المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16458 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
شخصية الإمام الرضا ( عليه السلام )
2024-05-18
{ان رحمت اللـه قريب من الـمحسنين}
2024-05-18
معنى التضرع
2024-05-18
عاقبة من اخذ الدنيا باللعب
2024-05-18
من هم الأعراف؟
2024-05-18
{ان تلكم الـجنة اورثتموها بما كنتم تعملون}
2024-05-18

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (56-61) من سورة القصص  
  
3127   04:09 مساءً   التاريخ: 6-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف القاف / سورة القصص /

قال تعالى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُو أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُو لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ } [القصص : 56 - 61] .

 

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

لما تقدم ذكر الرسول والقرآن وأنه أنزل هدى للخلق بين سبحانه أنه ليس عليه الاهتداء وإنما عليه البلاغ والأداء فقال {إنك} يا محمد {لا تهدي من أحببت} هدايته وقيل من أحببته لقرابته والمراد بالهداية هنا اللطف الذي يختار عنده الإيمان فإنه لا يقدر عليه إلا الله تعالى لأنه إما أن يكون من فعله خاصة أو بإعلامه ولا يعلم ما يصلح المرء في دينه إلا الله تعالى فإن الهداية التي هي الدعوة والبيان قد أضافها سبحانه إليه في قوله {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} وقيل إن المراد بالهداية في الآية الإجبار على الاهتداء أي أنت لا تقدر على ذلك وقيل معناه ليس عليك اهتداؤهم وقبولهم الحق .

{ولكن الله يهدي من يشاء} بلطفه وقيل على وجه الإجبار {وهو أعلم بالمهتدين} أي القابلين للهدى فيدبر الأمور على ما يعلمه من صلاح العباد ثم قال سبحانه حاكيا عن الكفار {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} أي نستلب من أرضنا يعني أرض مكة والحرم وقيل إنما قاله الحرث بن نوفل بن عبد مناف فإنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إنا لنعلم أن قولك حق ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك ونؤمن بك مخافة أن يتخطفنا العرب من أرضنا ولا طاقة لنا بالعرب فقال سبحانه رادا عليه هذا القول {أ ولم نمكن لهم حرما آمنا} أي أ ولم نجعل لهم مكة في أمن وأمان قبل هذا ودفعنا ضرر الناس عنهم حتى كانوا يأمنون فيه فكيف يخافون زواله الآن أ فلا نقدر على دفع ضرر الناس عنهم لو آمنوا بل حالة الإيمان والطاعة أولى بالأمن والسلامة من حالة الكفر {يجبى إليه ثمرات كل شيء} أي تجمع إليه ثمرات كل أرض وبلد {رزقا من لدنا} أي إعطاء من عندنا جاريا عليهم {ولكن أكثرهم لا يعلمون} ما أنعمنا به عليهم وقيل لا يعلمون الله ولا يعبدونه فيعلموا ما يفوتهم من الثواب .

{وكم أهلكنا من قرية} أي من أهل قرية {بطرت معيشتها} أي في معيشتها بأن أعرضت عن الشكر وتكبرت والمعنى أعطيناهم المعيشة الواسعة فلم يعرفوا حق النعمة وكفروا فأهلكناهم {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا} تلك إشارة إلى ما يعرفونه هم من ديار عاد وثمود وقوم لوط أي صارت مساكنهم خاوية خالية عن أهلها وهي قريبة منكم فإن ديار عاد إنما كانت بالأحقاف وهو موضع بين اليمن والشام وديار ثمود بوادي القرى وديار قوم لوط بسدوم وكانوا هم يمرون بهذه المواضع في تجاراتهم .

{وكنا نحن الوارثين} أي المالكين لديارهم لم يخلفهم أحد فيها ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال {وما كان ربك} يا محمد {مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} قيل إن معنى أمها أم القرى وهي مكة وقيل يريد معظم القرى من سائر الدنيا {يتلو عليهم آياتنا} أي يقرأ عليهم حججنا وبيناتنا {وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون} لنفوسهم بالكفر والطغيان والعتو والعصيان ثم خاطب سبحانه خلقه فقال {وما أوتيتم من شيء} أي وما أعطيتموه من شيء {فمتاع الحياة الدنيا وزينتها} أي هو شيء تتمتعون به في الحياة وتتزينون به {وما عند الله} من الثواب ونعيم الآخرة {خير} من هذه النعم {وأبقى} لأنها فانية ونعم الآخرة باقية {أ فلا تعقلون} ذلك وتتفكرون فيه حتى تميزوا بين الباقي والفاني .

ولما تقدم ذكر ما أوتوا من زينة الحياة الدنيا عقبه سبحانه بالفرق بين من أوتي نعيم الدنيا وبين من أوتي نعيم الآخرة فقال {أ فمن وعدناه وعدا حسنا} من ثواب الجنة ونعيمها جزاء على طاعته {فهو لاقيه} أي فهو واصل إليه ومدركة لا محالة {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} من الأموال وغيرها {ثم هو يوم القيامة من المحضرين} للجزاء والعقاب وقيل من المحضرين في النار والمعنى أ يكون حال هذا كحال ذاك أي لا يكون حالهما سواء لأن نعم الدنيا مشوبة بالغموم وتعرض الزوال والفناء ونعم الآخرة خالصة صافية دائمة لا تتكدر بالشوب ولا تتنقص بالانقضاء .

__________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص449-451 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

أبو طالب والإسلام :

{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولكِنَّ اللَّهً يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} .

اختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، فقال أكثر المفسرين من أهل السنة : انها نزلت في عم النبي أبي طالب . وقال الشيعة : لم تنص الآية على أبي طالب ولا غيره ، والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يحب الهداية لكل الناس الأقربين والأبعدين ، وكلمة ( من ) من صيغ العموم ، وتفسيرها بأبي طالب وحده تصرف في كلام اللَّه بغير دليل ، أما الروايات القائلة : ان الآية نزلت في أبي طالب فلم تثبت صحتها عندنا ، وعليه تكون الآية مرادفة لقوله تعالى : {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ} - 43 يونس .

