المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الشيخ حسن قويدر  
  
3623   04:07 مساءً   التاريخ: 30-9-2019
المؤلف : عمر الدسوقي
الكتاب أو المصدر : في الأدب الحديث
الجزء والصفحة : ص47-49ج1
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


هو تلميذ العطار، ولد 1204هـ-1789م, وهو مغربيّ الأصل كأستاذه، ونزح أهله إلى بلدة الخليل بالشام، وجاء والده إلى القاهرة وأقام بها، فولد فيها المترجم، ونال شهرة عظيمة في العلوم، وكان مع ذلك يشتغل بالتجارة، وصارت

(1/47)

له مع أهل الشام صلات تجارية، ومن تأليفه شرحه المطول على منظومة الشيخ العطار في النحو، وكان قد قرظها من قبل بقوله:
منظومة الفاضل العطار قد عبقت ... منها القلوب بريا نكهة عطره
لو لم تكن روضة في النحو يانعة ... لما جنى الفكر منها هذه الثمرة
وله كتاب إنشاء ومراسلات، وكتاب نيل الأرب في مثلثات العرب، وهو مزدوجات ضمنها الألفاظ المثلثة الحركات، المختلفات المعاني، كمثلثات قطرب، وقد طبع بمصر، ونقله إلى الإيطالية المستشرق "إريك فيتو" قنصل إيطاليا ببيروت, وهو أرجوزة طويلة مطلعها.
يقول من أساء واسمه حسن ... لكن له ظن بمولا حسن
فكم لملواه عليه من منن ... بالعد لا تدخل تحت الحصر
ويقول في المنظومة:
جمعت فيها الكلمات اللاتي ... تكون في الشكل مثلثات
أبدًا بالمفتوح ثم آتي ... بالضم لكن بعد ذكر الكسر
وهاك مثلًا من مثلثاته:
أجمة الحَلْفاء هي الأباء ... والامتناع من كذا إباء
والغيث كان يا أخي أباء ... وهو كراهة الطعام فادر
وهي ألفان ومائتان وعشرة أبيات، ومن مطبوعات جمعية المعارف.
وكان مشهورًات بالتأريخ الشعري, وقد أرَّخ وفاته وهو مريض سنة 1263هـ بقوله: "رحمة الله على حسن قويدر" ومما يُرْوَى من شعره قول:
يا طالب النصح خذ مني محبرة ... تلقى إليها على الرغم المقاليد
عروسة من بنات الفكر قد كسيت ... ملاحة، ولها في الخد توريد

(1/48)

كأنها وهي بالأمثال ناطقة ... طير له في صميم القلب تغريد
واحذر من الناس لا تركن إلى أحد ... فالخِلُّ في مثل هذا العصر مفقود
بواطن الناس في ذا الدهر قد فسدت ... فالشر طَبْعٌ لهم والخير تقليد
وله قصيدة تسمى: المزدوجة جاء منها، وهي طويلة:
رأيت بدرًا فوق غصن مائس ... يخطر في خضر من الملابس
ويسحر العقل بطرفٍ ناعسٍ ... وهو بشوش الوجه غير عابسٍ
كأن ماء الحسن منه يجري
خاطرت لما أن رأيته خطر ... وحار فكري في بها ذاك الحور
وقلت لا والله ما هذا بشر ... ومن بشمس قاسهه أو القمر
فليس عندي بالقياس يدري
وهو شعركما ترى، قريب المعاني جدًّا، ليس فيه من الخيال شيء، وهو إن خلا من المحسنات البديعية إلّا أنه غير متين النسج، بل هو قريب من الكلام المعتاد، وكل تشبيهاته قديمة.
وقد رثاه محمد صفوت الساعاتي بقصيدة مطلعها:
بكت عيون العلا وانحطت الرتَبُ ... ومزقت شملها من حزنها الكتب

(1/49)

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.