المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Eulerian Integral of the First Kind
22-5-2019
الركن المادي في جريمة الإضرار العمد بالأموال والمصالح العامة والخاصة
9-4-2022
المجمل والمبين
29-8-2016
Avogadro’s Law: The amount of gas
31-1-2017
Germ-Grain Model
15-5-2022
اصناف الخرشوف (الارضي شوكي)
25-4-2021


انبعاث الروح النضاليّة  
  
2768   01:30 صباحاً   التاريخ: 7-5-2019
المؤلف : آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين .
الكتاب أو المصدر : ثورة الحسين (عليه السلام) ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة
الجزء والصفحة : ص209-211.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما بعد عاشوراء /

 كانت ثورة الحسين (عليه السّلام) السبب في انبعاث الرّوح النضالية في الإنسان المسلم من جديد بعد فترة طويلة من الهمود والتسليم ولقد كانت الآفات النفسية والاجتماعيّة تحول بين الإنسان المسلم وبين أن يُناضل عن ذاته وعن إنسانيته فجاءت ثورة الحسين (عليه السّلام) وحطّمت كلّ حاجز نفسي واجتماعي يقف في وجه الثورة .

كان الإطار الديني الذي أحاط به الاُمويّون حكمهم العفن الفاسد يحول بين الشعب وبين أن يثور فجاءت ثورة الحسين (عليه السّلام) وحطّمت هذا الإطار وكشفت الحكم الاُموي على حقيقته فإذا هو حكم جاهلي لا ديني لا إنساني تجب الثورة عليه وتحطيمه .

وكانت المُسلّمات الأخلاقية تحول بين الإنسان المسلم وبين أن يثور كانت قوانينه الأخلاقية تقول له : حافظ على ذاتك حافظ على عطائك حافظ على منزلتك الاجتماعيّة فجاءت ثورة الحسين (عليه السّلام) وقدّمت للإنسان المسلم أخلاقاً جديدة تقول له : لا تستسلم لا تُساوم على إنسانيتك ناضل قوى الشرّ ما وسعك ضحِ بكلّ شيء في سبيل مبدئك .

كان الرضا عن النفس يحول بينه وبين أن يثور ويغريه بالقعود عن النضال فجاءت ثورة الحسين (عليه السّلام) وخلّفت في أعقابها لجماهير كثيرة شعوراً بالإثم وتأنيباً للنفس وبرماً بها ورغبة عارمة في التكفير .

كانت كلّ هذه الأسباب تحول بين الناس وبين الثورة فجاءت ثورة الحسين (عليه السّلام) ونسفت هذه الأسباب كلّها وأعدّت الناس إعداداً كاملاً للثورة .

وللرّوح النضالية شأن كبير وخطير في حياة الشعوب وحكّامها ؛ فحين تكون الرّوح النضالية هامدة وحين يكون الشعب مُستسلماً لحكّامه يشعر حكّامه بالأمان فيفعلون كلّ شيء ويرتكبون ما يشاؤون دون أن يحسبوا حساب أحد .

هذا من جهة الحاكمين .

وأمّا المحكومون فتلاحظ أنّه كلّما امتد الزمن بهمود الرّوح النضالية سهل التسلّط على الشعب واستشرت فيه روح التواكل والخنوع واستمرأ الرضا بحياته القائمة ولم يعُد بحيث يُرجى منه القيام بمحاولة جدّية لتطوير واقعه وإثبات وجوده أمام حاكميه وهذا يجعل إصلاحه وتطويره أمراً بالغ الصعوبة .

ولقد كان الإمام علي (عليه السّلام) حريصاً على أن تبقى روح النضال حيّة نامية في الشعب ؛ لتبقى للشعب القدرة على الثورة حين تدعو الأحوال للثورة وتشهد لذلك هذه الكلمة التي قالها وهو على فراش الموت ومن جملة وصيته : لا تُقاتلوا الخوارج بعدي ؛ فليس مَنْ طلب الحقّ فأخطأه كمَنْ طلب الباطل فأدركه  . معرّضاً بمعاوية بن أبي سفيان .

