جهة ثالثة : فإن أبا جهل لم يكن على استعداد لأن يحارب بني هاشم في تلك الفترة ، التي كان له فيها أنصار كثيرون فيهم ، لأن حربه لهم لسوف تؤدي إلى أن يخسر هؤلاء الذين يلتقي معهم فكريا وعقيديا ، لأنهم بحكم المنطق القبلي الذي يهيمن على مواقفهم وتصرفاتهم لن يتركوا ابن أخيهم ، حتى ولو كان على غير دينهم ، وقد وعدوا أبا طالب باستثناء أبي لهب أن يمنعوا محمدا ممن يريد به سوء كما تقدم.
بل إن تحرك أبي جهل في ظروف كهذه لربما يؤدي إلى ترسيخ أمر محمد ، وإلى دخول الكثيرين من بني هاشم في دينه ، حمية وانتصارا.
وهذا ما لا يريده أبو جهل ، ولا يرغب فيه.
إذا ، فقد كانت جميع الظروف تدفعه إلى الاستسلام للذل والهوان في مقابل أسد الله وأسد رسوله.
والخلاصة :
أن حب أبي جهل للحياة ، وجبنه ، ثم ما كان يراه من الصلاح في عدم التصعيد في مناهضة محمد وبني هاشم ، قد جعله في موقف الذليل المهان ، وجعل الله كلمة الباطل هي السفلى ، وكلمة الحق هي العليا.
ملاحظة هامة :
والملاحظ هنا : أنه بعد إسلام حمزة بن عبد المطلب تتراجع قريش ، وتليّن من موقفها ، وتدخل في مفاوضات معه «صلى الله عليه وآله» ، وتعطيه بعض ما يريد ، لأنها رأت أن المسلمين يزيد عددهم ويكثر ، فكلمه عتبة ، فأبى «صلى الله عليه وآله» كل عروضهم (5).
__________________
(١) البدء والتاريخ ج ٤ ص ١٤٨ و ١٤٩ ، وهو الظاهر من سيرة ابن هشام ، حيث ذكر هذه العروض بعد ذكره لإسلام حمزة «عليه السلام».
(2) البدء والتاريخ ج ٥ ص ٩٨.
(3) راجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٧٢ و ٧٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٣١٢.
(4) راجع : تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٧٢.
(5) راجع : كنز العمال : ج ١٤ ص ٤٨ عن البيهقي في الدلائل ، وابن عساكر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|