وقد أطال صاحب الظلال أو في الظلال ، أطال الحديث حول هذه الآية ، ثم انتهى إلى الأخذ بمذهب الآباء والأجداد ، واعتمد أدلة الأقدمين دون محاكمة وتمحيص ، مع أنها تناقض الفطرة تناقضا بينا ، وقد كرر صاحب الظلال مرات ومرات ان القرآن يخاطب الفطرة في أعماقها ، ونحن نحاكم أقواله محاكمة فطرية وموضوعية ، لا مذهبية تعصبية ، ونرجو القارئ أن ينظر إلى أقوالنا نظرة العالم المنصف .

قال صاحب الظلال ما نصه بالحرف : (هذا عم رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) وكافله وحاميه والذائد عنه لا يكتب اللَّه له الأيمان على شدة حبه لرسول اللَّه وشدة حب رسول اللَّه له ، لا يكتب اللَّه له أن يؤمن) . ومعنى هذا ان اللَّه كره أن يقول أبوطالب : لا إله إلا اللَّه ، محمد رسول اللَّه ، ولكن رسول اللَّه أحب هذا القول من عمه ، وأصر عليه .

ونسأل : هل يصح في حكم العقل والفطرة أن يحب رسول اللَّه شيئا يكرهه اللَّه ويمقته ؟ إذن ، كيف قرن اللَّه طاعة رسوله بطاعته في العديد من الآيات ؟

وإذا كره اللَّه الإسلام من أبي طالب ولم يكتبه له على حد تعبير صاحب الظلال فعلى أي شيء يعاقبه ويضعه في (ضحضاح) من نار كما روى المفترون ؟ وهل يجوز للقوي أن يأخذ الضعيف بما لم يفعل ؟ كيف وهو القائل : وما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ؟ ولما ذا أحب اللَّه الإسلام من أبي سفيان وكرهه من أبي طالب ؟

ألأن أبا سفيان كان أشد الناس بغضا لرسول اللَّه ، ولذا حشد له الجيوش ، وشن عليه الحروب ، ولأن أبا طالب أحب رسول اللَّه حبا شديدا وحضنه وحماه وذاد عنه على حد تعبير صاحب الظلال ، أو لأن أبا سفيان هو والد معاوية ، وأبا طالب والد علي ؟

وتجدر الإشارة إلى أن كل ما جاء في هذه التساؤلات فهو جائز على اللَّه عند القائلين بكفر أبي طالب لأنهم يؤمنون بأن اللَّه لا يجب عليه شيء ، ولا يقبح منه شيء ، وان له ان يعاقب الأبرياء ، ويحسن إلى سفاكي الدماء . . ولا أدري :

هل أراد صاحب الظلال هذا المعنى من الفطرة التي يخاطبها القرآن في أعماقها ؟ .

وبعد ، فان كتابة التفسير وغير التفسير تتأثر بعقيدة الكاتب وميوله ، وثقافته وبيئته ، وظروفه ووراثته ، وهذا ناموس طبيعي لا يشذ عنه كبير ولا صغير . . ولكن ليس معناه ان جميع العقائد والميول لا تتفق مع الحق والواقع ، والا استحال قول العدل والصدق . . وما على الإنسان إلا أن يجدّ ويجتهد في طلب الحق من مصدره ، لا من الميول والتقاليد . . وهذا ما نحاوله ونهدف إليه ، واللَّه من وراء القصد . ونعطف هذه الأسطر على الصفحات التي كتبناها في هذا الموضوع عند تفسير الآية 113 من سورة التوبة ج 4 ص 107 .

{وقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا} . في رواية ان رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) قال : {والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الأمر الأسود والأبيض ، ومن على رؤوس الجبال ، وفي لجج البحار ، ولأدعون أهل فارس والروم} ، ولما سمع ذلك عتاة قريش استعظموه ، وقالوا لرسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) : {كيف نتبعك وأنت على نيتك هذه ، ولو استجبنا لك لاجتمع الناس بما فيهم فارس والروم ، وتظاهروا على إخراجنا من ديارنا ، وهدموا الكعبة حجرا حجرا} . وسواء أصحت هذه الرواية أم لم تصح سندا فان مضمونها يصلح تفسيرا لهذه الآية ، فلقد دعا رسول اللَّه الأسود والأبيض ، وأصر على دعوته ، وحاربه عتاة قريش من أجلها ، بالإضافة إلى أن هذه الرواية تنفق تماما مع قوله تعالى : {أَولَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا} . كيف تخافون يا أهل مكة من الناس ، واللَّه سبحانه قد منع بلدكم هذا وصانه من القتل والسبي والنهب منذ يومه الأول ، وجعل أفئدة من الناس تحمل إليه من كل الثمرات والطيبات ؟ {ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} أن اللَّه سبحانه خص بلدهم بهذه المنقبة دون سائر البلدان .

{وكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ} . قالوا للرسول (صلى الله عليه واله وسلم) : نخشى الناس ان اتبعناك .

فأجابهم سبحانه في الآية السابقة : أتخافون من الناس وقد جعل اللَّه بلدكم حرما آمنا ؟ . . ثم قال لهم في هذه الآية : أتخافون من الناس ولا تخافون من اللَّه ؟

ألا تعتبرون بالأمم الماضية التي طغت وكفرت بأنعم اللَّه ، فأهلكها لكفرها به وبأنعمه ، وترك مساكنها خاوية على عروشها إلا من البقية الباقية ، أما أكثرها فلا وارث لها إلا وارث الأرض ومن عليها واليه المصير . وتقدم مثله في الآية 128 من سورة طه .

{ وما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وأَهْلُها ظالِمُونَ} . اللَّه عادل وحكيم لا يعذب أحدا إلا بعد التذكير والتحذير .

