المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17560 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تأثير الأسرة والوراثة في الأخلاق
2024-10-28
تأثير العشرة في التحليلات المنطقيّة
2024-10-28
دور الأخلّاء في الروايات الإسلاميّة
2024-10-28
ترجمة ابن عبد الرحيم
2024-10-28
ترجمة محمد بن لب الأمي
2024-10-28
من نثر لسان الدين
2024-10-28

النظرية M
2023-03-15
العناصر الحيوية Bioelements
26-7-2017
الاتصال
27-4-2016
نجم الدين بن محمد بن محمد العاملي ( ... ـ حياً 1011 هـ)
3-7-2016
فضل العلم والعلماء
21-7-2016
نشأة الإمام الحسين ( عليه السّلام )
5-7-2022


تفسير الآية (29-32) من سورة لقمان  
  
3346   02:11 صباحاً   التاريخ: 12-8-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف اللام / سورة لقمان /

قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوالْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوالْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان : 29 - 32] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قال تعالى : {أ لم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} أي ينقص من الليل في النهار ومن النهار في الليل عن قتادة وقيل معناه إن كل واحد منهما يتعقب الآخر {وسخر الشمس والقمر} لأنهما يجريان على وتيرة واحدة لا يختلفان {كل يجري إلى أجل مسمى} قدره الله تعالى {وإن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق} الذي يجب توجيه العبادة اليه {وان ما يدعون من دونه الباطل وان الله هو العلي الكبير} اي : القدر القاهر . والآيتان مفسرتان في سورة الحج .

ثم أكد سبحانه ما تقدم من الأدلة على وحدانيته ونعمه على بريته فقال {أ لم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله} أي أ لم تعلم أيها الإنسان أن السفن تجري في البحر بنعمة الله عليكم {ليريكم من آياته} أي بعض أدلته الدالة على وحدانيته ووجه الدلالة من ذلك أن الله تعالى يجري السفن بالرياح التي يرسلها في الوجوه التي يريدون المسير فيها ولو اجتمع جميع الخلق ليجروا الفلك في بعض الجهات المخالفة لجهة الرياح لما قدروا عليه وفي ذلك أعظم دلالة على أن المجري لها بالرياح هو القادر الذي لا يعجزه شيء فذلك بعض الأدلة الدالة عليه فلذلك قال (من آياته) .

{إن في ذلك} أي في تسخير الفلك وإجرائها على البحر وإجراء الريح على وفقها {لآيات} أي دلالات {لكل صبار} على مشاق التكليف {شكور} لنعم الله تعالى عليه وإنما قال ذلك ليدل على أن الصبر على بلائه والشكر لنعمائه أفضل الطاعات قال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله وفي الحديث الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر وعلى هذا فكأنه سبحانه قال إن ذلك لآيات لكل مؤمن .

{وإذا غشيهم} أي إذا غشي أصحاب السفن الراكبي البحر {موج} وهو هيجان البحر {كالظلل} في ارتفاعه وتغطيته ما تحته شبه الموج بالسحاب الذي يركب بعضه على بعض عن قتادة وقيل يريد كالجبال عن مقاتل {دعوا الله مخلصين له الدين} أي إن خافوا الغرق والهلاك فأخلصوا في الدعاء لله في هذه الحال {فلما نجاهم} أي خلصهم {إلى البر} وسلمهم من هول البحر {فمنهم مقتصد} أي عدل في الوفاء في البر بما عاهد الله عليه في البحر من التوحيد له وقيل إن هذا كان سبب إسلام عكرمة بن أبي جهل وهو إخلاصهم الدعاء في البحر .

روى السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الناس إلا أربعة نفر قال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن أخطل وقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم ريح عاصفة فقال أهل السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا فقال عكرمة لئن لم ينجي في البحر إلا الإخلاص ما ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه إن آتي محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما فجاء فأسلم وقيل فمنهم مقتصد معناه على طريقة مستقيمة وصلاح من الأمر عن ابن زيد وقيل ثابت على إيمانه عن الحسن وقيل موف بعهده في البر عن ابن عباس وقيل مقتصد في قوله مضمر لكفره عن مجاهد .

ثم ذكر الذين تركوا التوحيد في البر فقال {وما يجحد ب آياتنا إلا كل ختار} بعهده أي غادرا سوء الغدر وأقبحه {كفور} لله في نعمه .

