أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1432
التاريخ: 22-04-2015
1392
التاريخ: 5-10-2014
1574
التاريخ: 15-02-2015
1481
|
تُعدّ الجزية ضريبةً مالية «إسلامية» وهي تتعلق بالأفراد لا بالأموال ولا بالأراضي، أو بتعبير آخر: هي ضريبة مالية سنوية على الرؤوس.
ويعتقد بعضهم أنّها ليست من أصل عربي، بل هي فارسية قديمة وأصلها «كزيت» ومعناها الأموال التي تؤخذ للدعم العسكري (1)، أو ما يصطلح عليه في عصرنا بـ «المجهود الحربي». لكن الكثير يعتقدون أن هذه الكلمة «الجزية» عربية خالصة.
وكما ذكرنا آنفاً فهي مأخوذة من الجزاء، لأنّ الضريبة التي تدفع، إنّما هي جزاء الأمن الذي توفره الحكومة الإِسلامية للأقليات المذهبية.
والجزية، كانت قبل الإسلام، ويعتقد بعضهم أن أوّل من أخذ الجزية هو كسرى أنوشروان الملك الساساني، ولو لم نسلّم بأنّه الأوّل فلا أقل من أن أنوشروان كان يأخذ من أبناء وطنه الجزية، وكان يأخذ ممن لم يكن موظفاً في الدولة وعمره أكثر من عشرين عاماً وأقل من خميس عاماً، مبلغاً سنوياً يتراوح بين 12 و8 و6 و4 درهم، على أنّه ضريبة سنوية على كل فرد.
وذكروا أن فلسفة هذه الضرائب أو حكمتها هي الدفاع عن موجودية الوطن واستقلاله وأمنه، وهي وظيفة عامّة على جميع الناس، فبناءً على ذلك متى ما قام جماعة فعلا بالمحافظة على الوطن ولم يستطع الآخرون أن يجندوا أنفسهم للدفاع عن الوطن، لأنّهم يكتسبون ويتّجرون ـ مثلا ـ فإن على الجماعة الثّانية أن تقوم بمصارف المقاتلين فتدفع ضرائب سنوية للدولة.
وما لدينا من القرائن يؤيد فلسفة الجزية ... سواء قبل الإِسلام أو بعده.
فمسألة السنّ في من يعطي الجزية في عصر أنوشروان الذي ذكرناه آنفاً «وهي أنّ الجزية تقع على من عمره عشرون عاماً إِلى خميس عاماً» دليل واضح على هذا المطلب، لأنّ أصحاب هذه المرحلة، من العمر كانوا قادرين على حمل السلاح والمساهمة في الحفاظ على أمن البلاد، إلاّ أنّهم كانوا يدفعون الجزية لأعمالهم وكسبهم.
والشاهد الآخر على ذلك أنّه لا تجب الجزية «في الإِسلام» على المسلمين، لأنّ الجهاد واجب عليهم جميعاً، وعند الضرورة يجب على الجميع أن يتجهوا نحو ساحات القتال ليقفوا بوجه العدوّ، إلاّ أنّه لما كانت الأقليات المذهبية في حلٍّ من أمر الجهاد، فعليها أن تدفع المال مكان الجهاد، ليكون لهم نصيب في الحفاظ على أمن الوطن الذي يتمتعون بالحياة فيه.
ثمّ إن سقوط الجزية عن الأطفال والشيوخ والمقعدين والنساء والعُمي، دليل آخر على هذا الموضوع.
ممّا ذكرناه يتّضح أن الجزية إعانة مالية فحسب، يقدمها أهل الكتاب إزاء ما يتحمله المسلمون من مسؤولية في الحفاظ عليهم وعلى أموالهم.
فبناء على ذلك فإنّ من يزعم أنّ الجزية نوع من أنواع حق التسخير، لم يلتفت إِلى روحها وحكمتها وفلسفتها، وهي أن أهل الكتاب متى دخلوا في أهل الذمة فإنّ الحكومة الإِسلامية يجب عليها أن ترعاهم وتحافظ عليهم وتمنعهم من كل أذى أو سوء. وهكذا فإنّ أهل الذمة عند دفعهم الجزية، بالإِضافة إِلى التمتع بالحياة مع المسلمين في راحه وأمان فليس عليهم أي تعهد من المسامهة في القتال مع المسلمين وفي جميع الأُمور الدفاعية ـ ويتّضح أن مسؤوليتهم إزاء الحكومة الإِسلامية أقل من المسلمين بمراتب.
أي أنّهم يتمتعون بجميع المزايا في الحكومة الإِسلامية بدفعهم مبلغاً ضئيلا، ويكونون سواءً هم والمسلمون. في حين أنّهم لا يواجهون الأخطار ومشاكل الحرب.
ومن الأدلة التي تؤيد فلسفة هذا الموضوع، أنّه في المعاهدات التي كانت ـ في صدر الإِسلام بين المسلمين وأهل الكتاب في شأن الجزية، تصريح بأنّ على أهل الكتاب أن يدفعوا الجزية، وفي قبال ذلك على المسلمين أن يمنعوهم (أي يحفظوهم) وأن يدافعوا عنهم اذا داهمهم العدو الخارجي.
وهذه المعاهدات كثيرة، ونورد مثلا منها، وهي المعاهدة التي تمت بين خالد بن الوليد مع المسيحيين الذين كانوا يقطنون حول «الفرات» :نص كتاب المعاهدة:
«هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه، إني عاهدتكم على الجزية والمنعة، فلك الذّمة والمنعة، وما منعناكم فلنا الجزية وإلاّ فلا، كتب سنة اثنتي عشرة في صفر » (2).
والذي يسترعي النظر هو أننا نقرأ في هذه المعاهدة وأمثالها أنّه متى ما قصّر المسلمون في الحفاظ على أهل الذمة أو لم يمنعوهم، فالجزية تعاد إليهم أو لا تؤخذ منهم عندئذ أصلا.
وينبغي الإِلتفات إِلى أنّ الجزية ليس لها مقدار معين وميزانها بحسب استطاعة من تجب عليهم، غير أنّ المستفاد من التواريخ أنّها عبارة عن مبلغ ضئل قد لا يتجاوز الدينار (3) في السنة، وربّما قُيد في المعاهدة أن على دافعي الجزية أن يدفعوا بمقدار استطاعتهم جزيةً.
ومن جميع ما تقدم ذكره يتّضح أنّ جميع ما أثير من شبهات أو إشكالات في هذا الصدد، باطل لا اعتبار له، ويثبت أن هذا الحكم الإِسلامي حكم عادل ومنصف.
___________________
1- الجزية واحكامها , ص11.
2- نقلاً عن تفسير المنار، ج 10، ص 294.
3- من المناسب أن أشير إِلى أن المقصود بالدينار ليس هو الدينار المتعارف بينا كالدينار العراقي أو الدينار الأردني أو الدينار الكويتي وهلّم جراً، بل هو الدينار الذهبي الذي يعادل مثقالا ونصف أو أدنى من ذلك بقليل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|