أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016
1510
التاريخ: 28-8-2016
1982
التاريخ: 1-9-2016
1730
التاريخ: 1-9-2016
1488
|
...الترخيص في بعض الأطراف إمّا معيّنا وإمّا مخيّرا، فالكلام فيه تارة يقع في إمكانه عقلا مع قطع النظر عن ثبوت الدليل عليه وقوعا وإثباتا بحسب الشرع وعدمه، واخرى في ثبوت الدليل عليه إثباتا بحسب الشرع بعد فرض إمكانه والتكلّم في دليل الأصل من حيث إنّه هل هو قاصر عن شمول أحد الأطراف كما كان كذلك عن شمول الجميع، أو له دلالة عليه؟
أمّا الإمكان العقلي فلا نرى مانعا هنا، فإنّا إذا عرضنا على النفس المخالفة القطعيّة نراها معصية بحيث لا يمكن أن يصير بواسطة مصلحة جائزة، فإنّه عناد وشقاق مع المولى وقيام على وجهه وفي قباله ومعارضة معه بعلانية ووضوح، وهذا أمر لا يجوّز العقل أن يوجد فيه صلاح يزاحم قبحه وفساده ويجعله جائزا أو راجحا.
وإذا عرض عليها المخالفة الاحتماليّة فهو وإن كان لا يفرق بينها على تقدير المصادفة لمخالفة التكليف وبين المخالفة القطعيّة في صحّة العقوبة، لكنّه ليس بأزيد من الإقدام على شيء يحتمل كونه مخالفة تمّت عليها الحجّة، بمعنى أنّه مع وصف محتمليّته تكون الحجة عليه تامّة كالمقطوع، بخلاف الشبهة البدويّة، فإنّه وإن كانت مخالفة محتملة، لكن ليست الحجّة عليها تماما، فليس للمولى على تقدير المصادفة للحرام العقاب، ومجرد تماميّة الحجّة لا يوجب عدم إمكان الترخيص، وليس مثل ما اذا كانت المعصية مقطوعة.
إذ أوّلا قد ورد الترخيص من الشرع فيه في بعض المواضع كما في الشبهة بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين، حيث حكموا فيها بالاحتياط بحكم العقل، ثمّ رفعوه وحكموا بالبراءة بحديث الرفع المشتمل على رفع ما لا يعلمون، وكذلك في الشبهة البدويّة قبل الفحص؛ فإنّهم حكموا فيما كانت منها في الأحكام بالاحتياط؛ لعدم ورود الترخيص فيها شرعا، فأوجبوا الفحص، وفي ما كانت منها في الموضوعات حكموا بالبراءة؛ لورود الترخيص وعدم وجوب الفحص فيها بالخصوص، مع أنّهما من واد واحد؛ لأنّهما مشتركان في تماميّة الحجّة في كليهما؛ فإنّه لو كان معلوما عادة أو لخصوص الشاكّ أنّه لو تفحّص لحصل العلم بالواقع، فلا فرق في تماميّة الحجّة حينئذ بين كون الشبهة في الحكم أو في الموضوع.
وبالجملة، يستكشف من الترخيص في هذه الموارد إمكان الإذن في المخالفة الاحتماليّة ولو فرض أنّ العقل في هذا المقام متحيّر ولا حكم له بالمنع والجواز.
وثانيا: أنّا لو فرضنا وجود مصلحة في المخالفة الاحتمالية كما لو رأى المولى أنّ العبد في الشبهة الوجوبيّة مثلا لو أتى بوقائع عديدة لاجل درك واقعة واحدة لسقط عن درك كثير من الوقائع الأخر، ويكون ذلك حرجا عليه، فيرفع عند ذلك عنه مئونة بعض هذه الوقائع التي وقعت أطرافا للشبهة واكتفى منه بإتيان واحدة منها وإن كانت هذه الواقعة قد يصادف الواجب وقد لا يصادفه ولكنّه يرفع اليد عن بعض أوقات مصادفته أيضا رعاية لحال العبد ليصير الأمر عليه سهلا، ولا يقع في الحرج والشدة، ومع ذلك كان موافقا وآتيا بالأمر أيضا في بعض الأوقات لم يقع في محذور مخالفته في جميع الاوقات، فلا نرى الوجدان آبيا عن ذلك كإبائه ذلك في المخالفة القطعيّة.
أمّا الضرر المحتمل فهذا الترخيص مؤمّن شرعي منه، وأمّا الشقاق مع المولى والقيام في قباله فلا يحصل إلّا مع العلم بمخالفة أمره لا مع حصولها منه بلا علم، بل مع احتمال، وحاصل هذا الوجه أنّه لا منع من العقل في هذا المقام كما في المخالفة القطعيّة.
فتحصّل أنّ كون العلم الإجمالى لا شيء وغير منشأ لأثر باطل، بل هو ذو أثر، فإسقاطه عن التأثير رأسا غير ممكن شرعا كالعلم التفصيلي، وبعبارة اخرى:
المخالفة القطعية للعلم الإجمالي والتفصيلى قبيح بقبح ذاتي اقتضياه على نحو العليّة التامّة، فلا يقبل تجويزا من الشرع، وإنّما يظهر الفرق بين التفصيلى والإجمالي في الموافقة القطعيّة؛ فإنّ اقتضائها يكون في الأوّل على نحو العليّة التامة، وفي الثاني على نحو الاقتضاء المعلّق على عدم ورود الترخيص الشرعي، هذا.
ولكن في الكفاية جعل اقتضاء العلم الإجمالي في المخالفة القطعيّة أيضا على نحو الاقتضاء القابل لتصرّف الشرع مستدلّا بمحفوظيّة المرتبة الظاهريّة في كلّ واحد من الأطراف، لفرض الشك في كلّ واحد، فيكون كالشبهة البدويّة في هذه الجهة، فللشارع جعل الترخيص في تمامها، ولا يلزم التناقض، لاختلاف مرتبة الحكمين.
ونحن نطالبه بوجه الفرق بينه وبين التفصيلي؛ حيث إنّه لم يسلّم ورود الترخيص هناك؛ للزوم التناقض، فنقول: لا فرق في لزومه بين العلم بقسميه والشكّ، غاية الأمر أنّ في الشكّ احتمال التناقض، وفي العلم بقسميه يقينه، واحتماله أيضا كيقينه محدود، وإذا دفعتم الأوّل باختلاف المرتبة وكذلك تقولون في أطراف العلم الإجمالي، فلم لا يجرى هذا الجواب في العلم التفصيلي؟ فإنّ فيه أيضا يمكن دفع التناقض باختلاف المرتبة بأن نقول: المولى لا يعمل بالعلم الحاصل من الرمل أو الجفر، هذا في الامكان العقلى.
وأمّا التكلّم في قصور دليل الأصل لشمول المقام وعدمه بعد فرض الإمكان فملخّصه أنّه بعد ما فرضنا عدم إمكان دخول كلا الطرفين في زمان واحد في عمومه للزوم التناقض يبقى هنا ثلاثة احتمالات، الأوّل: أن لا يشمل شيئا منهما، والثاني: أن يشمل واحدا معيّنا، والثالث: أن يشمل واحدا مخيّرا، والاحتمال الثانى مدفوع بلزوم الترجيح بلا مرجّح، لمساواة الدليل بالنسبة إلى الطرفين، بقى احتمال التخيير وعدم الشمول رأسا.
فإن قلنا بأنّ الواحد التخييرى ليس مستفادا من الدليل، بل ظاهره الأشياء المعيّنة يبقى عدم الشمول رأسا، إلّا أن يتمسّك في إثبات التخيير بالإطلاق بأن يقال: إنّ الدليل لو لا حكم العقل كان باطلاقه دالّا على ترخيص هذا الطرف، سواء أتى بالطرف الآخر أو لم يؤت به، وكذلك كان شاملا لذاك الطرف أيضا سواء أتى بهذا أم لا، فحكم العقل قد أوجب تقييد هذين الإطلاقين، فقيّد إطلاقه في كلّ منهما بحال عدم إتيان الآخر، فيلزم ثبوت التقييد في مدلول الرواية بالنسبة إلى الشبهة المقرونة بالعلم دون البدوية.
وقد يقال: إنّه استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد، وتنقيح المطلب والتكلّم فيه أزيد من هذا يطلب في بحث أصالة البراءة إن شاء اللّه تعالى.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|