المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المعيار الموضوعي وتطبيقاته القانونية لاستقرار المعاملات المالية  
  
7631   01:46 صباحاً   التاريخ: 5-5-2021
المؤلف : علي حميد كاظم الشكري
الكتاب أو المصدر : استقرار المعاملات المالية
الجزء والصفحة : ص148- 157
القسم : القانون / القانون العام / القانون المالي /

ان معيار عناية الشخص المعتاد في ادرأة شؤونه اليومية من المعايير الموضوعية التي يعتمدها المشرع ، وهو يساعد القاضي في الوصول الى الحقيقة وتحديد مدى اداء الاشخاص لالتزاماتهم او انحرافهم عن المألوف في تنفيذ تلك الالتزامات ، واذا ما رتب هذا الخطأ ضرراً يوجب مسؤوليتهم مع تحقق العلاقة السببية ، امكن ذلك للقاضي الحكم عليهم . وينظر المعيار الموضوعي الى شخص يمثل الشخص العادي او المتوسط من الاشخاص ، ويسمى برب الاسرة الحريص ، ثم يقيس سلوك محدث الضرر به ، والمعيار الموضوعي واحد بالنسبة الى جميع الاشخاص ولا يختلف تطبيقه من شخص الى اخر ، ويعد الخطأ فيه خطأً اجتماعياً لا ظاهرة نفسية ، فتستقر الاوضاع وتنضبط الروابط القانونية (1) .

ونتناول في هذا الموضوع معنى معيار عناية الشخص المعتاد ، ومقوماته  ، فضلاً عن التطبيقات القانونية للمعيار الموضوعي ، في الفروع الثلاثة الاتية .

الفرع الاول

معنى معيار عناية الشخص المعتاد

تبنى المشرع العراقي معايير موضوعية كثيرة (2)، ومنها معيار عناية الشخص المعتاد ، بهدف تحديد مدى تنفيذ الالتزامات لتحديد المسؤولية المدنية . فيما تهيمن فكرة المعيار الموضوعي في الوقت الحاضر تشريعاً وفقهياً وقضائياً على قواعد المسؤولية المدنية وتغطي معظم المجالات التي تتناولها على انه لا يحل محل المعيار الذاتي او يزيحه بالمرة (3) . ويعد معيار عناية الشخص المعتاد من المعايير الموضوعية الجوهرية التي تبناها المشرع العراقي في القانون المدني ، كما سيتضح لاحقاً .  ويقوم المشرع بوضع معايير عامة ومؤكدة وقائمة على التجربة المستمدة من الملاحظة العامة والمجردة للسلوك المتوسط (4) .   والانحراف عن مستوى المعيار الموضوعي يتمثل في انحراف في السلوك عن مستوى السلوك الاجتماعي المألوف المتوسط المتخذ كنمط نموذجي في مجال معين ولغرض معين ، ولو لم يشكل هذا السلوك المنحرف في حد ذاته انحرافاً يسأل عنه اخلاقياً . في حين تتباين حالة الاشخاص الاجتماعية بين حاذق وبليد ، مما يؤدي الى تباين في تحديد مقومات المعيار الموضوعي ، الا ان الاصل هو الاعتداد بالحالة الوسطية من الناس ، فالقاعدة لا تبنى على الاستثناء ، وانما على المبدأ الذي تمثله غالبية الناس ، فلا يلزم المرء بما لا طاقة للأغلبية عليه (5).

ويتضح ان الاتجاه المعتدل يقوم على معيار الشخص المعتاد او المتوسط ، فيتعين الوقوف عند الدرجة المتوسطة التي تتجلى في الشخص العادي في تبصره وتعقله وحصافته ويقظته ، فيؤلف سلوكه مقومات المعيار الموضوعي ويكون تعيين الالتزامات القانونية انطلاقاً منه .

الفرع الثاني

مقومات معيار عناية الشخص المعتاد

يقتضي لتحديد مقومات المعيار الموضوعي ، اعتماد سلوك وصفات شخص من البيئة الاجتماعية العامة ، او في الوسط المهني كنموذج لتحديد الواجبات القانونية المطلوبة ، ومن ثم بيان مدى مطابقة سلوك المدعى عليه من عدمه بالقياس الى ذلك النموذج العام ، او لتحديد مدى انحرافه عن متطلبات النموذج المهني بالنسبة لسلوكه المهني ، ويأخذ بنظر الاعتبار في تحديد سلوك الاشخاص الاستهداء بالافكار المشتركة بين الاشخاص وبالشعور العام الذي يساورهم اثناء ممارستهم لحياتهم وما يتوقعونه من سلوك ممن يتعاملون معهم ومن ثم يفترض من كل شخص ان يجعل سلوكه على النحو الذي ينتظره منه الاخرون عملاً او امتناعاً عن عملاً (6) .

ويذهب بعض الفقه بصدد تحديد معيار عناية الشخص المعتاد الى ان " ننظر الى المألوف من سلوك هذا الشخص العادي ، ونقيس عليه سلوك الذي نسب اليه التعدي . فان كان هذا لم ينحرف في سلوكه عن المألوف من سلوك الشخص العادي ، فهو لم يتعد ، وانتفى عنه الخطأ ، ونفض المسؤولية عن كاهله . اما اذا كان قد انحرف ، فمهما يكن من امر فطنته ويقظته ، فقد تعدى ، وثبت عليه الخطأ ، وترتبت المسؤولية في ذمته . وبهذا وحده يسلم لنا مقياس منضبط صالح واف بالغرض . فلا نحن في حاجة الى البحث عن خبايا النفوس والكشف عن خفايا السرائر ، ولا المقياس يختلف في تطبيقه من شخص الى شخص . بل يصبح التعدي امراً واحداً بالنسبة الى جميع الناس ، اذ ان معياره لا يتغير . فاذا جاوز الانحراف المألوف من سلوك الناس صار تعدياً ، يستوي في ذلك ان يصدر من فطن ذكي او وسط عادي ، او خامل غبي . ويصبح الخطأ شيئاً اجتماعياً لا ظاهرة نفسية ، فتستقر الاوضاع ، وتنضبط الروابط القانونية " (7). ويظهر ان مقومات المعيار الموضوعي ، في ضبط الانحراف ، لتحديد نطاق المسؤولية المدنية ، تقوم على اساس سلوك شخص معتاد ، ومجرد ، وانه محاط بنفس ظروف الفاعل الخارجية ، دون الاعتداد بشخص من صدر منه الفعل الضار .

ويراد بالشخص المعتاد هو شخص من نفس طائفة الفاعل متوسط في جميع الصفات فلا هو خارق الذكاء شديد اليقظة ، ولا هو محدود اليقظة خامل الهمة ، ويراد بالشخص المجرد ، ان يجرد هذا الشخص من ظروفه الشخصية ، ويفترض احاطته بظروف الفاعل الخارجية نفسها كظرفي الزمان والمكان ، وينظر الى المألوف في سلوك هذا الشخص المعتاد ، ثم يقاس عليه سلوك الشخص الذي نسب اليه التعدي فاذا كان سلوكه مماثلاً او افضل من سلوك الشخص المعتاد فلا ينسب اليه خطأ ، اما اذا كان سلوكه دون ذلك فيسأل عن خطئه لأنه لم يحتط او يتبصر كالشخص المعتاد (8). واعتماداً على ما تقدم ، فان المعيار الموضوعي المتمثل بعناية الشخص المعتاد ، من المعايير المعتدلة والذي يمثل حالة الوسط المألوفة من عموم الناس ، والخطأ فيه يعد خطأ اجتماعياً ، وبالنتيجة تثار المسؤولية ، استناداً على هذا الخطأ الاجتماعي لكونه يمثل مساس بالمجتمع ، لتحقيق الاستقرار والانضباط للروابط القانونية .

الفرع الثالث

التطبيقات القانونية للمعيار الموضوعي

يمكن بيان التطبيقات القانونية للمعيار الموضوعي ومنها معيار عناية الشخص المعتاد في القانون المدني العراقي عند الرجوع الى النصوص القانونية في القانون المدني ، ومقارنتها مع بعض القوانين المدنية ، فضلاً عن تقديم رأينا في الموضوع ، وعلى النحو الآتي .

اولاً : معيار الالتزام بالقيام بعمل : نصت الفقرة 1 من المادة 251 على " في الالتزام بعمل اذا كان المطلوب من المدين هو ان يحافظ على الشيء او ان يقوم بإدارته او كان مطلوب منه ان يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفى بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق الغرض المقصود " .

