المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الإرهاب الإلكتروني وحرب المعلومات
28-1-2023
ثمرة الايمان بالملائكة والرسل
15-4-2016
التقوى
19-4-2020
إنتاج اللحم في الوطن العربي
6-2-2022
خف أزهار وثمار اللوز
23-2-2020
خصائص المشتبك العصبي
25-5-2016


تعليق تحريك الدعوى على اذن  
  
4697   11:37 صباحاً   التاريخ: 11-1-2021
المؤلف : جلال ثروت – سليمان عبد المنعم
الكتاب أو المصدر : اصول المحاكمات الجزائية
الجزء والصفحة : ص142-164
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

- معنى الأذن :

الأذن شرط آخر من شروط تحريك الدعوى الجنائية في بعض الجرائم . وصدوره ممن يملكه يعني - من ناحية أولى - النزول عن تلك الحماية أو الضمانة المقررة لبعض الأفراد بوصفهم أعضاء في هيئة ذات مكانة خاصة . كما يعني من ناحية ثانية - رفع العقبة الاجرائية في سبيل تحريك الدعوى العمومية قبلهم .

ومن هنا تبين أنه بينما تحمي قواعد الشكوى والطلب المجني عليه ( طبيعيا كان الشخص أو معنويا ) فان قواعد الاذن تحني و المتهم ،. والواقع أن قواعد الاذن لا تحمي المتهم باعتباره فردا ذا امتياز خاص في الجماعة ولكن بوصفه عضوا في مينة لما استقلالها وكرامتها وهيبتها . فالمساس به - بغير حق ۔ مساس بهذا الاستقلال وحط من هذه الكرامة(1) .

- احوال الأذن :

لم يبين لنا قانون الاصول الجزائية اللبناني الأحوال التي يتوقف فيها رفع الدعوى على اذن . وانما وردت تلك الأحوال في قوانين متفرقة(2).

وتكون هذه الأحوال مجموعة من « الحصانات » أو الضمانات المقررة لبعض الأشخاص بالنظر لما لوظائفهم من مكانة خاصة .

وأهم تلك الاحوال هي:

 أولا : الحصانة السياسية المقررة لرئيس الجمهورية اللبنانية وللوزراء .

 ثانيا : الحصانة البرلمانية .

 ثالثا : الحصانة القضائية .

رابعا : الحصانة الادارية .

اولا : الحصانة السيادية لرئيس الجمهورية والوزراء :

- قرر الدستور اللبناني حصانة من نوع خاص لرئيس الجمهورية والوزراء هي ما اصطلح عليه « بالحصانة السياسية» (3). ذلك أنه حصر اتهامهم في جرائم خاصة . كما أنه جعل سلطة الاتهام في هذه الحالة في مجلس النواب لا النيابة العامة . كما أن الاتهام لا بد أن يتم بأغلبية معينة . وأما المحاكمة فتتم أمام مجلس أعلى مخصوص .

من هنا نتبين أن موافقة الأغلبية على محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء انما تعني في الحقيقة اعطاء « اذن » بتحريك الدعوى العمومية قبلهم . ولكنه اذن من نوع خاص ، لأنه لا يتعلق البتة بالنيابة العامة. - وهي سلطة الاتهام العادية - وانما يتعلق بتحريك الدعوى العمومية من سلطة اتهام خاصة وأمام محكمة خاصة ، في عدد محدود من الجرائم الخطيرة.

وهكذا ففي خصوص اتهام رئيس الجمهورية تنص المادة (60) من الدستور اللبناني ، على أنه لا مسؤولية على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته الا عند خرقه الدستور والخيانة العظمى . أما التبعة فيما يختص بالجرائم المادية فهي خاضعة للقوانين العامة . ولا به اتهامه بسبب هذه الجرائم أو لعلتي خرق الدستور أو الخيانة العظمى الا من قبل مجلس النواب بغالبية ثلني مجموع أعضائه ويحاكم أمام المجلس الأعلى المنصوص عليه في المادة (80) . ويمهد بوظيفة النيابة العامة لدى المجلس الاعلى الى قاض تعينه المحكمة العليا المؤلفة من جميع غرفها • ويؤلف المجلس الأعلى من سبعة نواب وثمانية من أعلى القضاة ويجتمع تحت رئاسة أرفع القضاة رتبة وتصدر عنه قرارات التجريم بغالبية عشرة أصوات . على أن ينظم قانون خاص أصول المحاكمة امامه .

- مكرر - أما في خصوص اتهام الوزراء فانه يعود للمجلس النيابي أيضا أن يتهم الوزراء عن ارتكابهم الخيانة العظمى أو من خلالهم بالواجبات المترتبة عليهم ، ويجب أن يحرز قرار الاتهام أغلبية الثلثين . ويحاكم الوزراء أمام المجلس الاعلى . وعلى من أتهم منهم أن ينقطع عن العمل . ولا تؤثر استقالته في ايقاف المعاملات القضائية بحقه ( راجع المواد 70 و 71 و 72 من الدستور اللبناني ) .

ثانيا : الحصانة النيابية :

- للنائب حصانة مزدوجة احداهما شاملة ( أو سياسية ) والاخرى. قاصرة ( أو جزائية ) . أما الحصانة الدائمة أو الشاملة فمقتضاها عدم مسؤوليته عن الافكار والآراء التي يبديها مدة نيابته : وأما الحصانة القاصرة أو المؤقتة فمعناها عدم جواز تحريك الدعوى العمومية قبله خلال أدوار انعقاد المجلس النيابي . وهي تنتهي بواحد من أمور ثلاثة على ما سنرى .

 (أ) الحصانة الشاملة :

ثمة مبدأ اساسي تنص عليه أغلب الدساتير من أن النائب لا يسال عن الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته . وهذا المبدأ يوفر للنائب جوا من الاطمئنان وهو يمارس عمله السياسي ، وبهذا فهذه الحصانة هي نتيجة منطقية للمسؤولية التي يتحملها النائب وهو يعبر عن ارادة الامة .

بهذا تقضي المادة (39) من الدستور اللبناني(4) .

