أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2015
3178
التاريخ: 18-05-2015
3223
التاريخ: 15-05-2015
3527
التاريخ: 18-05-2015
4735
|
دخل الإمام الكاظم (عليه السَّلام) ذات مرة أحد قصور هارون الفخمة في بغداد، فراح هارون الذي كان مغروراً بسلطته يتساءل ما هذه الدار؟
و قد أراد بذلك أن يستعرض قوته وشوكته أمام الإمام (عليه السَّلام) ، فأجابه (عليه السَّلام) بدون اكتراث بما حوله بصراحة فقال (عليه السَّلام) : هذه دار الفاسقين قال: وقرأ { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا } [الأعراف: 146] فاستشاط هارون غضباً ؛ و هو يخفي غضبه بصعوبة .
فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة ، ولغيرهم فتنة .
قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها ؟
قال: أخذت منه عامرة، ولا يأخذها إلاّ معمورة .
لكلّ إنسان ميزات خاصة تميّزه من ناحية طريقة التفكير والخصوصيات الأخلاقية، وانّ صفاته الأخلاقية وسلوكه يمثلان كشكله ومظهره شخصية محددة، غير انّ لبعض الناس نوعاً من التضاد النفسي وعدم الانسجام في شخصيتهم وأُسسهم الفكرية نتيجة الحرمان التربوي وأسباب أُخرى، فتراهم لا يتمتعون بشخصية واحدة من ناحية الطبيعة والمميزات الشخصية، بل تجد انّ لهم شخصيتين أو شخصيات متعدّدة، ولذلك تصدر منهم أعمال متضادة تبعث على التعجب أحياناً، وبالرغم من أنّ قبول هذا النوع من التضاد قد يكون أمراً عسيراً في الوهلة الأُولى، لكنّه ونظراً إلى طبيعة الإنسان يتضح انّ هذا ليس ممكناً فقط، بل انّ كثيراً من الناس يعانون من ذلك، ونحن اليوم نقرأ في كتب علم النفس انّه من الممكن وبسهولة أن تنتاب الإنسان المشاعر الكاذبة والنزوات والرغبات الغير المستقرة والملتهبة، أي أن يكون حسّاساً وعديم المشاعر في الوقت ذاته، وصادقاً وكاذباً، ومخلصاً ومخادعاً حتى مع نفسه في آن واحد، وهذه الأضداد ليس اجتماعها في الإنسان أمر ممكن فحسب، بل انّها من خصوصيات عالمي الشعور واللا شعور في النفس البشرية إنّ لهذا الصنف من الناس مشاعر زائفة ومتضادة، ولهذا السبب لا يتمتعون بسلوك متوازن، فانّهم في الوقت الذي يتشبّثون فيه بالبذخ والارستقراطية تراودهم نزعات زهدية صوفية، وتشغل التعاليم الدينية قسماً من فكرهم بينما يكون القسم الآخر منه مسرحاً لطلب اللذة والخلاعة والمجون ،وإذا مرّوا بالمسجد صدفة يقفون في صفوف العبّاد، وكلّما وقعت عينهم على حانات الخمور لا يتعدّونها دون ارتشاف خمرتها، فمرة يضطهدون وأُخرى يذرفون دموع العطف والإشفاق. ويحتفظ التاريخ لنا بنماذج لهذا الصنف من الناس ممّن لهم شخصيات متعددة والتي منهم شخصية هارون الرشيد .
ولد هارون في بلاط الخلافة وقد اعتاد منذ الصغر على اللهو والمجون والخلاعة، وكان ميالاً بطبيعته إلى طلب الملذّات والارستقراطية واللهث وراءها ، ومن ناحية أُخرى كانت البيئة الإسلامية ومكانته توجب أن يكون شخصية مسلمة ملتزمة بتعاليم الإسلام، ومن هنا كانت شخصيته خليطاً من الصفات الطيبة والسيئة والقبيحة والجميلة، فقد كان يتمتع بصفات غريبة متضادة قلّما توجد في الإنسان، وقد اختلط الظلم والعدل، الرحمة والقسوة، الإيمان والكفر، والليونة والغلظة بشكل عجيب في شخصيته ؛ فمن جهة كان لا يعبأ بالظلم الذي يقوم به ويريق الدماء الطاهرة للناس الأبرياء لا سيما دماء أبناء رسول اللّه الأحرار بلا أدنى مبالاة، ومن ناحية كان عندما يستمع إلى نصائح وعظات العلماء والزهّاد ويستذكر يوم القيامة يبكي بشدة، فقد كان يصلّي ويلهو ويشرب الخمرة ويطرب أيضاً، وكان يبدو أكثر الناس زهداً وإيماناً عند استماع المواعظ ونصائح العلماء، غير انّه عندما كان يجلس على كرسي الخلافة ويتناول قضايا الحكم والدولة لا يكون أقلّ من نيرون وجنكيز!!
وكتب المؤرّخون: انّ هارون ذهب ذات مرة إلى لقاء الفضيل بن عياض، وهو من الرجال المعروفين بالعلم والورع والفضل في ذلك الزمان، فراح الفضيل يعظه ويخوّفه حتى بكى هارون بكاءً شديداً، وقد أُغمي عليه اثر ذلك، فلمّا أفاق طلب من الفضيل أن يعظه ثانياً، فراح يعظه وينصحه، فكان بكاء الرشيد وإغماؤه يتكرر عدّة مرات، ثمّ أعطاه ألف دينار ليصرفها عند الضرورة .
يجسد لنا هارون بسلوكه هذا مثالاً كاملاً للإزدواجية في الشخصية، لأنّه قد يكون معتقداً بأنّه يكفي أن يبكي المرء ويغمى عليه خوفاً من اللّه ليفعل بعد ذلك ما يحلو له دون مبالاة لأي شيء، و قد كان عنده ألفا جارية، ثلاثمائة منهنّ مختصات للغناء والرقص والأناشيد .
ولكنّه ومع كلّ هذه الخيانة للمسلمين وأموالهم يذرف دموع التماسيح ويرى نفسه أمرئ صالحاً ورعاً مثل بقية الصالحين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|