المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
زراعة الثوم
2024-11-22
تكاثر وطرق زراعة الثوم
2024-11-22
تخزين الثوم
2024-11-22
تأثير العوامل الجوية على زراعة الثوم
2024-11-22
Alternative models
2024-11-22
Lexical Phonology and its predecessor
2024-11-22

إيجابيات التطوير المشترك للسياحة العربية
21-4-2022
المنقوص والمقصور والممدود
17-02-2015
الملائكة لا يستكبرون عن العبادة
2024-05-30
التهاون والمداهنة
23-4-2022
تثبيط الضوئي Photoinhibition
7-8-2019
اضمحلال بيتا beta decay
15-1-2018


الشعر المحكم النسج  
  
1721   12:44 صباحاً   التاريخ: 19-1-2020
المؤلف : عيار الشعر
الكتاب أو المصدر : ابن طباطبا العلوي
الجزء والصفحة : ص:81-89
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /

 

ومن القوافي الواقعة في مواضعها، المتمكنة من مواقعها، قول أمرئ القيس في قصيدته التي يقول فيها:

وقد أغتدى قبل العطاسِ بهيكل          شديدٍ مشك الغضا الجنْبِ َفعمِ المنطَّقِ

قوله:

بعثنا ربيثاً قبل ذلك محملاً         كذئبِ الغضا يمشي الضراء ويتقي

فوقعت يتقي موقعاً حسناً.

وكذلك قول النابغة:

تجلو بقادمتي حمامة أيكة        برداً أُسِفَّ َلَثاتُه بالإِثْمدِ

كالأقحوانِ غداَة غب سمائِه         جفتْ أعاليه وأسفلُه ندي

زعم الهمام بأن فاها بارد          عذب إذا ما ذقته قلت ازددِ

 

81

 

زعم الهمام ولم أذقه أنه        يروى بريقها من العطش الصدي

فقوله وأسفله ندي: ومن العطش الصدي وقعا موقعين عجيبين.

وقول زهير:

وأعلم ما في اليوم والأمس قبله         ولكنني عن علمِ ما في غدٍ عمِ

فقوله: عم واقعة موقعاً حسناً.

وكقوله:

صحا القلب عن سلمى فقد كان لا يصحو       واقفر من سلمى التعانيقُ فالثقلُ

وقد كنت من سلمى سنينا ثمانياً             على صيرِ أمرٍ ما يمر وما يحلو

فقوله: يحلو حسنة الموقع.

وكقوله في قصيدته التي يقول فيها:

لذي الحلمِ من ذبيان عندي مودةٌ         وحفظٌ ومن يلْحم إلى الشر أنشج

قوله:

مخوف كأن الطَّير في منزلاتِه        على جيف الحسرى مجالس تنتْجي

فقوله: تنتجي حسنة الموقع جداً.

وكقوله:

ولنعم حشْو الدرعِ أنت إذا        دعيت نزالِ ولُج في الذُّعرِ

وإنَّك تفري ما خلقت وبع            ض القوم يخْلْقُ ثم لا يغري

ولأنت أشجع حين يتَّجه الأب            طالُ من ليثِ أبي أجري

فقوله: ثم لا يفري وأبي أجري حسنان في موقعهما.

وكقول بشر:

فما صدع بحية أو بشرجِ       على زلقِ زوالقُ ذي كهافِ

تزلُّ اللقوةُ الشغْواء عنها           مخالبها كأطرافِ الأسافي

بأحرز موئلا من جارِ أوسِ إذا ما ضيم جيران الضعافِ

 

82

 

فقوله: كأطراف الأسافي حسنة الموقع.

وكقول الأعشى:

وإذا تكون كتيبةٌ ملمومةٌ         خرساء يخشى الذائدون نصاَلها

كنت المقدم غير لابس جنَّةٍ        بالسيف تضرب معلما أبطاَلها

وعلمت أن النفس تلقى حتَفها       ما كان خالقُها المليك قضى لها

فقوله: قضى لها عجيبة الموقع.

وكقوله:

ومثلُ الذي تُولونني في بيوتِكم        يروي سناناً كالقُدامى وَثعلبا

وما عنده زرفى علمتُ دلاَله         علي من الريح الجنوب ولا الصبا

وكذلك قوله:

وكأسٍ شربتُ على لذةٍ       وأخرى تداويت منها بِها

لكي يعَلم الناس أنِّي أمرؤٌ      أتيت الفُتوَة من بابِها

فقوله: منها بها لطيفة حسنة الموقع جداً.

وكقول أبي كبير الهذلي:

ولقد ربأتُ إلى الصحابِ تواكلوا        جمر الظهيرةِ في اليفاع الأطولِ

في رأسِ مشرفةِ القذالِ كأنها جمر      بمسبكةٍ تُشب لمصطلي

وكقول أبي خراش:

ولم أدرِ من ألقى عليه رداءه        سوى أنه قد سلَّ عن ماجدٍ محضِ

بلى إنها تعفو الكلُوم وإنما          تُوكَّلُ بالأدنى وإن جل ما يمضي

فقوله يمضي حسنة جيداً.

وكقول عروة بن أذينة:

وكلُّ هوى دان عني زمانا        له من بعد ميعته تجلي

كأني لم أكن من بعد ألفٍ          عذلتُ النفس قبلُ على هوى لي

فإن أقصر فقد أجريت عصراً        وبلَّاني الهوى فيمن يبلي

 

83

 

فقوله هوى لي لطيفة الموقع.

وكقول ذي الرمة في قصيدته:

أراح فريقُ جيرتِك الجمالا          كأنهم يريدون احتمالا

فكدت أموت من حزنٍ عليهم         ولم أر نادي الآظعان بالي

فقوله: بالي عجيبة الموقع.

وكقول الفرزدق:

فإن تهج آل الزبرقان فإنما        هجوت الطوالَ الشم من هضب يذبلِ

وقد ينبح الكلب النجوم ودونه           فراسخُ تنضي الطرف للمتأملِ

أرى الليلَ يجلوه النهار ولا أرى       عِظام المخازي عن عطية تنجلي

فقوله: تنجلي متمكنة في موضعها.

وكقول الحطيئة:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه        لا يذهب العرفُ بين الله والناسِ

دعِ المكارم لا ترحل لبغيتها          واقعد فإنَّك أنت الطَّاعم الكاسي

فقوله: الكاسي عجيبة الموقع.

وكقوله:

إذا نزلَ الشتاء بأرض قومٍ        تجنب جار بيتهِم الشتاء

هم القوم الذين إذا ألمت          من الأيامِ مظلمةٌ أضاءوا

فقوله: أضاءوا حسنة الموقع.

فهذه أمثله قد احتذى عليها المحدثون من الشعراء وسلكوا منهاج من تقدمهم فيها، وأبدعوا في أشياء منها ستعثر بها في أشعارهم كقول أبي عيينة المهلبي:

دنيا دعوتكِ مسمعاً فأجيبي         وبما اصطفيتك للهوى فأثيبي

دومي أدم لك بالوفاء على الصفا       إنِّي بعهدك واثقٌ فثقي بي

فقوله: فثقي بي لطيفة جداً يستدل بها على حذق قائلها بنسج الشعر.

التخلص

 

84

 

ومن الأبيات التي تخلص بها قائلوها إلى المعاني التي أرادوها من مديح أو هجاء أو افتخار او غير ذلك، ولطفوا في صلة ما بعدها بها فصارت غير منقطعة عنها، ما أبدعه المحدثون من الشعراء دون من تقدمهم، لأن مذهب الأوائل في ذلك واحد، وهو قولهم عند وصف الفيافي وقطعها بسير النوق، وحكاية ما عانوا في أسفارهم: إنا تجشمنا ذلك إلى فلان يعنون الممدوح: كقول الأعشى:

إلى هوذةِ الوهابِ أزجي مطيتي       أُرجي عطاء صالحاً من نوالكا

وكقوله:

أنضيتُها بعدما طال الهباب بها      نؤم هوذة لا نكساً ولا ورعا

يا هوذُ إنك من قومِ أولى حسبٍ          لا يفشلون إذا ما آنسوا َفزعا

وكقوله:

فذلك شبهته ناقتي          وما إن لغيرك إعمالُها

فمنك تؤوب إذا أدبرت        وقصدك يعطفُ إقبالُها

وكقوله:

فعلى مثلها أزور بني قي        س إذا شطَّ بالحبيبِ الفراقُ

وكقوله:

إليك ابن جفنة من شقةٍ         دأبتُ السرى وحسرتُ الَقلوصا

تشكَّى إلي فلم أشُكها       مناسم َتدمى وخُّفاً رهيصا

يراك الأعادي على رغْمهم      تحلُّ عليهم محلاَّ عويصا

وكقوله:

وإلى ابن سلمى حارثٌ قطعتْ      عرض السخالِ مطيتي َتضع

ورث السيادَة عن أوائِله           فأتم أحسن ما هم صنعوا

وكقوله:

إلى المرءِ قيسٍ أطُيلُ السرى         وآخذُ من كلِّ حي  عصم

أو يستأنف الكلام بعد انقضاء التشبيب ووصف القبائل والنوق وغيرها فيقطع عما قبله ويبدأ بمعنى المديح: قول زهير:

وأبيض فياضٍ يداه غمامةٌ         على معتفيه ما تغِب نوافِلُه

 

85

 

أو يتوصل إلى المديح بعد شكوى الزمان ووصف محنه وخطوبه فيستجار منه بالممدوح. أو يستأنف وصف السحاب أو البحر أو الأسد أو الشمس أو القمر. فيقال: فما عرض أو فما مزيداً أو فما مخدراً أو فما الشمس والقمر أو البدر بأجود بأشجع أو بأحسن من فلان، يعنون الممدوح، فسلك المحدثون غير هذه السبيل ولطفوا القول في معنى التخلص إلى المعاني التي أرادوها، فمن ذلك قول منصور النمري:

فتى ما إن تزالُ به ركاب          وضعن مدائحاً وحملن مالا

وقول أبي الشيص:

أكلَ الوجيفُ لحومها ولحومهم        فاتوك أنقاضاً على أنقاضِ

ولقد أتتك على الخطوب سواخطا          ورجعن عنك وهن عنه رواضِ

وكقول محمد بن وهب:

حتى استرد الليلُ خلعته      وبدا خلالَ سوادِهِ وضح

وبدا الصباح كأن غرَته      وجه الخليفةِ حين يمتدح

وكقوله في تخلصه من وصف الديار إل وصف شوقه:

طللانِ طالَ عليهما الأمد         دثرا فلا علم ولا َنضد

لبسا البلى فكأنما وجدا         بعد الأحبةِ مثل ما أجِد

وكقول بكر بن النطاح في تخلصه إلى الافتخار:

ودويةٍ خلقت للسرا          ب فأمواجه بينها تزخر

ترى جِنَّها بين أضعافِها          حلُولاً كأنهم البربر

كأن حنيفة تحميهم         فألينهم َ خشِن أزور

وكقوله:

يا من يريد بأن تكلمه الندى         بلسانِ قاسمِهِ الندى يتكلَّم

مدح ابن عيسى قاسمٍ فاسدد به          كلتا يديك الكيمياء الأعظم

وكقول دعبل:

وميثاء خضراء زريبة           بها النَّور يزهر من كلِّ َفن

 

86

 

ضحوكاً إذا لاعبتْه الرياح        تأود كالشَّاِرب المرجحن

فشبه صحبي نواره         بديباجِ كسرى وعصبِ اليمن

فقلتُ بعدتُم ولكنَّني          أشُبهه بجنابِ الحسن

فَتى لا يرى المال إلا العطاء       ولا الكنز إلا اعتقاد المنن

وكقوله:

قالت وقد ذكرتُها عهد الصبا     باليأس تُقطع عادةُ المعتادِ

إلا الإِمام فإن عادة جودِه        موصولةٌ بزيادة المزدادِ

وكقول عبد الرحمن بن محمد الغساني:

وكأن الرسوم أخنى عليها         بعض غاراتنا على الأعداءِ

كقوله في تخلصه الى الافتخار أيضاً:

وانهي جمالك ان ينال مقاتلي         فتصيب قومك سطوة من معشري

وكقول أبي تمام الطائي:

صب الفراقِ علينا صب من كثبٍ       عليه اسحقُ يوم الروع منتقما

وكقول البحتري:

شقائقُ يحملن الندى فكأنه         دموع التصابي في خدود الخرائدِ

كأن يد الفتحِ بن خاقانِ أقبلت        تليها بتلك البارقات الرواعِدِ

وكقوله:

بين الشقيقةِ فاللِّوى فالأجرعِ            دمن حبِسن على الرياح الأربعِ

فكأنما ضمِنتْ معاَلمها الذي            ضمنته أحشاء المحبِ الموجعِ

وكقوله:

يجر على الغيثِ هداب مزنةِ          وآخره فيه وأولُه عندي

تعجلَ عن ميقاته فكأنه          أبو صالح قد بت منه على وعدِ

وكقوله:

 

87

 

أقول لثجاجِ الغمامِ وقد سرى        بمحتفل الشؤبوب صاب فأفعما

أقلَّ وأكثر َلست تبَلع غاية       تبين بها حتى تضارع هيثما

فتى َلبِستْ منه الليالي محاسنا       أضاء لها الأفقُ الذي كان مظلما

وكقوله:

لعمرك ما الدنيا بناقصةِ الجداً       إذ بقي الفتح بن خاقان والَقطْر

وكقوله:

أبرقٌ تجلى أم بدا ابن مدبرٍ         بغرةِ مسؤولٍ رأى البِشر سائلُه

وكقوله:

أدارهم الأولى بدارةِ جلْجلِ      سقاكِ الحيا روحاته وبواكره

وجاءك يحكي يوسف بن محمدٍ      فروتكِ رياه وجادكِ ماطِره

وكقوله:

كأن سناها بالعشِّي لِشربها       تبلُّج عيسى حين يلفظُ بالوعدِ

وكقوله:

آليتُ لا أجعلُ الإعدام حادثةً        تخُشى وعيسى بن إبراهيم لي سند

وكقول وهب الهمداني:

وأطلبِ الريف يا نديمي والر          يفُ في الأرض حيث اسماعيل

وكقوله:

أيام غصنِ الشبابِ يهتز        كالأسمرِ في راحةِ ابنِ حمادِ

وكقول علي بن جبلة:

وغيثٍ تألفَّه نوءه       وألبسه َ غَللا أرمدا

تظلُّ الرياح تُهادي به      إذا ما تحير أو عردا

 

88

 

صدوق المخيلةِ وإني الظلا        ل قد وعد الأرض أن َترغدا

كأن تواليه بالعرا        ءِ أهوى إلى الجلمدِ الجلمدا

تداعي تميمٍ غداة الجفار      تدعو زرارة أو معبداً

وكقول علي بن الجهم:

وساريةٍ ترتاد أرضا تجودها       شغلت بها عيناً قليلاً هجودها

أتتنا بها ريح الصبا وكأنها        فتاةٌ تزجيها عجوز تقودها

فما برحت بغداد حتَّى تفجرت       بأوديةٍ ما تستفيقُ مدودها

فلما قضت حقَّ العراقِ وأهله       أتاها من الريح الشمالِ يريدها

فمرت كفوت الطرفِ سعياً كأنها     جنود عبيد الله ولَّت بنودها

وكقوله:

وترن وللصباح معقباتٌ       تُقلِّص عنه أعجاز الظلامِ

فلما أن تجلى قال صحبي     أَضوء الصبحِ أم ضوء الإِمامِ

وقول أبي الغمر هارون بن محمد الرازي:

مكفهر ترَنح أعطافُه رجاً      كما جاوب المطى المطي

وتلالا كأّنما في حشاه      حبلٌ حان وضعه حولي

ظلّ يحكي بجودِهِ جود َ كفَّي     ملكٍ سيبه هنِي مرِي

وكقول البحتري:

سقيت رباك بكل نوءِ جاعلٍ     من وبله حقَّا لها معلوما

فلو أنني أُعطيتُ فيهن المنى     لسقيتُهن بكفِّ إبراهيما

وكقوله:

قل لداعى الغمام: لبيك واحلُلْ      عقلَ العيسِ كي تجيب الدعاء

عارض من أبي سعيدِ دعاني       بسنا برقِهِ غداَة َتراءى

وقول أبي تمام:

إساءَة الحادثاتِ استبطِنِي نفقا    فقد  أَظلَّكِ إحسان ابن حسانِ

 

89

 

وكقوله:

يا صاحبي تقصيا نظريكما      تريا وجوه الأرضِ كيف تصور

تًريا نًهاراً مشرِقْاً قد شابه        زهر الربا فكأنما هومقْمِر

خَلقٌ أطلَّ من الربيع كأنَّه    خُلقُ الإِمامِ وهديه المتيسر

وقوله:

إن الذي خلق الخلائِق قاَتها       أقْواتها لتصرفِ الأحراسِ

فالأرض معروفُ السماءِ قِرى لها       وبنو الرجاءِ لُهم بنو العباسِ

القوم ظلُّ اللهِ أسكن ديَنه        فيهم وهم جبلُ الملوك الراسي

وقوله:

يجاهد الشوق طوراً ثم يتبعه     مجاهداتُ القوافِي في أبي دلفا

وكقوله:

إذا العيس وافت بي أبا دلفٍ فقد       تقطع ما بيني وبين النوائبِ

وقوله:

تداو من شوقك الأقصى بما صنعت      خيلُ ابن يوسف والأبطالُ َتطَّرِد

ذاك السرور الذي آَلتْ بشاشتُه       أَلاَّ يجاورها في مهجةٍ كمد

وقوله:

لم يجتمع قطُّ في مصر ولا طرفٍ      محمد بن أبي مروان والنُّوب

وكقوله:

ولقد بلون خلائِقي فوجدتني     سمح اليدينِ بِبذْل ود مضمر

يعجبن مني إن سمحتُ بمهجتي      وكذاك أعجب من سماحةِ جعفرِ

ملك إذا الحاجاتُ لذن بحقْوهِ          صافحن كفِّ نواله الميسرِ

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.