وعلّة هذا واضحة فقد حارب هو الخوارج ؛ لأنّهم تمرّدوا على حكم يتجاوب مع مصالح الشعب العليا انسياقاً مع أفكار خاطئة وسخيفة ولكن هذا لم يغيّر موقفهم من الحكم الاُموي الذي كانوا لا يزالون يرونه حكماً بغير حقّ فكان يريد ألاّ يتكتّل المجتمع ضدّهم بعده ؛ إذ سيُمكنهم سكون المجتمع عنهم من وخز الحكم الاُموي دائماً وبذلك لا يخلو الجو تماماً للحكّام الاُمويِّين .

ولكن وصيته لم تُمتثل فتكتّل المجتمع ضدّهم وحاربهم ومع ذلك ظلّوا شوكة في جنب الحكم الاُموي دائماً ولكنّهم لم يُؤثّروا فيه لأسباب تقدّم ذكرها .

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسين (عليه السّلام) في بعث روح الثورة في المجتمع الإسلامي يحسن بنا أن نلاحظ أنّ هذا المجتمع أخلد إلى السكون عشرين عاماً كاملة قبل ثورة الحسين (عليه السّلام) لم يقم خلالها بأيّ ثورة على توفر الدواعي إلى الثورة خلال هذه الأعوام الطوال .

فمنذ قتل أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) وغدا أمر الحكم للاُمويِّين خالصاً إلى حين ثورة الحسين (عليه السّلام) لم يقم في هذا المجتمع أيّ احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والتقتيل وسرقة أموال الأمّة التي كان يقوم بها الاُمويّون وأعوانهم بل كان موقف السادة من هذه الأفاعيل هو إيجاد المُبرّرات الدينية والسياسية وكان موقف الجماهير هو موقف الخضوع والتسليم .

عشرون عاماً على هذا المجتمع ـ من سنة أربعين إلى سنة ستين للهجرة ـ وهذه هي حالته .

وتغيّرت هذه الحالة بعد سنة ستين بعد ثورة الحسين (عليه السّلام) ؛ فقد بدأ الشعب يثور وبدأت الجماهير ترقب زعيماً يقودها هي مستعدة للثورة وللتمرّد على الاُمويِّين في كلّ حين ولكنّها تحتاج إلى قائد وكلّما وجد القائد وجدت الثورة على حكم الاُمويِّين .

التمرّد الوحيد الذي كان يُصادفه الاُمويّون طيلة هذه العشرين عاماً وعلى فترات متعاقبة هو تمرّد الخوارج ولكنّه ـ كما قدّمنا ـ لم يكن مُتجاوباً مع المجتمع الإسلامي فلم يكن ناجحاً وكانت السلطة تقمعه بجيوش تُؤلّفها من سكّان البلاد التي ينجم التمرّد فيها .

ولكن ما حدث بعد ثورة الحسين (عليه السّلام) كان شيئاً آخر كان تمرّداً يحظى بعطف المجتمع الإسلامي كلّه مَنْ شارك فيه ومَنْ لم يشارك وكانت أسبابه بعيدة عن تلك التي تدفع الخوارج إلى الثورة .

كانت أسباباً تنبع من واقع المجتمع ؛ من الظلم والاضطهاد والتجويع ولم يتمكّن الحكّام الاُمويّون من قمع هذه الثورات بجيوش من سكّان المناطق الثائرة فقد كانوا يعرفون أنّ ثمّة تجاوباً نفسياً بين الثائرين وبين القاعدين فاضطروا إلى قمع هذه الثورات بجيوش أجنبية عن مناطق الثائرين اضطروا إلى جلب جيوش سورية وإقرار حاميات دائمة في مراكز الحكم .

هذه صورة مجملة لوضع المجتمع الإسلامي بعد ثورة الحسين (عليه السّلام) فلنأخذ بشيء من التفصيل .

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.