أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-20
1118
التاريخ: 23-4-2019
2326
التاريخ: 2023-05-25
1300
التاريخ: 2024-10-28
266
|
بلغ علم التاريخ في عصرنا الحاضر مبلغا عظيما بتربعه على قمة العلوم الإنسانية و الإجتماعية، حيث أصبحت طروحاته المعرفية حاجة حضارية أساسية لفهم حركة تطور العالم بكل تفاصيله. هذا ما أعلنته مدرسة الحوليات وما أبدعته ثورة ما عرف (بالتاريخ الجديد) من مجالات واسعة في إهتمامات علم التاريخ لتغوص تقريبا في كل شيء، لأن لكل شيء تاريخ، وهو بحاجة إلى التاريخ، كما أن هذا التاريخ أصبح بتوسعه بحاجة إلى كل شيء.
وهكذا في علاقة جدلية أرست في النهاية تبوء علم التاريخ مكانته المرموقة بين العلوم كافة. والباحث في مسيرة هذا العلم النبيل يلحظ صعوبة المسالك التي مر بها مكرسا أهميته وجدارته وشخصيته المميزة، وهويته العلمية التي كانت محط خاف ونقاش وتشكيك. بل إن التاريخ لم يأخذ تسميته إلا كجزء من معارف أخرى، فهو كان جزءا من الفلسفة تارة، وتارة أخرى فنا محضا وطورا أدباً.. وأسس ديناً... الخ. تكتنفه الأساطير والخرافات، رغم المحاولات التي عملت على تصويب وتحسين أدائه التي قام بها مفكرو اليونان وفي مقدمته (هيرودتس) الذي كان قد قرر أن البحث عن الأشياء الجديرة بالمعرفة خصوصا حول الماضي كانت تعني الإستبصار والتبصر... الخ. لذلك استحق هذا المؤرخ لقب ) أبو التاريخ(. على أن ذلك لم يكن لتتوضح معالمه وتترسخ قواعده حتى جاء العرب مع ظهور الإسام ليأخذوا دورهم الحضاري في دفع التطور الإنساني العام، وشمل ذلك بجدارة التاريخ الذي استفاد من حاجة العرب المسلمين في التحقيق والتدقيق في المرويات والأحاديث التي أثرت عن النبي(ص).
وهكذا فتح باب الإهتمام بتنظيم آلية البحث في أحداث الماضي والنظر في صحتها. وعرف التاريخ إزدهارا مع ظهور الإسام والتأكيد على حب المعرفة والعلم والقراءة والتبصر والتفكر في الكون وتاريخه وأساطير وقصص الأولين...الخ. لتبدأ مرحلة جديدة في علم التاريخ طبعته بطابعها الخاص وأنتجت إرثا تاريخيا ضخما وأسساً وقواعد ومناهج في الكتابة التاريخية جعلت التاريخ من أرقى المعارف وأشرفها.
إن ما أرساه العرب المسلمون من قواعد وأصول وأسس في علم التاريخ كان محط إعجاب وتقدير العلماء والمفكرين والفلاسفة في العالم معترفين بفضلهم في تأصيل قواعد أساسية لترسيخ علمية التاريخ وتحقيق مكانته بين المعارف الإنسانية الفاعلة في الميدان الحضاري.
لقد كان الدافع الرئيسي لدى العرب المسلمين لكتابة التاريخ هو القرآن الكريم الذي يفرق بين الأخبار والأساطير، والذي دعاهم للإهتمام بتاريخ مجتمعاتهم.. لكن الدافع المباشر كان معرفة السيرة النبوية حيث ظهرت دراسات تاريخية سميت السير والمغازي والأخبار والأنساب والفتوحات والتنظيمات، وأيضا الأمم والأديان القديمة وأخبار العرب في الجاهلية والمرويات السياسية والحضارية والإجتماعية والأدبية... الخ. ثم كانت حاجة الدولة الإسلامية الأولى لوضع التواريخ والمواقيت ووضع تقويم ثابت هو التاريخ الهجري.
وبذلك أصبح توقيت الأحداث أو تأريخها هو العامود الأساس للدراسات التاريخية. كما إنشاء الدواويين وحفظ الأنساب دافعا للإهتمام بالتدوين التاريخي.
وهكذا تعاظم الإهتمام بالتاريخ وتنظيم شؤونه وبرز غلبة إتجاه أهل الحديث في الكتابة التاريخية، وبرز مؤرخو المغازي والسير، ومنهم إبان بن عثمان ووهب بن منبه...
وهم من الطبقة الأولى، ثم ابن حزم، وابن قتادة والزُهري... وهم من الطبقة الثانية، وموسى بن عقبة وابن إسحاق وابن هشام والواقدي وابن سعد... وهم من الطبقة الثالثة.
وفي العصور الوسيطة الإسلامية بدا واضحا تأثر الكتابة التاريخية عند العرب المسلمين بدراسات الحديث الشريف وطرق التحقيق والتثبّت من صحة هذه الأحاديث النبوية وما نتج عن ذلك من قواعد منهجية، وهكذا نشأت علاقة وثيقة بين علم الحديث والتاريخ.
وتميزت الكتابة التاريخية عند العرب المسلمين في هذه الفترة بأنها كانت مستقلة ومتقدمة عن الحضارات القديمة والمعاصرة. ولم يتأثروا بالإغريق أو الرومان أو الفرس أو غيرهم من الشعوب الأخرى. بل إعتمدوا في أساليب تدوين التاريخ على إبداعاتهم وإجتهاداتهم وبذلك تمكنوا من تطوير الكتابة التاريخية، ويسجل لهؤلاء المؤرخين أنهم أول من ضبط الحوادث بالإسناد والتوقيت الكامل. وهكذا تألق مؤرخو العرب المسلمون أمثال البلاذري واليعقوبي والدينوري وابن قتيبة والطبري ومسكاويه وابن الجوزي وابن الأثير وأبو الفداء والذهبي والمسعودي وابن عساكر.. الخ. ووصلت المؤلفات التاريخية إلى مرحلة عالية من الدقة والشمول مع السخاوي والكافيجي وبلغ ذروته مع ظهور ابن خلدون.
وهكذا يكون منهج التاريخ عند العرب المسلمين قد إرتكز على العقد والوثيقة والواقعة، وكان لهذا التاريخ قضيتان رئيسيتان:
(ا) قضية منهج يركز على الغاية( تحري الحقائق)
(ب) قضية فلسفة ترتكز على الهدف (موعظة وعبرة)
لقد تميز التاريخ عند العرب المسلمين بمييزات معرفية وفكرية ومنهجية وصار جزءا من الثقافة الإسلامية، وظهر في التاريخ أساس جديد هو العقل بجانب الإيمان، وأدى ذلك إلى تحرير التاريخ من الخرافات. وبذلك تكون البيئة الإبداعية والحاجة الحضارية ساعدت على ظهور هذه الإنجازات السبّاقة في مجال علم التاريخ قبل قرون من الإعتراف بما لهذا العلم من مكانة وحصانة ورسوخ في المعارف الإنسانية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|