____________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص92-95 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

 

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهً يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ} . تقدم في الآية 27 من سورة آل عمران ج 2 ص 37 والآية 61 من سورة الحج {وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وأَنَّ اللَّهً بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} . تقدم في الآية 2 من سورة الرعد ج 4 ص 373 {ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهً هُو الْحَقُّ وأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وأَنَّ اللَّهً هُو الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} . تقدم بالحرف الواحد في الآية 62 من سورة الحج .

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ} . من نعم اللَّه تيسير المواصلات ، ومن وسائلها الفلك ، وهي تحتاج إلى الماء والريح والسماء ، وهذه الأسباب وما إليها تنتهي إليه تعالى {إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} يصبر على التأمل والنظر إلى عجائب اللَّه في خلقه ، ويشكره على آلائه .

{وإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهً مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} . قال بعض المفسرين :

المراد بالمقتصد هنا من أضمر الكفر . وقال الرازي : هومن اقتصد في الكفر .

والصواب ان المراد به المعتدل الذي لم يظلم نفسه بتعريضها لعذاب اللَّه وغضبه ، ولم يكن من السابقين إلى الخيرات . قال تعالى : {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ} - 32 فاطر . أما الختار فهو شديد الغدر ، والمراد به هنا من نقض عهد الفطرة التي ولد عليها كل مولود . وتقدم مثله في الآية 22 من سورة يونس ج 2 ص 147 والآية 65 من سورة العنكبوت .

________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص ١٦٩ .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قوله تعالى : {أ لم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى} إلخ ، استشهاد لما تقدم في الآية السابقة من علمه بالأعمال بأن التدبير الجاري في نظام الليل والنهار حيث يزيد هذا وينقض ذاك وبالعكس بحسب الفصول المختلفة وبقاع الأرض المتفرقة في نظم ثابت جار على اختلافه ، وكذا التدبير الجاري في الشمس والقمر على اختلاف طلوعهما وغروبهما واختلاف جريانهما ومسيرهما بحسب الحس وكل منهما يجري لأجل مسمى ولا اختلاف ولا تشوش في النظام الدقيق الذي لهما فهذا كله مما يمتنع من غير علم وخبرة من مدبرها .

فالمراد بإيلاج الليل في النهار أخذ الليل في الطول وإشغاله بعض ساعات النهار من قبل وبإيلاج النهار في الليل عكس ذلك ، والمراد بجريان الشمس والقمر المسخرين إلى أجل مسمى انتهاء كل وضع من أوضاعهما إلى وقت محدود مقدر ثم عودهما إلى بدء فمن شاهد هذا النظام الدقيق الجاري وأمعن فيه لم يشك في أن مدبره إنما يدبره عن علم لا يخالطه جهل وليس ذلك عن صدفة واتفاق .

وقوله : {وأن الله بما تعملون خبير} عطف على موضع {أن الله يولج} والتقدير أ لم تر أن الله بما تعملون خبير وذلك لأن من شاهد نظام الليل والنهار والشمس والقمر لم يكد يغفل عن كون صانعه عليما بجلائل أعماله ودقائقها ، كذا قيل .

وفيه أن استنتاج العلم بالأعمال من العلم بالنظام الجاري في الليل والنهار والشمس والقمر وإن صح في نفسه فهو علم حدسي لا مصحح لتسميتها رؤية وهو ظاهر .

ولعل المراد من مشاهدة خبرته تعالى بالأعمال أن الإنسان لو أمعن في النظام الجاري في أعمال نفسه بما أنها صادرة عن العالم الإنساني موزعة من جهة إلى الأعمال الصادرة عن القوى الظاهرة من سمع وبصر وشم وذوق ولمس والصادرة عن القوى الباطنة المدركة أو الفعالة أومن جهة إلى بعض القوى والأدوات أوكلها ومن جهة إلى جاذبة ودافعة ومن جهة إلى سني العمر من طفولية ورهاق وشباب وشيب إلى غير ذلك .

ثم في ارتباط بعضها ببعض واستخدام بعضها لبعض واهتداء النفس إلى وضع كل في موضعه الذي يليق به وحركته بهذه القافلة من القوى والأعمال نحو غايتها من الكمال وسعادتها في المال وتورطها في ورطات عالم المادة وموطن الزينة والفتنة فمن ناج أو هالك .

