كانت الخطوة الهامة التي تحققت في القرن العشرين والتي تعتبر ثورة كبرى في عالم الاتصال هي اخترع التلفزيون. وقد بدأ بث البرامج الأولى بعد اكتشاف تقنية المسح الإلكتروني للصورة وتجزئتها في العام 1930 بريطانيا. وقد انتشر بعدها في جميع أنحاء العالم. ولم يعد يخلو بيت من جهاز للتلفزيون. هذه الوسيلة التي باتت أهم الوسائل الإعلامية دون منازع، والتي ما انفك تأثيرها ينعكس على الإنسانية جمعاء، أكان على الصعيد الإخباري، أو الترفيهي، أو التثقيفي، وكذلك الرياضي، والاقتصادي، والاجتماعي. باختصار لم يعد أحد يمكنه أن يتصور الحياة بدون تلفزيون الذي قرب المسافات وأصبح كل منا بفضل هذه الوسيلة يشاهد الأحداث مباشرة على الهواء في أي بقعة في العالم باستخدام الأقمار الاصطناعية. وفتح نافذة كبيرة على العالم وعلى ثقافات الشعوب بأكملها. وبهذا يكون التلفزيون، كما أسلفنا، جعل العالم ((قرنية كونية)) (وهذا المصطلح للعالم الأمريكي مارشال ماك لوهان). وأعاد الصورة لتكون اللغة الأساسية في الخطاب الإعلامي. وبهذا الإنجاز الضخم يكون الإنسان قد حقق أمنية كانت تدور في خلده منذ آلاف السنين.

على أية حال فإن الزمن الذي يفصل بين اللغة التصويرية لإنسان الكهوف ولغة الصورة العصرية يقارب الخمسة أو الستة آلاف سنة. خلال هذه الفترة انتقل الإنسان من حضارة الصورة البدائية الى حضارة الصورة العصرية بكل ما تحمل من معنى.

ولكن ما يهمنا نحن في هذا الكتاب بشكل خاص هو الرسالة الإخبارية المرسلة عبر والوسائل السمعية البصرية وخواصها.  فهي رسالة مكونة من العناصر الأساسية : النص، والصوت، أو النص والصوت والصورة. واجتماع هذه العناصر أوجد لغة جديدة خاصة اسمها : لغة الرسالة الإخبارية السمعية البصرية.