على أن هذه الحصانة محدودة بعدة حدود : فهي أولا مقصورة على الآراء والأفكار التي يبديها النائب أثناء ممارسته اعماله النيابية ، كالخطب والاقتراحات والاسئلة والاستجوابات وكل ما يتعلق بنشاطه النيابي . ومعنى ذلك أن الجرائم المادية التي لا علاقة لها بالآراء والأفكار التي يبديها النائب لا تدخل في حدود هذه الحصانة. فذم انسان على صفحات الجرائد يكون جريمة ذم بـ لأمراء(5).

وهي ثانيا : لا تتعلق بالجرائم الخارجة عن نطاق عمله النيابي » ولو ظهر فيها بوصفه نائبا . فاستغلال نفوذه في احدى الدوائر تحقيقا لمنفعته أو لمنفعة غيره مقابل هدية أو أجر غير واجب يجعله مسؤولا عن جريمة صرف النفوذ المعاقب عليها بالمادة 357 عقوبات لبناني .

وثمة مسالة اخرى . فاذا كان النائب غير مسؤول « من الناحية الجزائية» عن الآراء والأفكار - التي يبديها أثناء عمله النيابي - فهل يمكن أن يكون مسؤولا ( من الناحية المدنية ؟

والاجابة على هذا السؤال لا يجب أن تلتمسها في نصوص القانون ولا في تفسير نص الدستور تفسيرا لفظيا ( حيث تشير نص المادة 39 من الدستور الى رفع المسؤولية الجزائية وحدها دون غيرها من أنواع المسؤولية القانونية ) وانما توقف الاجابة على تكييف هذا الاعفاء : هل هو اعفاء تشريعي ؛ بمعنى أن قواعد القانون الجزائي لا توجه بالخطاب أصلا الى اعضاء المجلس النيابي في خصوص الجرائم التي تنبثق عن ابدائهم للآراء والأفكار ، أثناء العمل النيابي ؟ أم أنه من قبيل الاعضاء القضائي ، بمعنى أن الدعوى الجنائية وحدها ۔ دون المدنية ۔ هي التي لا يمكن تحريكها في خصوص هذه الأفعال ؟

ولدينا أن هذا الجانب من جوانب الحصانة شامل ودائم لأنه نابع عن علة جوهرية : هي تمثيل النائب للامة بأسرها فيما يبديه من أفكار وآراء . ومن ثم فمن التناقض أن نرفع عنه المسؤولية الجنائية ونساءله مدنيا . فالحصانة هي من قبيل الحصانة التشريعية وليست مجرد حصانة قضائية ، ومن ثم فلا تصح مساءلته جزائيا أو مدنيا عن هذه الآراء والأفكار.

(ب) الصحة الموقتة (او القاصرة ):

المقصود بهذه الحصانة ، قيد حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية قبل أعضاء المجلس النيابي عن الجرائم التي يقترفونها الا اذا صدر و اذن ، من المجلس بذلك(6).

هذه هي القاعدة العامة بالنسبة للحصانة النيابية . وان كان هناك سببان آخران يتيحان للنيابة العامة فرصة رفع الدعوى العمومية على النائب . بيد أنهما سببان استثنائيان . وهذا هو السبب في أننا ندرس الحصانة البرلمانية بوصفها تطبيقا من تطبيقات تعليق رفع الدعوى العمومية على اذن المجلس •

وهذا الوجه المؤقت من الحصانة البرلمانية هو الذي ينصرف اليه عادة تعبير «الحصانة النيابية». والفرض انها تثبت لعضو المجلس النيابي بمجرد ثبوت عضويته ، والراجح انها تثبت أيضا بمجرد تمام الانتخاب ولو لم يكن المجلس قد فصل بعد في صحة عضوية أعضائه (7) ، وهي بطبيعتها حصانة د شخصية ، بمعنى أنها مزية للعضو وحده فلا تمتد الى غيره كأولاده او زوجه، ذلك ان العلة في تقريرها في حمايته اثناء اداء عمله من الاضطهاد أو التنكيل به بسبب آرائه السياسية. واذا كانت الحماية تنحسر عنه هو نفسه في غير ادوار الانعقاد فلا يعقل ان تمتد الى اقفال ذويه الاجرامية ، والا كانت نوعا من النبالة تمجة قواعد المساواة بين المواطنين امام القانون .

 -اثر الحصانة ( الموقتة ) على سلطة النيابة :

من مقتضي عدم صدور اذن المجلس ان النيابة العامة تصبح مقيدة فلا تستطيع أن تتخذ اي اجراء من اجراءات رفع الدعوى العمومية . ومع ذلك فهناك اتفاق - بين الفقه والقضاء على أن النيابة العامة تستطيع۔ قبل صدور الأذن - اتخاذ الاجراءات الأولية التي لا تنطوي على مساس بشخص النائب او حرمة مسكنه ، ولهذا فيجوز لها أن تقرر سماع الشهود ( بغير يمين ) والمعاينة وندب الخبراء . فهذه كلها من قبيل اجراءات الاستقصاء التي لا تمس العضو ولا تعرفه عن اداء عمله ، لكن يمتنع عليها وعلى قاضي التحقيق امره بالحضور بمقتضي مذكرة جلب او القبض عليه او ايقافه بمقتضى مذكرة احضار او توقيفه كذلك يمتنع عليها تفتيشه شخصيا أو تفتيش مسكنه او ضبط مراسلاته . ومن باب اولي رفع الدعوى عليه . فهذه كلها من قبيل الاجراءات الماسة بشخصه ولا يجوز اتخاذها قبل صدور اذن المجلس النيابي بأية حال من الاحوال(8) .

على ان الطبيعة الجزائية لهذه الحصانة ، تأبى أن ترفع الدعوى الجنائية على النائب بوصفه متهما ( بالمعنى الواسع) امام المحاكم الجنائية . بيد انها لا تحول دون رفع الدعوى المدنية ، عليه بوصفه مسؤولا عن الحقوق المدنية في الخصومة الجنائية . كما لا تحول دون مطالبته بالتعويض عن الجريمة أمام المحكمة المدنية ، وعلة ذلك أن النائب هنا لا يظهر بوصفه معبرا عن ارادة الأمة بأسرها ولكن بصفته الشخصية . فالحصانة هنا من قبيل الحصانة و القضائية ، لا الحصانة التشريعية ، كما في الحالة السابقة .

- نطاق الحصانة من حيث الجرائم :

ومن الواجب ملاحظة أن الحصانة البرلمانية - ولو كانت مؤقتة - الا انها تشمل جميع انواع الجرائم ، جنايات كانت او جنحا او مخالفات. منبثقة عن اعمال النائب او خارجة عن نطاق اعماله طالما أنها وقعت والنائب متمتع بصفته ، في خلال ادوار الانعقاد ، وفي غير حالات الجرم المشهود .

زوال الحصانة:

نزول الحصانة - وبالتالي تسترد النيابة العامة حريتها في رفع الدعوى الجنائية - بأحد اسباب ثلاثة :

 

(1) الجرم المشهود ، (2) انتهاء أدوار انعقاد المجلس ، (3) صدور اذن المجلس •

وهذه الأسباب نستخلصها من نص المادة 40 من الدستور اللبناني التي تقضي بأنه : « لا يجوز في أثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية نحو اي عضو من اعضاء المجلس او القاء القبض عليه اذا اقترف جرما جزائيا الا بأذن المجلس ما خلا حالة الجرم المشهود .

وتناول بيان هذه الاسباب الثلاثة على التوالي :

(أ)  حالة الجرم المشهود :

المقصود بالجرم المشهود - في تعريف شامل لصوره المختلفة في القانون - ذلك التقارب الزمني بين وقوع الجريمة وكشفها وارتباطها - بقرينة قانونية لا تقبل اثبات العكس - بشخص معين .

ولقد نصت المادة (36) من قانون الاصول الجزائية على ان و الجرم المشهود هو الجرم الذي يشاهد حال فعله او عند نهاية الفعل ويلحق به ايضا الجرائم التي يقبض على مرتكبيها بناء على صراخ الناس او تضبط معهم اشياء او اسلحة او اوراق يستدل منها انهم فاعلو الجرم وذلك في الأربع والعشرين ساعة من وقوع الجرم ". |

وحكمة سقوط الحصانة عن النائب في حالة الجرم المشهود ان التلبس بالجريمة هنا يكون دليلا لا دليل بعده على ثبوت الجريمة ، ومن ثم فلا حاجة الى استئذان المجلس ، والا كان معني توقف الدعوى - في هذه الحالة – على صدور اذن من المجلس عرقلة سير العدالة واضناه و امتياز ، لا (حصانة ) على عضو ضبط متلبسا بالجريمة .

- (ب) انتهاء ادوار الانعقاد :

اذا انتهى دور الانعقاد انتفت العلة في تقرير الحصانة . فاستمرار تمتع النائب بها مع ذلك ضرب من ضروب الامتياز في المجتمع يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات . من اجل هذا نصت المادة (40) من الدستور اللبناني على انه «لا يجوز في اثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جنائية» .

وطبقا لهذا النص يمتنع اتخاذ اجراءات « جزائية » قبل النائب ، اما الاجراءات المدنية فمن الجائز اتخاذها قبله ، بل ان الاجراءات الجزائية التي يمتنع على النيابة اتخاذها هي الاجراءات الماسة بشخص المتهم او حصانة المسكن او الملكية . اما الاجراءات الاخرى فثمة اتفاق على جواز اتخاذها قبله(9).

على هذا فاذا بدأت النيابة العامة في اتخاذ الاجراءات الجزائية وأتمت رفع الدعوى بين دوري الانعقاد ، فلا جناح عليها ، ولكن من واجبها أن تخطر المجلس بما اتخذته من اجراءات ، أما اذا بدأتها في غيبة المجلس ( اي في فترة العطلة او التأجيل ) وادركها دور الانعقاد وهي لما تتم بعد فمن واجب النيابة أن توقف الاجراءات فورا حتى يأذن المجلس لها بالاستمرار فيها .

واخيرا فاذا كانت الإجراءات قد بدأت قبل انتخاب النائب المتهم عضوا في المجلس النيابي فمن الواجب ان توقعها - اذا تم انتخابه - حتى يصدر المجلس اذنه .

 (ج) صدور الأذن :

كذلك تزول الحصانة - وتسترد النيابة بالتالي سلطتها في تحريك الدعوى - بصدور انه من المجلس . ومن الطبيعي ان المجلس لا يأذن الا اذا تقدم صاحب المصلحة في رفع الدعوى الجنائية - سواء اكان هو النيابة العمومية أو المدعي المدني - بطلب ذلك .

وهو لا يطلب من المجلس مباشرة وانما يقدم طلبه هذا الى وزير العدل . وعندئذ يتقدم وزير العدل بطلب الى المجلس ، تنظر فيه لجنة خاصة (مي لجنة الادارة والعدلية ) بمجلس النواب ، ولا يعتبر الأذن صحيحا ما لم يوافق عليه ثلثي النواب الحاضرين ( راجع المادة 112 من النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني )(10).

على انه يلاحظ انه ليس من اختصاص المجلس أن يتطرق لبحث موضوع الدعوى او يتصدى لتمحيص ادلة الاتهام . آن مهمته في هذا الخصوص شكلية لا موضوعية وسياسية لا جزائية . فهو يقتصر على النظر فيما اذا كانت الدعوى جادة ام كيدية وان الباعث على تحريكها هو الجرم الذي أتاه حقيقة لا الآراء والأفكار السياسية التي أبداها في المجلس . فاذا انتهى المجلس الى عدم موافقته على اعطاء الاذن امتنع على النيابة او المدعي المدني تحريك الدعوى العمومية . اما اذا اصدره استردت النيابة ( أو المدعي المدني ) حريتها واستطاع أن تسير في الاجراءات الجزائية ، سواء بالحفظ أو بالإحالة على المحكمة أو. قاضي التحقيق .

و المفهوم ان الاذن انما يرخص للنيابة ( أو المدعي بالحق المدني ) رفع الدعوى الجنائية في خصوص الجريمة التي طلب فيها الاذن وحدها..

وبناء على ذلك يعتبر تحريك الدعوى العمومية في جريمة اخرى - لم يصدر فيها اذن المجلس - اجراء باطلا ، وكل ما يترتب عليه باطل كذلك .

كذلك فان تحريك النيابة للدعوى العمومية دون صدور اذن من المجلس بذلك يعتبر - من باب اولي - اجراء باطلا . وهو بطلان يتعلق بالنظام العام فلا يصححه رضاء العضو نفسه باتخاذ هذه الإجراءات قبله . فهذه الحصانة لم تقرر لشخصه وانما شرعت لمصلحة عامة(11) . وبهذا تستطيع المحكمة أن تقضى بهذا البطلان من تلقاء نفسها ، وفي اية حالة كانت عليها الدعوى ولو لاول مرة أمام محكمة التمييز .

ثالثا : الحصانة القضائية :

 لمحة عن تطور التشريع :

أفرد قانون أصول المحاكمات الجزائية - منذ وضع - فصلا خاصا اصول محاكمة القضاة ، عند ارتكابهم جريمة سواء أكانت متعلقة بالوظيفة أو خارجة عنها . وضمن هذه القواعد المواد 3۸9 إلى 39۸ من قانون الاصول الجزائية .

والحق ان هذه القواعد كانت متسقة مع احكام التنظيم القضائي القديم المعمول به قبل قانون ۱0 ايار سنة ۱900 . وعندما وضع ذلك القانون واستحدث محكمة التمييز وأوجد وظيفة النائب العام أمامها ، كان من الضروري تعديل المواد المذكورة لتنفق مع احكام التنظيم القضائي الجديد . وظل الامر على هذا الحال حتى صدور المرسوم الاشتراعي رقم 121 في 12 حزيران 1959 ونصت المادة (40) منه على آن « محكمة التمييز تنظر بهيئتها العامة في جرائم القضاة الناشئة عن الوظيفة والخارجة عنها اذا كانت معزوة الى احد رؤساء الاستئناف او احد المدعين العامين لديها او الى احد قضاة التمييز او احد اعضاء النيابة العامة لديها » . ثم أضافت نفس المادة السابقة إلى أنه « تراعي في احالة القضاة على محكمة التمييز احكام الباب الثاني من قانون المحاكمات الجزائية . ويتولى الرئيس الأول والمدعي العام لدى محكمة التمييز كل منهما الصلاحيات العائدة الى رئيس محكمة الاستئناف والمدعي العام لديها بمقتضى أحكام الباب المذكور .

وهذا التعديل واضح في أنه حدد صلاحية الرئيس الأول والنائب العام لدى محكمة التمييز في حالة محاكمة احد القضاة . كما عين المحكمة الصالحة لمحاكمة قضاة التمييز ورؤساء الاستئناف والنائب العام الاستئنافي . بيد أن هذا التعديل كان قاصرا . اذ لم يشر الى المرجع المختص بمحاكمة سائر القضاة ، أي مستشاري الاستئناف والقضاة البدائيين والمحامين العامين لدى محكمة الاستئناف . وقد فسر الشراح اللبنانيون سكوت المشرع في هذا الخصوص على انه قصد ان يبقى المحكمة الاستئناف امر النظر في الجرائم المقترفة من احدهم عملا بالمادة 3۸9 من قانون الاصول الجزائية (12) .

ثم صدر قانون التنظيم القضائي الجديد بالمرسوم رقم ۷۸00 لسنة 1961 الذي اعاد تنظيم احكام المادة (40) السابقة . وقد نصت المادة 3 / 112 من قانون التنظيم القضائي الجديد على أن محكمة التمييز تنظر في جرائم القضاة الناشئة عن الوظيفة أو الخارجة عنها اذا كانت منسوبة إلى احد رؤساء الاستئناف او احد المدعين العامين لدى محكمة الاستئناف او الى احد قضاة محكمة التمييز او احد قضاة النيابة العامة لديها . وتراعي في هذه الحالة إحكام القسم الثالث ، الباب الثاني ، من قانون الاصول الجزائية . ويتولى الرئيس الأول لمحكمة التمييز والمدعي العام لديها كل منهما الصلاحيات العائدة الى رئيس محكمة الاستئناف والمدعي العام لديها بمقتضى أحكام الباب المذكور .

وهكذا يتضح أن سائر القضاة - الذين لم يرد ذكرهم في المادة 112/3 من قانون التنظيم القضائي الاخير - يرجع لمحكمة الاستئناف امر محاكمتهم(13) .

- اجراءات المحاكمة:

يلاحظ بادئ ذي بدء ان جرائم القضاة المنبثقة عن الوظيفة هي وحدها التي يتوقف تحريك الدعوى العمومية فيها بناء على اذن وزير العدل ، أما الجرائم الخارجة عن الوظيفة فلا يلزم فيها صدور إذن بل تملك النيابة العامة تحريك الدعوى العمومية فيها من تلقاء نفسها او بناء على شكوى المتضرر .

 (أ) اما الجرائم المنبثقة عن الوظيفة ، فتبلغ لوزير العدل وعندئذ يعطي « اذنا » للنائب العام لدى محكمة التمييز باتخاذ ما يلزم من اجراءات الادعاء والاحالة والتحقيق .

وهذه الاجراءات تختلف باختلاف الجريمة : ففي الجنح ، يقيم النائب العام امام محكمة التمييز الدعوى العامة ، فيحيل المدعى عليه على محكمة الاستئناف او محكمة التمييز وفقا للفئة التي ينتمي اليها القاضي على نحو ما سبق بيانه . أما في الجنايات ، فيعين الرئيس الاول المحكمة التمييز قاضيا من مرتبة المدعى عليه على الأقل ليتولى وظيفة قاضي التحقيق في الدعوى ، كما يتولى النائب العام لدى محكمة التمييز ( أو من ينيبه ) وظيفة المدعي العام . واذا رأى قاضي التحقيق أن الجرم يستدعي توقيف القاضي المتهم كان له أن يصدر مذكرة توقيف ، لكنها لا تصبح نافذة الا بعد مصادقة الرئيس الأول عليها . كما أن التوقيف يتم في محل خاص .

وعند انتهاء التحقيق يحيل قاضي التحقيق الأوراق للهيئة الاتهامية او للمحكمة التي كلفت بهذه الوظيفة فاذا كانت الأدلة كافية على الاتهام، أحالت المتهم للمحاكمة . وقرارها الصادر بالإحالة هذا انما يكون على محكمة الاستئناف ( الغرفة الجنائية بداهة ) او على محكمة التمييز وفقا الفئة التي ينتمي اليها .

 (ب) واما الجرائم الخارجة عن الوظيفة ، فلا تحتاج الى اذن من وزير العدل . وانما يملك النائب العام لدى محكمة التمييز آن يقيم الدعوى الجنائية اما بناء على شكوى المتضرر او من تلقاء نفسه –

اذا كانت الجريمة من نوع الجنحة . وهو يحيل المدعى عليه على محكمة الاستئناف او التمييز بحسب الفئة التي ينتمي اليها القاضي المدعى عليه.

وفي الجنايات تتبع نفس الاجراءات السابق بيانها في حالة الجرائم المنبثقة عن الوظيفة ، فقط بدون تبليغ لوزير العدل ولا انتظار لاذنه .

رابعا : الأمانة الادارية للموظفين :

- عرضنا فيما سبق لما كان عليه الوضع في محاكمة الموظفين - بالنسبة للجرائم الناشئة عن وظائفهم - طبقا للمرسوم الاشتراعي الاول رقم 14 لسنة 1955(14)  .

وقد تبين لنا أن الجرائم التي يرتكبها الموظفون وتكون ناشئة عن الوظيفة ، لا يجوز ملاحقة الموظف المدعى عليه فيها الا بناء على طلب الادارة التي ينتمي اليها ، أو بناء على ادعاء المتضرر . وفي هذه الحالة الاخيرة تقام الدعوى الشخصية بواسطة النيابة العامة بعد استطلاع رأي الادارة المختصة .

ثم صدر المرسوم الاشتراعي الثاني رقم 112 لسنة 1959 يحدد ضمانات عامة لسائر الموظفين في صدد تحريك الدعاوى الناشئة عن الجرائم المتعلقة بوظائفهم . وبمقتضى هذا المرسوم الأخير لم تعد الدعاوى الجنائية متوقفة على " طلب " و الادارة وانما معلقة على " اذن " صادر منها .

– وطبقا للمادة (61) من المرسوم الاشتراعي المذكور :  

(1) يحال على القضاء الموظف الذي تبين ان الاعمال المنسوبة اليه تشكل جرما يعاقب عليه في قانون العقوبات وغيره من القوانين النافذة .

(2) اذا كان الجرم ناشئا عن الوظيفة فلا يجوز ملاحقة الموظف الا بناء على موافقة الادارة التي ينتمي اليها .

(3) لا تحرك دعوى الحق العام ( الدعوى العمومية) بواسطة الادعاء الشخصي . وعلى النيابة العامة أن تستحصل على موافقة الادارة قبل المباشرة بالملاحقة اذا كان الجرم ناشئا عن الوظيفة .

(4) اذا حصل خلاف بين النيابة العامة والادارة المختصة حول وصف الجرم ما اذا كان ناشئا عن الوظيفة او غير ناشئ عنها ، عرض الأمر على هيئة مجلس الخدمة المدنية للبت فيما اذا كان الموظف من الدوائر التابعة لسلطته . اما اذا كان الموظف من غير الدوائر التابعة لسلطته فيكون القول الفصل للإدارة المختصة .

- وليس في الأمر صعوبة الا فيما يتعلق بتحديد دلالة « الجرم الناشئ عن الوظيفة .

وفي هذا الصدد نجد خلافا بين موقف الفقه وموقف القضاء ( الاجتهاد ) في لبنان .

 

- (أ) أما الفقه فقد فسر الجرم الناتج عن الوظيفة تفسيرا واسعا . فهو يشمل الفعل الذي يرتبط بالوظيفة بصلة مباشرة او الذي وفرت الوظيفة ظروفه وأسبابه أو الذي يقوم به الموظف بتجاوزه حدود عمله وواجباته او باستعماله سلطته بصورة غير مشروعة ولو كان ذلك بقصد تسخير سلطاته لتحقيق مآرب شخصية (15).

والفقه - في كل ذلك - انما يقيم " صلة سببية " بين الجرم والوظيفة . ومعنى هذا أنه لا تكفي « الصلة الزمنية » بينهما . فلا يكفي ارتكاب الجريمة " اثناء " ممارسة الوظيفة ليعتبر ناشئا عنها طالما ان الوظيفة لم تمده بأسباب او بسند لارتكابها، او اذا لم يكن متجاوزا لحدود وظيفته او مسيئا استعمالها .

والفقه اللبناني انما يستوحي موقف القضاء الفرنسي . فقد حكم بان حارس الغابات الذي يضبط شخصا مخالفا فيستعمل العنف س ه اثناء عمله تعتبر جريمته و ناشئة عن الوظيفة ، لان عمله هذا انما يعد تجاوزا منه لحدود وظيفته ، ومن ثم فلا تجوز ملاحقته الا اذا اجازت ذلك ( اي اذنت ) الادارة التي يتبعها .

وعلى العكس مما سبق فلا تحتاج النيابة العامة - في تحريكها الدعوى العمومية الاذن الادارة اذا كان حارس الغابات يقوم بجولة تفتيشية ثم اختلف مع شخص مخالف بسبب خارج عن الوظيفة (16) .

- (ب) واما القضاء ( او الاجتهاد ) ، فهو بعكس موقف الفقه يميل الى التضييق من نطاق الأعمال الناشئة عن الوظيفة .

فاذا اتى الموظف عملا شخصيا لا تفرضه واجبات المهنة فلا يؤلف عمله هذا جرما منبثقا عن الوظيفة وان ارتكبه اثناء الوظيفة او في معرض ممارسته لها . وبناء على ذلك ، فالضابط العدلي الذي يقدم على ضرب من يستجو به او يحاول انتزاع اقرار منه باستعمال العنف لا يتمتع بالحماية الادارية ولا يقتضي تحريك الدعوى العمومية قبل صدور اذن من الادارة التي يتبعها ، ذلك أنه قد تجاوز حدود الوظيفة واتى عملا غير مشروعة .

وهذا التفسير هو ما تسلم به النيابة العامة والمحاكم في بيروت بالنسبة لضروب الشدة والتعذيب التي يمارسها رجال الأمن اثناء ادائهم لوظيفتهم  .

ويبدو أن موقف الاجتهاد هذا مستمد من موقف محكمة التمييز اللبنانية ذاتها . ففي حكم المحكمة التمييز صادر بتاريخ 8/10/1954  قررت المحكمة اللبنانية العليا ما يلي : « آن طلب المأذونية ( اقرا : الاذن ) يشترط فيه ان يكون الفعل الجرمي المنسوب الى المأمور قد ارتكب بسبب المأمورية او بسبب ممارسته اعمالها لا ان يكون الموظف قد اتى عملا شخصيا يخرج عن وظيفته او لا تفرضه الوظيفة عادة . فكل تزوير من قبل موظف رسمي في سجلات الدولة لا تفرضه الوظيفة ولا ممارسة اعمالها بل المفروض هو العكس اذ ان الموظف مؤتمن على السجلات وحسن تنظيمها وصيانة قيودها فاذا خالف الموظف واجبه هذا فلا تبقى من حاجة لطلب المأذونية بالمحاكمة لان الموظف يفقد المناعة الادارية ويصبح كباقي الأفراد من حيث الشروع بالملاحقة (17) .

- (ح) ولدينا ان تحديد المقصود « بالجرم الناشئ عن الوظيفة » امر لا يجب ان نلجأ فيه الى المنطق بقدر ما نلجأ فيه الى د علة ، تقرير الحماية الادارية . ومن اجل هذا فلا يسعنا أن نضع معيارا عاما مجردا ينطبق على جميع الحالات بغض النظر عن ظروف كل واقعة وملابسات كل جريمة وانما نرى ان يكون تقرير العلاقة بين الجريمة والوظيفة متروكا لكل حالة على حدة . ويكفي أن نلاحظ في ذلك . علاقة السببية ، القائمة بين الجريمة والوظيفة بحيث تكون الاعمال المنوط بالموظف القيام بها هي التي عادت به واسلمته الى مخالفة قانون العقوبات وارتكابه الجريمة . بيد انه ليس معنى ذلك أن تكون الوظيفة هي التي هيأت للموظف فرصة استغلها فارتكب الجريمة . هنا تكون الوظيفة و وسيلة » الموظف الى ارتكاب الجريمة . ويكون معنى الحصانة او المناعة هنا تأمين الموظف في ارتكابه الجرائم . ان الحصانة الادارية انما شرعت لتأمين الموظف في ادائه لعمله الوظيفي . فاذا تجاوز حدود هذا العمل ، فهنا يكون د الجرم ناشئا عن الوظيفة » اما ان خرج عامدا على مقتضيات الوظيفة واستغل الفرصة التي هيأتها له لارتكاب الجريمة فأننا نكون بصدد « جرم خارج عن الوظيفة » .

ويمكننا في هذا المضمار أن نستعين بمعيار مشابه في نطاق العقوبات . ففي قانون العقوبات يعتبر الخروج على مقتضيات و التناسب » بين الاعتداء والدفاع مكونا لحالة « التجاوز في حدود الدفاع الشرعي » . اما الخروج على مقتضيات « اللزوم » في الدفاع الشرعي فلا يكون حالة من حالات التجاوز وانما يكون « خروجا عن حدود الدفاع الشرعي »(18).

والفرق بين التجاوز والخروج ، في الدفاع الشرعي ، انه بينما يعتبر التجاوز ظرفا مخففا ( او حتى عذرا محلا اذا توافرت شروط المادة 22۸ عقوبات ) فان الخروج يكون جرائم عادية لا يلابسها أي ظرف من ظروف التخفيف .

من اجل هذا كله ، فنحن نرى أن محكمة التمييز اللبنانية في تفسيرها لمعنى الجرم الناشئ عن الوظيفة والجرم الخارج عنها أقرب الى فهم « علة التشريع » من الفقه اللبناني . فهي أقرب الى مرونة التطبيق وادني الى تحقيق العدالة . وهي بالتالي لا تجعل الحصانة المقررة للموظفين مناعة مقررة للمجرمين وانما ضمانة لحسن سير الوظيفة وداعيا لاستقامة الموظفين •

- ومما تجدر ملاحظته اخيرا ان الحصانة الادارية المقررة للموظفين - في صدد الجرم الناشئ عن وظائفهم - انما تنصرف الى الموظفين المدنيين وحدهم دون العسكريين . بل ودون الموظفين المدنيين في الجيش ( ما داموا في الخدمة ) . فهؤلاء الاخيرون لا تختص النيابة العامة الاستئنافية اصلا بملاحقتهم كمالا تختص المحاكم العادية بمحاكمتهم . وانما تحاكمهم - طبقا لنص المادة 51 من قانون العقوبات العسكري - المحاكم العسكرية . ويقوم بالادعاء العام النائب العام لدى محكمة التمييز او من يندبه ويطلق عليه اسم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اما الذي يتولى التحقيق فهو المحقق العسكري .

هذا وقد اخضعت المادة 91 من المرسوم الاشتراعي رقم 13۸ لسنة 1959 ضباط ورتباء وأفراد قوى الامن الداخلي والموظفين المدنيين بهذه القوى لصلاحية المحكمة العسكرية .

ومما هو جدير بالملاحظة أن هذا الاختصاص من قبيل الاختصاص الشخصي . بمعنى أن المحاكم العسكرية انما تختص بالجرائم التي يرتكبها هؤلاء سواء أكانت جرائم عسكرية ( بمقتضى قانون العقوبات العسكري ) ام غير عسكرية ( بمقتضى قانون العقوبات العام ) .

مقارنة عامة بين احكام الأذن والشكوى والطلب :

- بعد أن عرفنا ما هو المقصود بالشكوى والطلب والاذن ، وأحوالها في القانون ، والآثار التي ترتب قبل صدوره وبعده ، تظم الآن فيما بينها من أوجه تشابه واختلاف .

والواقع أن الشكوى والطلب والاذن جميعا من قبيل « الاعمال القانونية الإجرائية ، التي يعبر بها شخص عن ارادته في رفع القيود التي يتطلبها القانون لتحريك الدعوى العمومية في بعض الجرائم . وهذا هو قدر الشبه فيها جميعا . بيد ان هناك اوجه خلاف بينها اهمها ما يلي :

1- ان سلطة النيابة - في اتخاذ الاجراءات الجنائية - قبل صدور الأذن أوسع من سلطتها قبل الشكوى او الطلب (19) . وهذا امر منطقي . ذلك أن الحصانة التي يتمتع بها الافراد نتيجة اشتراط " الاذن " انما تقرر بالنسبة « لمتهم » على اية حال . اما « الحصانة » التي يتمتع بها من شرعت الشكوى او الطب لمصلحته ( اذا جاز هذا التعبير ) فأنها مقررة « للمجني عليه » او مقررة نزولا على مصلحة قامة جديرة بالرعاية والاعتبار به من اجل هذا قدر المشرع أن تناول الجريمة بأجراء او اكثر قد يهدر علة الحماية التي اسبغها على المجني عليه او يفوت المصلحة العامة المرتبطة بتقديم الطلب .

2- كذلك يتضح لنا من دراسة احوال الاذن انه مشروع في الأحوال العادية ، أما في حالات التلبس فالنيابة تباشر سلطتها كاملة . اما في حالة الشكوى والطلب فهما لازمان في جميع الأحوال لا فرق بين احوال عادية او احوال تلب (20) .

٣- ويلاحظ أن صدور الاذن ممن يختص بإصداره يمنع من العدول عنه ولا يخول له سلطة التنازل بعد ذلك عن اقامة الدعوى الجنائية او انقضائها . وهذا بعكس الشكوى والطلب . فالتنازل عنه جائز قبل استعماله ( بالسكوت عنه مدة معينة ) او بعده . وهو يرتب اثره في انقضاء الدعوى العمومية .

۔ ان الاذن ( كالطلب ) غير مقيد بمدة معينة لا بد أن يصدر في خلالها ، اما الشكوى فهي تصدر احيانا في فترة معينة والا سقط الحق فيها (21) . كذلك يسقط حق الشكوى بالوفاة (22) بينما لا يسقط هذا الحق بالوفاة في الأذن والطلب .

____________

1- في القانون الليبي - طبقا للمادة 224 من قانون العقوبات . تتسع دائرة الأذن لتشمل احوالا لا تجمعها فكرة واحدة . وعلة تقريره لا تستند الى حماية سنة في "الجاني "  وحسب بل قد تستند الى صفة في المجني عليه او تعود الى ما للجريمة ذاتها من علاقة بالأمن الخارجي او الداخلي للدولة .

2- وكذلك الشأن في القانون المصري . المادة (9) من قانون الإجراءات المصري لم لشر صراحة الى أحوال الأذن ، على أن أظهر هذه الأحوال تتعلق بالحصانة المقررة لأعضاء مجلس الامية والقضاء . أما في القانون الليبي فأحوال الاذن اوسع مجالا . فطبقا للمادة 22 من قانون العقوبات يشترط الاذن في احوال خاصة ببعض الجرائم في الأحوال التقليدية الحصانة النواب والقضاة .

3-انظر عبد الوهاب حومد ، اصول المحاكمات الجرائية ، الطبعة الثالثة ، صفحة 137.

4- تنص المادة 39 من الدستور اللبناني ( المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17 تشرين اول سنة 1927) على أنه لا يجوز اقامة دعوى جزائية على أي عضو من اعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يديها مدة نيابته .

5- وواضح انه - طبقا للدستور اللبناني - ليس شرطا أن تكون هذه الآراء والكار اند ابديت " داخل " المجلس النيابي . فالعبرة بي " بزمن " بمكانه "  اعني انه يلزم أن تكون قد ابديت خلال" مدة النيابة " لا قبلها ولا بعدها .

6- نصت على ذلك المادة  40من الدستور اللبناني بقولها «لا يجوز في اثناء ادوار الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية نحو أي عضو من أعضاء المجلس او القاء القبض عليه اذا اقترف جرما جزائيا الا بأذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة ( الجرم المشهود).

7-  ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض المصرية بانه «من كانت الدعوى العمومية قد رفعت صحيحة على المتهم قبل أن ينتخب عضوا في البرلمان وكانت المحكمة تجهل أن المتهم انتخب ، فان أذن البرلمان في استمرار التهم في الإجراءات بعد أن تنبهت المحكمة ، بحول دون القول ببطلان الإجراءات التي تمت ضد التهم بعد انتخابه اذ لا بصع تشبيه هذه الحالة من جميع الوجوه بحالة الاجراءات التي تبدا ضد عضو في البرلمان بغير اذن المجلس اذ آن حكم كل حالة من الحالتين يختلف تماما عن حكم الاخرى سواء في طبيعته او في علته ،. راجع نقض مصري 26/4/1949 المحاماة س 30 رقم 102 مي 102 . 

8-انطر جارو ، جـ 1فقرة 169  صفحة 372 و 373 ومحمود مصطفي ، شرح قانون اجراءات الجنائية ، فقره 71 ص 921، الشاوي ، فقه الاجراءات ، ص 227 . والفقه الايطالي يفرق بين شروط تحريك الدعوى - من جهة -  وهي الشكوى واطلب وشكوى المتضرر في الجرائم المرتكبة في الخارج ومن جهة ثانية بين شروط السير في الدعوى  العمومية وفي الحالات الأولى يمتنع على النيابة اتخاذ أي اجراء في الدعوى . أما في الحالات الثانية فيجتمع فقط رفع الدعوى العمومية دون مانع من اتخاذ بعض الإجراءات غير الماسة  بشخص المهم او حصانة سكنه او ملكيته  .

راجع

G. LEONE, Latituzioni,  op. cit., p. 49.

9- راجع في ذلك : محسن خليل ، النظم السياسية والقانون الدستور ، الجزء الثاني، الدستور اللبناني، ص 202 وراجع ايضا: سر السعيد ، المرجع السابق ، ص 97

10- محسن خليل ، المرجع السابق صفحة 302 .

11- انظر المناقشة البرلمانية التي دارت في مجلس النواب اللبناني حول رفع الحصانة البرلمانية من احد النواب بتاريخ 18 كانون الأول عام ۱95۲ . انور الخطيب ، الاصول البرلمانية في لبنان وسائر البلاد العربية ، ص 456 .اشار اليه محسن خليل ، المرجع السابق ، صفعة 302 .

12- راجع عاطف النقيب ،  صفحة 52 .

13- اما في القانون المصري نقد بينت مدى الحصانة التي يتمتع بها القضاة المادتان 106، 13۸ من قانون السلطة القضائية . وقد نصت المادة 106 على انه " في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز القبض على القاضي وحسمه احتياطيا الا بعد الحصول على اذن من اللجنة النصوص عليها في المادة 104 . وفي حالات التلبس بجب على النائب العام عند القبض على القاضي وحبه آن برفع الأمر إلى اللجنة المذكورة في مدة الأربع والعشرين ساعة التالية ، وللجنة أن تقرر اما استمرار الحب او الافراج بكفالة أو بغير كفالة ، وللقاضي آن يطلب سماع أقواله أمام اللجنة عند مرضى الأمر عليها ، ولعدد اللجنة مدة الحب في القرار الذي يصدر بالحبس او باستمراره ، وتراعي الاجراءات السالفة الذكر كلما رزي استمرار الحبسي الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررتها اللجنة . وفيما عدا ما ذكر لا يجوز اتخاذ اجراء من اجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية او جنحة الا بأذن اللجنة المذكورة وبناء على طلب النائب العام . ويجري تو نيد القضاة في فرنة خاصة بقصر العدل . وتنفد عقوبات الحبس بحق المحكوم عليهم من القناة في اماكن مستقلة من الأماكن المخصصة لحبس السجناء الآخرين ، أما المادة 13۸ فنجعل الأحكام السابقة سارية ايضا على اعضاء النيابة العامة ، وكذلك فانه طبقا للمادة 64/3 من القانون رقم 55 سنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة تسري الأحكام السابقة بالنسبة لأعضاء مجلس الدولة . اما في القانون الليبي فان حضانة القضاة مقررة طبقا للمادتين 6۷ و 6۸ من قانون نظام القضاة .

14- راجع فقرة 110

15- راجع ، عاطف النقيب ، المرجع السابق ، صفحة 55 .

16-Faustin - Hello , traite de I'instruction criminelle t II N 992

17- عاطف النقيب ، المرجع السابق ، صفحة 56 .

18- راجع في ذلك : للمؤلف : دروس في قانون العقوبات اللبناني ( القسم العام )،1962  صفحة 22۷ وما بعدها .

19- على أن تتقيد النيابة بقاعدة عدم جواز تحريك الدعوى العمومية وذلك بعدم اتخاذ أي اجراء، فيها يبدو اكثر وضوحا في الطلب ، منه في الشكوى والاذن ، لا سيما في القانون المصري . ذلك أنه في أحوال الطلب لا يجوز للنيابة أن تتخذ اي اجراء من الإجراءات الجنائية ، سابقة على التحقيق أو معاصرة اياه . أما في حالة الشكوى فقد أوردت المادة 9 من قانون الإجراءات استثناء على هذه القاعدة في جرائم القدف او السب الرائية ضد موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة او مكلف بخدمة عامة . كما أوردت المادة 39 استثناء آخر في حالة التلبس بالجريمة . وكذلك الشأن في الأذن ، نقبل بدور. لا تملك النيابة رفع الدموي او اتخاذ أي اجراء من الاجراءات الماسة بالشخص او حصانة المسكن اما الاجراءات الاخرى التي يقصد بها البات الوقائع واستجلاء الحقيقة ( كسماع الشهود واجراء المعاينة وانتداب الخبراء ) فيجوز للنيابة مباشرتها دون استئذان . اما في أحوال الطلب : فلا يجوز للنيابة اتخاذ أي اجراء من الاجراءات ولو كانت غير ماسة بشخص المتهم او حسانة مسكنه وذلك بمربع نص المادة 8 من قانون الإجراءات المصري ، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بانها كانت الدموي - في جرائم التهريب الجمركي - ما يتوقف رفعها على طلب بصدر من مدير مصلحة الجمارك ، وكانت اجراءات القبض والتفتيش التي اتخذها مأمور الضبط القضائي والتي أسفرت عن ضبط السبائك قد اتخذت قبل صدور هذا الطلب ، فان هذه الإجراءات تكون قد وقعت باطلة ويمتد هذا البطلان الى كل ما ترتب عليها . فاذا كان الحكم المسلمون فيه قد انتهى الى القضاء ببراءة المتهم استنادا الى قبول الدفع ببطلان الاجراءات فانه يكون  سديدا في القانون " راجع نقض 22/1/1963 مجموعة احكام النقض س14 رقم ۸ ص 35.

 20- هذا فيما عدا التعديل الذي ادخله القانون المصري على المادة 39 من قانون الاجراءات ، فطبقا لهذا التعديل - اذا كانت الجريمة مما يتوقف رفع الدعوى عنها على شكوى المجني عليه . فلا يجوز اتخاذ الإجراءات الماسة بشخص المتهم او بحصانة  مسكنه ( كالقبض والتفتيش والاستجواب والحبس الاحتياطي ). اما الاجراءات الاخرى السماع الشهود واجراء المعاينة وندب الخبراء فبجوز اتخاذها دون انتظار لتقديم الشكوى .

21- هي مدة ثلاثة شهور من تاريخ العلم بالجريمة وبمرتكبها .

22- لا في الأحوال الاستثنائية كما في جريمة توجيه الدم الى ميت في القانون اللبناني المادة 586 عقوبات) وجريمة الزنا في القانون المصري ، اذ يحق لأولاد الشاكي من الزوج المشكو منه . عند وفاته - أن يتنازلوا عن الشكوى وتنقضي الدعوى (م 10 اجراءات مصري ).

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .