المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The exponential atmosphere
2024-05-17
تـطويـر هيـكـل فعـال للمـكافـآت والحـوافـز في المـصارف
2024-05-17
The ideal gas law
2024-05-17
Temperature and kinetic energy
2024-05-17
Compressibility of radiation
2024-05-17
إنـشاء نـظم الإسـناد الإداري للإستـراتيجيـة فـي المـصارف
2024-05-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الرثاء  
  
3611   03:53 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الجندي
الكتاب أو المصدر : في تأريخ الأدب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص394-404
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015 3829
التاريخ: 22-03-2015 8241
التاريخ: 3-12-2019 4553
التاريخ: 23-03-2015 2725

كان الحزن يبدو على العرب واضحًا حينما يفقدون عزيزا -وكل أفراد العشيرة عزيز- فتتحرك الشاعرية، وتعبر عن الأسى العميق الذي عمهم والخسارة الفادحة التي نزلت بهم وبغيرهم ممن كان الفقيد ملاذًا لهم. من ذلك، ما ورد لسعدى بنت الشمردل الجهنية في رثاء أخيها.

أسعد الذي قتلته بهز من بني سليم بن منصور، إذ تقول(1):

فلتبك أسعد فتية بسباسب          أقووا وأصبح زادهم يتمزع(2)

جاد ابن مجدعة الكمي بنفسه     ولقد يرى أن المكر لأشنع(3)

ويلمه رجلا يليذ بظهره             إبلا، ونسال الفيافي أروع(4)

يرد المياه حضيرة ونفيضة         ورد القطاة إذا اسمأل التبع(5)

وبه إلى أخرى الصحاب تلفت    وبه إلى المكروب جري زعزع(6)

ويكبر القدح العنود ويعتلي       بألى الصحاب إذا أصات الوعوع(7)

سباق عادية وهادي سرية          ومقاتل بطل وداع مسقع(8)

ذهبت به بهز فأصبح جدها       يعلو، وأصبح جد قومي يخشع(9)

أجعلت أسعد للرماح دريئة        هبلتك أمك أي جرد ترقع(10)

يا مطعم الركب الجياع إذا هم       حثوا المطي إلى العلا وتسرعوا

وتجاهدوا سيرا فبعض مطيهم    حسرى مخلفة وبعض ظلع(11)

جواب أودية بغير صحابة         كشاف داوي الظلام مشيع(12)

إن تأته بعد الهدوء لحاجة        تدعو يجبك لها نجيب أروع(13)

متحلب الكفين أميث بارع        أنف طوال الساعدين سميدع(14)

سمح إذا ما الشول حارد رسلها    واستروح المرق النساء الجوع(15)

فوددت لو قبلت بأسعد فدية       مما يضن به المصاب الموجع

وهي بعد التعبير عن حزنها العميق لفقدها أخاها تبكي صفاته وأخلاقه وعاداته، وكلها من المثل العليا التي كان العربي الجاهلي يعتز بها.

وكان الأسى يثير الشجون عندما تهيج ذكريات من فقدتهم القبيلة، فيرثي الشاعر حينئذ هؤلاء الأبطال الكرام من قومه. ومن أمثلة ذلك ما جاء لأبي دؤاد الإيادي إذ يقول(16):

لا أعد الإقتار عدمًا ولكن      فقد من قد رزئته الإعدام(17)

من رجال من الأقارب فادوا     من حذاق هم الرءوس العظام(18)

فهم للملائمين أناة                   وعرام إذا يراد العرام(19)

وسماح لدى السنين إذا ما        قحط القطر، واستقل الرهام(20)

ورجال أبوهم وأبي عمـ ـرو وكعب، بيض الوجوه حسام(21)

وشباب كأنهم أُسْد غيل خالطت فرط حدهم أحلام(22)

وكهول بنى لهم أولوهم           مأثرات يهابها الأقوام(23)

سلط الدهر، والمنون عليهم     فلهم في صدى المقابر هام(24)