وتسأل : الظاهر من الآية ان اللَّه لا يبعث رسولا في البلد الصغير ، أو إذا بعث فيه رسولا ، ولم يستجب أهله لدعوته فلا يعذبهم ، لأن المراد بالأم في الآية البلد الكبير أو العاصمة . . ولا يتفق هذا مع مبدأ المساواة في التكليف ووجوب الطاعة بين عموم الناس ؟ .

الجواب : ان الآية واردة مورد الغالب ، فان أكثر الأنبياء بعثوا في البلد الكبير ، وكل نبي كان يبعث مرشدا من قبله إلى البلد الصغير . وتقدم نظير هذه الآية في سورة الأنعام الآية 6 ج 3 ص 162 وفي سورة هود الآية 118 ج 4 ص 278 .

{وما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وزِينَتُها وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ} . المذموم من متاع الحياة ما يطغى معه الإنسان ، ويعثو في الأرض فسادا بسببه ، وإلا فلا يحرم زينة اللَّه والطيبات من الرزق إلا جاهل بدين اللَّه .

وتقدم مثله في الآية 103 من سورة البقرة ج 1 ص 162 والآية 77 من سورة النساء ج 2 ص 383 .

{أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُو لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُو يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} . وعد اللَّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ، واللَّه منجز وعده لا محالة ، وليس من شك ان الذي يتنعم في جنة الخلد لا يقاس به من يتنعم أياما في هذه الحياة ، ثم يساق قهرا إلى عذاب الجحيم .

________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 76-79 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} المراد بالهداية الإيصال إلى المطلوب ومرجعه إلى إفاضة الإيمان على القلب ومعلوم أنه من شأنه تعالى لا يشاركه فيه أحد ، وليس المراد بها إراءة الطريق فإنه من وظيفة الرسول لا معنى لنفيه عنه ، والمراد بالاهتداء قبول الهداية .

لما بين في الآيات السابقة حرمان المشركين وهم قوم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من نعمة الهداية وضلالهم باتباع الهوى واستكبارهم عن الحق النازل عليهم وإيمان أهل الكتاب به واعترافهم بالحق ختم القول في هذا الفصل من الكلام بأن أمر الهداية إلى الله لا إليك يهدي هؤلاء وهم من غير قومك الذين تدعوهم ولا يهدي هؤلاء وهم قومك الذين تحب اهتداءهم وهو أعلم بالمهتدين .

 

{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [القصص : 57 - 59] .

 

تذكر الآيات عذرا آخر مما اعتذر به مشركو مكة عن الإيمان بكتاب الله بعد ما ذكرت عذرهم السابق : {لولا أوتي مثل ما أوتي موسى} وردته وهو قولهم : إن آمنا بما جاء به كتابك من الهدى وهو دين التوحيد تخطفنا مشركو العرب من أرضنا بالقتل والسبي والنهب وسلب الأمن والسلام .

فرده تعالى بأنا جعلنا لهم حرما آمنا يحترمه العرب ويجبى إليه ثمرات كل شيء فلا موجب لخوفهم من تخطفهم .

على أن تنعمهم بالأموال والأولاد وبطر معيشتهم لا يضمن لهم الأمن من الهلاك حتى يرجحوه على اتباع الهدى فكم من قرية بطرت معيشتها أهلكها الله واستأصلها وورثها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا .

على أن الذي يؤثرونه على اتباع الهدى إنما هو متاع الحياة الدنيا العاجلة ولا يختاره عاقل على الحياة الآخرة الخالدة التي عند الله سبحانه .

على أن الخلق والأمر لله فإذا اختار شيئا وأمر به فليس لأحد أن يخالفه إلى ما يشتهيه لنفسه فيختار ما يميل إليه طبعه ثم استشهد تعالى بقصة قارون وخسفه به وبداره الأرض .

قوله تعالى : {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} إلى آخر الآية .

التخطف الاختلاس بسرعة ، وقيل الخطف والتخطف الاستلاب من كل وجه ، وكان تخطفهم من أرضهم استعارة أريد به القتل والسبي ونهب الأموال كأنهم وما يتعلق بهم من أهل ومال يؤخذون فتخلو منهم أرضهم ، والمراد بالأرض أرض مكة والحرم بدليل قوله بعد : {أ ولم نمكن لهم حرما آمنا} والقائل بعض مشركي مكة .

والجملة مسوقة للاعتذار عن الإيمان بأنهم إن آمنوا تخطفتهم العرب من أرضهم أرض مكة لأنهم مشركون لا يرضون بإيمانهم ورفض أوثانهم فهومن قبيل إبداء المانع ففيه اعتراف بحقية أصل الدعوة وأن الكتاب بما يشتمل عليه حق لكن خطر التخطف مانع من قبوله والإيمان به ، ولهذا عبر بقوله : {إن نتبع الهدى معك} ولم يقل : إن نتبع كتابك أودينك أو ما يقرب من ذلك .

وقوله : {أ ولم نمكن لهم حرما آمنا} قيل : التمكين مضمن معنى الجعل والمعنى أ ولم نجعل لهم حرما آمنا ممكنين إياهم ، وقيل : حرما منصوبا على الظرفية والمعنى : أ ولم نمكن لهم في حرم ، و{آمنا} صفة {حرما} أي حرما ذا أمن ، وعد الحرم ذا أمن - والمتلبس بالأمن أهله - من المجاز في النسبة ، والجملة معطوفة على محذوف والتقدير أ ولم نعصمهم ونجعل لهم حرما آمنا ممكنين إياهم .

وهذا جواب أول منه تعالى لقولهم : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} ومحصله : أنا مكناهم في أرض جعلناها حرما ذا أمن تحترمه العرب فلا موجب لخوفهم أن يتخطفوا منها أن آمنوا .

