المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
Measurement of position and momentum
2024-04-20
Probability wave amplitudes
2024-04-20
The uncertainty principle
2024-04-20
First principles of quantum mechanics
2024-04-20
أثر شطب العلامة التجارية على انقضاء حق الملكية
2024-04-20
Watching the electrons
2024-04-20

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


وحدة الموضوع وأثرها في طبيعة المحاكاة  
  
3749   01:39 صباحاً   التاريخ: 14-08-2015
المؤلف : د. عصام قصبجي
الكتاب أو المصدر : أصول النقد العربي القديم
الجزء والصفحة : ص228-236
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-12-2015 8726
التاريخ: 4-6-2017 52676
التاريخ: 22-3-2018 24122
التاريخ: 14-08-2015 5737

 لعل أهم ما يلفت النظر عند المرزوقي كلامه على "التحام اجرام النظم" بحيث تكون القصيدة كالبيت، والبيت كالكلمة، وفي ذلك ما فيه من اشارة واضحة إلى مسألة غامضة هي مسألة الوحدة العضوية التي طالما قيل: ان الشعر العربي يفتقر إليها، على الرغم من انها كانت عنصراً رئيساً من عناصر المحاكاة ضد ارسطو، وان كان ارسطو يتكلم عليها اصلاً من خلال الشعر الملحمي الذي كان شائعاً عند الاغريق، خلافاً للعرب الذين لم يألفوا غير الشعار الغنائي.

ويبدو ظاهراً ان طبيعة الشعر الغنائي بمعزل عن الوحدة، غير ان ذلك امر ينبغي ألا يسلم به دون تمحيص، لأن الشعر الغنائي لا يقتضي التوزع بين الاغراض بطبيعته، وانما اقتضى ذلك عندما نظر إلى ما ألفه القدماء من أمر التوزع مثلاً أعلى، ومن العسير حقاً معرفة علة اقبال  القدماء على جعل القصيدة معرضاً لمعاني الشاعر في شتى اغراض الشعر، ولكن هذه العلة لا ترجع حتماً إلى طبيعة الشعر الغنائي، فليس في الشعر الغنائي ما يحول بين الشاعر، وبين ان يجعل قصيدته خالصة للغزل أو المديح مثلاً،  وان كان ثمة ما يحول بينه وبين الاطالة الملحمية، كما لاحظ ابن الاثير حين قال: "ان الشاعر اذا أراد ان يشرح اموراً متعددة ذوات معان مختلفة في شعره، واحتاج إلى الاطالة، بأن ينظم مائتي بيت، أو ثلثمائة، أو أكثر من ذلك، فأنه لا يجيد في الجميع، ولا في الكثير منه، بل يجيد في جزء قليل، والكثير من ذلك رديء غير مرضٍ"(1) على ان ابن الاثير كان على بينة من أمر الملحمة في الشعر الفارسي، وفضلها على الشعر العربي، ولكنه لم يهتد إلى تعليل اعراض العرب عن الملحمة، شأنه في ذلك شأن النقاد جميعاً الذين لم يتساءلوا قط عن النمط الشعري العربي: أهو النمط الوحيد، ام هو أحد الانماط التي قد يكون فيها ما يفضله في قوة التعبير، قال: "وعلى هذا فإني وجدت العجم يفضلون العرب في هذه النكتة المشار إليها، فإن شاعرهم يذكر كتاباً مصنفاً من أوله إلى آخره شعراً وهو شرح قصص وأحوال، ويكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم، كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف بشاه نامه"(2).

إذن، كان الشعر الغنائي هو النمط السائد عند العرب، ولا ريب ان هذا النمط يفرض على الشاعر ان يقتصد في الاطالة ، ويوجز في التعبير ولا سيما ان العرب نظرت إلى البيت دائماً على انه الوحدة الاساسية في نظام القصيد، حيث يحسن ان يصب الشاعر في قالبه التشبيه البديع، أو الحكمة البالغة، دونما التفات غالباً إلى صلة هذا البيت بما يليه، وفي هذا المجال فإن جميع آراء النقاد في أمر الوحدة، والرباط في القصيدة لم تجد نفعاً في تطوير النظرة الجوهرية إلى البيت  مثل قصيدة كاملة للشاعر ان ينقض فيها ما أثبته في قصيدة اخرى، ويبدو ان ثمة علاقة بين مسألة الوحدة، ومسألة التناقض، فكما اجاز النقاد للشاعر ان يمدح في بيت، ما ذمه في آخر، فقد اجازوا تبعاً لذلك ان يكون البيت قائماً بنفسه، بل طلبوا ذلك لكي يتمكن الشاعر من الكلام فيما شاء له الخاطر، دون ان يقيد نفسه بملاحظة الصدق أو الشعور، أو الفكرة في قصيدة كاملة.

ويلوح ان ما يقال عن "النزق" في طبيعة العربي، كأن يحول بينه وبين ان يطيل التأمل في فكرة واحدة يستقصي ما في اعماقها من معان، وما يتعلق بها من مشار، وما هو إلا ان يجيش خاطره بما في شعوره حتى يظهره جملة بليغة، أو بيتاً محكماً ويقضى امر الشعر، حتى يجيش خاطر آخر لا جرم انه قد يناقض الخاطر الأول وفق هوى الشاعر، او هوى الناقد ، أو هوى الحاكم، او هوى اللغة أو هوى العرف. يقول ابن سنان: "الذي يقع في النظم والنثر من هذا التناقض على هذا النحو عيب في المعاني بغير شك، وان كانوا قد تسمحوا في الشعر ان يكون في البيت شيء، وفي بيت آخر ما ينقضه، حتى يذم في بيت شيء من وجه، ويمدح في بيت آخر من ذلك الوجه بعينه، وانما اجازوا هذا لأنهم اعتقدوا ان كل بيت قائم بنفسه، فجرى البيتان مجرى قصيدتين، فكما جاز للشاعر ان يناقض في قصيدتين، كذلك جاز له ان يناقض في بيتين، ولم يختلفوا في ان البيت اذا ولي البيت، وكان معنى كل واحد منهما متعلقاً بالآخر، فلا يجوز ان يكون في احدهما ما يناقض الآخر، وانما اجازوا ذلك مع عدم الاتصال والتعلق، على ان تجنب هذا في القصيدة ــ وان كانوا قد اجازوا ــ احسن واولى"(3). وواضح ان النقاد ــ وان كانوا آثروا تجنب التناقض في القصيدة ــ فانهم اجازوه انطلاقاً من ايمانهم بوحدة البيت، وحقاً فقد أفاض كثير من النقاد في الكلام على الوحدة، وأتوا بما يقرب من مفهوم الوحدة العضوية بيد إنهم ظلوا دائماً على وفاق مع نظرتهم الى البيت وحدة رئيسة، وما افاضوا فيه من الكلام على الوحدة انما يعنون به إجادة الربط بين الأغراض المتنافرة، ولا يريدون به الكلام في غرض واحد، وذلك ما يريدونه "بالقران" بين البيت والبيت ايضاً، ولا ريب ان ثمة فرقاً كبيراً بين ان تكون القصيدة مجلى فكرة واحدة، وبين ان تكون مجلى افكار موحدة، ولكن دون ان يستفيد منه شيئاً، وذلك قوله في تلخيص كتاب الشعر: ان تقويم الشعر يقتضي "ان يكون المقصود محدوداً لا يتعدى، ولا يخلط بغيره مما لا يليق بذلك الوزن، ويكون بحيث لو نزع منه جزء واحد فسد وانتقض فإن الشيء الذي حقيقته الترتيب إذا زال عنه الترتيب لم يفعل فعله، وذلك انما يفعل لأنه كل"(4). .

أما ابن رشد فقد رجع إلى تفسير الوحدة بما اسماه "الرباط" والحق انه لا يعني به إلا شيئاً من قبيل ربط النسيب بالمديح على نحو محكم: "ويشبه ان يكون أقرب الاشياء شبهاً بالرباط الموجودة في اشعارهم هو الجزء الذي يسمى عندنا الاستطراد، وهو ربط جزء النسيب، وبالجملة صدر القصيدة، بالجزء المديحي"(5).

وأما النقاد فقد ظلوا حيارى بين ما يعتقدونه من فضل الوحدة، وما يجلونه من عمود الشعر، إلى ان اهتدوا إلى التوفيق بينهما بأن ذهبوا إلى ضرورة احكام الصلة بين اجزاء القصيدة على نحو أفضل من قول الشاعر دع ذا، أو عد عن ذا، ولكن دون ان يقولوا قط بضرورة الوحدة التي لا تتنافر اجزاؤها ويبدو ان لذلك صلة بمفهوم المحاكاة التي تلاحظ وجه الشبه بين الاشياء على نحو يجمع بينها، ولكنه لا يوحد، ذلك ان الوحدة امر جوهري في محاكاة ارسطو لأنها تتعلق بالفعل الانساني، وهو واحد غالباً، أو ينبغي ان يكون واحداً فيما ينجم عنه أو يتعلق به من احداث، اما محاكاة التصوير، فمن العسير تصور الوحدة فيها إلا على سبيل الجمع لا على سبيل الوحدة، وها هوذا ابن طباطبا يحدثنا عن الشعر سبيكة افرغت من عدة معادن لا من معدن واحد، ووادياً مدته شعاب مختلفة لا شعب واحد، وطيباً ركّب من اخلاط كثيرة: "فإذا جاش فكره بالشعر، ادى إليه نتائج ما استفاده مما نظر فيه من تلك الاشعار فكانت تلك النتيجة كسبيكة مفرغة من جميع الاصناف التي تخرجها المعادن، وكما قد اغترف من وادٍ قد مدّته سيول جارية من شعاب مختلفة، وكطيب تركّب من اخلاط من الطيب كثيرة فيستغرب عيانه، ويغمض مستبطنه"(6) فالشعاب مختلفة اذن وان كان الماء واحدا، وملاك الامر تركيب اخلاط الشعر بحسب مقدرة الشاعر، ولكنها بعد اخلاط، ولو ان ابن طباطبا تنبه إلى القول بالشعر سبيكة افرغت من معنى او فكرة واحدة لكان افضى بالشعر إلى ان يتخلص من تشتته، وتوزعه من معنى أو فكرة واحدة لكان افضى بالشعر إلى ان يتخلص من تشتته، وتوزعه بين أغراض متعددة تستنفذ قوى الشاعر، وتحد من خياله بما تقتضيه من انتقال بين معان مختلفة حيناً، ومتناقضة حيناً آخر، فضلاً عن أنها ليست صادقة أصلاً.

وكذلك ابن رشيق، فقد اهتدى إلى ان مثل القصيدة مثل خلق الانسان، وكما ان انفصال عضو الجسم يشوه الجسم، كذلك فإن انفصال المديح عن الذم يسيء إلى القصيدة، على ان ذلك اقرار لمبدأ الانفصال منذ البداية لأن مجرد اقتران النسيب بالمدح أو الذم يعني ان الامر على التركيب لا على التوحيد: (قال الحاتمي: من حكم النسيب الذي يفتتح بع الشاعر كلامه، ان يكون ممزوجاً بما بعده من مدح او ذم، متصلاً به، غير منفصل عنه، فإن القصيدة مثلها مثل خلق الانسان في اتصال بعض اعضائه ببعض، فمتى انفصل واحد عن الآخر وباينه في صحة التركيب غادر بالجسم عاهة تتخون محاسنه، وتعفي معالم جماله، ووجدت حذاق الشعراء وأرباب الصناعة من المحدثين يحترسون من مثل هذه الحال احتراساً يحميهم من شوائب النقصان، ويقف بهم على محجة الاحسان)(7)، ويلاحظ الدكتور محمد غنيمي هلال ان ما ضلل النقاد في أمر الوحدة هو قياسهم القصيدة بخلق الانسان، فأعضاء الخلق متجاورة حقاً مثل الانف والفم والعين مثلاً، ولكن ليس ثمة مناسبة حقيقية بينها(8)، ولذا فإن ما ذهبوا إليه من أن الوحدة ربط أجزاء متباينة ، يناقض ما ذهب إليه ارسطو تماماً، والغريب ان ارسطو فضلاً عن اشارته إلى ان الرواية تدور حول فعل واحد تام، نبه على ان الرواية ليست كالتاريخ الذي يمثل زمنا واحداً لا فعلاً واحاً، ومن ثم فقد يجمع بين احداث ذات ارتباط عارض، ولذا فإن شاعراً بارعاً كهوميروس، وجد ان من المحال ان يقص أحداث الحرب كلها، فاختار جزءاً واحداً بنى عليه ملحمته، أما غيره من الشعراء فانهم يجعلون لقصائدهم بطلاً واحداً، وزماناً واحداً: (أما عن صنعة المحاكاة التي تقوم على السرد الروائي وتصاغ في كلام منظوم، فبين ان القصة يجب ان تنظم نظماً يعتمد على الحركة والعمل كما في التراجيديات وان تدور حول فعل واحد تام مكتمل له اول ووسط وآخر حتى تكون كالحيوان الواحد التام، فتحدث اللذة الخاصة بها، وينبغي ان لا يكون نظم الحوادث  كما في التاريخ حيث يلزم إلا يمثل فعل واحد، بل زمن واحد، فتستقصى الحوادث التي وقعت في هذا الزمن لفرد او لجماعة والتي لا يرتبط بعضها ببعض إلا ارتباطاً عارضاً . . ولهذا السبب يبدو هوميروس ــ كما قلنا من قبل ــ معجزاً من هذه الناحية اذا قورن بغيره، فهو لم يحاول ان يروي قصة الحرب بأكملها وان كانت ذات بدء ونهاية لأنها مفرطة في العظم بحيث يصعب النظر إليها مجتمعة ولورد ابعادها إلى شيء من الاعتدال لاشتد تعقدها بفضل تشعب حوادها، فاقتطع منها واحداً واستعان بكثير من لواحقها كإحصاء السفن، وغيره من اللواحق التي يتناولها في قصيدته بين الحين والحين، اما الشعراء الآخرون فيجعلون لقصائدهم بطلاً واحداً، وزماناً واحداً) (9).

ولا ريب ان النقاد العرب لو فهموا هذا النص، وقرنوه بما يعرفونه من فن الملحمة في الشعر الفارسي، لأفادوا منه ما يطورون به الشعر العربي من الجزئية إلى الشمولية، دون ان يقتصروا على الكلام في "القران" الذي لا يعدو ان يكون رباطاً بين بيتين فلا ــ كما يقول ابن قتيبة ــ (ترى البيت فيه مقروناً بغير جاره، ومضموناً إلى غير لفقه، ولذلك قال عمر بن لجأ لبعض الشعراء: انا اشعر منك قال: وبم ذلك؟ فقال لأني اقول البيت واخاه، ولأنك تقول البيت وابن عمه) (10) اما المرزوقي، فقد تكلم على التحام النظم الذي (يوشك ان يكون القصيدة منه كالبيت والبيت كالكلمة، تسالماً لا جزائه، وتقارنا) بيد انه سرعان ما فسر ذلك الالتحام بما شاع من امر القرآن، فإذا هو (إلا يكون كما قيل فيه:

وشعر كبعر الكبش فرق بينه                  لسان دعي في القريض دخيل

وكما قال خلف:

وبعض قريض الشعر اولاد علة              يكد لسان الناطق المتحفظ

وكما قال رؤبة لابنه عقبة، وقد عرض عليه شيئاً مما قال فقال: قد قلت لو كان له قران) (11).

صفوة القول اذن ان النقاد ادركوا من امر "الوحدة" ما لا يجاوز معنى "القرآن" بين أجزاء، إلى معنى التعبير عن "جزء" واحد، وبديهي ان ذلك يفرض على الخيال الشعري ان يكون جزئياً، مثلما كان من قبل حسيا، وبذلك يقترب تماماً من فن الزخرفة، بيد انه ينبغي ان يلاحظ ان فن الزخرفة انما يعطي انطباعاً كلياً موحداً مستمدا من تشابك اجزائه ذاته من خلال تقاربها وتنافرها على نحو فني معين، اما فن الشعر، فلا يتيح لنا ان نشعر بهذا الانطباع الموحد النابع من تنافر جزئي، لأنه قائم على المعنى لا على الشكل المجرد، ويصعب على الذهب ان يوحد بين معان مختلفة، او متناقضة، بينما يسهل عليه ان يوحد بين اشكال مختلفة، او متناقضة، لأن مدار الشكل على الإيحاء بالمعنى، والايحاء قد يصدر من اشكال متعددة، اما مدار لمعنى فهو على التعبير المباشر، فإذا كان في القصيدة عدة معان، فن العسير حقاً ان تعطي ايحاء موحداً، وكيف يكون إيحاء الغزل مثل ايحاء المديح؟ على ان الزخرفة التي يرى كانط فيها مجلى الفن الحقيقي لتحررها من كل قيد حتى قيد المعنى انما تستمد قوتها من هذا الذي يضعف الشعر، وهو التعدد غير انه في الزخرفة تعدد يفضي إلى الوحدة، فيقربها من الموسيقا من حيث ان غايتها امتاع النفس لا العقل، اما في الشعر فإنه تعدد يفضي إلى التشتت بما يقوم عليه من معان ــ لا إيحاءات ــ غايتها امتاع العقل لا النفس وذلك يرجع بنا مرة اخرى إلى مسألة ربط الشعر بالتصوير دون الموسيقا ــ ولعل الزخرفة ليست سوى موسيقا اداتها الشكل ــ وما كان لذلك الربط من اثر في طبيعة الشعر العربي، يظهر فيما يلاحظ من انصرافه عن النفس إلى العقل، وعن الإيحاء إلى التصريح وعن الوحدة إلى التعدد ولعل كلام الاستاذ "حيدر بامات" في كتابه "مجال الاسلام" مما يساعد على جلاء هذه المسألة الخاصة بفن الرسم الاسلامي، قال: (وتكرار الدواعي هو الذي يمنح الرسم العربي قوته، وهذا التكرار في هذا الفن الذي يجهل نتائج النقش البارز تقريباً، هو الذي يقوم مقام النقش البارز، والرسم النظري، ولا يقتصر هذا التكرار على اسهامه في منح مجموع الزخرف وحدة، وبعرضه على النظر صوى وسياقا، بل يساعد على نشوء مشاعر التصوف، ومن المعلوم في الفنون المائلة، كما في الموسيقا، او الشعر ذي الالهام الصوفي، ان التكرار مع الاصرار، والرجع الملازم حتى الفنون لرسم او لداع لا يهدف إلى قناع العقل، بل يهدف إلى تحريك النفس، وأي تأثير في المؤمن لا ينشأ عن توكيد قواعد الايمان المستنبطة من الكتاب المقدس توكيدا آمراً جازما، اذا ما ابصر هذه القواعد تظهر لعينيه على نسيج غير معناه)(12) ويبدو انه ينبغي ان نخرج الشعر الصوفي غالباً من أحكام النقد العربي، أو الشعر العربي، ذلك ان الشعر الصوفي يقترب حقاً من الموسيقا، ويبتعد عن التصوير، لأن مجاله الرؤى النفسية الباطنة، لا الرؤية الخارجية الظاهرة ، فضلا عن انه ينطوي غالباً على وحدة الغرض، ووحدة الايحاء، على نحو يجعله موسيقا روحية اكثر من كونه تصويراً شعرياً، ولا ريب ايضاً انه ينطوي على قدر من الخيال يفوق ما هو معهود في الشعر العربي، لأنه على الأقل يحاكي "النفس" اكثر مما يحاكي "الشيء" و "المثل" والغريب ان هذا الشعر لم يظفر غالباً بشيء من عناية النقاد، ولعلهم وقفوا منه هذا الموقف ــ وهو الارجح ــ لأنه يخرج على "عمود" شعرهم "ونظام" قصيدهم، وهو امر كان لا يزال غير محمود، وهكذا، ربما امكن الزعم بأن عمود الشعر كان ذا اثر سيء في تطور القريض، وفسح مجال الخيال الطليق امامه بحيث يحاكى الذات الباطنة ايضاً، مثلما يحاكى الذات الظاهرة.

______________________

(1) المثل السائر: ص324.

(2) المصدر نفسه: ص324.

(3) سر الفصاحة: ص228.

(4) فن الشعر: ص138.

(5) المصدر نفسه: ص231.

(6) عيار الشعر ص10.

(7) العمدة: 2/177.

(8) انظر: النقد الادبي الحديث: ص211-212 حاشية 3

(9) كتاب الشعر: ص130-132.

(10) الشعر والشعراء: ص9.

(11) مقدمة شرح الحماسة: ص10.

(12) مجالي الاسلام: ص412.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.


جامعة كركوك: حفلات التخرج يجب أن تكون بمستوى حفل التخرج المركزي لطلبة الجامعات
جامعة نينوى: حفل تخرج طلبة الجامعات دليل على اهتمام العتبة العباسية بشريحة الخريجين
جامعة كربلاء: في حفل تخرج الطلبة المركزي امتزج التحصيل العلمي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية
قسم التربية والتعليم يقيم حفل ختام المسابقة المركزية لبرنامج (الأذن الواعية)