فإذا أمعن في هذا النظام المحير للأحلام لم يرتب أنه تقدير قدره ربه ونظام نظمه صانعه العليم القدير ومشاهدة هذا النظام العلمي العجيب مشاهدة أنه بما يعملون خبير ، والله العالم .

قوله تعالى : {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير} لما ذكر سبحانه أن منه بدء كل شيء فيستند إليه في وجوده وتدبير أمره وأن إليه عود كل شيء من غير فرق بين الواحد والكثير وأنه ليس إلى من يدعون من دونه خلق ولا أمر جمع الجميع تحت بيان واحد جامع فقال مشيرا إلى ما تقدم : {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل} إلخ .

توضيحه أن الحق هو الثابت من جهة ثبوته والباطل يقابل الحق فهو اللاثابت من جهة عدم ثبوته ، وقوله : {إن الله هو الحق} بما فيه من ضمير الفصل وتعريف الخبر باللام يفيد القصر أعني حصر المبتدأ في الخبر .

فقوله : {بأن الله هو الحق} قصر له تعالى في الثبوت ، أي هو ثابت لا يشوب ثبوته بطلان وبعبارة أخرى هو ثابت من جميع الجهات وبعبارة ثالثة هو موجود على كل تقدير فوجوده مطلق غير مقيد بقيد ولا مشروط بشرط فوجوده ضروري وعدمه ممتنع وغيره من الموجودات الممكنة موجود على تقدير وهو تقدير وجود سببه وهو الوجود المقيد الذي يوجد بغيره من غير ضرورة في ذاته .

وإذا كان حقية الشيء هو ثبوته فهو تعالى حق بذاته وغيره إنما يحق ويتحقق به .

وإذا تأملت هذا المعنى حق تأمله وجدت أولا : أن الأشياء بأجمعها تستند في وجودها إليه تعالى وأيضا تستند في النظام الجاري فيها عامة وفي النظامات الجزئية الجارية في كل نوع من أنواعها وكل فرد من أفرادها إليه تعالى .

وثانيا : أن الكمالات الوجودية التي هي صفات الوجود كالعلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والوحدة والخلق والملك والغنى والحمد والخبرة - مما عد في الآيات السابقة أولم يعد - صفات قائمة به تعالى على حسب ما يليق بساحة كبريائه وعز قدسه لأنها صفات وجودية والوجود قائم به تعالى فهي إما عين ذاته كالعلم والقدرة وإما صفات خارجة عن ذاته منتزعة عن فعله كالخلق والرزق والرحمة .

وثالثا : أن قبول الشريك في ذاته أوفي تدبيره وكل ما يحمل معنى الفقد والنقص مسلوب عنه تعالى وهذه هي الصفات السلبية كنفي الشريك ونفي التعدد ونفي الجسم والمكان والزمان والجهل والعجز والبطلان والزوال إلى غيرها .

فإن إطلاق وجوده وعدم تقيده بقيد ينفي عنه كل معنى عدمي أي إثبات الوجود مطلقا فإن مرجع نفي النفي إلى الإثبات .

ولعل قوله : {وأن الله هو العلي الكبير} يفيد ثبوت الصفات له بكلتا مرحلتيها بناء على أن اسم {العلي} يفيد معنى تنزهه عن ما لا يليق بساحته فهو مجمع الصفات السلبية والكبير يفيد سعته لكل كمال وجودي فهو مجمع الصفات الثبوتية .

وأن صدر الآية برهان على ذيلها وذيلها برهان على استجماعه تعالى الصفات الثبوتية والسلبية جميعا على ما تقدم تقريره فهو الذات المستجمع لجميع صفات الكمال فهو الله عز اسمه .

وقوله : {وأن ما يدعون من دونه الباطل} يجري فيه ما جرى في قوله : {ذلك بأن الله هو الحق} فالذي يدعونه من الآلهة ليس لهم من الحقيقة شيء ولا إليهم من الخلق والتدبير شيء لأن الشريك في الألوهية والربوبية باطلا لا حق فيه وإذ كان باطلا على كل تقدير فلا يستند إليه خلق ولا تدبير مطلقا .

والحق والعلي والكبير ثلاثة من الأسماء الحسنى وقد تحقق مما تقدم أن الحق في معنى الواجب الوجود وأن العلي من الصفات السلبية والكبير من الصفات الثبوتية قريب المعنى من قولنا : المستجمع لصفات الكمال .