وقوله : {يجبى إليه ثمرات كل شيء} الجباية الجمع ، والكل للتكثير لا للعموم لعدم إرادة العموم قطعا ، والمعنى : يجمع إلى الحرم ثمرات كثير من الأشياء ، والجملة صفة لحرما جيء بها لما عسى أن يتوهم أنهم يتضررون إن آمنوا بانقطاع الميرة .

وقوله : {رزقا من لدنا} مفعول مطلق أوحال من ثمرات ، وقوله : {ولكن أكثرهم لا يعلمون} استدراك عن جميع ما تقدم أي إنا نحن حفظناهم في أمن ورزقناهم من كل الثمرات لكن أكثرهم جاهلون بذلك فيحسبون أن الذي يحفظهم من تخطف العرب هو شركهم وعبادتهم الأصنام .

قوله تعالى : {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} إلى آخر الآية البطر الطغيان عند النعمة ، و{معيشتها} منصوب بنزع الخافض أي وكم أهلكنا من قرية طغت في معيشتها .

وقوله : {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا} أي إن مساكنهم الخربة الخاوية على عروشها مشهودة لكم نصب أعينكم باقية على خرابها لم تعمر ولم تسكن بعد هلاكهم إلا قليلا منها .

وبذلك يظهر أن الأنسب كون {إلا قليلا} استثناء من {مساكنهم} لا من قوله : {من بعدهم} بأن يكون المعنى لم تسكن من بعدهم إلا زمانا قليلا إذ لا يسكنها إلا المارة يوما أو بعض يوم في الأسفار .

وقوله : {وكنا نحن الوارثين} حيث ملكوها ثم تركوها فلم يخلفهم غيرنا فنحن ورثناهم مساكنهم ، وفي الجملة أعني قوله : {كنا نحن الوارثين} عناية لطيفة فإنه تعالى هو المالك لكل شيء ملكا حقيقيا مطلقا فهو المالك لمساكنهم وقد ملكها إياهم بتسليطهم عليها ثم نزعها من أيديهم بإهلاكهم وبقيت بعدهم لا مالك لها إلا هو فسمى نفسه وارثا لهم بعناية أنه الباقي بعدهم وهو المالك لما كان بأيديهم كان ملكهم الاعتباري انتقل إليه ولا انتقال هناك بالحقيقة وإنما ظهر ملكه الحقيقي بزوال ملكهم الاعتباري .

والآية جواب ثان منه تعالى لقولهم : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} ومحصله أن مجرد عدم تخطف العرب لكم من أرضكم لا يضمن لكم البقاء ولا يحفظ لكم أرضكم والتنعم فيها كما تشاءون فكم من قرية بالغة في التنعم ذات أشر وبطر أهلكنا أهلها وبقيت مساكنهم خالية غير مسكونة لا وارث لها إلا الله .

قوله تعالى : {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا} أم القرى هي أصلها وكبيرتها التي ترجع إليها وفي الآية بيان السنة الإلهية في عذاب القرى بالاستئصال وهو أن عذاب الاستئصال لا يقع منه تعالى إلا بعد إتمام الحجة عليهم بإرسال رسول يتلو عليهم آيات الله ، وإلا بعد كون المعذبين ظالمين بالكفر بآيات الله وتكذيب رسوله .

وفي تعقيب الآية السابقة بهذه الآية الشارحة لسنته تعالى في إهلاك القرى تخويف لأهل مكة المشركين بالإيماء إلى أنهم لو أصروا على كفرهم كانوا في معرض نزول العذاب لأن الله قد بعث في أم قراهم وهي مكة رسولا يتلو عليهم آياته وهم مع ذلك ظالمون بتكذيب رسولهم .

وبذلك يظهر النكتة في الالتفات من التكلم بالغير إلى الغيبة في قوله : {وما كان ربك مهلك القرى} فإن في الإيماء إلى حصول شرائط العذاب فيهم لو كذبوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تقوية لنفسه وتأكيدا لحجته ، وأما العدول بعده إلى سياق التكلم بالغير في قوله : {وما كنا مهلكي القرى} فهو رجوع إلى السياق السابق بعد قضاء الوطر .

قوله تعالى : {وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا} إلخ الإيتاء : الإعطاء و{من شيء} بيان لما لإفادة العموم أي كل شيء أو تيتموه ، والمتاع ما يتمتع به والزينة ما ينضم إلى الشيء ليفيده جمالا وحسنا ، والحياة الدنيا الحياة المؤجلة المقطوعة التي هي أقرب الحياتين منا وتقابلها الحياة الآخرة التي هي خالدة مؤبدة ، والمراد بما عند الله الحياة الآخرة السعيدة التي عند الله وجواره ولذا عد خيرا وأبقى .

والمعنى : أن جميع النعم الدنيوية التي أعطاكم الله إياها متاع وزينة زينت بها هذه الحياة الدنيا التي هي أقرب الحياتين منكم وهي بائدة فانية وما عند الله من ثوابه في الدار الآخرة المترتب على اتباع الهدى والإيمان بآيات الله خير وأبقى فينبغي أن تؤثروه على متاع الدنيا وزينتها أ فلا تعقلون .

والآية جواب ثالث عن قولهم : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} محصله لنسلم أنكم إن اتبعتم الهدى تخطفكم العرب من أرضكم لكن الذي تفقدونه هو متاع الحياة الدنيا وزينتها الفانية فما بالكم تؤثرونه على ما عند الله من ثواب اتباع الهدى وسعادة الحياة الآخرة وهي خير وأبقى .

قوله تعالى : {أ فمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين} الآية إلى تمام سبع آيات إيضاح لمضمون الآية السابقة – وهو أن إيثار اتباع الهدى أولى من تركه والتمتع بمتاع الحياة الدنيا - ببيان آخر فيه مقايسة حال من اتبع الهدى وما يلقاه من الوعد الحسن الذي وعده الله ، من حال من لم يتبعه واقتصر على التمتع من متاع الحياة الدنيا وسيستقبله يوم القيامة الإحضار وتبري آلهته منه وعدم استجابتهم لدعوته ومشاهدة العذاب والسؤال عن إجابتهم الرسل .

فقوله : {أ فمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} الاستفهام إنكاري ، والوعد الحسن هو وعده تعالى بالمغفرة والجنة كما قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ } [المائدة : 9] ، ولا يكذب وعده تعالى قال : {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يونس : 55] .

وقوله : {كمن متعناه متاع الحياة الدنيا} أي وهو محروم من ذلك الوعد الحسن لاقتصاره على التمتع بمتاعها ، والدليل على هذا التقييد المقابلة بين الوعد والتمتيع .

وقوله : {ثم هو يوم القيامة من المحضرين} أي للعذاب ، أو للسؤال والمؤاخذة و{ثم} للترتيب الكلامي وإتيان الجملة اسمية كما فيما يقابلها من قوله : {فهو لاقيه} للدلالة على التحقق .

 ________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص46-51 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

الهداية بيد الله وحده ! . .

بالرغم من أن بحوثاً كثيرة وروايات وردت في الآية الأُولى من هاتين الآيتين المتقدمتين وشأن نزولها ، إلاّ أنّها ـ كما سنرى ـ روايات غير معتبرة ولا قيمة لها ، حتى كأنّها رويت لأغراض ومقاصد خاصّة ، ولذلك رأينا أن نفسّر الآية من القرآن نفسه ثمّ نعالج الرّوايات المشكوكة أو المجعولة .

ومع الإلتفات إلى أن الآيات السابقة كانت تتحدث عن طائفتين : طائفة من مشركي أهل مكّة المعاندين ، كان رسول(صلى الله عليه وآله) شديد الإصرار على هدايتهم ، لكنّهم لم يهتدوا ولم يذعنوا لنور الإيمان . وطائفة من أهل الكتاب والأفراد البعيدين عن مكّة ، تلقوا هداية الله برحابة صدر وبعشق وضحوا في سبيل الإسلام ، وآثروا على أنفسهم مصلحة الإسلام ، ولم يكترثوا بعناد قومهم الجاهلين الأنانيين ، ولم يستوحشوا من الضغوط والعزلة وما إلى ذلك ! .

فمع الإلتفات إلى كل هذه الأُمور ، نلاحظ أن الآية الأُولى من هاتين الآيتين تكشف الستار عن هذه الحقيقة فتقول : {إنّك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} .

فالله يعلم من هم الجديرون بالإيمان . . وأيّة قلوب تطلب الحقّ وهو يعرف العاشقين له .

أجل ، هو يعرف هؤلاء ويوفقهم بلطفه ليسيروا نحو الإيمان .

أمّا الذين أظلمت قلوبهم وساءت سيرتهم وعادوا الحق في الخفاء ونهضوا بكل ما عندهم من قوة بوجه رسل الله ، وقد تلوثت قلوبهم في حياتهم إلى درجة لم يكونوا جديرين بنور الإيمان فالله سبحانه لا يضع مصباح التوفيق في طريقهم أبداً .

إذن ، وبناءً على ما تقدم ، ليس المقصود من الهداية «إراءة الطريق» ، لأنّ إراءة الطريق هي من وظيفة النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وتشمل جميع الناس دون استثناء ، بل المقصود من الهداية هنا هو «الإيصال للمطلوب والهدف» ، والإيصال إلى المطلوب وإلى الهدف هو بيد الله وحده ، الذي يغرس الإيمان في القلوب ، وليس هذا العمل اعتباطاً ودون حساب ، فهو تعالى ينظر إلى القلوب المهيأة والمستعدة ليهبها نور السماء !

وعلى كل حال ، فإنّ هذه الآية بمثابة التسلية والتثبيت لقلب النّبي ليطمئن إلى هذه الحقيقة ، وهي إنّه لا إصرار المشركين وعنادهم وإن كانوا من أهل مكّة ، ولا إيمان أهل الحبشة ونجران وغيرهما أمثال سلمان الفارسي وبحيرا الراهب من دون دليل وسبب .

فعليه أن لا يكترث لعدم إيمان الطائفة الأولى ، فإن الله يقذف نوره في القلوب المهيأة للنور ويبسط عليها خيمته ! .

ونظير هذا المضمون كثير في آيات القرآن ! .

إذ نقرأ في الآية (272) من سورة البقرة قوله تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة : 272] .

وفي الآية (37) من سورة النمل {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل : 37] .

وفي الآية (43) من سورة يونس { أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ } [يونس : 43] .

كما نقرأ أيضاً في الآية (4) من سورة إبراهيم ما هو بمثابة القانون العام {فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [إبراهيم : 4] .

فالآية الأخيرة تدلّ دلالة واضحة على أن المشيئة الإلهية في شأن هاتين الطائفتين «جماعة الهدى وجماعة الضلال» ليست دون حساب ، بل هي طبقاً للجدارة واللياقة وسعي الأفراد أنفسهم . . . فالله يهب توفيقه على هذا الأساس ، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، ويسلب الهدى ممن يشاء فيضلون السبيل .

وفي الآية الثّانية ـ من الآيتين محل البحث ـ يتحدث القرآن الكريم عن طائفة اعترفوا بالإسلام في واقعهم وأيقنت به قلوبهم ، إلاّ أنّهم لم يظهروا إيمانهم بسبب منافع شخصية وملاحظات ذاتية ، حيث يقول : {وقالوا إن نتبع الهدى معك نُتخطف من أرضنا} (2) .

ورد في كتب التّفسير أن الذي قال : {إن نتبع الهدى معك} الخ . . هو «الحارث بن نوفل» ، حيث قال للنّبي(صلى الله عليه وآله) : إنّنا نعرف أن ما تقوله حق ، لكن الذي يمنعنا من اتباعك والإيمان بك ، خوفنا من هجوم العرب علينا ليطردونا من أرضنا ، ولا طاقة لنا على ردّهم (3) .