وكذا كم مصير كل أناس      سوف، حقًّا تبليهم الأيام

فعلى إثرهم تساقط نفسي     حسرات وذكرات لي سقام

وكان عبد يغوث بن الحرث قائد قومه يوم الكلاب الثاني، فأسر وأراد أن يفدي نفسه، فأبت تميم إلا أن تقتله بالنعمان بن جساس، ولما لم يجد بدًّا من القتل طلب إليهم أن يطلقوا لسانه ليذم أصحابه، وينوح على نفسه، وأن يقتلوه قتلة كريمة، فأجابوه إلى طلبه، وسقوه الخمر، وقطعوا له عرقًا يقال له الأكحل، وتركوه ينزف حتى مات، وحين جهز للقتل قال قصيدة تحدث فيها عن نفسه بأشياء كثيرة، من بينها فخره بشجاعته وكرمه وبراعته في الطعن والقتال، ومنها(25):

ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا فما لكما في اللوم خير ولا ليا

ألم تعلما أن الملامة نفعها قليل، وما لومي أخي من شماليا(26)

فيا راكبا إما عرضت فبلغن نداماي من نجران أن لا تلاقيا.

أبا كرب والأيهمين كليهما وقيسا بأعلى حضرموت اليمانيا(27)

جزى الله قومي بالكلاب ملامة صريحهم والآخرين المواليا(28)

ولو شئت نجتني من الخيل نهدة ترى خلفها الحو الجياد تواليا(29)

ولكنني أحمي ذمار أبيكم وكان الرماح يختطفن المحاميا (30)

فإن تقتلوني تقتلوا بي سيدًا وإن تطلقوني تحربوني بماليا(31)

أحقا عباد الله أن لست سامعًا نشيد الرعاء المعزبين المتاليا(32)

وقد علمت عرسي مليكة أنني أنا الليث معدوًّا عليه وعاديا

وقد كنت نحار الجزور ومعمل الـ ـمطي وأمضي حيث لا حي ماضيا

وأنحر للشرب الكرام مطيتي وأصدع بين القينتين ردائيا(33)

وكنت إذا ما الخيل شمصها القنا لبيقا بتصريف القناة بنانيا(34)

وعادية سوم الجراد وزعتها بكفي وقد انحوا إليَّ العواليا(35)

كأني لم أركب جوادًا ولم أقل لخيلي كري نفِّسي عن رجاليا.

وقال دريد بن الصمة في كثرة القتلى من قومه(36):

تقول ألا تبكي أخاك وقد أرى مكان البكا لكن بنيت على الصبر(37)

فقلت أعبد الله أبكى أم الذي له الجدث الأعلى قتيل أبي بكر(38)

وعبد يغوث تحجل الطير حوله وعز المصاب حثو قبر على قبر(39)

أبى القتل إلا آل صمة أنهم أبوا غيره والقدر يجري إلى القدر(40)

فإما ترينا لا تزال دماؤنا لدى واتر يسعى بها آخر الدهر(41)

فإنا للحم السيف غير نكيرة ونلحمه حينًا وليس بذي نكر(42)

يغار علينا واترين فيشتفى بنا إن أصبنا أو نغير على وتر(43)

قسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا فما ينقضي إلا ونحن على شطر(44)

وقال دريد بين الصمة يرثي أخاه:

تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسًا فقلت أعبد الله ذلكم الردي(45)

فجئت إليه والرماح تنوشه كوقع الصياصي في النسيج الممدد(46)

وكنت كذات البو ريعت فأقبلتْ إلى جلد من مسك سقب مقدد(47)

فطاعنت عنه الخيل حتى تنفست وحتى علاني حالك اللون أسودي(48)

قتال امرئ آسى أخاه بنفسه ويعلم أن المرء غير مخلد(49)

فإن يك عبد الله خلى مكانه فما كان وقافًا ولا طائش اليد(50)

كميش الإزار خارج نصف ساقه بعيد من الآفات طلاع أنجد(51)

قليل التشكي للمصيبات حافظ من اليوم أعقاب الأحاديث في غد(52)

تراه خميص البطن والزاد حاضر عتيد ويعدو في القميص المقدد(53)

وأن مسه الإقواء والجهد زاده سماحًا وإتلافًا لما كان في اليد(54)

صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل ابعد(55)

وقال النابغة الذبياني يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني(56).

