فيمن نزلت الآية : {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: 1] ؟ وما الذي يصرفها عن الرسول صلى الله عليه واله ؟ |
2156
09:32 صباحاً
التاريخ: 29-8-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-08
684
التاريخ: 2024-06-29
556
التاريخ: 2024-06-01
698
التاريخ: 2024-06-29
594
|
الجواب : قد ذهب أبناء العامّة في هذه القضية أنّها نزلت في النبيّ صلى الله عليه وآله ، واعتمدوا في ذلك على أحاديث ضعيفة السند ، لأنّها تنتهي إلى من لم يدرك هذه القضية أصلاً ، لأنّه أمّا كان حينها طفلاً ، أو لم يكن ولد (1).
وورد عن أهل البيت عليهم السلام أنّها نزلت في رجل من بني أُمية (2) ، والقرائن أيضاً تدلّ على أنّها بعيدة عن ساحة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وذلك أنّ الآية تصف المعاتب بصفات منها : أنّه يتصدّى للأغنياء لغناهم ، ويتلهّى عن الفقراء لفقرهم ، وهذه الصفات بعيدة عن سجايا نبيّنا الأكرم ، إذ هو الذي وصفه الله بأنّه : {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].
وقال الله تعالى عن نبيّه في سورة القلم التي نزلت قبل سورة عبس {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] ، فكيف يصدر عنه صلى الله عليه وآله هذا الأمر المنافي للأخلاق ، ولقد نزلت آية الإنذار {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [الشعراء: 215] قبل سورة عبس بسنتين ، فهل نسي الرسول ذلك ، وإذا كان نسي فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وفي قوله تعالى عن الرسول : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
ومن يتمعّن هذه الآيات يجد أنّها خبر محض ، ولم يُصرّح فيها بالمخبر عنه ، وقوله تعالى : {وَمَا يُدْرِيكَ} [عبس: 3] ليس الخطاب فيها لرسول الله صلى الله عليه وآله ، وإنّما هو التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ، فالآية في ظاهرها لا تدلّ أنّها فيمن نزلت ، وإنّما يفسّرها لنا أهل البيت ـ وهم الثقل الثاني الذي به نعتصم من الضلال ـ فورد عنهم أنّها نزلت في رجل من بني أُمية.
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رأى عبد الله بن أُمّ مكتوم قال : مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً » (3) ، وكان يريد الرسول بذلك التعريض بمن صدر منه ذلك في حقّ ابن أُمّ مكتوم ، كأنّه يقول له : والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان.
فمدلول الآية يكون كالتالي : ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) ذلك الرجل من بني أُمية ( أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيك ) هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب مع العابس نفسه ( لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ ) أيّها العابس الغني ( لَهُ تَصَدَّى ) لأهداف دنيوية ( وَمَا عَلَيْك ) أيّها العابس ( أَلاَّ يَزَّكَّى ) على يد شخص آخر ممّن هو في المجلس كالنبيّ صلى الله عليه وآله ، ( وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ ) أيّها العابس ( عَنْهُ تَلَهَّى ) لأهداف دنيوية.
هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرّفت هذا الموقف ، لتدافع عن بني أُمية غفلة منها أن ذلك يكون سبب ليتشبّث به المخالفون للإطاحة بمكانة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولكن {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [التوبة: 32].
______________________
1 ـ أُنظر : جامع البيان 30 / 64 ، أسباب نزول الآيات : 297 ، الجامع لأحكام القرآن 19 / 211 ، تفسير القرآن العظيم 4 / 501.
2 ـ التبيان 10 / 269 ، مجمع البيان 10 / 266 ، الأصفى في تفسير القرآن 2 / 1405.
3 ـ مجمع البيان 10 / 266.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|