هذا الكلام لا يقوله إلاّ من يستضعف قدرة الله ويرى أن قدرة حفنة من العرب الجاهليين عظيمة!! وهذا الكلام لا يصدر إلاّ من قلب لا يعرف عناية الله وحمايته ، ولا يعرف كيف ينصر الله أولياءه ويخذل أعداءه ، لذلك يقول القرآن ردّاً على مثل هذه المزاعم {أولم نمكّن لهم حرماً آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء (4) ولكن أكثر هم لا يعلمون} .

الله الذي جعل هذه الأرض المالحة والمليئة بالصخور والخالية من الأشجار والأنّهار ، جعلها حرماً تهفوا إليه القلوب ، ويؤتى إليه بالثمرات من مختلف نقاط العالم ، كل ذلك بيد قدرته القاهرة .

فإنّ من له هذه القدرة على اقرار «الامن» وجبابة «النعم» إلى هذا المكان وهؤلاء يرون ذلك بأعينهم ، كيف لا يكون قارداً على أن يحفظكم من هجوم حفنة من الجاهليين عبّاد الأوثان ؟!

فقد كنتم في زمان الكفر مشمولين بنعمتي الله العظيمتين «الأمن والمواهب المعاشية» فكيف يمكن أن يحرمكم الله منهما بعد الإسلام ؟!

لتكن قلوبكم قوية وآمنوا بما اُنزل اليكم فإنّ ربّ الكعبة وربّ مكّة معكم .

هنا ، ينقدح هذا السؤال ، وهو : إن التأريخ يدل على أن حرم مكّة لم يكن آمنا للمسلمين للغاية ، ألم تعذب طائفة من المسلمين في مكّة ؟ ألم يرموا النّبي (صلى الله عليه وآله) بالأحجار الكثيرة ؟! ألم يقتل بعض المسلمين في مكّة ؟! ألم يهاجر جماعة من المسلمين من مكّة مع جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) وجماعة آخرون مع النّبي (صلى الله عليه وآله) آخر الأمر لعدم الأمن في مكّة ؟!

فنقول جواباً على ذلك :

أوّلا : مع جميع هذه الأُمور ما تزال مكّة أكثر أمناً من النقاط الأُخرى . . وكان العرب يحترمونها ويقدسونها ، وبالرغم من أنّهم كانوا يقدمون على جرائم متعددة في أماكن أُخرى ، إلاّ أنّهم كانوا يحجمون عن الإتيان بمثلها في مكّة .

والخلاصة : فمع عدم الأمن العام والكلي كانت مكّة تتمتع بالامن النسبي ولاسيما أن الأعراب خارجها كانوا يراعون أمنها وقداستها .

ثانياً : صحيح أن هذه الأرض التي جعلها الله حرماً آمناً أضحت لفترة وجيزة غير آمنة على أيدي جماعة . . . إلاّ أنّها سرعان ما تحولت إلى مركز كبير للأمن وتواتر النعم الكثيرة المتعددة ، فعلى هذا لم يكن تحمل هذه الصعاب المؤقتة من أجل الوصول للنعم العظيمة ، أمراً عسيراً ومعقداً .

وعلى كل حال ، فإنّ كثيراً ممن يقلقون على منافعهم الشخصية ، كالحارث بن نوفل ، لا يسلكون سبيل الهداية والإيمان . . . في حين أنّ الإيمان بالله والتسليم لأمره ، لا يؤمن المنافع المعنوية لهم فحسب ، بل يؤمن لهم المحيط الصحيح والمنافع المادية المشروعة وما إلى ذلك . وعدم الأمن والغارات والحروب التي نجدها في عصر التمدن ـ كما يصطلح عليه ـ وفي الدنيا البعيدة عن الإيمان والهداية ، كل هذه الأُمور شاهد حي على هذا المدّعى ! .

ومن الضروري الإلتفات إلى هذه النقطة الأساسية ، وهي أنّ الله سبحانه أوّل ما يذكر من نعمه نعمة الأمن ، ثمّ يذكر جلب الثمرات والأرزاق وغير ذلك من جميع الأنحاء إلى مكّة ، ويمكن أن يكون هذا التعبير مبيّناً هذا الواقع ، وهو : طالما كان الأمن حاكماً في بلد كان اقتصاده جيداً ، وإلاّ فلا ، «قد بيّنا هذا الأمر في بحثنا للآية 35 سورة إبراهيم» .

كما أنّ الجدير بالذكر أنّ «يجبى» جاءت على صيغة الفعل المضارع الذي يدل على الإستمرار في الحال والإستقبال ، ونحن اليوم وبعد مرور أربعة عشر قرناً ، نرى بأم أعيننا مفهوم هذا الكلام واستمرار جباية جميع أنواع المواهب إلى هذه الأرض المباركة ، فالذين يحجّون مكّة ويزورون بيت الله الحرام ، يرون بأعينهم هذه الأرض الجرداء الحارة التي لا تنبت شيئاً ، كم فيها من النعم ! فكأن مكّة غارقة بها ، ولعل أية نقطة من العالم ليس فيها ما في مكّة من هذه النعم الوفيرة .

 

وقوله تعالى : {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59) وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [القصص : 58 ، 59] .

 

لا تخدعنكم علائق الدنيا :

كان الحديث في الآيات المتقدمة يدور حول ما يدعيه أهل مكّة ، وقولهم : إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا بهجوم العرب علينا ، وتتكدر حياتنا ويختل وضعنا المعاشي و الإقتصادي . . وقد أجابت الآيات السابقة على هذا الكلام بردٍّ بليغ .

وفي هذه الآيات مورد البحث ردّان آخران على كلامهم :

الأوّل : يقول . . على فرض أنّكم لم تؤمنوا ، وحييتم في ظل الشرك مرفهين ماديّاً ، ولكن لا تنسوا أن تعتبروا بحياة من قبلكم {فكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} .

أجل ، إنّ الغرور دعاهم إلى أن يبطروا من النعم ، والبطر أساس الظلم ، والظلم يجرّ حياتهم إلى النّار . . . {فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلاّ قليلا} .

بلى . . . بقيت بيوتهم خالية خربة متهدمة مظلمة لم يزرها ولم يسكنها أحد إلاّ لفترة قليلة {وكنّا نحن الوارثين} .

فيا مشركي مكّة . . . أتريدون أن تعيشوا حياة البطر والكفر كما عاشه أُولئك ، وتكون عاقبتكم كعاقبتهم ، فأي نفع في ذلك ؟!

كلمة «بطرت» مشتقّة من «بطر» على زنة «بشر» ومعناه الطغيان والغرور على أثر وفرة النعم .

والتعبير بـ «تلك» التي هي اسم إشارة للبعيد ، وتستعمل غالباً للأُمور التي يمكن مشاهدتها ، ويحتمل أن يكون المقصود بها أرض «عاد وثمود وقوم لوط» التي لا تبعد كثيراً عن أهل مكّة ، وهي في أرض الأحقاف بين اليمن والشام ، أو في وادي القرى ، أو في أرض سدوم ، وجميع هذه المناطق في مسير قوافل التجار العرب الذين كانوا يمضون من مكّة إلى الشام ، وكانوا يرون تلك البيوت بأُم أعينهم خالية خاوية لم تسكن إلاّ قليلا .

وجملة (إلاّ قليلا) التي جاءت بصيغة الإستثناء ، فيها ثلاثة احتمالات :

الاحتمال الأوّل : أن الإستثناء عن الساكنين .

والاحتمال الثّاني : أنّه عن المساكن .

والاحتمال الثّالث : أنّه عن السكن .

ففي الصورة الأُولى يكون مفهومها أن جماعة قليلة سكنتها «أي سكنت تلك المساكن» .

وفي الصورة الثّانية يكون مفهومها أن فترة قليلة كان بها السكن في هذه «المساكن» لأنّ من يسكن في هذه المساكن المشؤومة سرعان ما تنطوي فيها صفحة حياته .

وبالطبع فإنّ إرادة المعاني الثلاثة من النصّ السابق لا يوجد لنا أي مشكلة ، وإن كان المفهوم الأوّل أظهر .

كما أن بعض المفسّرين قال : إنّ المقصود من هذه الآية هو الإشارة إلى السكن المؤقت للمسافرين الذاهبين والآيبين حيث يستريحون فيها لا أكثر ، وفسرها آخرون بأنّها إشارة لسكن الحيوانات الوحشية .

والقدر المسلم به أن هذه المساكن التي كانت ملوّثة بالإثمّ والشرك أصبحت غير صالحة للسكن فهي خاوية وخالية!

والتعبير بـ {وكنا نحن الوارثين} إشارة إلى خلّوها من الساكنين ، كما هي إشارة إلى أنّ مالكها الحقيقي هو الله سبحانه المالك لكل شيء ، وإذا ما أعطى ملكاً «اعتبارياً» لأحد ، فإنّه لا يدوم له طويلا حتى يرثه الله أيضاً .

والآية الثّانية في الحقيقة جواب عن سؤال مقدر ، وهو : إذا كان الأمر كذلك ، بأن يهلك الله الطغاة ، فلم لم يهلك المشركين من أهل مكّة والحجاز ، الذين بلغوا حدّاً عظيماً من الطغيان ، ولم يكن إثم ولا جهل إلاّ وارتكبوه ، ولم لم يعذبهم الله بعذابه الأليم ؟

يقول القرآن في هذا الصدد {وما كان ربّك مهلك القرى حتى يبعث في أمّها رسولا يتلوا عليهم آياتنا} .

أجل . . لا يعذب الله قوماً حتى يتمّ عليهم حجّته ويرسل إليهم رسله ، وحتى بعد إتمام الحجّة ، فما لم يصدر ظلم يستوجب العذاب فإنّ الله لا يعذبهم ، وهو يراقب أعمالهم ، {وما كنا مهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون} .

والتعبير بـ (ما كنّا) أو (وما كان ربك) دليل على أن سنة الله الدائمة والأبدية التي كانت ولا زالت ، هي أن لا يعذب أحداً إلاّ بعد إتمام الحجة الكافية .

والتعبير بـ {حتى يبعث في أمّها رسولا} إشارة إلى عدم لزوم إرسال الرسل إلى جميع المدن ، بل يكفي أن يبعث في مركز كبير من مراكزها التي تنشر العلوم والأخبار رسولا يبلغهم رسالاته! لأنّ أهل تلك المناطق في ذهاب وإياب مستمر إلى المركز الرئيسي ، لحاجتهم الماسة ، وما أسرع أن ينتشر الخبر الذي يقع في المركز إلى بقية الأنحاء القريبة والبعيدة ، كما انتشرت أصداء بعثة النّبي (صلى الله عليه وآله) التي كانت في مكّة ـ وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة! لأنّ مكّة كانت أم القرى ، وكانت مركزاً روحانياً في الحجاز ، كما كانت مركزاً تجارياً أيضاً . . فانتشرت أخبار النّبي (صلى الله عليه وآله) ، ووصلت جميع المراكز المهمّة في ذلك الحين وفي فترة قصيرة جدّاً .

فعلى هذا تبيّن الآية حكماً كلياً وعامّاً ، وما يدّعيه بعض المفسّرين من أنّها إشارة إلى «مكّة» لا دليل عليه ، والتعبير بـ (في أمّها) هو تعبير عام كلي أيضاً . . لأنّ كلمة «أم» تعني المركز الأصلي ، ولا يختص هذا بمكّة فحسب (5) .

