أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2016
2246
التاريخ: 7-10-2016
2128
التاريخ: 29-4-2020
3109
التاريخ: 9-4-2019
2406
|
هو إما توحيد في أصل الذات بمعنى عدم تركيب خارجي و عقلي في ذاته تعالى و عينية وجوده و صفاته لذاته ، و يلزمه كونه تعالى صرف الوجود و بحته ، أو توحيد في وجوب وجوده بمعنى نفي الشرك في وجوب الوجود عنه (و لا بحث لنا هنا عن إثبات هذين القسمين لثبوتهما في الحكمة المتعالية) ، أو توحيد في الفعل و التأثير و الإيجاد ، بمعنى أن لا فاعل و لا مؤثر إلا هو ، و هو الذي نذكر هنا مراتبه و ما يتعلق به فنقول : هذا التوحيد - على ما قيل - له أربع مراتب : قشر : و قشر القشر، و لب و لب اللب كالجوز الذي له قشرتان و له لب ، و اللب دهن و هو لب اللب.
(فالمرتبة الأولى) أن يقول الإنسان باللسان : لا إله إلا اللّه ، و قلبه منكر و غافل عنه ، كتوحيد المنافقين ، و هذا توحيد بمجرد اللسان و لا فائدة فيه إلا حفظ صاحبه في الدنيا من السيف و السنان.
(الثانية) أن يصدق بمعنى اللفظ قلبه ، كما هو شأن عموم المسلمين ، و هو اعتقاد العوام و صاحبه موحد ، بمعنى أنه معتقد بقلبه خال عن التكذيب بما انعقد عليه قلبه.
و هو عقد على القلب لا يوجب انشراحا و انفتاحا و صفاء له ، و لكنه يحفظ صاحبه عن العذاب في الآخرة إن مات عليه و لم يضعف بالمعاصي.
(الثالثة) أن يشاهد ذلك بطريق الكشف بواسطة نور الحق ، و ذلك بأن يرى أشياء كثيرة و لكن يراها بكثرتها صادرة عن الواحد الحق ، و هو مقام المقربين و صاحبه موحد بمعنى أنه لا يشاهد إلا فاعلا و مؤثرا واحدا ، لأنه انكشف له الحق كما هو عليه.
(الرابعة) ألا يرى في الوجود إلا واحدا ، و يسميه أهل المعرفة الفناء في التوحيد ، لأنه من حيث لا يرى إلا واحدا فلا يرى نفسه أيضا ، و إذا لم ير نفسه ، لكونه مستغرقا بالواحد كان فانيا عن نفسه في توحيده ، بمعنى أنه فنى عن رؤية نفسه ، و هو مشاهدة الصديقين ، و صاحبه موحد بمعنى أنه لم يحضر في شهوده غير الواحد ، فلا يرى الكل من حيث إنه كثير بل من حيث إنه واحد , و هذا هي الغاية القصوى في التوحيد.
فالمرتبة الأول : كالقشرة العليا من الجوز، و كما أن هذه القشرة لا خير فيها أصلا ، بل إن أكلتها فهي مر المذاق ، و إن نظرت إلى باطنها فهو كريه المنظر، و إن اتخذتها حطبا أطفأت النار و أكثرت الدخان ، و إن تركتها في البيت ضيقت المكان ، فلا تصلح إلا أن تترك مدة على الجوز لحفظ القشرة السفلى ، ثم ترمى ، فكذلك التوحيد بمجرد اللسان عديم الجدوى كثير الضرر مذموم الظاهر و الباطن ، لكن ينفع مدة في حفظ المرتبة الثانية إلى وقت الموت ، و المرتبة الثانية : كالقشرة السفلى ، فكما أن هذه القشرة ظاهرة النفع بالإضافة إلى القشرة العليا فإنها تصون اللب عن الفساد عند الادخار، و إذا فصلت أمكن أن ينتفع بها حطبا ، لكنها نازلة القدر بالإضافة إلى اللب ، فكذلك مجرد الاعتقاد من غير كشف كثير النفع بالنسبة إلى مجرد نطق اللسان ، إذ تحصل به النجاة في الآخرة ، لكنه ناقص القدر بالإضافة إلى الكشف و العيان الذي يحصل بانشراح الصدر و انفتاحه بإشراق نور الحق فيه.
و المرتبة الثالثة : كاللب ، و كما أن اللب نفيس في نفسه بالإضافة إلى القشر و كأنه المقصود لكنه لا يخلو عن شوب عصارة بالإضافة إلى الدهن منه فكذلك توحيد الفعل على طريق الكشف مقصد عال للسالكين ، إلا أنه لا يخلو عن شوب ملاحظة الغير و الالتفات إلى الكثرة بالإضافة إلى من لا يشاهد سوى الواحد الحق ، و المرتبة الرابعة : كالدهن المستخرج من اللب ، و كما أن اللب هو المطلوب لذاته و المرغوب في نفسه.
فكذلك قصر النظر على مشاهدة الحق الأول هو المقصود لذاته و المحبوب في نفسه.
[تنبيه] إن قيل : كيف يمكن تحقيق المرتبة الرابعة من التوحيد لتوقفها على عدم مشاهدة غير الواحد ، مع أن كل أحد يشاهد الأرض و السماء و سائر الأجسام المحسوسة و هي كثيرة ، فكيف يكون الكثير واحدا ؟ .
(قلنا) : من تيقن أن الممكنات بأسرها أعدام صرفة في نفسها ، و أن ما به تحققها من اللّه سبحانه ، ثم أحاط على قلبه نور عظمته و جلاله بحيث بهره و غلب على قلبه الحب و الأنس حتى عن غيره أغفله ، فأي استبعاد في أن يوجب شدة استغراقه في لجة العظمة و الجلال و الكمال و الجمال و غلبة الحب و الأنس عليه ، مع عدمية الكثرة و وحدة ما به التحقق عنده و رسوخ ذلك ، و ارتكازه في قلبه أن لا يرى في نظر شهوده إلا هو، و يغيب عنه غيره ، لقصر نظر بصيرته الباطنة على ما هو الحقيقة و الواقع.
و مما يكسر سورة استبعادك : أن المشغول بالسلطان و المستغرق في ملاحظة سطوته ربما غفل عن مشاهدة غيره ، و أن العاشق قد يستغرق في مشاهدة جمال معشوقة و يبهره حبه بحيث لا يرى غيره ، مع تحقق الكثرة عنده ، و أن الكواكب موجودة في النهار مع أنها لا ترى لمغلوبية أنوارها و اضمحلالها في جنب نور الشمس ، فإذا جاز أن يغلب نور الشمس على نور الكواكب و يقهرها بحيث يضمحل و يغيب عن بصر الظاهر، فأي استبعاد في أن يغلب نور الوجود الحقيقي القاهر على الموجودات الضعيفة الإمكانية و يقهرها ، بحيث يغيب عن نظر العقل و البصيرة ثم هذه المشاهدات التي لا يظهر فيها إلا اللّه الواحد الحق لا تدوم ، بل هي كالبرق الخاطف و الدوام فيها عزيز نادر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|