أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2016
3585
التاريخ: 2023-07-27
2807
التاريخ: 23-04-2015
5891
التاريخ: 10-11-2020
2787
|
يعتبر ترتيب النزول وتسلسل السور من المواضيع التي تلازم عادة مباحث النزول ، وبما أن السور المرتبة في المصحف لاتعني كونها نزلت على هذا الترتيب ، عكف علماء القرآنيات على البحث في التسلسل الزمني الحقيقي لنزول السور حسب ترتيبها ونزولها على صدر النبي (صلى الله عليه واله ) وتجدر الإشارة هنا أن لهذا البحث أهمية أيضاً في علوم القرآن ودرساته .
أول مانزل من القرآن
لقد وقع الكلام في تحديد أول آية أو سورة نزلت من القرآن ، هل هي العلق أو المدثر أو ...
والأقوال في ذلك ثلاثة :
القول الأول : سورة العلق ، ففي تفسير الإمام العسكري (عليه السلام ):
((هبط إليه جبرئيل وأخذ بضبعه وهزه ، فقال : يا محمد ، أقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال: يا محمد : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5].
القول الثاني: سورة المدثر ، روي عن أبن سلمة ، قال :
(سألت جابر بن عبد الله الأنصاري :أي القرآن اُنزل قبل ؟ قال : {ياأيها المدثر} قلتُ : أو {أقرأ بأسم ربك} ؟ قال : اُحدثكم ماحدثنا به رسول الله (صلى الله عليه ) : إني جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري نزلت فأستبطنت الوادي ، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي – ولعله سمع هاتفاً – ثم نظرت الى السماء فإذا هو – يعني جبرئيل – فأخذتني رجفة ، فأتيت خديجة ظن فأمرتهم فدثروني ، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1، 2].(2)
ولعل جابراً أجتهد من نفسه أنها أول سورة نزلت ، إذ ليس في كلام رسول الله (صلى الله عليه واله ) دلالة على ذلك ، والأرجح أن ماذكره جابر كان بعد فترة أنقطاع الوحي فظنه جابر بدء الوحي (3) حيث روي جابر حديث فترة أنقطاع الوحي أيضاً قال :
سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله ) يحدث عن فترة انقطاع الوحي ، قال : فبينما أنا امشي إذ سمعت هاتفاً من السماء ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض ، فجثثت منه فرقاً – أي فزعت ، فقلت زملوني زملوني فدثروني ، فأنزل الله تبارك وتعالى : {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } [المدثر: 1 - 5]- وعي الأوثان – قال (صلى الله عليه واله ) : ثم تتابع الوحي ). (4)
القول الثالث: سورة الفاتحة ،قال الزمخشري : ( أكثر المفسرين على أن الفاتحة أول مانزل) (5).
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام ) أنه قال :
( سألت النبي (صلى الله عليه) عن ثواب القرآن ، فأخبرني بثواب سورة سورة على نحو ما نزلت من السماء فأول مانزل عليه بمكة : فاتحة الكتاب ، ثم : {أقرأ بأسم ربك} ، ثم { ن والقلم } (6).
ولاشك أن النبي ( صلى الله عليه واله ) كان يصلي منذ بعثته ، وكان يصلي معه علي وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة (7) و((لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب ))(8) فقد ورد في الأثر : أول مابدأ به جبرائيل أن علمه الوضوء والصلاة (9)، فلا بد أن سورة الفاتحة كانت مقرونة بالبعثة .
الجمع بين الأقوال : نحن لانرى تنافياً جوهرياً بين الأقوال الثلاثة ، لأن الآيات الثلاثة أو الخمسة من أول سورة العلق إنما نزلت تبشيراً بنبوته (صلى الله عليه واله ) وهذا إجماع أهل الملّة ، ثم بعد فترة جاءته آيات – أيضاً – من أول سورة المدثر ، كما جاءت في حديث جابر ثانياً.
أما سورة الفاتحة فهي أول سورة نزلت بصورة كاملة وبسمة كونها سورة من القرآن كتاباً سماوياً للمسلمين . ومن هنا صح التعبير عن سورة الحمد بسورة الفاتحة ، أي : أول سورة كاملة نزلت بهذه السمة الخاصة ، إذ ليس المراد من الفاتحة أنها كتبت في بدء المصاحف ، لأن هذا الترتيب شيء حصل بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله ) أو لا أقل في عهد متأخر من حياته – فرضاً – في حين أنها كانت تسمى بفاتحة الكتاب منذ بداية نزولها ، كما يشير اليه قوله (صلى الله عليه واله ) :
((لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ))(10)
آخر مانزل من القرآن
ووقع الكلام أيضاً في تحديد آخر آية أو سورة نزلت من القرآن ؟
والأقوال في ذلك أربعة:
الأول : سورة النصر ، روي عن الصادق (عليه السلام )
(( وآخر سورة نزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}(11).
الثاني : سورة براءة ، روي أنها آخر سورة نزلت ، نزلت في السنة التاسعة بعد عام الفتح عند مرجعه (صلى الله عليه واله ) من غزوة تبوك ، نزلت أيات من أولها فبعث بها النبي مع علي (عليه السلام ) ليقرؤها على ملأ من المشركين(12)
الثالث: آية {وَاتَّقُوا يَوْمًا}: روي أن آخر آية نزلت هي آية {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} نزل بها جبرائيل ، وقال : (( وضعها في رأس والمئتين والثمانين من سورة البقرة )) وعاش الرسول (صلى الله عليه واله ) أحداً وعشرين يوماً وقيل: سبعة أيام .(13)
الرابع : آية إكمال الدين ، روي إن آخر آية نزلت هي آية : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ} [المائدة: 3].
قال اليعقوبي : كان نزولها يوم النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام ) بغدير خم (14)
الجمع بين الأقوال : لا شك أن سورة النصر نزلت قبل براءة ، لأنها كانت بشارة بالفتح أو بمكة عام الفتح(15) وبراءة نزلت بعد الفتح بسنة .
فطريق الجمع بين هذه الروايات : إن اخر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر ، فقال (صلى الله عليه واله ) : أما أن نفسي نعيت إلي . واخر سورة نزلت بأعتبار مفتتحها هي سورة براءة .
وأما آية : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} فإن صح أنها نزلت بمنى يوم النحر في حجة الوداع – كما جاء في رواية الماوردي(16)- فآخر آية نزلت هي آية الإكمال – كما ذكرها اليعقوبي – لأنها نزلت في مرجعه (صلى الله عليه واله ) من حجة الوداع ثامن عشر ذي الحجة .
وإلا فلو صح أن النبي (صلى الله عليه واله ) عاش بعد آية : { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ...} أحداً وعشرين يوماً أو سبعة أو تسعة أيام ، فهذه هي أخر آية نزلت عليه (صلى الله عليه واله ) .
والأرجح ماذهب اليه اليعقوبي ، نظراً الى أنها آية الإعلام بكمال الدين ، فكانت إنذاراً بانتهاء الوحي عليه (صلى الله عليه واله ) بالبلاغ والأداء . فلعل تلك الاية كانت آخر آيات الأحكام ، وهذه آخر آيات الوحي إطلاقاً .
الخلاصة
1- أختلف الأقوال في تعيين اول سورة نزلت من القرآن الكريم فقيل : إنها سورة العلق، وقيل: إنها سورة المدثر ، وقيل : إنها سورة الفاتحة .
2- لايوجد تنافي بين الأقوال الثلاثة على اعتبار أن أهل الملة يجمعون على أن بعض آيات سورة العلق هي التي نزلت اولاً، ثم بعدها بفترة نزلت الآيات الأولى من المدثر ، وأما الفاتحة فهي أول سورة كاملة نزلت على صدر النبي ، وبذلك يرتفع التعارض.
3- وأختلفت الأقوال أيضاً في آخر سورة نزلت ، هل هي النصر أو براءة أو آية { وَاتَّقُوا يَوْمًا} أو أنها { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ} ؟ وقد عولجت هذه الأقوا بعدة معالجات منها :
أ) إن آخر سورة نزلت كاملة هي النصر، وآخر سورة بأعتبار مفتتحها هي سورة براءة .
ب) يرجح أن تكون آخر مانزل من الآيات هي آية اكمال الدين ، كما ذهب الى ذلك اليعقوبي ، لأنها آية الإعلان عن إكمال الدين ، وقد تكون آية { وَاتَّقُوا يَوْمًا} هي آخر آيات الإحكام .
_________
1- راجع: بحار الأنوار : 18، 206، تفسير البرهان : 2، 478.
2- صحيح مسلم : 1، 99.
3- راجع: البرهان :1، 206.
4- صحيح مسلم : 1، 98.
5- الكشاف : 4، 775.
6- مجمع البيان : 10، 405.
7- تفسير علي بن إبراهيم القمي : 353.
8- مستدرك الحاكم : 1، 238-239.
9- سيرة ابن هشام : 1، 260-261‘. بحار الأنوار : 18، 184، الحديث 14 و/149، الحديث 30.
10- صحيح مسلم : 2، 9.
11- تفسير البرهان : 1، 29.
12- المصدرنفسه: 1، 680.
13- تفسير شبر : 83.
14- تاريخ اليعقوبي : 2، 35.
15- أسباب النزول بهامش الجلالين : 2، 165.
16- البرهان : 1، 187.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|