وأخر آية من هذا المقطع محل البحث تحمل الردّ الثّالث على أصحاب الحجج الواهية ، الذين كانوا يقولون للنّبي (صلى الله عليه وآله) : {ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} ويبعدنا العرب من ديارنا ، وهو قوله تعالى : {وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى} ممّا عندكم من النعيم الفاني . . إذ أنّ نعم الدنيا تشوبها الأكدار والمشاكل المختلفة ، ولس من نعمة مادية خالية من الضرر والخطر أبداً .

إضافة إلى ذلك فإنّ النعم التي عند الله «الباقية» لا تقاس مع النعم الدنيوية الزائلة ، فنعم الله ـ إذن ـ خير وأبقى ! .

فبموازنة بسيطة يعرف كل إنسان عاقل أنّه لا ينبغي أن يضحي بنعم الآخرة من أجل نعم الدنيا ، ولذلك تختتم الآية بالقول : {أفلا تعقلون} ؟ .

يقول «الفخر الرازي» نقلا عن أحد الفقهاء أنّه قال : لو أوصى أحد بثلث ماله إلى أعقل الناس ، فإني أفتي أن يعطى هذا المال لمن يطيع أمر الله ، لإن أعقل الناس من يعطي المتاع القليل ، (الفاني) ليأخذ الكثير (الباقي) ولا يصدق هذا ، إلاّ في من يطيع الله .

ثمّ يضيف الفخر الرازي . . قائلا : فكأنّما استفاد هذا الحكم من الآية محل البحث (6) .

 

وقوله تعالى : {أَفَمَنْ وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَهُ مَتَعَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ

 

أنّهم عبدَة الهوى :

كان الحديث في الآيات المتقدمة عن الذين فضّلوا الكفر على الإيمان بسبب منافعهم الشخصيّة ـ ورجّحوا الشرك على التوحيد ، وفي الآيات التي بين أيدينا يبيّن القرآن حال هذه الجماعة يوم القيامة قبال المؤمنين الصادقين .

ففي بداية هذه الآيات يلقي القرآن سؤالا يقارن فيه بين المؤمنين والكافرين ، ويثير الوجدان ويجعله حكماً فيقول : {أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} .

ولا شك أن وجدان يقظ يرجّح وعود الله و مواهبه العظيمة الخالدة ، على نعم الدنيا التي لا تطول إلاّ أيّاماً و تتبعها آلام وشقاء خالد ؟!

جملة {فهو لاقيه} تأكيد على أن وعد الله لا يتخلف أبداً ولابدّ أن يكون كذلك ، لأنّ تخلّف الوعد إمّا ناشىء عن الجهل أو العجز ، وكلاهما مستحيل على ذات الله المقدسة .

وجملة {هو يوم القيامة من المحضرين} إشارة إلى الإحضار في محضر الله يوم القيامة للحساب ، وفسرها البعض بالإحضار في نار جهنّم ، ولكن التّفسير الأوّل أنسب كما يبدو ، وعلى كل حال فإنّ هذا التعبير يدل بصورة واضحة على أنّ المجرمين يساقون مكرهين ، وعلى غير رغبة منهم إلى تلك العرصات المخوفة ، وينبغي أن يكون الأمر كذلك . . . لأنّ وحشة الحساب والقضاء يوم القيامة ومشاهدها تغمر وجودهم هناك ! .

والتعبير بـ(الحياة الدنيا) التي تكررت في سور مختلفة من القرآن الكريم ، إشارة إلى حقارة هذه الحياة بالنسبة للحياة الأُخرى والخلود فيها وعدم الزوال والإضمحلال ، لأنّ كلمة «دنيا» في الأصل مأخوذة من «دنو» على زنة «غلو» ومعناها القرب في المكان أو الزمان أو المنزلة والمقام ، ثمّ توسّع هذا المفهوم ليطلق بلفظ «دنيا أو أدنى» على الموجودات الصغيرة التي تحت اليد في مقابل الموجودات الكبيرة ، وقد يطلق هذا اللفظ على الموضوعات التي لا قيمة لها في مقابل الأشياء ذات القيمة العالية ، وربّما استعمل في القرب في مقابل البعد . وحيث أن هذه «الحياة» في مقابل العالم الآخر صغيرة ولا قيمة لها وقريبة أيضاً ، فإنّ تسميتها بالحياة الدنيا تسمية مناسبة جدّاً .

________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص598-611 .

2 ـ كلمة «معك» في الآية الآنفة متعلقة بـ «نتبع» ، ويحتمل أن تكون كلمة «معك» متعلقة بـ «الهدى» ويكون التفاوت في المعنى يسيراً . .

3 ـ مجمع البيان ـ ذيل الآية محل البحث . . .

4 ـ «يجبى» مشتق من مادة «جباية»

[«ونمكن» في الآية بمعنى نجعل] والجبابة معناها الجمع ، لذلك يطلق على الحوض الذي يجمع فيه الماء جابية . . .ونصبُ كلمة «حرم» على أنّها مفعول لنمكن .

5 ـ في أن الآية هل تشمل المستقلات العقلية أم لا ، بحثنا في ذلك بحثاً مناسباً في ذيل الآية (15) من سورة الإسراء .

6 ـ التّفسير الكبير للفخر الرازي ، ج 25 ، ص 6 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



ستوفر فحوصات تشخيصية لم تكن متوفرة سابقا... تعرف على مميزات أجهزة المختبر في مستشفى الثقلين لعلاج الاورام في البصرة
بالصور: تزامنا مع ذكرى ولادة الإمام الرضا (ع).. لوحات مطرزة تزين الصحن الحسيني الشريف
بالفيديو: الاكبر في العراق.. العتبة الحسينية تنجز المرحلة الأولى من مدينة الثقلين لإسكان الفقراء في البصرة
ضمنها مقام التل الزينبي والمضيف.. العتبة الحسينية تعلن عن افتتاحها ثلاثة أجزاء من مشروع صحن العقيلة زينب (ع) خلال الفترة المقبلة