قوله تعالى : {أ لم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته} إلخ ، الباء في {بنعمة الله} للسببية وذكر النعمة كالتوطئة لآخر الآية وفيه تلويح إلى وجوب شكره على نعمته لأن شكر المنعم واجب .

والمعنى : أ لم تر أن الفلك تجري وتسير في البحر بسبب نعمة الله وهي أسباب جريانها من الريح ورطوبة الماء وغير ذلك .

واحتمل بعضهم أن الباء للتعدية أو المعية والمراد بالنعمة ما تحمله السفن من الطعام وسائر أمتعة الحياة .

وقد تمم الآية بقوله : {إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور} والصبار الشكور أي كثير الصبر عند الضراء وكثير الشكر عند النعماء كناية عن المؤمن على ما قيل .

قوله تعالى : {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين} إلخ ، قال الراغب : الظلة سحابة تظل وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره ، قال : {كأنه ظلة} {عذاب يوم الظلة} انتهى .

والمعنى : وإذا غشيهم وأحاط بهم في البحر موج كقطع السحاب انقطعوا إلى الله ودعوه للنجاة حال كونهم مخلصين له الدين أي وفي ذلك دليل على أن فطرتهم على التوحيد .

وقوله : {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} المقتصد سالك القصد أي الطريق المستقيم والمراد به التوحيد الذي دلتهم عليه فطرتهم إذ ذلك ، وفي التعبير بمن التبعيضية استقلال عدتهم أي فلما نجا الله سبحانه هؤلاء الداعين بالإخلاص إلى البر فقليل منهم المقتصدون .

وقوله : {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور} الختار مبالغة من الختر وهو شدة الغدر وفي السياق دليل على الاستكثار والمعنى ظاهر .

 _____________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص189-192 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1)

 

الآية الاولى تأكيد وبيان آخر لقدرة الله الواسعة ، وقد وجّهت الخطاب إلى النّبي(صلى الله عليه وآله) فقالت : {ألم تر أنّ الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخّر الشمس والقمر} لخدمة الناس وتأمين إحتياجاتهم {كلّ يجري لأجل مسمّى وإنّ الله بما تعملون خبير} .

«الولوج» في الأصل بمعنى «الدخول» ، ودخول الليل في النهار والنهار في الليل قد يكون إشارة إلى طول وقصر الليل والنهار التدريجي على مدار السنة ، حيث ينقص شيء من أحدهما تدريجيّاً ، ويضاف على الآخر بصورة غير محسوسة ، لتتكوّن الفصول الأربعة للسنة بخصائصها وآثارها المباركة . (وليست هناك إلاّ نقطتان على سطح الأرض لا يوجد فيهما هذا التغيير التدريجي والفصول الأربعة : إحداهما : النقطة الحقيقيّة للقطب الشمالي والجنوبي حيث يكون الليل هناك ستّة أشهر ، والنهار ستّة أشهر طوال السنة ، والاُخرى خطّ الإستواء الدقيق حيث يتساوى ليله ونهاره كلّ السنة) .

أو إشارة إلى أنّ تبديل الليل بالنهار والنهار بالليل لوجود الغلاف الجوّي لا يحدث بصورة مفاجئة فيتعرّض الإنسان وكلّ الموجودات الحيّة للأخطار المختلفة حينئذ ، بل إنّ أشعّة الشمس تتوغّل من حيث طلوع الفجر في أعماق الظلام أوّلا ، ثمّ يتّسع ويزداد ضوء النهار حتّى يعمّ كلّ أرجاء السماء ، وعلى العكس تماماً ممّا يحدث عند إنتهاء النهار ودخول الليل .

وهذا الإنتقال التدريجي والمنظّم بدقّة متناهية من مظاهر قدرة الله تعالى .

ومن الطبيعي أنّ هذين التّفسيرين لا يتنافيان ، ويمكن أن يجتمعا في معنى الآية وتفسيرها .

أمّا في مورد تسخير الشمس والقمر وسائر الكواكب السماوية للبشر ، فإنّ المراد ـ وكما قلنا سابقاً أيضاً ـ تسخيرها في سبيل خدمة الإنسان ، وبتعبير آخر فإنّ اللام في (سخّر لكم) لام النفع لا الإختصاص ، وقد ورد هذا التعبير في القرآن المجيد في شأن الشمس والقمر ، والليل والنهار ، والأنهار والبحار والسفن ، وكلّ هذه مبيّنة لعظمة شخصيّة الإنسان ، وسعة نعم الله عليه حيث أنّ كلّ الموجودات الأرضية والسماوية مسخّرة ومطيعة له بأمر الله تعالى ، ومع كلّ هذا التسخير فليس من الإنصاف أن يعصي الله سبحانه ولا يطيع أوامره (2) .

وجملة {كلّ يجري لأجل مسمّى} إشارة إلى أنّ هذا النظام الدقيق لا يستمرّ إلى الأبد ، بل إنّ له نهاية بإنتهاء الدنيا ، وهوما ذكر في سورة التكوير : {إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم إنكدرت . . .} .

إنّ إرتباط جملة {إنّ الله بما تعملون خبير} بهذا البحث سيتّضح بملاحظة ما قلناه آنفاً ، لأنّ الله الذي جعل الشمس والقمر العظيمين خاضعين لنظام دقيق ، وعاقب بين الليل والنهار بذلك النظام الخاصّ آلاف وملايين السنين ، كيف يمكن أن تخفى عليه أعمال البشر؟ نعم . . إنّه يعلم الأعمال ، وكذلك يعلم النيّات والأفكار .

وتقول الآية الأخيرة ، كإستخلاص نتيجة جامعة كليّة {ذلك بأنّ الله هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه الباطل وأنّ الله هو العليّ الكبير} (3) .

إنّ مجموع البحوث التي وردت في الآيات السابقة حول كون الله خالقاً ومالكاً ، وعن علمه وقدرته اللامتناهيين ، أثبتت هذه الاُمور ، وأنّ الحقّ هو الله وحده ، وكلّ شيء غيره زائل وباطل ومحدود ومحتاج ، والعلي والكبير الذي يسمو على كلّ شيء ، ويجلّ عن كلّ وصف ، هو ذاته المقدّسة ، وعلى قول الشاعر :

ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل         وكلّ نعيم لا محالة زائل

ويمكن إيضاح هذا الكلام بالتعبير الفلسفي كما يلي : إنّ الحقّ إشارة إلى الوجود الحقيقي الثابت ، وفي هذا العالم فإنّ الوجود الحقيقي القائم بذاته والثابت المستقرّ الخالد هو الله فقط ، وكلّ ما عداه لا وجود له بذاته وهو عين البطلان ، حيث إنّه يستمدّ وجوده عن طريق الإرتباط بذلك الوجود الحقّ الدائم ، فإذا إنقطع الفيض عنه لحظة فإنّه سيفنى ويُمحى في ظلمات الفناء والعدم ، وبهذا فإنّه كلّما قوي إرتباط الموجودات الاُخرى بوجود الله تعالى فإنّها تكتسب بتلك النسبة حقّاً أكبر .

وعلى كلّ حال ، وكما قلنا سابقاً ، فإنّ هذه الآيات مجموعة من عشر صفات من صفات الله تعالى ، وعشرة أسماء من أسمائه ، وتشتمل على أدلّة قويّة ـ لا يمكن إنكارها ـ وعلى بطلان كلّ أنواع الشرك ، ولزوم التوحيد في كلّ مراحل العبودية .

وقوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان : 31 ، 32]

 

في دوّامة البلاء !

يدور البحث والحديث في هاتين الآيتين أيضاً عن نعم الله سبحانه ، وأدلّة التوحيد في الآفاق والأنفس ، فالحديث في الآية الاُولى عن دليل النظام ، وفي الآية الثّانية عن التوحيد الفطري ، وهما في المجموع تكمّلان البحوث التي وردت في الآيات السابقة .

تقول الآية الاُولى : {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمة الله (4) ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور} .

لا شكّ أنّ حركة السفن على سطح المحيطات تتمّ بمجموعة من قوانين الخلقة :

ـ فحركة الرياح المنتظمة من جهة .

ـ والوزن الخاص للخشب أو المواد التي تصنع منها تلك السفينة من جانب آخر .

ـ ومستوى كثافة الماء من جانب ثالث .

ـ ومقدار ضغط الماء على الأجسام التي تسبح فيه من جهة رابعة .

وحينما يحدث إختلال في واحد من هذه الاُمور فإنّ السفينة إمّا أن تغرق وتنزل إلى قعر البحر ، أو تنقلب ، أو تبقى حائرة لا تهتدي إلى سبيل نجاتها في وسط البحر .

غير أنّ الله جلّ وعلا الذي أراد أن يجعل البحار الواسعة أفضل السبل وأهمّها لسفر البشر ، ونقل المواد التي يحتاجونها من نقطة إلى اُخرى ، قد هيّأ ويسّر هذه الشروط والظروف ، وكلّ منها نعمة من نعمه تعالى .

إنّ عظمة قدرة الله سبحانه في ميدان المحيطات ، وصغر الإنسان مقابلها ، تبلغ حدّاً بحيث إنّ كلّ البشر في العالم القديم ـ الذي كانت السفن تعتمد على الرياح في حركتها ـ لو إجتمعوا ليحرّكوا سفينة وسط البحر عكس إتّجاه ريح عاصف قويّة لما استطاعوا .

واليوم أيضاً ، حيث حلّت المولِّدات والمكائن العظيمة محلّ الهواء ، فإنّ هبوب العواصف قد يبلغ من الشدّة أحياناً بحيث يحرّك ويهزّ أعظم السفن ، وقد يحطّمها أحياناً .

والتأكيد الذي ورد في نهاية الآية على أوصاف (صبّار) و(شكور) إمّا أن يكون من باب أنّ الحياة الدنيا مجموعة من البلاء والنعمة ، وكلاهما طريق ومحلّ للإختبار ، حيث إنّ الصمود والتحمّل أمام الحوادث الصعبة ، والشكر على النعم يشكّلان مجمل ما يجب على الإنسان ، ولذا نقل كثير من المفسّرين عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : «الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر» (5) .

أو أن يكون إشارة إلى لزوم وجود هدف لأجل إدراك آيات الله العظيمة في ميدان الخلقة ، وهذا الهدف هو شكر المنعم المقترن بالصبر والتحمّل من أجل دقّة وتفحّص أكبر .

وبعد بيان نعمة حركة السفن في البحار ، والتي كانت ولا تزال أكبر وأنفع وسائل حمل ونقل البضائع والبشر ، أشارت هذه الآية إلى صورة اُخرى لهذه المسألة ، فقالت : {وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين} .

«الظللّ» جمع ظُلّة ، وقد ذكر المفسّرون لها عدّة معان :

ـ فيقول الراغب في مفرداته : الظلّة سحابة تظلّ ، وأكثر ما تقال لما يستوخم ويكره .

ـ والبعض إعتبرها بمعنى المظلّة الكبيرة ، من مادّة الظلّ .

ـ والبعض إعتبرها بمعنى الجبل .

وبالرغم من أنّ هذه المعاني ـ من حيث تعلّقها بالآية مورد البحث ـ لا تختلف كثيراً عن بعضها ، إلاّ أنّه بملاحظة أنّ هذه الكلمة قد وردت مراراً في القرآن بمعنى السحاب الذي يظلّ ، وبملاحظة أنّ تعبير (غشيهم) يناسب معنى السحاب أكثر ، فيبدو أنّ هذا التّفسير هو الأقرب .

أي إنّ أمواج البحر العظيمة تهيج فتحيط بهم كأنّ سحاباً قد أظلّهم بظلّ مرعب مهول .

هنا يجد الإنسان نفسه ضعيفاً وعاجزاً رغم كلّ تلك القوى والإمكانيات الظاهرية التي أعدّها لنفسه ، ويجد يده قاصرة عن كلّ شيء ومكان ، وتقف كلّ الوسائل العادية والماديّة عن العمل ، ولا يبقى له أي بصيص أمل إلاّ النور الذي يشعّ من أعماق روحه وفطرته ، فيزيح عن قلبه حجب الغفلة ، ويقول له : هل يوجد أحد يستطيع إنقاذك؟

نعم ، إنّه الذي تطيع أوامره أمواج البحر . . انّه خالق الماء والهواء والتراب .

هنا يحيط التوحيد الخالص بكلّ قلبه ويغمره ، ويعتقد بأنّ الدين والعبادة مختّصة به سبحانه .

ثمّ تضيف الآية إنّ الله سبحانه لمّا نجّاهم من الهلكة إنقسم الناس قسمين : {فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد} (6) . وهؤلاء وفوا بعهدهم ولم ينقضوه ، ولم ينسوا منّة الله عليهم في تلك اللحظات الحسّاسة .

أمّا القسم الثّاني فإنّهم نسوا كلّ ذلك ، واستولى جيش الشرك والكفر على معسكر قلوبهم .

وإعتبر بعض المفسّرين الآية أعلاه إشارة إلى إسلام «عكرمة بن أبي جهل» ، إذ أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) عفا عن جميع الناس عند فتح مكّة غير أربعة نفر أحدهم عكرمة بن أبي جهل ، إذ أهدر دمهم ، وأمر بقتلهم حيثما وجدوا ، لأنّهم لم يتركوا أيّ سيّئة أو جريمة ضدّ الإسلام والمسلمين إلاّ عملوها ، ولذلك إضطرّ عكرمة إلى الفرار من مكّة ، فتوجّه إلى البحر الأحمر وركب السفينة ، فأخذت بأطرافه ريح عاصف ، فقال بعض أهل السفينة لبعضهم الآخر : تعالوا نترك الأصنام ونتضرّع إلى الله وحده ونسأله لطفه ، فإنّ آلهتنا هذه لا تنفع شيئاً!

فقال عكرمة : إذا لم ينقذنا غير توحيدنا في البحر ، فلن ينقذنا في البرّ سواه أيضاً ، اللهمّ إنّ اُعطيك عهداً ـ إذا نجّيتني من هذه المحنة ـ لآتينّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) واُبايعه ، فإنّي أعلم أنّه كريم عفوّ .

وأخيراً نجا ، وأتى إلى النّبي (صلى الله عليه وآله) (7) .

وقد ورد في التواريخ الإسلامية أنّ عكرمة قد أصبح في صفّ المسلمين الحقيقيين ، وإستشهد في معركة اليرموك أو أجنادين .

وتضيف الآية في النهاية {وما يجحد بآياتنا إلاّ كلّ ختّار كفور} .

(ختّار) من الختر ، بمعنى نقض العهد ، وهذه الكلمة صيغة مبالغة ، لأنّ المشركين والعاصين يتوجّهون إلى الله مراراً ، ويقطعون على أنفسهم العهود ، وينذرون النذور ، إلاّ أنّهم بمجرّد أن يهدأ طوفان الحوادث ينقضون عهودهم بصورة متلاحقة ، ويكفرون بنعم الله عليهم .

إنّ تعبير «ختّار» و«كفور» الذي ورد في نهاية هذه الآية ، هوفي الحقيقة مقابل تعبير «صبّار» و«شكور» الذي ورد في نهاية الآية السابقة ـ فالكفران في مقابل الشكر ، ونقض العهد في مقابل الصبر والثبات على العهد ـ لأنّ الوفاء بالعهد لا يتمّ إلاّ من قبل الثابتين الصامدين . . اُولئك الذين إذا توهّج الإيمان الفطري في أعماق أرواحهم فلا يدعون هذا النور الإلهي ينطفيء مرّة اُخرى وتتكاثف عليه الحجب .

___________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص255-261 .

2 ـ كان لنا بحث مفصّل حول تسخير الشمس والقمر والموجودات الاُخرى للإنسان في ذيل الآية (2) من سورة الرعد ، والآية (32) من سورة إبراهيم .

3 ـ «الباء» في (بأنّ الله هو الحقّ) بالرغم من أنّها تبدو في بادىء الأمر سببية ، وربّما اعتبر بعض المفسّرين كالآلوسي في روح المعاني مضمون هذه الآية سبباً للمطالب السابقة ، إلاّ أنّ سياق الآيات وذكر الصفات السابقة ـ أي الخالقية والمالكية والعلم والقدرة وعلاماتها في عالم الخلقة ـ ظاهر في أنّها جميعاً كانت شاهدة على هذه النتيجة ، وبناءً على هذا ، فإنّ محتوى هذه الآية نتيجة للآيات السابقة لا سبباً لها .

4 ـ «الباء» في (بنعمة الله) يمكن أن تكون باء السببية ، أوباء المصاحبة ، إلاّ أنّ الإحتمال الأوّل هو الأنسب .

5 ـ تفسير مجمع البيان ، والقرطبي ، والفخر الرازي ، والصافي .

6 ـ «مقتصد» من مادّة قصد ، بمعنى الإعتدال في العمل ، والوفاء بالعهد .

7 ـ مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث ، ووردت هذه الحادثة في (اُسد الغابة في معرفة الصحابة) ج4 ، صفحة 5 بتفاوت يسير .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .