أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2021
2285
التاريخ: 1-12-2016
1366
التاريخ: 1-12-2016
1324
التاريخ: 10-5-2021
2076
|
الرحلة الأولى إلى الشام ، وبحيرا :
ويقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» قد سافر إلى الشام بصحبة عمه أبي طالب ، ورآه بحيرا راهب بصرى ، وأخبر عمه أنه نبي هذه الأمة ، وأصر عليه بأن يرجعه إلى مكة ، حتى لا يغتاله اليهود ، الذين يرون العلامات التي في كتبهم متحققة فيه ، فخرج به عمه أبو طالب حتى أقدمه مكة.
رواية مكذوبة :
ولكن جاء في رواية لأبي موسى الأشعري : أن بحيرا «لم يزل يناشده حتى رده ، وبعث معه أبو بكر بلالا ، وزوده الراهب من الكعك والزيت» (١).
وفي رواية : أن سبعة كانوا قد عزموا على قتله «صلى الله عليه وآله» ، فمنعهم بحيرا ، وبايعوا الرسول ، وأقاموا معه.
ولكن ذلك لا يمكن أن يصح :
أولا : لأن عمر النبي «صلى الله عليه وآله» كان حينئذ اثني عشر سنة ، بل قيل : إن عمره كان حينئذ تسع سنين (2).
وأبو بكر كان أصغر من النبي «صلى الله عليه وآله» بأكثر من سنتين ، وبلال كان أصغر من أبي بكر بعدة سنين ، تتراوح ما بين خمس إلى عشر (3) ، حسب اختلاف الأقوال.
فهل يمكن لأبي بكر ، وهو بهذه السن أن يسافر إلى الشام ، ثم يصدر الأوامر والنواهي في مهمات كهذه؟!.
وهل يمكن لبلال الذي كان طفلا ، لا يقدر على المشي ، أو لم يكن قد ولد بعد : أن يكون مع أبي بكر في ذلك السفر الطويل؟
ثم أن يتحمل مسؤولية إرجاع النبي «صلى الله عليه وآله» من بصرى إلى مكة؟ مع كون النبي «صلى الله عليه وآله» أكبر منه بسنوات عديدة؟!.
وثانيا : ما هو الربط بين أبي بكر وبلال حتى يأمره أبو بكر بهذا الأمر؟
فإن أبا بكر لم يكن يملك بلالا ، وإنما كان يملكه أمية بن خلف ، وإنما اشتراه أبو بكر كما يقولون بعد ثلاثين عاما من حينئذ (4).
هذا إن لم نقل : إن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي اشترى بلالا ، وأعتقه ، ولم يملكه أبو بكر أصلا (5).
وثالثا : إن راوي هذه الرواية ، وهو أبو موسى ، لم يكن قد ولد أصلا ، لأنه إنما ولد قبل البعثة بثمان أو بعشر سنين ، على ما يقولون ؛ كما أنه إنما قدم إلى المدينة في سنة سبع من الهجرة ، سنة خيبر ، وهذه القضية قد كانت قبل البعثة بحوالي ثلاثين عاما.
ورابعا : سيأتي عن مغلطاي والدمياطي : أن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلا.
ولعل لأجل بعض ما تقدم أو كله حكم الترمذي على هذا الحديث بالغرابة ، وشك فيه ابن كثير أيضا. فراجع.
وبعد كل ما تقدم فقد حكم الذهبي على هذا الحديث بقوله : «أظنه موضوعا بعضه باطل» (6).
سر الوضع والاختلاق :
وأما سر وضع تلك الرواية فهو إثبات : أن إيمان أبي بكر بنبوّة النبي «صلى الله عليه وآله» قد كان قبل البعثة ؛ ليسبق الناس كلهم ، حتى عليا عليه الصلاة والسلام وخديجة ، وحتى النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه في ذلك.
قال النووي : «كان أبو بكر أسبق الناس إسلاما ، أسلم وهو ابن عشرين سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة» (7).
وقال الصفوري الشافعي : «وكان إسلامه قبل أن يولد علي بن أبي طالب» (8).