ويتبين ان المشرع العراقي اعتمد معيار عناية الشخص المعتاد في تنفيذ الالتزام بوصفه معياراً عاماً اصلياً ، مع الاخذ بنظر الاعتبار من كون الالتزام ببذل عناية او بتحقيق غاية ، الا ان هذا الاصل يرد عليه استثناء ، اذ يجوز للأطراف الاتفاق على معيار اخر احتياطياً خاصاً ، هو عناية الشخص في شؤونه الخاصة . وهذا ما بينته الفقرة 2 من المادة 251  فنصت على " ومع ذلك يكون المدين قد وفى بالالتزام اذا هو بذل في تنفيذه من العناية ما اعتاده في شؤونه الخاصة متى تبين من الظروف ان المتعاقدين قصدا ذلك " (9).

ويعد معيار عناية الشخص في شؤونه الخاصة من المعايير الذاتية لا الموضوعية ، والذي يتطلب البحث في شخصية كل شخص على انفراد ، للتعرف على مدى تنفيذه لالتزامه من عدمه لتحديد مسؤوليته ، وبالتالي فانه من المعايير التي لا تؤدي الى تحقيق الاستقرار في المعاملات المالية ، بل العدالة بان يراعي حالة وظروف كل شخص وفي كل التزام .

ثانياً : معيار التزام الوكيل في تنفيذ الوكالة : اورد المشرع العراقي في مناسبة تنظيمه للوكالة معيار العناية الواجبة في تنفيذ الوكيل للوكالة (10)، وفرق بين حالتين سواء أكانت الوكالة بأجر ام من دون ، أجر ، وقد نصت المادة 934 من القانون المدني العراقي على " 1 – اذا كانت الوكالة بلا أجر وجب على الوكيل ان يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في اعماله الخاصة ، ومع ذلك اذا كان الوكيل يعنى بشؤونه الخاصة اكثر من عناية الرجل المعتاد فلا يطالب الا ببذل عناية الرجل المعتاد . 2 – وان كانت بأجر وجب على الوكيل ان يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد " (11) . اما فيما يتعلق بتحديد معيار التزام الوكيل المتجاوز حدود ( الفضولي ) ، للمحافظة على الاموال التي بذمته ، فلم يبين المشرع العراقي معيار الالتزام بالمحافظة على تلك الاموال على خلاف المشرع المصري (12).

ويتضح ان المشرع فرق بين الوكالة بأجر والوكالة من دون أجر ، فاذا كانت من دون أجر فلا يلزم الوكيل في العناية اكثر من عنايته في شؤونه الخاصة وهذا معيار ذاتي ، اما اذا كانت بأجر فقد وجب على الوكيل ان يبذل عناية الشخص ( الرجل ) المعتاد ليتحلل من المسؤولية بوصفه منفذاً لالتزامه (13) .

ونعتقد ان تسمية المعيار بـ " معيار الرجل المعتاد " محل نقد ، اذ نرى انها تسمية غير دقيقة ، فقد يكون الوكيل رجلاً او امرأة  فيما لو كان شخصاً طبيعياً ، وقد يكون الوكيل شخصاً معنوياً وهذا ما نراه في الحياة العملية كشركات الوكالات التجارية ، او الشركات القابضة والشركات التابعة ، او الشركات الام والشركات الوليدة ، والوكيل بالعمولة وغيرها .

ونرى ان التسمية الصحيحة هي معيار الشخص المعتاد لكون مدلول الشخص يشير الى الشخص الطبيعي والمعنوي وهذا في نطاق القانون الخاص ، اذ قد يرد بعض من الفقه على هذا الرأي فيما يخص القانون الجنائي ، فالقانون الجنائي يعد من القوانين التي تأخذ على الاعم الاغلب بالمعيار الذاتي لا الموضوعي .

ثالثاً : معيار التزام المستأجر باستعمال المأجور : بين المشرع في عقد الايجار (14) ، معيار التزام المستأجر باستعمال المأجور .

ونصت المادة 762 على " أيا كان المأجور يجب على المستأجر ان يستعمله على النحو المبين في عقد الإيجار ، فان سكت العقد وجب عليه ان يستعمله بحسب ما اعد له ووفقاً لما يقتضيه العرف . 2– واستعمال المأجور على خلاف المعتاد تعد فيضمن الضرر المتولد عنه " (15) .

فالأصل ، انه يجب على المستأجر ان يستعمل العين المؤجرة وفقاً لاتفاق الطرفين ، وحسب مبدأ سلطان الارادة وباتفاق الطرفين ، اما في حالة سكوتهم عن بيان ذلك في العقد ، فيلزمهم ان يكون الاستعمال متفقاً مع ما اعد له المأجور وما يقتضيه العرف ، والا فالاستعمال الذي يخالف المعتاد المألوف يعد تعدياً ، وفيه يجب على من استعمل العين المؤجرة استعمالاً مخالفاً ان يضمن الضرر ان وقع . ومعيار الاستعمال وفقاً لما اعد له المأجور او وفقاً لما يقتضيه العرف من المعايير الموضوعية التي تهدف الى تحقيق الاستقرار في المعاملات المالية ، التي تكون عناية الشخص المعتاد مقياساً لتحديد نوعية هذا الاستعمال .

رابعاً : معيار التزام المستعير : بين مشرع القانون المدني العراقي في الاعارة (16) ، المعيار الذي يجب ان يلتزم به المستعير في الانتفاع بالعارية ، في المادة 852 والتي نصت على " اذا اطلق المعير للمستعير الانتفاع في الوقت والمكان ونوع الاستعمال ، جاز له ان ينتفع بالعارية في اي وقت وفي اي مكان وباي استعمال اراد ، بشرط الا يجاوز المعهود المعروف . فان جاوزه وهلكت العارية ضمنها " (17) .

ويظهر ان المشرع العراقي اجاز للمستعير الانتفاع باستعمال العارية ، وهذا القصد الاساسي للعقد ، باي استعمال على الا يتجاوز المعهود المعروف . وهذا يتبين بالرجوع الى العقد اولاً ، او ان المعير كان قد قيد في العارية نوع الاستعمال او وقته او مكانه ، فليس للمستعير ان يستعمل الشيء المعار في غير الوجوه التي تقدم بيانها سواء أكان من حيث نوع الاستعمال ام توقيته ام مكانه ، فاذا لم يبين العقد كيفية الاستعمال او وقته او مكانه ، وجب الرجوع الى طبيعة الشيء ثانياً ، فلا يستعمل المكتب التجاري مثلاً داراً للسكن .

وقد يعين العرف كيفية الاستعمال ووقته ومكانه ، كما في اعارة الآلات الزراعية (18) ، وهذا ما اكدته المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني العراقي (19).

خامساً : معيار التزام الوديع : بين المشرع في الايداع (20) ، المعيار الذي يجب ان يلتزم به الوديع في حفظ الوديعة .

ويبدو ان موقف المشرع العراقي تماشى مع موقف المشرع الفرنسي في اشترطه معياراً ذاتياً في المحافظة على الوديعة ، وهو معيار عناية الشخص في شؤونه الخاصة ، وخلافاً للقانون المدني المصري الذي فرق بين الوديعة بأجر والوديعة من دون أجر ، فاذا كانت بأجر وجب ان يبذل عناية الرجل (الشخص) المعتاد ، اما اذا كانت من دون أجر فلا يلزم بأكثر من عنايته في شؤونه الخاصة ، ونعتقد ان المشرع المصري كان اكثر اهتماماً بتحقيق الاستقرار في المعاملات في الوديعة مقارنة بالمشرع العراقي والفرنسي اللذان اشترطا معياراً ذاتياً ، اذ لا يحقق هذا المعيار الاستقرار ، وانما يحقق العدالة ، بوصفه معياراً غير منضبط ويختلف من شخص لأخر (21) .

سادساً : معيار ادارة المرهون حيازياً : نصت المادة (1339 – 1) من القانون المدني العراقي على " يتولى المرتهن ادارة المرهون رهناً حيازياً ، وليس له ان يتصرف فيه ببيع او برهن ، وعليه ان يبذل في ادارته من العناية ما يبذله الرجل المعتاد ، وليس له ان يغير في طريقة استغلاله الا برضاء الراهن " (22). ومعيار عناية الشخص المعتاد في ادارة المال المرهون من المعايير الموضوعية التي تحقق الاستقرار للمعاملات المالية .

سابعاً : معيار التزام العامل في اداء عملة : حدد المشرع العراقي ، المعيار الذي يبين مدى التزام العامل في اداء عمله ، في المادة (909 – 1) من القانون المدني والتي نصت على " يجب على العامل : أ – ان يؤدي العمل بنفسه ويبذل في تأديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد " (23). وهو ، كما نرى ، من المعايير الموضوعية التي تهدف لتحقيق الاستقرار في المعاملات المالية .

ثامناً : رأينا في العلاقة بين المعيار الموضوعي واستقرار المعاملات : في ضوء التطبيقات القانونية التي ذكرناها ، تتضح العلاقة بين معيار عناية الشخص المعتاد الموضوعي واستقرار المعاملات المالية ، ويبدو لنا ان المشرع قد اوجد هذا المعيار وضمنه في نصوص القانون المدني وفي اغلب احكامه والمسائل التي تناولها ، انما ليؤكد انه راعى تحقيق استقرار المعاملات في هذا القانون بوصفه غاية المشرع في القانون المدني ، وعلى القاضي ان يحقق هذه الغاية عند تطبيق القانون .

وان العلاقة بين هذا المعيار واستقرار المعاملات لا يمكن ان تنفصم ، اذ ان المشرع نص على المعيار الموضوعي في مناسبات بقصد تحقيق الاستقرار ، الا انه لم يهمل المعيار الشخصي الذي يحقق العدالة ، وان للمعيار الموضوعي مقومات ، وهذه المقومات تنسجم في مضمونها وطبيعتها مع الاعتدال والوسطية التي قد تكون سائدة ومقبولة في المجتمعات ، لإمكان انطباقها على اشخاص المجتمع بهدف تحقيق استقرار المعاملات المالية .

وان انفصام العلاقة بين المعيار الموضوعي وتحقيق الاستقرار يعني ان المشرع لم يقصد تحقيق الاستقرار من وراء نصه على المعيار الموضوعي بل يقصد تحقيق غاية اخرى ، وهو في الوقت نفسه قد نص على معايير ذاتية واخرى ذاتية مقترنة بضوابط موضوعية ، فلو اراد غير تحقيق استقرار المعاملات لنص على معياراً ذاتياً ليحقق غاية اخرى .

وما نرجحه وجود علاقة وثيقة بين هذا المعيار واستقرار المعاملات ، وهذه العلاقة لا يمكن ان تنفصم الا اذا رجع المشرع عن هذا المعيار عبر تعديل القانون ونصه على معيار آخر بديل ، اي ان هذا المعيار يبقى حاكماً للمسائل التي نص عليها القانون ، اما غيرها فيطبق بشأنها ما نص عليه المشرع من معايير .

_____________

1 ينظر د. عبد المجيد الحكيم ، الموجز في شرح القانون المدني ، مصادر الالتزام ، شركة الطبع والنشر الاهلية ، بغداد – العراق ، 1963  ، ص 430 – 431 .

2- ينظر المعايير الواردة في القانون المدني العراقي فقد جمع ، في المواد 187 – 203 ، بين المبدأ العام وتطبيقاته كمعيار لتحديد الاعمال غير المشروعة ، وبين في المادة 204 حكماً عاماً شاملاً لجميع الاعمال غير المشروعة ، وتبنى معايير اخرى للتخلص من المسؤولية عن العمل غير المشروع ، كمعيار اتخاذ الحيطة الكافية لمنع وقوع الضرر او ان الضرر كان لابد واقعاً حتى لو قام بهذا الواجب ، ومعيار الحيطة هو عناية الشخص المعتاد ، في المواد 218 و 219 و 221 و 223 و 224 و 226 و227 و 229 و 230 و 231 . واعتمد معايير موضوعية اخرى في تحقق الضرر وتوقعه في المواد 169 و 170 و 173 و 207 .

3- ينظر د. عاطف النقيب ، النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي ، الخطأ والضرر ، 1983 ، ص 134 .

4- ينظر د. نبيل اسماعيل عمر ، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية ، منشأة المعارف ، الاسكندرية – مصر ، 1984 ، ص 155

5- ينظر د. سليمان مرقس ، الوافي في شرح القانون المدني – المدخل للعلوم القانونية ، الجزء الاول ، الطبعة السادسة ، 1987 ، ص 214 .

6- ينظر د. عاطف النقيب ، المصدر السابق ، ص 134 .

7- ينظر د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام ، الطبعة الثالثة الجديدة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت – لبنان ، 2011  ، ص 885 .

8- ينظر د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام ، مصدر سابق ، ص 884 – 885 .

9- وتناظرها المادة 211 من القانون المدني المصري والتي نصت على " 1 – في الالتزام بعمل ، اذا كان المطلوب من المدين هو ان يحافظ على الشى او ان يقوم بادارته او ان يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفى بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ، ولو لم يتحقق الغرض المقصود . هذا ما لم ينص القانون او الاتفاق على غير ذلك . 2 – وفي كل حال يبقى المدين مسؤولاً عما يأتيه من غش او خطأ جسيم " .

10- عرفت المادة 1984 من القانون المدني الفرنسي الوكالة بانها " الوكالة او التوكيل عقد يعطي شخص بمقتضاه شخصاً آخراً سلطة القيام بعمل معين لصالح الموكل وباسمه " ، وتناظرها المادة 927 من القانون المدني العراقي والتي نصت على " الوكالة عقد يقيم به شخص غيره مقام نفسه في تصرف جائز معلوم " .

11- تناظرها المادة 1992 من القانون المدني الفرنسي والتي نصت على " يُسأل الوكيل لا عن التدليس وحسب ، بل عن الاخطاء التي يقترفها في ادراته ايضاً . غير ان المسؤولية المتعلقة بالأخطاء تطبق بشكل اقل تشدداً في الوكالة المجانية ، مما هي عليه في الوكالة لقاء أجر " ، وتناظرها كذلك المادة 704 في القانون المدني المصري والتي نصت على " 1 – اذا كانت الوكالة بلا أجر وجب على الوكيل ان يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في اعماله الخاصة ، دون ان يكلف في ذلك ازيد من عناية الرجل المعتاد . 2 – فان كانت بأجر وجب على الوكيل ان يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد " .

12- ونلاحظ ذلك في النظر الى المادة 192 – 1 في القانون المدني المصري والتي نصت على " يجب على الفضولي ان يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي ، ويكون مسؤولاً عن خطئه . ومع ذلك يجوز للقاضي ان ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ ، اذا كانت الظروف تبرر ذلك " .

13- وفرق المشرع المصري ، في المادة 521 من القانون المدني والتي تنظم اثار الشركة ، بين نشاط الشريك في ادارة الشركة فيما لو باشر نشاطه بأجر او بغيره ، فنصت على " 1 – على الشريك ان يمتنع عن اي نشاط يلحق الضرر بالشركة ، او ان يكون مخالفاً للغرض الذي انشئت لتحقيقه . 2 – وعليه ان يبذل من العناية في سير مصالح الشركة ما يبذله في تدبير مصالحه الخاصة ، الا اذا كان منتدباً للادارة بأجر فلا يجوز ان ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد " .

14- عرفت المادة 722 من القانون المدني العراقي عقد الايجار بانه " الايجار تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة وبه يلتزم المؤجر ان يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور " .

15- ينظر المادة 1728 من القانون المدني الفرنسي والتي تناظر نص القانون المدني العراقي والتي نصت على " يكون المستأجر مسؤولاً عن التزامين اساسيين : 1- استعمال المأجور كما يستعمله الاب الصالح وفقاً للغرض الذي حُدد له في عقد الايجار او الغرض المفترض له بحسب الظروف عند عدم وجود اتفاق . 2- اداء بدل الايجار في المواعيد المتفق عليها " ، وينظر كذلك المادة 583 من القانون المدني المصري ، التي تناظرها ، وقد نصت على " 1 – يجب على المستأجر ان يبذل من العناية في استعمال العين المؤجرة وفي المحافظة عليها ما يبذله الشخص المعتاد . 2 – وهو مسؤول عما يصيب العين اثناء انتفاعه بها من تلف او هلاك غير ناشىء عن استعمالها استعمالاً مألوفاً " .

16- عرفت الاعارة في المادة 847 من القانون المدني العراقي اذ نصت على " الاعارة ، عقد به يسلم شخص لاخر شيئاً غير قابل للاستهلاك يستعمله بلا عوض على ان يرده بعد الاستعمال ولا تتم الاعارة الا بالقبض " .

17- ينظر المواد 1880 ، 1881 ، 1882 المناظرة من القانون المدني الفرنسي ، وينظر كذلك المادة 641 من القانون المدني المصري ، المناظرة لنص القانون المدني العراقي ، والتي نصت على " 1 – على المستعير ان يبذل في المحافظة على الشيء العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله دون ان ينزل في ذلك عن عناية الرجل المعتاد " .

18- ينظر د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، العقود الواردة على الانتفاع بالشيء – الايجار والعارية ، الطبعة الثالثة الجديدة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت – لبنان ، 2011 ، ص 1538 .

19- نصت المذكرة الايضاحية على " فاذا كان الشيء معاراً لاستعمال معين ، اقتصر حق المستعير على هذا الاستعمال بحيث لو جاوزه الى غيره اعتبر مجاوزاً لحقه ، بل مخلاً بواجب التقيد بذلك الاستعمال . وكذلك الحال لو ان العارية حددت بوقت معين ، فلا يجوز للمستعير ان يستعمل الشيء بعد ذلك الوقت . اما اذا لم يعين العقد استعمالاً او وقتاً ما ، فلا يجوز للمستعير ان يستعمل الشيء الا فيما تقبله طبيعته او يحدده العرف " ، انظر ضياء شيت خطاب و ابراهيم المشاهدي و عبد المجيد الجنابي و عبد العزيز الحساني و غازي ابراهيم الجنابي ، مجموعة الاعمال التحضيرية للقانون المدني العراقي ، الجزء الرابع ، مطبعة الزمان ، بغداد – العراق ، 2002 ، ص 676 .

20- عرف عقد الايداع في المادة 951 من القانون المدني العراقي بانه " الايداع عقد به يحيل المالك او من يقوم مقامه حفظ ماله الى اخر ولا يتم الا بالقبض " .

21- ينظر المادة (952 – 1) من القانون المدني العراقي والتي نصت على " يجب على الوديع ان يعتني بحفظ الوديعة كاعتنائه بحفظ ماله وان يضعها في حرز مثلها " . وينظر كذلك المادة 1927 التي تناظرها من القانون المدني الفرنسي والتي نصت على " يجب على الوديع ان يبذل في حفاظه على الوديعة ذات العناية التي يبذلها في حفاظه على اشيائه الخاصة " ، وينظر كذلك المادة 720 من القانون المدني المصري ، المناظرة لنص القانون المدني العراقي ، والتي نصت على " 1 – اذا كانت الوديعة بغير أجر وجب على المودع عنده ان يبذل من العناية في حفظ الشيء ما يبذله في حفظ ماله ، دون ان يكلف في ذلك ازيد من عناية الرجل المعتاد . 2 – اما اذا كانت الوديعة بأجر فيجب ان يبذل في حفظ الوديعة عناية الرجل المعتاد " .في حين بين المشرع المصري المعيار الذي يحدد مدى التزام الحارس في الاموال المعهود اليه حراستها وادارتها ، في المادة 734 – 1 من القانون المدني والتي نصت على " يلتزم الحارس بالمحافظة على الاموال المعهودة اليه حراستها وبادارة هذه الاموال . ويجب ان يبذل في كل ذلك عناية الرجل المعتاد " .

22- نصت المادة 1103 من القانون المدني المصري على " اذا تسلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه ان يبذل في حفظه وصيانته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد ، وهو مسؤول عن هلاك الشيء او تلفه ما لم يثبت ان ذلك يرجع لسبب اجنبي لا يد له فيه " .

23- ونلاحظ التطابق بين نص المادة في القانون المدني العراقي  ونص المادة 685 من القانون المدني المصري والتي نصت ، في واجبات العامل ، على " يجب على العامل : 1 – ان يؤدي العمل بنفسه ، وان يبذل في تاديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد " .

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل سنّ التكليف الشرعي المركزي لطالبات المدارس في كربلاء
العتبة العباسية تكرم المساهمين بنجاح حفل التكليف الشرعي للطالبات
ضمن فعاليات حفل التكليف الشرعي.. السيد الصافي يلتقط صورة جماعية مع الفتيات المكلفات
حفل الورود الفاطمية يشهد عرضًا مسرحيًّا حول أهمية التكليف