فلا يهنئ الأعداء مصرع ملكهم وما عنقت منه تميم ووائل(57)

وكان لهم ربعية يحذرونها إذا خضخضت ماء السماء القبائل(58)

يسير بها النعمان تغلي قدوره تجيش بأسباب المنايا المراجل

يقول رجال يجهلون خليقتي لعل زيادا لا أبا لك غافل(59)

أبي غفلة أني إذا ما ذكرته تحرك داء في فؤادي داخل

وإن تلادي إن ذكرت وشكًّتي ومهري وما ضمت إلي الأنامل

حباؤك والعيس العتاق كأنها هجان المها تحدى عليها الرحائل(60)

فإن كنت قد ودعت غير مذمم أَواسي ملك ثبتتها الأوائل(61)

فلا تبعدن إن المنية منهل وكل امرئ يوما به الحال زائل

فما كان بين الخير لو جاء سالمًا أبو حجر إلا ليال قلائل(62)

فإن تحي لا أملل حياتي وإن تمت فما في حياة بعد موتك طائل

فآب مصلوه بعين جلية وغودر بالجولان حزم ونائل(63)

سقى الغيث قبرا بين بصرى وجاسم بغيث من الوسمي قطر ووابل(64)

ولا زال ريحان ومسك وعنبر على منتهاه ديمة ثم هاطل

وينبت حوذانًا وعوفًا منورًا سأتبعه من خير ما قال قائل(65)

بكى حارث الجولان من فقد ربه وحوران منه موحش متضائل

قعودًا له غسان يرجون أوبه وترك ورهط الأعجمين ووائل

فالنابغة هنا يذكر الفقيد بالفضل ويعترف له بالجميل ويدعو له بالخير، فتحدث عن أمجاده وشجاعته وبطشه بالأعداء، وأقر له بالأفضال الكثيرة التي أسبغها على الشاعر، فقال: إن أمواله وأسلحته وخيله وكل ما يملكه، هي من عطايا الفقيد، وأنه لو سلم من الموت لعم خيره وفضله جميع الناس، فكانت حياته حياة للآخرين وسعادة لهم، وبموته تصبح الحياة لا خير فيها. ولئن كان قد مات عن ملك ورثه عن آبائه، فلقد ذهب محمودًا مرضيًّا عنه من الجميع، وقد بكاه الناس، وأصبحت الدنيا موحشة بعده، وختم الحديث بالدعاء للمكان الذي دفن فيه بدوام الخصب وطيب الثرى.

ويتضح من شعر الرثاء أنه كان يتضمن الحديث عن مناقب الفقيد، وما كان يتحلى به من البطولة والشهامة والكرم والجود وما سجله من مآثر خالدات، ثم وصف مشاعر القوم نحو فقده.

ويلاحظ أن رثاء المقتول في الأخذ بالثأر كان أشد وأقوى من رثاء غيره، كأن شعور القوم نحوه أنه صد الخطر عنهم بنفسه، ففضله لا ينسى، ويستحق أن يخلد. وكثيرًا ما كان الشعراء في هذا المقام يقارنون بين القتيل الأول ومن قتل في الأخذ بثأر هذا القتيل، وكانوا بطبيعة الحال يفضلون الثاني على الأول. من ذلك مثلًا ما قاله عنترة العبسي حين قتلت بنو العشراء من مازن قرواشًا العبسي. وكان قرواش قتل حذيفة بن بدر الفزاري، فلما أسرته بنو مازن قتلته بحذيفة، فقال عنترة العبسي في ذلك (66).