وذكر الديار بكري رواية عن ابن عباس ، عن قضية بحيرا جاء في آخرها : فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق قبل ما نبّئ «صلى الله عليه وآله» (9).
ولكن ، لماذا لم يعدوا بحيرا وبلالا والحارث وغيرهم ممن حضر ، من السابقين إلى الإسلام أيضا؟!. ومن الذي أخبرهم بوقوع الإسلام في قلب أبي بكر قبل هؤلاء؟! أو دونهم؟!.
بل من أين علموا : أن الإسلام والتصديق قد وقعا في قلب أبي بكر؟! هذا كله لو سلمنا بالقضية من أساسها.
إشارات خاطفة في قصة بحيرا :
وقد بقي في قصة بحيرا نقاط كثيرة ، جديرة بالمناقشة ، لا مجال لنا للحديث عنها هنا ، وبعضها قد يكون له كبير فائدة.
ومما تقدم يظهر مدى صحة قول بعض الروايات : إن أبا بكر ، أو الحارث عم النبي «صلى الله عليه وآله» قد ذهب إليه «صلى الله عليه وآله» فاحتضنه ، وجاء به ، وأجلسه مع القوم على مائدة طعام بحيرا ، ورجح ابن المحدث : أن الذي جاء به هو أبو بكر (10).
ولم يدر ابن المحدث أن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلا ، كما صرح به الدمياطي ومغلطاي (11) ، ولو كان ؛ فإنه كان أصغر سنا من النبي «صلى الله عليه وآله» كما قلنا.
بقي أن نشير إلى أن بعض الروايات قد ذكرت : أن راويها قد شك في أن يكون سفره «صلى الله عليه وآله» إلى الشام كان بصحبة أبي طالب أو جده عبد المطلب (12).
وبذلك تصبح الرواية الآنفة له مع أبي بكر وبلال أكثر إشكالا وتعقيدا ؛ لأن عبد المطلب قد توفي وعمر النبي «صلى الله عليه وآله» ثمان سنين كما تقدم.
والصحيح هو أن عمه أبا طالب هو الذي رجع معه «صلى الله عليه وآله» إلى مكة (13) كما قدمنا ، وليس أبا بكر ولا غيره.
هذا ، وللنبي «صلى الله عليه وآله» سفرة أخرى إلى الشام.
__________________
(١) الثقات لابن حبان ج ١ ص ٤٤ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٥ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٤ وط الاستقامة ، وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٢٥٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٠ ومستدرك الحاكم ، والبيهقي ، وابن عساكر ، والترمذي ، وقال : حسن غريب ، وفي سيرة دحلان ج ١ ص ٤٩ أنه رجع إلى مكة ، ومعه أبو بكر وبلال.
(2) راجع : الطبري ج ٢ ص ٣٣ ، والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٦ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٠ ، وقال : إن صاحب كتاب الهدى قد رجح هذا القول ..
(3) نعم قد ذكر ابن حبان ، والإصابة ج ١ ص ١٦٥ عن أبي نعيم : أن بلالا كان تربا لأبي بكر .. لكن الأشهر والأكثر : على أن أبا بكر كان يكبره بعدة سنين كما ذكرنا.
راجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٠.
(4) وقد أشار إلى ذلك الحافظ الدمياطي على ما في تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٩ عن حياة الحيوان .. وكذا في سيرة مغلطاي ص ١١ وزاد قوله : «بايعوه على أي شيء».
(5) سيأتي الحديث عنه في الجزء الثالث من هذا الكتاب ؛ الفصل الأول من الباب الثالث.
(6) تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٩ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٠.
(7) الغدير ج ٧ ص ٢٧٢ عنه.
(8) نزهة المجالس ج ٢ ص ١٤٧.
(9) تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦١.
(10) السيرة الحلبية ج ١ ص ١١٩ ، والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٤٨.
(11) سيرة مغلطاي ص ١١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٩ عن الحافظ الدمياطي.
(12) طبقات ابن سعد ج ١ ص ١٢٠ ط صادر ، وج ١ قسم ١ ص ٧٦ ط ليدن والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٨٦.
(13) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج ٥ ص ٣١٨ وسيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٤.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|