أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
3042
التاريخ: 2024-05-16
723
التاريخ: 29-09-2015
1786
التاريخ: 27-09-2015
1876
|
مرت خلقة آدم ونشأته إلى أن صار بشراً سوياً على مراحل ثلاث ، هي :
أ . المرحلة الترابية وتوابعها .
ب . مرحلة التصوير .
ج . مرحلة نفخ لروح .
وإليك دراسة كل من هذه المراحل واحدة بعد الأخرى .
الأولى : المرحلة الترابية وتوابعها
يؤكد القرآن الكريم ان الله سبحانه قد خلق الإنسان من تراب متحول من مرحلة إلى مرحلة ، وهي :
١. التراب
قال سبحانه : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران : 59] .
٢. الطين
قال سبحانه : {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة : 7] .
٣. الطين اللازب
قال سبحانه : {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} [الصافات : 11] واللازب : هو الطين الملتصق باليد .
٤. حمأ مسنون
قال سبحانه : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر : 26] .
والحمأ : هو الطين الأسود ، والمسنون ، المتغير ، أي خلقه من طين أسود متغير .
٥. سلالة من طين
يقول سبحانه : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون : 12] .
والسلالة : هو صفوة الطين من الكدر وخلاصته ، من سللت الشيء من الشيء أي استخرجته منه .
٦. صلصال كالفخار
يقول سبحانه : {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ } [الرحمن : 14] .
أي من طين يابس إذا نقر صلصل وصوت كالخزف .
ففي ا لمرحلة التي سميناها بالمرحلة الأولى نرى تكامل خلقة آدم من طور إلى طور ، ولكن الجميع يدور حول التراب والطين بأشكالهما المختلفة إلى أن صار جسم الإنسان أشبه بالطين اليابس الذي إذا نقر ، صوت .
وهذه الأطوار الستة التي يذكرها القرآن في خلقة آدم ، ربما ينسبها إلى خلقة الإنسان كله ، فيقول : {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} أو قال : {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ} ، وما هذا إلا لأن آدم أبوهم وأصلهم فصح أن يصف أولاده بما للأب من الأوصاف .
والإنسان المعاصر وإن كان وليد النطفة ، ولكن يصح وصفه بهذه الأطوار أيضاً من باب وصف الشيء بحال متعلقه .
الثانية : مرحلة التصوير
لما انتهت خلقة الإنسان إلى أن صار جسمه طينا يابسا له صوت إذا نقر ، جاءت مرحلة ثانية هي مرحلة التصوير .
قال تعالى : {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف : 11] .
فقد أشارت الآية إلى مرحلتين من مراحل نشأته ، أعنى : خلقه من تراب بأطواره وتسويته الأولى بقوله سبحانه : (خلقناكم) وإلى الثانية بقوله تعالى : (ثم صورناكم) . والمراد من التصوير ، هو التسوية الظاهرية لجسمه .
يقول سبحانه : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر : 28، 29] ، فقد أشارت الآية إلى مرحلتين من نشأة آدم وهما : التسوية ، ونفخ الروح .
فبالمقارنة بين الآيتين يعلم أن المراد من التصوير هو التسوية ، غير أنه سبحانه ينسب التصوير في سورة الأعراف إلى الإنسان كله وفي سورة الحجر إلى آدم (عليه السلام) ، وقد مر أن القرآن يصف كل إنسان بصفات أبيه آدم . فالتصوير كان لآدم ولكن أثبته للإنسان كله من باب وصف الشيء بحال متعلقه .
وعلى ضوء هذا فالتسوية والتصوير وهو التشكل بهيئة معينة تحققت قبل أن ينفخ فيه الروح ، وهي الصورة التي خلق آدم وأولاده عليها .
وأما الفاصل الزماني بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية فيظهر من الآيات القرآنية أنها كانت قليلة حيث يعبر سبحانه في سورة الأعراف عن الفاصل الزماني بلفظ (ثم) فيقول : {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} ولكنه في سورة الحجر بلفظ «ف» ويقول : { إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ } ، وهذا يكشف عن أن الفاصل الزماني لم يكن شيئاً كثيرا ، بل كان على وجه يصح فيه استعمال كلتا الكلمتين بنظريتين مختلفتين ، وأيضاً تفيد الآيات أن خلقة آدم لم تكن أمراً دفعياً بل كان تدريجياً تم خلال أيام أو شهور قليلة .
الثالثة : مرحلة نفخ الروح
وهذه المرحلة السامية المرحلة الفاخرة التي بها تفوق الإنسان على سائر المخلوقات ، وهي مرحلة نفخ الروح الذي يلازم كونه إنسانا عاقلا مفكراً حر اًذا إرادة وغرائز وميول ، التي بها استحق أن يكون مسجوداً للملائكة ومعلماً لهم – كما سيوافيك بيانهما
قال سبحانه : {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر : 29] وبمثل هذا التعبير عبر مرة أخرى في سورة (ص) . (1)
وقد أضاف سبحانه الروح التي نفخها في آدم إلى نفسه ، وقال : {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} ، ومن المعلوم أنه سبحانه أجل من أن يكون له جسم وروح ، لأنه تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى : 11] ، فإذا تكون الإضافة هنا ، إضافة تشريفية نظير إضافة البيت إلى نفسه في قوله : {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة : 125] . ومثله تسمية شهر رمضان ، بشهر الله ، كل ذلك لأجل التنويه بشرف الروح والبيت والشهر .
خلقة آدم ونظرية تكامل الأنواع
ما مر من الآيات ظاهر في أن آدم خلق منذ خلق على هيئة خاصة وأنه م يتحول من نوع إلى نوع آخر ، خلافاً لنظرية تطور أصل الأنواع التي طرحها لأول مرة العالم الفرنسي «لامارك» (١٧٤٤-١٨٢٩ م) وبعده «تشارلز دارون» (١٨٠٩-١٨٨٢ م) الذي صاغ نظرية تطور الأنواع فعرفت بالدارونية ، وقد ظهرت النظرية لأقل مرة عندما طبع كتابه «أصل الأنواع» في منتصف القرن التاسع عشر .
وعلى الرغم من أن أس نظرية التطور التي طلع بها دارون كانت موجودة في ثنايا ما عرضه «لامارك» ، ولكنها لقيت من الاستقبال ما لم تلقه نظرية «لامارك» ، لأن الوقت الذي عرض فيه دارون نظريته ، كان مناسباً ، إذ طرحها على المجتمع الغري يوم كانت أوربا في صراع شديد مع الكنيسة وفي حرب على مبادئها ومفاهيمها ، فكانت هذه النظرية - التي استفاد منها البعض لمعارضتها مبادئ الكنيسة - خير سلاح شهره أعداء الكنيسة ضدها .
وقد شيد دارون نظريته على نواميس أربعة لخصها بالعبارات التالية :
١. ناموس تنازع البقاء .
٢. ناموس الانتخاب الطبيعي وبقاء الأصلح .
٣. ناموس الوراثة .
٤. ناموس الملائمة مع البيئة .
وعلى وفق هذه النظرية كان الإنسان وغيره من الأنواع كائنات حية بسيطة ، ثم تطورت حسب الأصول والنواميس المذكورة إلى أن بلغت هذه التطورات حداً جعلته نوعاً ممتازاً على سائر الأنواع .
وعلى هذا الأساس لم يكن الإنسان يوم وجد على أديم الأرض على هيئته التي نراها اليوم ، بل كان كائناً عضوياً بسيطاً صيرته التطورات الكثيرة في القرون المديدة إنسانا ي صورته الفعلية ، والإنسان في النتيجة هو أرقى الكائنات العضوية الحية .
وعلى ضوء ما ذكره ، فالتطور والتكامل حصلا تدريجياً عبر قرون وأزمنة كثيرة .
وحينما كانت نظرية «دارون» تدرس في الجامعات والمحافل العلمية-وأخذها بعض البسطاء من الناس كأنها حقيقة راهنة - برزت إلى الساحة العلمية نظرية أخرى باسم نظرية «التطور الفجائي» فقضت على أكثر ما اعتمد عليه دارون ومن قبله لامارك من أسس ، وصارت النظرية الدارونية معرضاً لإشكالات واعتراضات وأخطاء كثيرة .
يقول العلامة الطباطبائي حول فرضية تكامل الأنواع : وهذه فرضية افترضت لتوجيه ما يلحق بهذه الأنواع من الخواص والآثار من غير قيام دليل عليها بالخصوص ونفي ما عداها مع إمكان فرض هذه الأنواع متباينة من غير اتصال بينها بالتطور وقصر التطور على حالات هذه الأنواع دون ذواتها وهي التي جرى فيها التجارب ، فإن التجارب لم تتناول فرداً من أفراد هذه الأنواع تحول إلى فرد من نوع آخر كقردة إلى إنسان ، وإنما تتناول بعض هذه الأنواع من حيث خواصها ولوازمها وأعراضها .
واستقصاء هذا البحث يطلب من غير هذا الموضع ، وإنما المقصود الإشارة إلى أنه فرض افترضوه لتوجيه ما يرتبط به من المسائل من غير أن يقوم عليه دليل قاطع ، فالحقيقة التي يشير إليها القرآن الكريم من كون الإنسان نوعاً مفصولا عن سائر الأنواع غير معارضة بشيء علمي . (2)
وعلى كل تقدير فهذه النظريات التي وضعها علماء الطبيعة لا تتعدى كونها فروضاً متزلزلة دون أن تكون من الحقائق العلمية الثابتة حتى تلجئنا إلى تأويل كتاب الله العزيز وصرفه عن ظاهره . فالمعتقد الإسلامي هو أن أبانا آدم خلق على هذا الشكل ولم يتعرض للتطور الجوهري ، واستمرت الخلقة على هذا الشكل إلى يومنا هذا .
تطبيق بعض الآيات على نظرية التطور
قد عرفت أن نظرية «دارون» قد أكل عليها الدهر وشرب ونسختها نظرية أخرى باسم نظرية التطور الفجائي أو الطفرات الورائية ، ومع ذلك يوجد في الشرق الإسلامي من غرته تلك النظرية فحاول أن يستدل عليها بآيات من الذكر الحكيم . فاستدل مثلا بالآية التالية : على أن خلق آدم كان تدريجياً أشبه بما يدعيه «دارون» حيث قال سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران : 33 ، 34] .
ووجه استدلاله أن الله سبحانه يذكر أنه اصطفى نوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وأنه اختارهم من بين سائر الناس وأولاد آدم ، ثم إنه عطف هؤلاء على آدم بأنه كان من المصطفين ، فبالمقارنة يعلم أنه تعالى اصطفى آدم وانتخبه من النسل الموجود على الأرض ، وهذا يعني -في زعمه- أن آدم لم يكن أول من وطأ هذه الأرض ، بل كان هناك نسل من الإنسان النازل ، وقد انتخب سبحانه الأفضل وجعله خليفة وأبا للنسل الحاضر .
ثم إنه يستقرب انطباعه عن الآية بلفظة العالمين ، وان المراد منه الإنسان الموجود في عصر آدم كالإنسان ا لموجود في سائر الأعصار .
يلاحظ على هذا الاستدلال : أنه مبني على ان المراد من «على العالمين» الأشخاص المتواجدون في أعصارهم ، وعند ذلك يكون انتخاب آدم انتخاباً طبيعياً من ينهم .
وهذا خلاف الظاهر ، فالمراد من العالمين هو مجموع الإنسان ، سواء أكان معاصراً لآدم أم لم يكن معاصراً له حتى الإنسان المتواجد قريباً من يوم القيامة ، ويدل على ذلك استعمال العالمين في الذكر الحكيم في عامة الناس ، قال سبحانه : {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 108]
وقال سبحانه : {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96] .
فالله سبحانه لا يريد ظلماً لأي إنسان وجد على وجه هذه البسيطة ، كما أنه جعل البيت الحرام مباركاً ومناراً للهداية لعامة الناس إلى يوم القيامة .
وعلى ضوء هذا فيكون معنى قوله سبحانه : {اصْطَفَى آدَمَ} ومن جاء بعده من الأنبياء على كل من يأتي بعده من البشر ، وأين هذا من تخصيصه بمعاصريه ؟! فيكون المراد اصطفاءه بالنبوة وتعليمه الأسماء وأمر الملائكة بالسجود له ، إلى غير ذلك من الصفات التي بلغ بها آدم إلى الدرجة العليا من الكمال .
استمرار ذريته
ذكرنا مراحل خلقة أبينا آدم (عليه السلام) وأما نسله ، فقد جعله الله سبحانه {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة : 8] ، أي جعل ذريته من علقة مخلوقة من ماء مهين ضعيف في الغاية . نعم يتكامل ولد آدم في أرحام الأمهات خلقاً بعد خلق وينتقلون من طور إلى طور ، كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله : {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون : 14] .
هذه هي شجرة الإنسان التي يعرضها القرآن الكريم ، واضحة في أصلها وفروعها ، يذكرها الإنسان دون أن يغمره شعور بالنقص أو إحساس بعقدة نفسية ، كالتي تشيعهما نظريات «لامارك» و«دارون» وأمثالهما ، وهي تتحدث عن أصل آبائه وأجداده .
إن نظرية التطور أو ما تسمى بنظرية النشوء والارتقاء تزعم أن أشكال الحياة المختلفة بدأت من خلايا حية بسيطة ثم تطورت إلى كائنات كبيرة معقدة .
وكان «لامارك» قد ذهب إلى أن البيئة هي القوة المؤثرة في التطور الذي يؤدي إلى ظهور صفات جديدة تورث من جيل إلى جيل ، وقد يبلغ التطور ذروته ، فينتج عنه ظهور أنواع جديدة ، إلا أن هذه النظرية فشلت علمي، إذ أثبت العلماء أن الصفات الوراثية تنتقل إلى الأجيال عن طريق الخلايا الوراثية (التي لا تخضع للظروف البيئة) ، ولا تأثير للخلايا الجسمية فيها . ثم جاء «دارون» فبنى نظريته على قانوني : التنازع على البقاء ، والانتخاب الطبيعي . وكلا هذين القانونين تعرضا لنقد شديد من قبل العلماء . والمجال هنا لا يتسع لذكر ذلك .
ومن الأدلة التي يستند إليها التطوريون في وجود العلاقة التطورية بين الحيوانات وبين الإنسان (الذي هو مجال بحثنا) هو وجوه التشابه المتواجدة بينهما . وهذا الزعم غير مسلم به ، إذ أثبت علم التشريح المعاصر فروقاً هائلة بين الإنسان وبين القردة التي هي أقرب الحيوانات شكلاً الى الإنسان ، منها نمو الدماغ عند الإنسان ، والتعبير بالنطق عن الأفكار ، والقدرة على التصور وتكوين الأفكار . وهذه الفروق وغيرها جعلت بعض التطوريين ينفون اندراج الإنسان تحت قانون الانتخاب الطبيعي مثل «والدس» و «فرخو» .
ولولا إصرار التطوريين على عدم الإيمان بقوة خالقة للكون مدبرة للحياة ، لكان لهم موقف آخر من هذه النظرية ، كشف عنه أحد أنصارها وهو «السير آرثركيث» بقوله : إن نظرية النشوء والارتقاء غير ثابتة علمياً ، ولا سبيل إلى إثباتها بالبرهان ، ونحن لا نؤمن بها إلا لأن الخيار الوحيد بعد ذلك هو الإيمان بالخلق المباشر ، وهذا ما لا يمكن حتى التفكير فيه (3) !!
يقول العلامة الطباطبائي (رحمه الله) : وأما القرآن فظاهره القريب من النص أن هذا النسل الحاضر المشهود من الإنسان ينتهي بالارتقاء إلى ذكر وأنثى هما الأب والأم لجميع الأفراد ، أما الأب فقد سماه الله تعالى في كابه بآدم ، وأما زوجته فلم يسمها في كتابه ولكن الروايات تسميها حواء كما في التوراة الموجودة .
قال تعالى : {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة : 7 ، 8] .
وقال تعالى : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران : 59] .
وقال تعالى : {قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة : 30 ، 31] .
وقال تعالى : {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص : 71 ، 72] .
فإن الآيات -كما ترى - تشهد بأن سنة الله في بقاء هذا النسل أن يتسبب إليه بالنطفة لكنه أظهره حينما أظهره بخلقه من تراب ، وأن آدم خلق من تراب وأن الناس بنوه ، فظهور الآيات في انتهاء هذا النسل إلى آدم وزوجته مما لا ريب فيه وإن لم تمتنع من التأويل . (4)
ثم إن الغاية من ذكره سبحانه النشأة الأولى للإنسان والمراحل التي يمر بها خلقه ، هي إلفات نظرنا إلى عظمة الخالق وقدرته اللامتناهية ، ومن ثم التوجه إليه بالعبادة والشكر ، حيث جعل التراب والطين وسلالتهما إنساناً عالماً سميعاً بصيراً يسخر الأرض والسماء ويحلق بينهما .
______________________
1 . ص : 72.
2 . الميزان في تفسير القرآن : 144/4 .
3. انظر الموسوعة العربية العالمية : 353/25-359(الطبعة الثانية) .
4. الميزان في تفسير القرآن : 4 / 142 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|