هديكم خير، أبا من أبيكم أعف، وأوفى بالجوار، وأحمد

وأطعن في الهيجا إذا الخيل صدها غداة الصباح السمهري المقصد

وكثيرًا ما يجمع الشاعر في قصيدته رثاء لأكثر من شخص واحد. فيعدد أسماء الذين قتلوا من قومه. وإن لم يكونوا قد قتلوا كلهم في معركة واحدة(67). وهذا يوحي بأن ذكرى الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الشرف والكرامة ما كانت لتغيب عنهم، بل كانت دائمًا ماثلة أمامهم، وحاضرة في مخيلتهم. ويتحينون الفرص الملائمة للحديث عنها والإشادة بها.

وهكذا نرى في شعر الرثاء، أن الشعراء كانوا يذكرون ما كان لهؤلاء الذين فقدوا من صفات عالية، وأخلاق كريمة، ومفاخر عظيمة، وأعمال جليلة، ويشيدون بما كان لهم من مودة ووفاء مع الأصدقاء، وشدة وبأس مع الأعداء، وجود وسخاء في أوقات الشدة والجدب، وقوة تثير الرعب والهلع، وعقول واسعة، وآراء سديدة. وما لهم من آثار لا تنسى، وهذه المعاني -سواء في الرثاء الفردي أو الجماعي- هي مما كان يتردد في أشعار الفخر والمدح.

وبالموازنة بين الأشعار التي جاءت في الأغراض الثلاثة. الفخر والمدح والرثاء يتبين ما يأتي:

تشترك الأغراض الثلاثة في تمجيد الشجاعة، والحزم والاتزان، والإباء. والدفاع عن الحمى والشرف، وتأمين الخائف، وإجابة المستغيث. والوفاء بالعهد، والخبرة بالحرب والقتال. والجود والسخاء والتضحية ومد يد العون للمحتاجين.

وبما أن الفخر والمدح يكونان لأشخاص أحياء، بعكس الرثاء فهو لميت، فقد أكثر الشعراء في الأولين من ترديد الصفات التي توحي بالقوة وتبعث الرهبة والخوف في قلوب الأعداء، كتمام الاستعداد، وكمال القوة الحربية، وواسع الخبرة الحربية، وجودة الخيل والأسلحة التي يملكها المفتخرون والممدوحون. والإكثار من الغارات. أما في الرثاء فقد اهتموا بالصفات التي تصور القتيل بأنه كان بطلًا عظيمًا: ملاذًا لقومه، وملجأً للمضطرين.

 

ولا نظير له بحيث لا يوفي به قتيل. ولعل ذلك كان لاستثارة شعور القوم للأخذ بثأره عن طريق غير مباشر.

وكل المعاني التي قيلت في الفخر، قيلت كذلك في المدح، إلا أن المداحين المحترفين زادوا عليها. ووسعوا فيها: فشن الغارات وقيادتها زيد عليه بأن جعلت الغارات كل عام، وتشن في زمن الشدة. ويطول زمنها، فيوصل الشتاء بالربيع، ويمتد خطرها فتوغل في الجهات النائية حتى تستولي على إبل العزاب، وغنائمها كثيرة، يعم خيرها حتى تجعل الفقراء المعدمين من ذوي الثراء العريض، والخيل في الغارات لا تبذل مجهودًا كبيرًا فحسب، بل تنهك قواها. فتغزو سمانا، ثم تعود خوص العيون، هزيلة تلقى أفلاءها في الطريق، والبطل الممدوح ليس شجاعًا فقط، أو كالليث العادي، بل ليث صفته كذا وكذا، وجيوش الممدوحين ليست قوية فقط، بل نصرها محقق مؤكد، وأسلحتهم ليست حادة فحسب: بل ذات تاريخ مجيد، تغوص في اللحم. وتقطع العظام، وتكسر الجماجم، وتتعدى الأجسام إلى الصخور فتفتتها، وتطير منها الشرر، فالمبالغة لدى محترفي المدح ظاهرة واضحة.

ليس هناك فرق كبير بين المدح والفخر في شعر القوم الذين لم يتخصصوا في المدح، فشعرهم في الحالتين يكاد يكون واحدًا لولا أن الفخر إشادة بفضائل النفس. والمدح تمجيد لفضائل الآخرين. فشعر هؤلاء في هاتين الناحيتين عادي. بل إننا نلمس أن شعرهم في المدح قد يقل في المستوى عن شعرهم في الفخر، فإذا رجعنا مثلًا إلى قصيدة عامر بن الطفيل التي يمدح فيها بني الحرث بن كعب نجد أن مستواها أقل من مستوى شعره في الفخر.

أما الذين تخصصوا في المدح، فالحال عندهم مختلفة، يرتفع مستوى مدحهم عن مستوى فخرهم. فهم في المدح يولدون الأفكار، ويبالغون ويتأنقون في طريقة العرض. وباعهم في الفخر، على العموم، قصير، وليس لهم فيه إلا أبيات قليلة. في حين أننا نجد دواوينهم تكاد تغص بشعر المدح: على أن ما ورد لهم من شعر في الفخر، يقل في مستواه عن مستوى الفخر لدى غيرهم من الشعراء. وهذا يدلنا على أن الخبرة وكثرة المران في ناحية معينة، لهما أثر كبير في تقوية الموهبة في هذه الناحية. هذا، ولا يغيب عن خاطرنا أثر المنح والمكافآت في شحذ العقل وإعمال التفكير.

ولكن أليس الوازع القبلي يفوق الوازع المادي أو يعادله على الأقل؟

 

إنا نشك في صحة هذا المقياس لدى قوم مثل هؤلاء الشعراء الذين اختلطوا بغير قومهم من الرؤساء والعظماء وانقطعوا لهم، فاجتذبتهم مخالطة هؤلاء وأغرتهم المادة، وانسلخوا من البادية. فقلت لديهم العاطفة القبلية التي يقويها اعتماد الفرد على القبلية، وارتكانه على دفاعها عنه، وحمايتها له.

فهؤلاء المداحون ارتموا في أحضان بعض العظماء الذين كفلوا لهم متعة الحياة، ونعمة الراحة في سعة ورغد دون مشقة أو كد، فلا عجب حينئذ أن ينقطع الشاعر من هؤلاء لولي نعمته، ويخصه بشعره، حتى إن الواحد منهم كان يفقد رشده، وتظلم الدينا في عينه. ويفقد كل أمل في الحياة إذا غضب عليه الممدوح، ولا عجب كذلك أن تفنن أولئك المداحون في مدحهم، وقصر باعهم في الفخر ببطولة قومهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأصمعيات، ص 102، ب:11-29

(2) أسعد: أخوها. سباسب: جمع سبسب وهي المفازة. أقووا: نزلوا القواء وهي القفر، أو نفد زادهم يتمزع: ينقسم.

(3) ابن مجدعة: هو أخوها أسعد، والظاهر أنه أخوها لأمها. الكمي: الشجاع. المكر: مصدر ميمي من الكر. أشنع: تفضيل قصد به الوصف أي شنيع.

(4) يليذ: يحمي ويمنع. نسال من نسل ينسل أي أسرع. أروع: رجل كريم ذو جسم وفضل وسؤدد وجمال.

(5) الحضيرة: النفر يغزى بهم، العشرة فمن دونهم. النفيضة: الطليعة تتقدم الجيش فتنظم الطريق وتعرف ما فيه. ونصبًا على الحال. أي كافيا عن حضيرة ونفيضة، أو نصبا على نزع الخافض. اسمأل: تقلص وضمر. التبع: الظل، لأنه يتبع الشمس. واسمئلاله: بلوغه نصف النهار.

(6) أخرى الصحاب: أواخرهم. زعرع: شديد.

(7) القدح: من أقداح الميسر. العنود: الذي يخرج سريعًا معترضا من بين القداح، أو هو الذي يخرج فائزًا على غير جهة سائر القداح. يعتلي: يرتفع. ألى الصحاب: أوائلهم، أصلها "أولى الصحاب" يقابل في البيت السابق "أخرى الصحاب" فخفف بحذف الواو. أصات: نادى، يعني من الفزع. الوعوع: الجبان.

(8) العادية: الخيل تعدو. سرية: السرى وهو السير بالليل أي يهدي السارين ليلا. أو سرية "بالباء الموحدة" وهي الجماعة ينسلون من العسكر فيغيرون ويرجعون، أو الجماعة من الخيل ما بين العشرين إلى الثلاثين. مسقع: مصقع وهو البليغ.

(9) الجد: الحظ والعظمة. يخشع: يخضع ويذل.

(10) الدريئة: الحلقة التي يتعلم الرامي الطعن والرمي عليها. هبلتك أمك: ثكلتك. جرد: ثوب خلق، تريد أنه جنى بقتله أخاها جناية لا يدري ما وراءها، وفتق فتقًا يعجز عن إصلاحه.

(11) تجاهدوا سيرًا: اشتدوا في السير وأجهد كل منهم نفسه فيه. حسرى: معيبة. مخلفة: متروكة لتموت في الطريق. ظلع: جمع ظالع أو ظالعة: من الظلع. وهو العرج والغمز في المشي.

(12) مشيع: شجاع؛ لأن قلبه لا يجعله يضعف أو يجبن، فكأنه يشيعه ويقويه.

(13) نجيب: كريم أصيل. أروع: سيد فاضل.

(14) متحلب الكفين: جواد، تسيل يداه بالعطاء. أميث: لين سهل، يعنى سمح العطاء. أنف: أبي يكره أن يضام. طوال: طويل شديد الطول. السميدع: الكريم السيد الجميل الجسيم الموطأ الأكناف.

(15) سمح: جواد. الشول: الإبل التي شولت ألبانها أي ارتفعت. رسلها: لبنها، حارد:انقطع. استروح: تشمم. تعني أنه جواد كريم في وقت الجدب والأزمة.

(16) الأصمعيات: ص187 ب:15-24

(17) الإقتار: قلة الماء وضيق العيش. العدم والإعدام: الفقر.

(18) فادوا: ماتوا. يقال: فاد يفيد فيدًا. إذا مات، حذاق: قبيلة من إياد. العظام: الكبار.

(19) الملائمون: الموافقون المخلصون. أناة: تأن ورفق وحلم، وصف بالمصدر. العرام: الشدة والقوة والشراسة.

(20) استقل: ارتحل. الرهام: الأمطار الضعيفة. الواحدة رهمة "بكسر الراء". يقصد القحط وامتناع المطر.

(21) بيض الوجوه: أشراف كرام. حسام: أبطال شجعان، قولهم فاصل.

(22) غيل: أجمة، وهي الشجر الكثيف الملتف. الحد: الحدة والغضب. وفرطها: غلبتها وإسرافها. أي فيهم مع الغضب والحدة، عقول راجحة، وآراء سديدة.

(23) كهول: شيوخ، جمع كهل. أولوهم: السابقون الأوائل منهم. يهابها: لا يصل إليها.

(24) الهام: جمع هامة، وكانوا يزعمون أن عظام الميت، وقيل روحه، تصير هامة فتطير، ويسمونه الصدى، فنفاه الإسلام. ونهاهم عنه.

(25) المفضليات: ص315

(26) الشمال: واحد الشمائل.

(27) أبو كرب، هو بشر بن علقمة بن الحرث. والأيهمان: هما الأسود بن علقمة بن الحرث، والعاقب وهو عبد المسيح بن الأبيض.

(28) صريحهم: خالصهم ومحضهم في النسب. الموالي هنا: الحلفاء.

(29) النهدة: المرتفعة الخلق. الأحوى من الخيل: ما ضرب لونه إلى الخضرة.

(30) الذمار: ما يجب على الرجل حفظه وحمايته.

(31) حربه يحربه من باب طلب: أخذ ماله وتركه بلا شيء.

(32) الرعاء: جمع راعٍ. المعزب: المتنحي بإبله. المتالي: الإبل التي نتج بعضها وبقي بعض.

(33) عبشمية: نسبة إلى عبد شمس.

(34) الشرب: جمع شارب: المطية هنا: البعير. أصدع: أشق. القينة: المغنية، يريد أن يعطي كلا منهما شطر ردائه.

(35) شمص: نفر. اللبيق: الحانق الظريف.

(36) العادية: الخيل المغيرة. سوم الجراد: انتشاره في طلب المرعى، يريد أن الخيل كالجراد في كثرتها. وزعتها: كفتتها. أنحوا إليَّ : وجهوا إليًّ .

(37) ديوان الحماسة: جـ1 ص340.

(38) مكان البكا: بيان لاستحقاق أخيه أن يبكي عليه، أي هذا محل البكاء على أخي

(39) الجدث: القبر الأعلى: الأشرف.

(40) عبد يغوث: هو اسم أخيه، وقتلته بنو مرة. حجل الطير: نزا في مشيه. المصاب: المصيبة، وحثو: بدل منه. والمعنى: لقد تتابعت المصائب فهي كحثو قبر على قبر، فماذا ينفع البكاء.

(41) آل صمة: أولاده. وكان لدريد إخوة كلهم قد قتل. والقدر يجري... إلخ: معناه أنهم قدروا للقتل، كذلك القتل قدر لهم.

(42) الواتر: هو الذي قتل له قتيل، وهو يسعى في ثأره.

(43) يقصد: فإما ترى أنا لا تزال دماؤنا أبد الدهر عند واترين يسعون بها، فإنا نخاطر بأرواحنا. فنقتل ونقتل، وليس ذلك بمنكر فينا ومنا.

(44) المعنى أن أعدائنا إما أن يغيروا علينا طالبين ثأرهم عندنا فيصيبون منا ما يشتفون به، وإما أن نغير عليهم لنأخذ بثأرنا، يريد أنا دأبنا ذلك.

(45) يريد أننا قسمنا الدهر قسمين: نغير على الأعداء وننتصر، أو يغيرون علينا ليأخذوا بثأرهم.

(46) ديوان الحماسة جـ1 ص 337.

(47) قالوا: أهلك راكبوا الخيل فلانا الفارس فقلت: أعبد الله أخي ذلك المقتول. قال ذلك إنكارا لقتله واستعظاما؛ لأنه يعلم إقدامه وشجاعته في الحرب، تنوشه: تتناوله، والصياصي: جمع صيصة وهي شوكة يمررها الحائك على الثوب وقت نسجه.

النسيج المنسوج- والمعنى أتيت عبد الله والحال أن الرماح تتناوله ولها صوت كصوت شوكة الحائك في الثوب الذي ينسجه.

(48) ذات البو: الناقة التي يموت لدها فيسلخ جلده ويحشى تبنًا لتحن عليه فتدر اللبن. وراعه: أفزعه وخوفه. والجلد: ما جلد من المسلوخ وألبس غيره لتشمه أم المسلوخ فتدر عليه، والمسك: الجلد. والسقب: ولد الناقة - والمعنى فصرت في الفزع والخوف. كذات البو: التي فزعت على ولدها فأقبلت إلى جلده الموضوع على غيره لتشمه.

(49) تنفست: تكشفت. والحالك: الأسود. وأسودي: أصله أسودي بياء النسب مشددة فخفف بحذف إحدى الياءين- والمعنى فضابت الفرسان حتى انكشفوا عنه وتلوثت بدمائهم ومن شدتها تغير لوني بالسواد.

(50) قتال منصوب على المصدرية وآساه سواه بنفسه- والمعنى أني لم أقصر في دفاعي عنه ولم أرهب الموت لعلمي أن الإنسان لا يخلد.

(51) خلى مكانه: مضى لسبيله. والوقاف: الذي يقف مخافة وجبنًا ولا يقدم. والطائش: الذي لا يصيب.

(52) كميش الإزار: مثل في الجد والتشمير، والكميش الخفيف السريع وأضاف الكميش إلى الإزار توسعًا. وقوله خارج نصف ساقه: يصفه أيضًا بالجد والنشاط. وقوله بعيد من الآفات: يريد أنه سليم الأعضاء لا داء به - والمعنى أنه إذا أراد أمرًا جد فيه وشمر له، وكان مع هذا سالمًا من الأمراض جادًّا في الأمور الشريفة.

(53) يريد بقوله قليل التشكي: في أنواع التشكي كلها لأنهم يستعملون القلة في معنى النفي والتشكي الشكاية- والمعنى أنه كان على الهمة قوي الفكرة صبورًا على حوادث الدهر بصيرًا بالعواقب يعلم في يومه ما يكون في غده فيسعى في دفعه.

(54) خميص البطن: خاليها. والعتيد: المعد. والمقدد: الممزق- والمعنى أنه كان كريمًا بالغ النهاية في الكرم يؤثر غيره على نفسه بزاده وملبسه يصفه بقلة الأكل مع اتساع الحال وحضور الزاد.

(55) الإقواء: الفقر. والسماح: السماحة، الجود الكرم- والمعنى أنه إذا ضاقت به الدنيا لا يقصر في الكرم وفي بذل ما في يده.

(56) صبا: الأول من الميل والثاني من الصباء وهو حداثة السن- والمعنى أنه مال إلى اللهو مدة صغر سنه فلما شاب ترك الملاهي.

(57) ديوانه ص82.

(58) عنقت: نجت، وذلك أنه كان يغزوهم فنجوا بموته، ويجوز أن يكون المقصود دعاء عليهم، أي لا هنأهم الله بموته ولا نجوا بعده.

(59) ربيعة: غزوة الربيع، خضخضت: أى حركت الماء باستقائها منه بالدلاء وغير ذلك من آلات الماء.

(60) زياد: اسم النابغة الذبياني.

(61) حباؤك: هديتك. العيس: الإبل البيض. هجان المها: بيضها. تحدى: تساق: الرحائل: جمع رحالة، وهي السرج.

(62) ودعت: فارقت. أواسي: جمع آسية وهي السارية والدعامة. يقول: إن كنت قد فارقت هذا الملك الذي كان آباؤك أورثوك إياه. فلم تفارقه وأنت مذموم، بل فارقته وأنت محمود ويتفجع عليك.

(63) أبو حجر: كنية النعمان بن الحارث. يقول: لو سلم من الموت لكان الخير كله يقرب علينا ويجيء إلينا بمجيئه.

(64) آب: رجع. المصلون: أصحاب الصلاة وهم الرهبان وأهل الدين. أو هم الذين أكدوا خبر موته، أخذًا من السابق والمصلى، فالسابق الذي يأتي أولا، والمصلى الذي يجيء بعده، فكان من أخبر بموته أولا لم يصدق إلى أن جاء اللاحق فأكد موته. بعين جلية: أي بخبر يؤكد موته. ويقصد بالشطر الثاني أنه دفن بالجولان، فكأن في القبر رجل كان حازمًا في أموره، ويعطي قاصده.

(65) بصرى وجاسم موضعان من الشام. الوسمي: أول المطر. وكانت العرب تدعو للقبور بالسقيا ليكثر الخصب حولها، فكل من مر دعا لها بالرحمة.

(66) الحوذن والعوف: نباتان عطريان إلا أن الحوذ أطيب رائحة. ويقصد بالشطر الثاني أنه سيثني عليه بخير القول، ويذكره بأحسن الذكر.

(67) العقد الثمين: ديوان عنترة، ص 37، قصيدة رقم9.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.


اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب