أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2014
1947
التاريخ: 14-11-2014
2640
التاريخ: 14-11-2014
2792
التاريخ: 14-11-2014
4065
|
لقد تأثر العلامة الطباطبائي بالعارف الكبير والفقيه المقتدر ، صاحب المكاشفات والكرامات الظاهرة ، الحاج السيد الميرزا علي آغا التبريزي ، الذي يعود نسبه الشريف إلى الإمام الحسن السبط (عليه السلام) (1) . ذكره العلامة الشيخ آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة فقال : «هو السيد الميرزا علي آغا بن الميرزا حسين بن الميرزا أحمد بن الميرزا رحيم الطباطبائي التبريزي القاضي عالم مجتهد تقي ورع أخلاقي فاضل ، وكان مستقيماً في سيرته كريماً في خلقه شريفاً في ذاته» (2) .
يعد السيد القاضي من الأساتذة الكبار لسماحة العلامة الطباطبائي «وقد استلهم من أخلاقه وتعاليمه وارتياضه أعمق تجربة روحية في السير والسلوك ، مضافاً إلى استلهام أسلوب تفسير القرآن بالقرآن وفقه الحديث في منهجه ، وهذا الأستاذ هو السيد الميرزا علي القاضي الطباطبائي (1285 ـ 1366هـ) المعروف بأنه فريد عصره في تهذيب النفس والأخلاق ، والسير والسلوك ، وكافة المعارف الإلهية ، والواردات القلبية ، والمكاشفات الغيبية السبحانية والمشاهدات العينية» (3) . وكان الميرزا علي القاضي متبحراً في علوم القرآن وتفسيره ، وإليه يرجع الفضل في ابتكار طريقة تفسير القرآن بالقرآن. يصرح العلامة الطباطبائي بذلك فيقول : «إن الذي علمنا منهج تفسير الآية بالآية هو أستاذنا المرحوم القاضي ، وتابعنا نهجه في تفسير القرآن ، كما كان يمتلك ذهناً وقاداً وأُفقاً واسعاً في فهم الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وقد تعلمنا منه أيضاً طريقة فهم الأحاديث» (4) .
كان العلامة الطباطبائي يحترم أستاذه الميرزا السيد القاضي ويجله ، ويعده أُستاذه الكبير ، فلقد درس صاحب تفسير الميزان على يد الكثيرين من العلماء الكبار ، كالسيد النائيني والكمباني والسيد أبو الحسن الأصفهاني ، لكن الميرزا علي القاضي كان ـ على الدوام ـ شيئاً آخر بالنسبة إليه ، فهو عندما كان يقول كلمة أستاذ إنما كان يقصد بها فقط الميرزا علي القاضي وليس أحداً آخر (5) . وكانت تربطه بأستاذه علاقة خاصة ومميزة ، فعندما قدم الطباطبائي إلى النجف الأشرف ، واستأجر فيها منزلاً متواضعاً ، كان حائراً في البداية فيما يتعلق بمستقبله الدراسي ، ماذا يدرس وعند مَنْ مِنَ العلماء؟ وإذا بالباب يطرق ، فجأة ، وجد أمامه عالماً كبيراً نوراني الوجه جذاب الهيئة ، وكان مما قاله السيد القاضي للعلامة الطباطبائي في ذلك اليوم : «من جاء إلى النجف للدراسة فمن المستحسن أن يهتم أيضاً بتهذيب نفسه وتكميلها وعدم الغفلة عنها إضافة إلى طلب العلم» (6) .
توطدت العلاقة بين الأستاذ وتلميذه بحيث أصبح التلميذ ملازماً لمعلمه ، لا يفارقه ليلاً ولا نهاراً ولمدة خمس سنوات في النجف ، ولقد استمرت علاقتهما حتى بعد أن سافر السيد الطباطبائي إلى إيران. ولقد ترك السيد القاضي أثراً كبيراً على فكر العلامة الطباطبائي وشخصيته ، خصوصاً ، فيما يتعلق بالأخلاق والتفسير. كان العلامة يقول : «عندما تشرفت بالذهاب إلى النجف الأشرف للدراسة ، كنت من حين لآخر أزور المرحوم القاضي للقرابة والرحمية الموجودة بيننا ، حتى جاء ذلك اليوم الذي كنت فيه واقفاً على باب المدرسة والتقيت به عابراً ، فلما وصل إليّ وضع يده على كتفي وقال : يا بني! إذا كنت تريد الدنيا فعليك بصلاة الليل ، وإذا كنت تريد الآخرة فعليك بصلاة الليل! ولقد أثر فيّ هذا الكلام إلى الدرجة التي جعلتني لا أترك محضره طوال خمس سنوات حتى رجوعي إلى إيران ، ولم أفرط بلحظة واحدة استطعت فيها أن أستفيد من فيضه. وقد تأصرت علاقتنا منذ رجوعي إلى الوطن حتى رحيله ، وكان يلقي عليّ تعاليمه وإرشاداته كأستاذ مع تلميذه ، وكنا نراسل بعضنا البعض» (7) .
