أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-10-2019
1152
التاريخ: 23-03-2015
1049
التاريخ: 24-03-2015
989
التاريخ: 24-03-2015
2478
|
صاحب النشاط السياسي في مصر والشعور بوجوب التحرر من ربقة الاحتلال اهتمام بالغ بالنهضة الثقافية، حتى تستطيع الأمة أن تجاري ركب الحضارة، وأن تحسن إدارة شئونها الداخلية والخارجية، وقد أشرنا إلى هذا الاهتمام في آخر الفقرة الأولى(1)، وكان أول مظاهره إنشاء الجامعة المصرية بعد أن دعا إليها مصطفى كامل أكثر من مرة ولبى دعوته مصطفى كامل الغمراوي، وعمل على أن يخرج هذا المشروع إلى نور الشمس، ويصير حقيقة واقعة، ولكي تخرج الجامعة الأمة من سباتها، وتبث فيها الحياة، فتستطيع مغالبة الغاصب، وتخليص البلاد من براثنه، وكان أول اجتماع لتحقيق الجامعة في 12 من أكتوبر 1906، واختير "الأمير" أحمد فؤاد "الملك فؤاد فيما بعد" رئيسًا لها، واشتدت حركة الاكتتاب لها، وتوجتها "الأميرة" فاطمة إسماعيل فحبست عليها 661 فدانًا؛ غير ما تبرعت به من حليها التي قدرت باثنين وعشرين ألفًا من الجنيهات، وفي سنة 1914 وضع الحجر الأساسي للجامعة بحضور الخديو عباس(2)، ولم يكن
(2/182)
الإنجليز راضين عن هذه الحركة طبعًا، وكيف يرضون عنها وقد كان من سياسة عميدهم بمصر اللورد كرومر محاربة التعليم الجامعي الذي يعد الأمم للحياة الحقة، والاهتمام بتخريج آلات صماء تعمل في دواوين الحكومة تحت إمرة مستشاريه كما عرفت في الفصل الأول. وبدأت الجامعة أعمالها بإرسال البعوث العلمية إلى أوربا لإعداد هيئة التدريس، ودعت بعض الأساتذة المشهود لهم بالرسوخ في العلم، من جامعات أوربا المختلفة لإلقاء محاضرات على الطلاب في التاريخ، والآداب العربية، والفلسفة والاقتصاد، من أمثال "الكونت دي جلارزا، وجويدي الكبير، ونللينو"؛ وأنشئت بها مكتبة جمعت لها الكتب من جميع جهات العالم، حتى صارت اليوم من أغنى المكتبات في الشرق العربي كله(3)، وأخذت الجامعة تمنح الدرجات العلمية في أول نشأتها، ولكن الحرب العالمية الأولى أثرت في نموها، كما أثرت في جميع مظاهر الرقي والمرافق العامة، وقد فكرت الحكومة في سنة 1917 في إنشاء جامعة حكومية؛ وسارت هذه الفكرة في 11 من مارس سنة 1925؛ مكونة من كليات أربع هي: الآداب، والعلوم؛ والطب، والحقوق، وفي سنة 1935 ضمت إليها الهندسة، والزراعة والتجارة، وفي سنة 1940 سميت بجامعة "فؤاد الأول"، وضمت إليها دار العلوم في 24 من إبريل سنة "1946"(4)، وبعد ثورة 23 يوليو 1952 سميت جامعة القاهرة.
وقد أفادت الحركة الأدبية بمصر والشرق من الجامعة المصرية إفادة لا تنكر، إذ أخرجت جيلًا مثقفًا ثقافة حديثة، ملمًا بالآداب العربية يجيد البحث ويقدره، وإن كان الذين نبغوا في البحوث الأدبية ممن تخرجوا في الجامعة لا يزال محدودًا، ولكن الفضل الأكبر كان للأساتذة الأجانب والمصريين، وتوجيهاتهم للأدباء، وفي الفصول التي كتبوها في النقد الأدبي، والكتب التي أخرجوها نماذج في التأليف، كما أفادت الجامعة في الإكثار من عدد القراء الذين يقدرون الأدب ويتذوقونه، ويسهمون فيه، أو يعلقون عليه، وحسبك أن تعلم أن
(2/183)
عدد طلبة الجامعة كان في سنة 1926 حوالي 2027 طالبًا، وأنهم صاروا في سنة 1950 أكثر من ثمانية عشر ألف طالب وقد صاروا في سنة 1958 نحو ستة وعشرين ألف طالب، عدا ثمانية آلاف في جامعة الإسكندرية وستة آلاف في جامعة عين شمس(5). ولا ريب أن كثرة القراء تشجع المؤلفين، وتشجع دور النشر، وتروج الأدب، والطباعة، والصحف.
وقد أخذت مصر منذ أن توليت بنفسها شئون التعليم تعمل على نشره بكل الوسائل، وتكثر من افتتاح المدارس المختلفة، ثم جعلته بالمجان في المدارس الابتدائية منذ سنة 1942، وفي المدارس الثانوية منذ سنة 1950، فاشتد الإقبال عليه، حتى ارتفعت ميزانية وزارة المعارف من حوالي أحد عشر مليونًا من الجنيهات في سنة 1945 إلى أكثر من خمسة وعشرين مليونًا في سنة "1951"(6).
وصحب انتشار التعليم في جميع مراحله نهضة في إخراج الكتب من إحياء وتأليف وترجمة. أما عن نشر الكتب القديمة وإحيائها، فقد عرفت في الجزء الأول أن أول خطوة جديدة في هذا السبيل خطاها على باشا مبارك حين ألف هيئة برئاسة رفاعة بك الطهطاوي(7) ثم حذت جمعية المعارف في سنة 1868 حذو تلك الهيئة الرسمية، وقد ذكرنا شيئًا عن جهودها في هذا السبيل(8)، وفي سنة 1898 ألفت جمعية لنشر الكتب القديمة وإحيائها، وكان من أعضائها حسن "باشا" عاصم، وأحمد "باشا" تيمور، وعلى "بك" بهجت وغيرهم، وطبعت عدة كتب مفيدة مثل: كتاب الموجز في فقه الإمام الشافعي، وسيرة صلاح الدين الأيوبي، وفتوح البلدان للبلاذري، والإحاطة في أخبار غرناطة وتاريخ دولة آل سلجوق وغيرها.
وفي سنة 1900 تكونت هيئة أخرى برئاسة الشيخ محمد عبده لإحياء الكتب القديمة النافعة(9). فأخرجت كتابي عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة،
(2/184)
ودلائل الإعجاز، ونشرت كتاب المخصص لابن سيده في سبعة عشرًا مجلدًا، وابتدأت في طبع كتاب المدونة للإمام مالك(10).
ومنذ ذلك دأبت دور النشر على إحياء الكتب القديمة، واهتمت بها دار الكتب أيما اهتمام، ومن الكتب التي طبعت في خلال الحرب العالمية الأولى صبح الأعشى، والخصائص لابن جني، وديوان ابن الدمينة، والمكافأة لابن الداية والاعتصام للشاطبي، والأصنام لابن الكلبي، وقد تأسست في خلال الحرب العالمية الأولى كذلك لجنة التأليف والترجمة والنشر في سنة 1914، ودأبت منذ ذلك الوقت على إخراج الكتب تأليفًا وإحياء وترجمة حتى بلغ عدد ما أخرجته في سنة 1948 ما يربو على ثلثمائة كتاب(11).
ومن الكتب ذات القيمة التي أخرجتها دار الكتب: نهاية الأرب للنويري، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، والأغاني للأصفهاني، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردى، وديوان مهيار الديلمي. وتعددت بجانب دار الكتب الهيئات التي تعنى بالنشر حتى بلغ عددها سنة 1948 أربعًا وعشرين هيئة ودار نشر.
وقد انتشرت الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية تبعًا لازدياد عدد القراء، ورقى الأمة حتى بلغ عدد الصحف اليومية بمصر في سنة 1950 اثنين وعشرين صحيفة؛ منها اثنتا عشرة في القاهرة وحدها، وبلغ عدد المجلات الأسبوعية 203 مجلة، خص القاهرة منها 150، وعدد المجلات نصف الشهرية 18، والشهرية 82، والرسمية 15، والمدرسية 53، والصحف المتنوعة بجانب هذا كله 15 صحيفة(12)، وقد نقصت بعض هذه الأعداد أو زادت في سنة "1954"(13).
إن هذه الصحف والمجلات جميعًا تلح على القارئ في أن يقرأ، وتحاول أن تجذبه إلى القراءة بشتى الوسائل والمغريات، وبعضها يعنى بالأدب الرفيع ويحتفي به، وبعضها يتملق الجمهور، ويشبع نزعاته الرخيصة، ومن المجلات التي كان لها أثر في الأدب وإفادته فائدة جليلة سواء بالنقد، أو بنشر الشعر.
(2/185)
والجيد من النثر في شتى الموضوعات: الهلال، والمقتطف، ثم السياسة الأسبوعية، والبلاغ الأسبوعي، والجديد للمرصفي، والرسالة للزيات، والثقافة لأحمد أمين، ثم الكتب التي كانت تصدرها دار المعارف، ومجلة كلية الآداب، وصحيفة جماعة دار العلوم، وكانت كل هذه المجلات الجادة تبذل مجهودًا جبارًا في اجتذاب القارئ العربي؛ لأن الأدب الرخيص يطغى على الجمهور، ويجتذبه بيسر، وهذا يسيئ إلى الحركة الأدبية كل الإساءة، وتلك ظاهرة يؤسف لها أشد الأسف، ولقد يئست كلها أخيرًا من هؤلاء القراء وأضناها التعب في جهادها المرير فاحتجبت جميعًا إلا مجلة الهلال؛ لأن الجهد الذي يبذل فيها لا يكافئ الربح الذي يعود منها بل كانت تمنى في كثير من الأحيان بخسائر أحنت ظهرها وأعجزتها عن النهوض بمهمتها السامية، وهذه ظاهرة يؤسف لها أشد الأسف وإن كان مما يعزينا بعض الشيء انتشار الكتب الأوربية التي تصدر في صورة "دوريات" عن دار المعارف والهلال وغيرها، وقد رأت الحكومة خلو الميدان من مجلة تعنى بالأدب الرفيع فعملت وزارة الثقافة والإرشاد على إصدار "المجلة" والرسالة والثقافة والمسرح وغيرها لتسد بها هذا الفراغ المريع. وإن حاولت بعض دور النشر سد هذا الفراغ. بإصدار كتيبات صغيرة كل مجموعة في سلسلة مثل. نوابغ الفكر العربي، ونوابع الفكري الغربي وتصدرهما دار المعارف، ومثل المجموعات التي أصدرتها الجمعية الثقافية المصرية بإشراف مؤلف هذا الكتاب في الأدب والاقتصاد والدين والنقد وغيرها.
وقد دأبت وزارة الثقافة والإرشاد منذ مدة على إصدار كتب دورية بأثمان رخيصة، منها مجموعة: اخترنا لك، واخترنا للطالب، وكتب قومية، وكتب سياسية، وعيون المسرحيات العالمية وغيرها، حتى تيسر على الجمهور القراء شراءها والانتفاع بها.
كما عملت على تشجيع معرض الكتاب العربي في مناسبات مختلفة، ويقوم المجلس الأعلى للفنون والآداب بإعطاء جوائز تشجيعية وتقديرية للمؤلفين، وتعقد الدولة عيدًا للعلم كل عام توزع فيه الجوائز ويحضره الرئيس جمال عبد الناصر وكبار رجال الحكومة، وقد بلغت قيمة هذه الجوائز في عام 1964 ثلاثة ملايين جنيه.
(2/186)
وبجانب هذا نرى إقبالًا على المحاضرات الأدبية، وانتشار قاعات المحاضرات والاهتمام بالأحاديث في المذياع، حتى بلغ عدد المحاضرات الأدبية والثقافية المتنوعة في عام 1951 ما يزيد عن ألف محاضرة.
وقد انتشرت المطابع العربية في أنحاء القطر المصري حتى زاد عددها عن الألف(14)، وأخذت تزود الجمهور بشتى المؤلفات، والكتب المترجمة، والكتب القديمة التي نحا فيها العلماء نحو المستشرقين في الإخراج والتحقيق، وقد بلغ عدد الكتب الأدبية المؤلفة في سنة 1947 مائة وثلاثين كتابًا، وفي سنة 1948 ما يقرب من مائة وعشرين كتابًا، وفي سنة 1950 ما يزيد عن مائة كتاب عدا كتب التاريخ والاقتصاد والفلسفة والاجتماع، والسياسة، والعلوم، والدين، والتصوف، واللغة، والمعارف العامة(15).
ومن أشهر الكتب الأدبية التي ظهرت في السنوات الأخيرة؛ أبحاث ومقالات لأحمد الشايب، وأبو الفوارس لمحمد فريد أبو حديد، وأدب مصر الإسلامية للدكتور محمد كامل حسين، وعلى الأثير للعقاد، وقصصنا الشعبي للدكتور فؤاد حسنين، والجاحظ لشفيق جبري، ورحلة الربيع للدكتور طه حسين، وصوت العالم لميخائيل نعيمة، والنقد المنهجي عند العرب للدكتور محمد مندور والفتوة عند العرب والمسرحية لعمر الدسوقي؛ كما ظهر فيض من القصص ودواوين الشعراء والكتب المحققة.
وقد عظمت العناية بالترجمة، وترجم الجيد والرديء من كل لغة، فترجمت أميرة بابل لفولتير، وأقاصيص لكبار كتاب الإنجليز، والإنسان الكامل، وجنيفا، وحيرة طبيب لبرناردشو، وترجم الدكتور طه حسين زاديج لفولتير، وترجم طعام الآلهة لويلز، والعالم الطريف لألدس هكسلي، وفي خلال العصور والآلهة عطاش لأناتول فرانس، وهنري وريتشارد الثاني والعاصفة لشكسبير عدا ما ترجمه مطران سابقًا، ومدرسة الزوجات لأندريه جيد، وسالومي لأسكار وايلد،
(2/187)
وأناشيد الرعاة لفرجيل، والحياة والحب وكليوباترا لإميل لوفيج ترجمة عادل زعيتر، والمتحذلقات لموليير، والندم لجان بول سارتر وقصة الحضارة لبول ديورانت ومئات غيرها(16). وقد أخذت دار الهلال منذ سنة 1952 تترجم أمهات القصص العالمية في أسلوب شائق وطبعات سهلة التناول، كما ترجم فيض من الكتب في مختلف العلوم، ولقد وفدت على الشرق في سنة 1953 مؤسسة "فرانكلين" الأمريكية للنشر أسهمت في ترجمة أمهات الكتب الأمريكية في مختلف فروع المعرفة، وقد اتخذت مصر مقرًّا لها، وظهر من منشوراتها عدد من الكتب غير قليل، كما أن وزارة التربية والتعليم بمصر عنيت بترجمة المراجع ذات القيمة في العلوم المختلفة من شتى اللغات ويسرت نشرها وتداولها، وكذلك فعلت الجامعة العربية ودور النشر الخاصة وظهرت مجموعة الألف كتاب في شتى فنون المعرفة، كما ظهرت مجموعة الجمعية الثقافية المصرية، ونوابغ الفكر العربي والغربي وغيرها.
ولقد نجم عن كل هذا: انتشار التعليم بأنواعه، وكثرة الصحف والمجلات، وحركة إحياء الكتب القديمة، والتأليف والترجمة من كل لغة تياران أدبيان في مصر يختلفان بعض الاختلاف في الهدف والآثار: "ظهرت هذه الآثار في الأزهر حين عرضت الكتب القديمة في اللغة والدين والتفسير و الحديث والكلام والفلسفة بنوع خاص، فاضطرب إيمان الأزهر بالكتب القائمة والعلم المألوف، وأخذوا في ثورة على تلك النظم وهذا العلم لم تزل قائمة، ولم تظهر ثمرتها في الأزهر بعد. وظهرت بعيدًا عن الأزهر أذواق الكتاب والشعراء، وطائفة من القراء حين قرؤوا طائفة من الشعر القديم: جاهلية وأموية، وعباسية، وحين قرؤوا طائفة من كتب الأدب التي ظهرت أيام العباسيين، فرأوا من هذا كله حياة للحس، والعاطفة والعقل، وأحسوا بعدما ما بين هذا النحو من الأدب الحي، وبين ما ألفوه من هذا الأدب الميت، كما أحسوا أن هذا الأدب القديم الحي، أقرب إلى نفوسهم،
(2/188)
وأقدر على تمثيل عواطفهم، وتصوير شعورهم من هذا الأدب الجديد الميت"(17)، وبجانب هؤلاء الذين تذوقوا الأدب العربي القديم الحي، ووجدوا في لغته معينًا فياضًا يمدهم بما يعبرون به عن خلجات نفوسهم، وجدت طائفة تتنكر لهذه اللغة وحاولوا أن يتركوها، ويلجئوا إلى اللعة العامية؛ لأنها في نظرهم أقوى على التعبير عن مقتضيات العصر الحاضر وأقرب إلى فهم الجمهور، وأدعى إلى نشر العلوم العصرية(18) ، كما أن تيارًا قويًّا نحو الآداب الغربية وتقليدها قد سرى بين أدباء مصر والبلاد العربية.
وقد فطن إلى أن اللغة العربية في حاجة إلى نهضة وتجديد وإحياء وتعريب كثير من العلماء، حين انتشرت الحضارة ووجدوا أنفسهم إزاء آلاف من الكلمات والتعبيرات الأجنبية لا يستطيعون نقلها إلى اللغة العربية، فيقول الشيخ إبراهيم اليازجي: يا ليت شعري ما يصنع أحدنا لو دخل أحد المعارض الطبيعية أو الصناعية، ورأى ثمة من المسميات العضوية من أنواع الحيوان، وضروب النبات: وصنوف المعادن، وعاين ما هناك من الآلات، والأدوات وسائر أجناس المصنوعات، وما تتألف من القطع والأجزاء بما لها من الهيئات المختلفة والمنافع المتباينة، وأراد العبارة عن شيء من هذه المذكورات.
ثم ما هو فاعل لو أراد الكلام فيما يحدث كل يوم من المخترعات العلمية والصناعية، والمكتشفات الطبية والكيماوية، والفنون العقلية واليدوية، وما لكل ذلك من الأوضاع والحدود والمصطلحات التي لا تغادر جليلًا ولا دقيقًا إلا تدل له بين ألواح معجمات اللغة ألفاظًا يعبر بها عنه، ولا يغنيه في هذا الموقف كثرة أسماء الأسد والسيف، والعسل، والعبير"(19).
ويقول فتحي زغلول "باشا" حاثًا على التجديد في تلك اللغة التي ورثناها عن آبائنا، والتي مثلت حضارتهم أيما تمثيل، ولكنها اليوم عاجزة عن أداء كثير من حضارة الغرب: "نحن إما عرب، أو مستعربون، أو أجانب عن لغة العرب، أو مولدون، فإن كنا الأولين فلنا حقنا في التصرف بلغتنا كما تقضيه
(2/189)
مصلحتنا، وإن كنا مستعربين فبحكم قيامنا مقام أصحاب هذه اللغة، وبكوننا ورثناها عنهم بعد أن بادوا، فليس من له أن ينازعنا في استعمال ما كان مباحًا لآبائنا من قبلنا، وإن كنا أجانب أو مولدين، فمن له أن يسيطر علينا ويحرمنا ثمرة الكد في حفظ هذه اللغة وتفضيلها على غيرها من سائر اللغات، فيلزمنا بالبقاء على القديم، ويحكم علينا بالجمود، واعتقال اللسان؟
أخذ العرب العلوم عن أهلها، ونقلوها إلى لغتهم، فلما وجدوا منها استعصاء في بعض المواضع ذللوها، وأخضعوا الغريب عنها لأحكامها، فأيسرت، ودرجت بعد الجمود، فكانت لهم نعم النصير على إدراك ما طلبوا من نور وعرفان.
نسينا نحن أن زماننًا غير زمانهم، فكانوا أصحاب حول وطول، وذوي مجد وسلطان، ونحن على ما نعلم من الضعف والإنزواء، على أنهم في عزهم، وبعد فخارهم، وتمكنهم من أنفسهم لم يعتزوا بلغتهم، فلم ينفروا من العجمة؛ لأنها عجمة بل استخدموها حيث وجب الأخذ بها تمكينًا للغتهم، وحذرًا من أن يصيبها الوهن، إذا قعدوا بها عن مجاراة تيار التقدم، وهو أولو الرأي فيه، وخوفًا من أن يعيقهم الجمود فيها عن حفظ مركزهم العظيم؛ بين الأمم التي كانت تعاصرهم.
ليس لنا أن نتمسك بالقديم لقدمه، وأن أصبح عديم الجدوى، وإلا فأولى بنا أن نكف عن الدرس والمطالعة، وأن نكتفي من كل شيء بما ورثنا عن الآباء لنعيش كما عاش الأولون.
عليكم بالتقدم، فأدخلوا أبوابه المفتحة أمامكم، ولا تتأخروا فلستم وحدكم في هذا الوجود ولا تقدم لكم إلا بلغتكم، فاعتنوا بها وأصلحوها وهيئوها لتكون آلة صالحة فيما تبتغون، ولكن لا تكثروا من الاشتقاق الخارج عن حد القياس والمعقول، ولا تشوهوا صورتها الجميلة بتعدد الاشتراك، أو التجوز، ثم لا تقفوا بها موقف الجمود والعجمة تهددها على ألسنة العامة، وهي لا تلبث أن تدخل
(2/190)
على ألسنة الخاصة، أقيموا فيوجه هذا السبيل الجارف سدًّا من الاشتقاق المعقول والترجمة الصحيحة، والتعريب عند الضرورة لتكونوا من الناجحين"(20).
ويقول الشيخ محمد الخضري "بك": "وأما عدم الحاجة إلى مزيد؟ فهذا لا تدعيه لغة من لغات الأمم الحية؛ لأن الأمم كلما كثرت حاجاتها وتجددت، اضطرت إلى المزيد من الألفاظ في اللغة، وهذا هو سر الحركة الدائمة في لغة الإفرنج بحيث ترون مجامعهم في شغل دائم، لا يأنفون أن يجدوا يومًا ما في لغتهم كلمة زائدة دلت على معنى جديد، وأكثر أحوالهم الاستعارة من غير لغتهم. وإذا كنا نرى عقولنا قد وقفت عن الاختراع، فإنا نرى أنفسنا في حاجة إلى استعمال مخترعات المخترعين والتعبير عنها"(21).
وقد حاول بعض العلماء قبل الحرب العالمية الأولى تكوين مجمع لغوي يضع كلمات جديدة، أو يعرب أو يشتق من الكلمات القديمة لتساير اللغة موكب الحضارة الجارف، وقد تكون هذا المجمع فعلًا قبل الحرب العالمية الأولى برئاسة أحمد لطفي السيد ووضع بضعًا وعشرين كلمة اشتهر بعضها ومات كثير منها(22) ثم انفض واجتهد كثير من المعبرين في وضع كلمات جديدة، ولكن المسألة صارت فوضى، فقد توضع أكثر من كلمة لمدلول أجنبي واحد، وأخيرًا أنشئ مجمع "فؤاد الأول" للغة العربية، في 13 ديسمبر 1932 وقد سمي في سنة 1954 مجمع اللغة العربية، وأهم أغراضه المحافظة على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون في تقدمها، وملائمة على العموم لحاجات الحياة في العصر الحاضر وأن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية، وأن ينظم دراسة علمية للهجات العربية الحديثة وأن يبحث كل ما له شأن في تقدم اللغة"(23).
ولقد كان للاهتمام باللغة أثر عظيم في تزويدها بكثير من الكلمات الاصطلاحية والفنية والأدبية التي تعوزها، وسهل النقل نوعًا ما من اللغات
(2/191)
الأجنبية، ولا سيما في الأدب وهذا هو البستاني(24) ينقل لنا إلياذة هوميروس شعرًا في مستهل هذا القرن، ويجدر بي أن أعرف بهذه الترجمة وبالمجهود الفذ الذي بذل فيها، فقد ابتدأ البستاني بنظم الإلياذة في أواخر سنة 1887، وهو بالقاهرة نقلًا عن الترجمات الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، ثم بدا له أن ينقلها رأسًا عن الأصل اليوناني، فدرس اليونانية على راهب يسوعي حتى أحكمها فراجع ما كان ترجمه، ونفح ما فيه من الخلل، وكانت الإلياذة ترافقه في أسفاره الكثيرة حتى انتهى من نظمها في 1895، ووضع لها شرحًا، فكان عمله شاقًا راجع من أجله كثيرًا من الكتب العربية والأعجمية في الشعر العربي والأدب والتاريخ، ويتضمن الشرح نحو ألف بيت لمائتي شاعر عربي بين جاهلي ومخضرم، وإسلامي ومولد، قالوا في مثل معاني الإلياذة أو حوادثها، ويشتمل على طائفة كبيرة من أساطير العرب، وعاداتهم، وأخلاقهم، وأدابهم في بداواتهم، وحاضراته، وكان انتهاؤه منه في سنة 1902، وطبعت الإلياذة وشرحها في القاهرة في ربيع سنة 1903، ونشرت بمقدماتها وفهارسها 1904 وهي تشتمل على نحو أحد عشر ألف بيت، ذلل فيها الشعر العربي وأوزانه للملاحم الطويلة، ومن المعلوم أن القيام بنظم مثل هذه الملحمة الطويلة لا يتأتى إلا إذا تحرر الشاعر من عبودية الوزن الواحد، والقافية الواحدة، وهكذا صنع البستاني، فإنه جعل الأناشيد على طرق شتى فمنها ما قطعه قصائد مختلفة، ومنها ما نظمه قصيدة واحدة من غير أن يراعي القافية الواحدة وتوسع في اتخاذ الموشحات والأراجيز، والمخمسات، وفي استنباط ضروب جديدة كالمثنى والمربع والمثمن وما أشبه، وحاول على قدر المستطاع أن يراعي لكل نوع مقامًا، ولكل موضوع بحرًا(25).
وقد أعطى البستاني بإخراجه الإلياذة شعرًا نموذجًا قوى الأسلوب مشرق الديباجة للشعراء الذين يحاولون نظم الملاحم، أو نظم المسرحيات، وكيف يتصرفون، ويتحللون من نظام القصيدة؛ ونحن لا يعنينا الآن الخوض في قيمة الإلياذة، وأثر نقلها في اللغة العربية بقدر ما يعنينا تلك الطريقة التي ترجمت بها،
(2/192)
والمقدمة التي كتبت لها فقد كانت درسًا جديدًا في مستهل هذا القرن لدراسة الأدب، والنقد الأدبي، على غير ما ألف نقاد ذلك الوقت من الاهتمام بالألفاظ والمعاني وائتلافهما وأوجه البيان، والأخطاء اللغوية، وما شاكل ذلك، بدون درس وتحليل، ومعرفة العلل والأسباب والنتائج، والموازنة بين الآداب بعضها وبعض، ولذلك كانت هذه المقدمة ذات أثر جليل في النقد الأدبي، وما زالت حتى اليوم تحتل هذه المكانة لدى من يقدرونها قدرها.
ولا ريب أن انتشار التعليم وكثرة المطابع، والمؤلفات، والكتب المترجمة من شتى اللغات في الآداب والعلوم، قد أفاد الأدب فائدة عظيمة؛ لأن ثقافة الأديب قد اتسعت آفاقها، وثقافة القارئ لم تعد تقنع بالشعر التافه، والخالي من المعاني، أو بالشعر التقليدي الذي لا يمثل حياة الأمة، ولا يعبر عن مشاعرها، ولا يغذي عواطفها، ولقد اشتد بعد الحرب العالمية الأولى الإقبال على تقليد الآداب الأوربية في موضوعها، وطريقتها، وقالبها فانتشرت القصة بأنواعها، وكثرت الترجمة لها ثم محاكاتها، ونقلت مسرحيات عديدة مثلت في دور التمثيل المصرية، وأخذ الأدباء، ومحترفو التمثيل يضعون على نمطها مسرحيات تعالج مشكلات المجتمع المصري(26). وليس من همي في هذا المقام أن أفيض في الكلام على القصة، أو المسرحية، أو المقالات النثرية، أو الكتب الأدبية التي تأثرت بطريقة البحث الغربية، من حيث التمحيص والتحليل، والتعرف على الأسباب والعلل والوصول إلى أحكام واستنباطات صحيحة أو قريبة من الصواب على الأقل، فإن غايتي الآن أن أدرس العوامل المؤثرة في الشعر.
لقد اطلع الشعراء على الكتب المترجمة؛ وعرفوا ألوانًا من الأدب الغربي، وكثير منهم كان على صلة بهذا الأدب من غير وساطة، فحاولوا التجديد في أسلوبهم، وموضوعاتهم وحاولوا الخروج على تقاليد الشعر العربي القديم، أو
(2/193)
التجديد في أغراضهم ومعانيهم، وقد خطا شوقي أمامهم خطوة واسعة بوضعه عدة مسرحيات تاريخية شعرية، وهم اليوم ينسجون على منواله؛ وظهرت مذاهب أدبية جديدة في الشعر ثائرة على الشعر القديم، حمل لواءها مطران، وشكري، والمازني، والعقاد، وشيبوب، وجاراهم شباب الأدباء.
وأهم ظاهرة تستحق التسجيل هي العناية باللغة العربية، والأسلوب، وبلغ هذا الأسلوب غايته عند شوقي في الشعراء، وإن شعراء المدرسة الحديثة يؤثرون الاهتمام بالموضوع والمعاني على الاهتمام باللفظ والأسلوب؛ ولكن يظهر أن طبيعة الشعر العربي تتطلب جودة الأسلوب وحسن النغم، وجمال الموسيقى، ولذلك لم تستسغ الآذان، أو لم تتعود بعد شعورهم هذا، فلم يلاقوا من الشهرة، والإقبال ما قدروا لأنفسهم.
وقد كان من أثر هذه الثقافة العامة الواسعة للشعب أن ارتقت الأغاني، ونظم كثير منها باللغة العربية الفصيحة، وتركت "الأدوار" و "المواويل" التي كانت تنظم بالعامية، ومن يتصفح ديوان إسماعيل صبري يجد بآخره مجموعة من الأغاني التي نظمها الشاعر باللغة العامية، مجاراة لزمنه، وجمهوره، ولكنا منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى حتى اليوم قد ألفنا سماع كثير من الأغاني الجيدة بالشعر الجيد العربي الفصيح، والفضل في ذلك لشوقي، واختياره أبرع الموسيقيين لتلحين تلك القطع الرائعة من الشعر الغنائي التي جاءت في رواياته المسرحية مثل: "أنا أنطونيو" ومن غير مسرحياته مثل: "يا شراعًا وراء دجلة"، "ولي مثل ما بك يا قمرية الوادي" وحظى شعر شوقي بعد وفاته بإقبال المغنين عليه، ويختارون منه القطع الرائعة، كنهج البردة، والهمزية، والسودان وحذا الشعراء حذو شوقي، وأقبلوا على وضع القطع الغنائية باللغة الفصحى، واستساغ الشعب هذه الأغنيات، وحفظها ورددها، وذلك ولا شك رقى بذوقه اللغوي، ونهوض به. ونرى المغنين حين تعوزهم القطع الغنائية الجديدة، ينقبون في الشعر العربي القديم على القصائد التي تصلح للتلحين الحديث، وهكذا نهض الغناء نهضة تبشر بأن ذوق الأمة سائر نحو التهذيب الصحيح، وأن اللغة العربية في طريق السيادة التامة، حتى على ألسنة الجمهور.
(2/194)
وكثرت كذلك العناية بكتب الأطفال، وتزويدهم بالشعر السهل الذي تتلاءم معانيه وأخيلتهم ومداركهم، وقد اهتم شوقي بهذا النهج، ونظم عشرات القطع السهلة خرافية وغير خرافية، ترمي إلى التهذيب والترويح عن الأطفال، وسار كثير من الشعراء على نهجه، وأخذوا في نظم الشعر المدرسي للأطفال، حتى صار عندنا فيض منه، وهذه لعمري ظاهرة تستحق التقدير؛ لأنها تعود التلميذ من الصغر على قراءة الشعر ومحبته، وتطبع لسانه على اللغة الفصحى؛ لأن الشعر أهل حفظًا، وأيسر تذكرًا من سواه، كما وضعت المسرحيات المدرسية الشعرية التي يقبل الطلبة على تمثيلها بسرور وإتقان، ومن الذين اشتهروا بنظم الشعر السهل الملائم للأطفال في صورة مقطوعات محمد يوسف المحجوب وفايد العمروسي وعبد العزيز عتيق وعلي عبد العظيم كما أن علي عبد العظيم ومحمد يوسف المحجوب اشتهرا بالمسرحيات الشعرية المدرسية.
وعنيت وزارة الشئون الاجتماعية بالمسرحيات الشعرية، وغير الشعرية وخصصت في كل عام جائزة لأحسن مسرحية، فجد الشعراء في وضع المسرحيات الجيدة(27) كما عنى مجمع اللغة العربية بتخصيص جائزة مالية كل عام للشعر، وهذا كله يحفز الشعراء على التجديد والعمل.
هذه لمحات سريعة، وإشارات عابرة لما كان للنهضة القومية من أثر في ميدان الثقافة، ما كان لها من أثر على الشعر، وكم كنت أود أن أسوق أمثلة ونماذج أؤيد بها ما ذكرت ولكني سأكتفي بهذا القدر، مرجئًا تلك النماذج إلى حين دراسة الشعراء، والتحدث عن ثقافة كل شاعر، ومقدار ما أفاده من تلك النهضة الشاملة، حتى لا أضطر إلى التكرار.
(2/195)
__________
(1) راجع ص52 من هذا الكتاب وما بعدها.
(2) كان عدد المجتمعين نحو اثنين وعشرين رجلًا نذكر منهم: سعد زغلول، وقاسم أمين، ومحمد راسم، وحفني ناصف، وأخنوخ فانوس، وحنفي ناجي، وفتح الله بركات، وأحمد رمزي، وراجع أحمد رمزي بك في مقال عن الجامعة وتأسيسها الأهرام 1/ 6/ 1951.
(3) بها اليوم مائة وسبعون ألف مجلد، منها عشرون ألفًا باللغات الأوربية، وأربعون ألفًا باللغة العربية، وعشرة آلاف باللغات الشرقية المختلفة "تقويم الجامعة ص80".
(4) تقويم الجامعة 1- 4.
(5) تقويم الجامعة سنة 1950 ص194، وحديث كامل مرسي "باشا" مدير الجامعة، الأهرام في 24 من فبراير سنة 1951 وتقويم الجامعة سنة 1958.
(6) راجع الإحصاء العام سنة 1945، وميزانية الدولة سنة 1951 الأهرام 2/ 4/ 1951.
(7)راجع الخطط التوفيقية ج13 ص 55- 56 والأدب الحديث ج1 ص74.
(8) الأدب الحديث ج1 ص74 ط سادسة.
(9) وكان من أعضائها حسين عاصم، وعبد الخالق ثروت، ومحمد النجار.
(10) راجع المنار ج8 ص491، وتاريخ الإمام ج3 ص247، والإسلام والتجديد ص18.
(11) السجل الثقافي 1948 ص209.
(12) السجل الثقافي سنة 1950 ص181- 199.
(13) راجع السجل الثقافي سنة 1954 ص224 وما بعدها.
)14) الإحصاء العام سنة 1945 المطبوع سنة 1948.
(15) السجل الثقافي لسنة 1948 ولسنة 1950- 1952.
(16) راجع المصدرين السابقين.
(17) حافظ وشوقي للدكتور طه حسين ص3، 4.
(18)الأب لويس شيخو في الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين ص93.
(19) مختارات المنفلوطي ص80، 81.
(20) مختارات المنفلوطي من ص111- 120.
(21) المصدر السابق ص184.
(22) المصدر السابق ص87.
(23) راجع صحيفة المجمع اللغوي العدد الأول الفقرة الأولى، والسجل الثقافي سنة 1947 - 1948 ص 238.
(24) هو سليمان بن خاطر بن سلوم بن نادر البستاني ولد سنة 1856، وتوفي سنة 1925.
(25) راجع مقدمة الإلياذة للبستاني، وأدباء العرب لبطرس البستاني ص340- 342 ومجلة المشرق للأب لويس شيخو 1904 ص865 وما بعدها.
والشيخ عفا الله، وأبو علي سنة 1934، والوثبة الأولى، ومثل قصص عبد القادر
(26) مثل محمود تيمور في رواياته الشيخ جمعة، والحاج شلبي سنة 1930،
المازني في صندوق الدنيا ومثل مسرحية ليلة كليوباترا للدكتور حسين فوزي والضحايا لأنطون يزيك، والوحوش لمحمود كامل، والأنانية لإبراهيم المصري، ومن أهم المسرحيات التي كان لها أثر في المسرح المصري، "مصر الجديدة: ومملكة أورشليم، وصلاح الدين" لفرج أنطون المتوفى سنة 1922 وقد وفينا هذا الموضوع حقه في كتابنا "المسرحية -نشأتها وتاريخها وأصولها".
(27) من ذلك مسرحية ولادة للشاعر علي عبد العظيم، وغرام يزيد، والمروءة المقنعة للشاعر محمود غنيم.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|