أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-03-2015
7362
التاريخ: 2-03-2015
2633
التاريخ: 29-03-2015
7578
التاريخ: 12-08-2015
4101
|
ذهب الكوفيون الى أن العامل في المفعول النصب الفعل والفاعل جميعاً ، نحو (ضرب زيدٌ عمراً ) . وذهب بعضهم الى أن العامل هو الفاعل ، ونص هشام بن معاوية صاحب الكسائي على أنك إذا قلت (ظننت زيداً قائماً) تنصب زيداً بالتاء وقائماً بالظن . وذهب خلف الأحمر من الكوفيين الى ان العامل في المفعول معنى المفعولية ، والعامل في الفاعل معنى الفاعلية .(1)
وذهب البصريون الى ان الفعل وحده عمل في الفاعل والمفعول جميعاً .
ص120
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إن العامل في المفعول النصب الفعل والفاعل؛ وذلك لأنه لا يكون مفعولٌ إلا بعد فعل وفاعل لفظا أو تقديراً ، إلا أن الفعل والفاعل بمنزلة الشيء الواحد ، والدليل على ذلك من سبعة أوجه:(2)
الأول : أن إعراب الفعل في الخمسة الأمثلة(3) يقع بعده نحو (يفعلان ، وتفعلان ، ويفعلون ، وتفعلين يا امرأة). ولولا أن الفاعل بمنزلة حرف من نفس الفعل وإلا لما جاز أن يقع إعرابه بعده (4) .
والوجه الثاني : أنه يسكن لام الفعل إذا اتصل به ضمير الفاعل نحو (ضربتَ ، وذهبت) لئلا يجتمع في كلامهم أربع حركات متواليات في كلمة واحدة ، ولولا أن ضمير الفاعل بمنزلة حرف من نفس الفعل وإلا لما سكنت لام الفعل لأجله .
والوجه الثالث : أنه يلحق الفعل علامةُ التأنيث إذا كان الفاعل مؤنثا فلولا أنه يتنزل بعضه وإلا لما ألحق علامة التأنيث ، لان الفعل لا يؤنث ، وإنما يؤنث الاسم .
ص121
والوجه الرابع ، أنهم قالوا (حبذا) فركبوا (حبَّ) وهو فعلٌ مع (ذا) وهو اسم فصارا بمنزلة شيء واحد ، وحُكم على موضعه بالرفع على الابتداء(5) .
الوجه الخامس : أنهم قالوا في النسب الى كُنتُ : كُنتي،(6) فأثبتوا التاء ، ولو لم يتنزل ضمير الفاعل منزلة حرف من نفس الفعل وإلا لما جاز إثباتها .
والوجه السادس : أنهم قالوا (زيدٌ ظننت منطلقٌ) فألغوا (ظننت)(7) ولولا أن الجملة من الفعل والفاعل بمنزلة المفرد وإلا لما جاز إلغاؤها ؛ لأن العمل إنما يكون للمفردات لا للجمل .
والوجه السابع : أنهم قالوا للواحد(8) (قِفاَ) على التثنية ؛ لأن المعنى قِف قِفْ ، قال الله تعالى : (ألقيا في جهنم)(9) مثنى وإن كان الخطاب لملكٍ واحد وهو مالك خازن النار؛ لأن المعنى : ألقِ ألقِ
ص122
والتثنية إنما تكون للأسماء لا للأفعال ؛ فدل على أن الفاعل مع الفعل بمنزلة الشيء الواحد .
وإذا كان الفعل والفاعل بمنزلة الشيء الواحد ، وكان المفعول لا يقع إلا بعدهما دل على أنه منصوب بهما ، وصار هذا كما قلتم في الابتداء والمبتدأ إنهما يعملان في الخبر ؛ لأنه لا يقع إلا بعدهما والذي يدل على أنه لا يجوز أن يكون الناصب للمفعول هو الفعل وحده أنه لو كان هو الناصب للمفعول لكان يجب أن يليه ، ولا يجوز أن يفصل بينه وبينه ؛ فلما جاز الفصل بينهما دل على أنه ليس هو العامل فيه وحده ، وإنما العامل فيه الفعل والفاعل .
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إن الناصب للمفعول هو الفعل دون الفاعل وذلك لأنا أجمعنا على أن الفعل له تأثير في العمل ، وأما الفاعل فلا تأثير له في العمل؛ لأنه اسم ، والأصل في الأسماء أن لا تعمل وهو باق على أصله في الاسمية ؛ فوجب ألا يكون له تأثير في العمل ، وإضافة ما لا تأثير له في العمل الى ما له تأثير ينبغي أن يكون لا تأثير له .
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم " إن الناصب للمفعول الفعل والفاعل لأنه لا يكون إلا بعدهما ـ الى آخر ما قرروا " قلنا : هذا لا يدل على أنهما العاملان فيه ؛ لما بينا أن الفاعل اسم ، والأصل في الأسماء أن لا تعمل ، وبهذا يبطل قول من ذهب منهم الى أن الفاعل وحده هو العامل ، والكلام عليه كالكلام على من ذهب من البصريين الى أن الابتداء والمبتدأ يعملان في الخبر لهذا المعنى ، وقد بينا فساد ذلك مستقصى في مسألة المبتدأ والخبر ؛ فلا نعيده ها هنا .
وأما قولهم " لو كان الفعل هو العامل في المفعول لكان يجب أن يليه ولا يفصل بينه وبينه " قلنا : هذا يبطل ؛ (إن) ، فإنا أجمعنا على أنه
ص123
يجوز ان يقال " إن في الدار لزيداً ، وإن عندك لعمراً " قال الله سبحانه (إن في ذلك لآية) ، وقال تعالى : (إن لدينا أنكالاً) ، فنصب الاسم (بإن) وإن لم تله ، فكذلك ها هنا ؛ وإذا لم يلزم ذلك في الحرف هو أضعف من الفعل لأنه فرع عليه في العمل فلأن لا يلزم ذلك في الفعل وهو اقوى كان ذلك من طريق الاولى . على أنا نقول ؛ إن الفعل قد ولي المفعول ؛ لأن الفعل لما كان أقوى من حروف المعاني صار يعمل عملين ؛ فهذا بذاته رافع للفاعل وناصب للمفعول لزيادته على حروف المعاني ؛ فتقديره تقدير ما عمل وليس بينه وبين معموله فاصل ، وإذا لم يكن بينه وبين معموله فاصل بان أنه قدوليه المعمولُ ، فدل على أن العامل هو الفعل وحده .
وأما ما ذهب إليه الأحمر من إعمال معنى المفعولية والفاعلية فظاهر الفساد ؛ لأنه لو كان الأمر كما زعم لوجب أن لا يرتفع مالم يسم فاعلة(10) نحو (ضرب زيدٌ) لعدم معنى الفاعلية ، وأن ينصب الاسم في نحو (مات زيدٌ)(11) لوجود معنى المفعولية، فلما ارتفع ما لم يُسمَ فاعله مع وجود معنى المفعولية وارتفع الاسم في نحو (مات زيد) مع عدم معنى الفاعلية دل على فساد ما ذهب إليه (12) ، والله أعلم .
_________________
(1) من الأحكام التي تكاد تستقر عند الدارسين ان البصرة مدرسة عقلية قياسية ، وإن الكوفة مدرسة وصفية سماعية . والحق أن النصوص التي نقدمها هنا توضح أن هذه الأحكام فيها نصيب من التعميم والتعجل فالمدرستان كلتاهما تستندان الى اسس عقلية واحدة ، أوضح مظاهرها إيمانهما بفكرة العامل في النحو ، والخلاف بعد ذلك يكاد يتحدد حين تعرف اتجاه مدرسة واحدة ؛ فإذا كان العامل هنا لفظياً كان هناك معنوياً ، وإذا كان هنا واحدا كان هناك اثنين ، وهكذا .
ولعلك تلحظ هنا اختلاف الكوفيين في مسألة العامل في المفعول به بما يذكر باختلاف البصريين في العامل في الخبر ، بل لعلك تلحظ هذا التقسيم العجيب الذي يراه هشام بن معاوية في الجملة ذات المفعولين (ظننت زيدا قائماً) حين يجعل المفعول الأول منصوباً بالفاعل وحده ، والمفعول الثاني منصوباً بالفعل وحده .
ثم إنك تلحظ رأي خلف الأحمر في أن العامل في الفاعل والمفعول إنما هو معنى الفاعلية ومعنى المفعولية ، أي أنه عامل معنوي ، وهو رأي لا يختلف عن رأي البصريين في ان العامل في المبتدأ هو الابتداء .
(2) هذه محاولة من الكوفيين للاختلاف عن البصريين ؛ فالخبر كما تعلم عند بعض ـ البصريين مرفوع بالابتداء والمبتدأ جميعاً ، والمفعول عند الكوفيين منصوب بالفعل والفاعل جميعاً ، وحتى لا يقال إنهم وافقوا على ما يراه البصريون من جواز العمل بعاملين هما بمثابة العامل الواحد تراهم هنا يجهدون في التأكيد على أن العاملين في المفعول إنما هما بمثابة العامل الواحد .
(3) أي الأفعال الخمسة .
(4) الأفعال الخمسة كما تعلم هي كل فعل مضارع أسند الى ألف الاثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة ، وهي تعرب بثبوت النون رفعا وبحذفها جزما ونصبا ، اي أن علامة الإعراب تقع بعد الفاعل الذي هو أحد هذه الضمائر ، والإعراب كما تعلم يقع على الحرف الأخير من الكلمة ، فكأن الفاعل جزء من الفعل .
(5) أنت تعلم أن (حبذا) مكونة من كلمتين ؛ الفعل (حبّ) وهو فعل جامد مفتوح الحاء دائماً للدلالة على المدح ، والفاعل (ذا) وهو اسم إشارة لا يتغير مهما يكن المخصوص بالمدح ، ومع أنهما كلمتان فإنها تكتبان كأنهما كلمة واحدة حسب قواعد الحرف العربي. ومن خصائص المدح بهذا الأسلوب أن المخصوص بالمدح لا يجوز ان يتقدم على الفاعل ، فلا نقول : حبَّ زيدٌ ذا ، ولا على الفعل والفاعل معا ، فلا نقول زيدٌ حبذا؛ أي أن (حبذا) لها الصدارة دائما ، وعلى ذلك كان الحكم على موضعها بالابتداء .
(6) الكُنتي : هو الرجل الكبير في السن ن ينسب الى " كنتُ " ، إذ من المألوف أنه يكثر الحديث عن ماضيه : كنت في شبابي كذا وكذا ...
(7) أنت تعلم أن أفعال القلوب إذا توسطت جاز إعمالها وإلغاؤها والأرجح إعمالها فتقول : ريداً ظنت قائماً ، وزيدٌ ظنت قائمٌ.
(8) هذا على رأي من يرى أنه خطاب لصاحب واحد لا لصاحبين .
(9) ق 24 .
(10) هذا اصطلاح اطلقه القدماء على النائب عن الفعل .
(11) (زيد) هنا فاعل من حيث التركيب النحوي ، ولكنه ليس فاعلا على الحقيقة لأن اله سبحانه هو الذي أماته .
(12) يمكن أن يكون معنى (الفاعلية والمفعولية) معنى نحويا ، وبذلك تسقط حجة البصريين هنا .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|