بالإضافة إلى تعلم المنهج التفسيري على يد أستاذه الكبير العارف الحكيم والنادر الفريد الميرزا السيد علي القاضي ، كذلك تعلم على يديه المعارف الإلهية والأخلاق والفقه والحديث ، وأشرف عليه في السير والسلوك والمجاهدات النفسية والرياضات الشرعية ، وكان السيد القاضي وحيد نوعه في هذا الفن ، وقد أخذ العلامة منه الكثير وتأثر بشخصيته الفريدة الكاملة ، بحيث كان يلقبه بالأستاذ ، وكلما كان يطلق هذه الكلمة دون تقييد فإنه يقصد المرحوم القاضي (8) .
كان العلامة الطباطبائي شديد التعلق بأستاذه القاضي ، أحبه كثيراً ، وكان يرى نفسه صغيراً أمامه ، تلمس في شخصيته سمات العالم الرباني المليء بالعظمة والبهاء والحامل لأسرار التوحيد والملكات والمقامات (9) . وكان يصفه بعبارات لم يصفه بها غيره. ومما قاله : « ... السيد الأجلّ ، آية الحق ، ونادرة الدهر ، العالم العابد ، الفقيه المحدث ، الشاعر المفلق ، سيد العلماء الربانيين المرحوم الحاج الميرزا علي القاضي الطباطبائي التبريزي ، الذي كان أستاذنا في المعارف الإلهية والفقه والحديث والأخلاق» (10) .
لقد تأثر العلامة الطباطبائي كثيراً بأستاذه ، بحيث استطاع أن يكتسب الفضائل والكمالات والمقامات ، ويدخل في الصالحين والأحرار ، ويتنور بنور معرفة التوحيد ، ويرد إلى الحرم الآمن ، ويطوي بساط عالم الكثرة والاعتبار (11) . حتى قال العلامة : «إن كل ما عندنا هو من المرحوم القاضي» (12) .
__________________________
1. ولد السيد القاضي في الثالث عشر من شهر ذي الحجة من سنة 1282هـ ، في مدينة تبريز في شمال إيران وتوفي عن عمر ثلاث وثمانين عاماً ، فانتقل إلى جوار ربه عز وجل في السادس من شهر ربيع الأول سنة 1366هـ .
2. الطهراني ، الشيخ آغا بزرك ، طبقات أعلام الشيعة ـ نقباء البشر في القرن الرابع عشر ، القسم الرابع في الجزء الأول في أعلام القرن الرابع عشر ، مشهد ، دار المرتضى للنشر ، مطبعة سعيد ، ط2 ، 1404هـ ، ص1565.
3. الحيدري ، السيد كمال ، أُصول التفسير والتأويل ، مصدر سابق ، ص11 ، كذلك : الرفاعي ، عبد الجبار ، تطور الدرس الفلسفي في الحوزة العلمية ، مصدر سابق ، ص17. نقلاً عن كتاب مهر تابان للعلامة محمد حسين حسيني الطهراني (باللغة الفارسية) .
4. حاتم ، عبد الرحمن ، قدوة العارفين ، دار الهادي ، بيروت ، ط1 ، ص2001م ، ص17 ، نقلاً عن : يادنامه علامة طباطبائي (بالفارسية) .
5. راجع : جعفريان ، حبيبه ، حياة (زندكي) سيد محمد حسين طباطبائي ، مصدر سابق ، ص17.
6. راجع : حاتم ، عبد الرحمن ، قدوة العارفين ، مصدر سابق ، ص60 ، كذلك : حبيبه جعفريان ، حياة محمد حسين طباطبائي ، مصدر سابق ص12 .
7. الحسيني الطهراني ، السيد محمد حسين ، الشمس الساطعة ، مصدر سابق ، ص24 ، 25 .
8. سيرة العلامة الطباطبائي ، بقلم كبار العلماء والأعلام ، مصدر سابق ، ص73 .
9. الحسيني الطهراني ، السيد محمد حسين ، الشمس الساطعة ، مصدر سابق ، ص23 .
10. حاتم ، عبد الرحمن ، قدرة العارفين ، مصدر سابق ، ص19 ـ 20 ، نقلاً عن مهر تابان .
11. الحسيني الطهراني ، السيد محمد حسين ، الشمس الساطعة ، مصدر سابق ، ص27 .
12. المصدر نفسه ، ص25 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|