أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015
3566
التاريخ: 19-4-2022
2351
التاريخ: 18-10-2015
3655
التاريخ: 15-3-2016
3798
|
والحديث عن الخلافة على المدينة خلال غزوة تبوك يستدعي التعرض بايجاز لوضع النظام الاجتماعي والسياسي الذي خُلِّف على ادارته، ووضع الافراد الذين خُلِّف على تأمين شؤونهم.
أ - وضع الدولة التي خُلِّف (عليه السلام) على ادارتها:
وهو وضع جغرافي سكاني خاص، فقد كانت المدينة قبل الاسلام مقسّمة بشرياً الى ثلاثة اقسام: الاوس، والخزرج، واليهود. وبعد الاسلام ضمّت المدينة بين جناحيها مجموعة من الناس، وهم بشكل رئيسي: المسلمون المؤمنون من مهاجرين وانصار، والمنافقون، واليهود. وسوف نفصّل في التركيبة السكانية للمدينة خلال غزوة تبوك بعد قليل ان شاء الله تعالى.
اما على مستوى المؤسسات الخاصة بدولة الاسلام، فقد كانت على الترتيب التالي:
1 - بيت المال، وهو من اهم المؤسسات التي كان يرعاها رسول الله (صلى الله عليه واله) وخليفته (عليه السلام) لانها كانت توزع الحقوق على الفقراء من صدقات واخماس وزكوات واجبة او مندوبة، وكانت توزع الغنائم على المقاتلين.
2 - السوق التجاري، حيث كانت تعرض فيه المواد الغذائية من طعام ذلك الزمان كالقمح والشعير والتمر والزبيب، والانعام كالغنم والبقر والجمال، والاقمشة المنسوجة، والصناعات الخزفية والصناعات اليدوية المعمولة بخوص النخيل. وقد كان السوق يمثّل الشريان الحيوي للناس في المدينة لانه كان يزودهم بما يحتاجونه من امور معاشية في حياتهم الاجتماعية.
3 - الجيش. حيث كان الناس ينفقون على مؤسستهم العسكرية ثم يسترجعونه بما يحصلون عليه من غنائم. ولذلك كان الفقراء غير قادرين على الخروج لانهم لا يملكون عدّة ما يخرجون به ويحاربون فيه كالراحلة او السيف او الزاد. وقد ذهب الجيش خلال خلافته المؤقتة (عليه السلام) الى تبوك بقيادة رسول الله (صلى الله عليه واله).
4 - المسجد. وهو دار الدولة ومركزها وفيه تتم الخطط الحربية والتبليغية، ويتم فيه تعليم الناس القرآن والاحكام الشرعية. وتقام فيه العبادات من صلاة الجمعة والجماعة والعيدين.ويضم المسجد عدة مؤسسات اجتماعية، منها: نظام الادارة وتوزيع الحقوق، والنظام التعليمي، والنظام القضائي، والضمان الاجتماعي، والادارة العسكرية، ونحوها.
5 - القضاء. وهي المؤسسة التي تهتم بحل النـزاعات بين المتخاصمين من الافراد على صعيد الحقوق والملكية.
6 - الزراعة والصناعة. وكانت المدينة تشتهر بالزراعة والصناعة. وتلك تدرّ وارداً على الدولة فيما يتعلق بالخراج والزكاة، وتسدّ حاجة الناس للمواد الغذائية والمصنوعات الخاصة بالمنازل.
7 - الاحياء العمرانية. وهي مساكن الناس ودورهم ومنازلهم التي يأوون اليها، وفيها مستلزمات حياتهم ومعاشهم.
وتلك المؤسسات التي تركها رسول الله (صلى الله عليه واله) في اطول غزوة له «بلغت مدتها عدة اشهر» كانت بحاجة الى ادارة اجتماعية وتنظيم ديني للاولويات. وادارة الدولة باطارها الخارجي يحتاج الى كفاءة ادارية ودينية كان يملكها الامام (عليه السلام) دون بقية المسلمين. ولذلك كانت خلافة الامام (عليه السلام) على مجتمع مؤسسات لا مجتمع افراد، كما اشرنا الى ذلك سابقاً.
ب - وضع الافراد الذين خُلِّف على ادارتهم:
وهنا ينبغي الاشارة الى ان الامام (عليه السلام) كان يولي الالزامات الدينية كالقضايا التعبدية واشباع الفقراء اولوية على النشاطات الثانوية كحضور منتدياتهم واجتماعاتهم ونحوها. فكان (عليه السلام) يقدّم الواجبات الاخلاقية التي جاء بها الدين مثل رعاية اليتيم واشباع المسكين والاهتمام بالرعية على الكماليات التي احبها الناس كطيب الطعام، والبرودة في وسط هجير الصيف، والتحلل من المسؤوليات الاجتماعية، ونحوها.
ودراسة اجتماعية للشرائح التي بقيت في المدينة خلال غزوة تبوك تكشف لنا التركيبة السكانية لعاصمة الاسلام في تلك الحقبة التأريخية الحساسة:
أولاً: المنافقون الذين كانوا يتظاهرون بالاسلام ولكنهم كانوا يضمرون العداء والمكيدة ولا يخرجون مع رسول الله (صلى الله عليه واله) في حروبه، وفي مقدمتهم رأس النفاق عبد الله بن ابيّ بن سلول. وهؤلاء كانوا يحبون الراحة والدعة والاجواء المسترخية على الجد والجهاد. فكانوا بحاجة الى قائد ديني زاهد متعفف يذكّرهم بالله سبحانه وتعالى دوماً. فادارة هذا النمط من الافراد يحتاج الى زهد وايمان وقوة يقين كما يحتاج الى كفاءة ادارية صارمة.
ثانياً: المسلمون المؤمنون من فقراء الرجال، وقد بقي هؤلاء في المدينة لانهم لم يتمكنوا من تحصيل عُدّة السفر والجهاد. والقاصرون من نساء وذراري، من عوائل المقاتلين الذين ذهبوا الى تبوك مع رسول الله (صلى الله عليه واله). والعاجزون عن القتال لاسباب صحية وجسمية كالمرض والسن. وكان هؤلاء بحاجة الى قائد ديني ينظر في حاجاتهم الشرعية والمعاشية. وادارة تلك الشريحة من الناس تحتاج الى علم ودين وتقوى واحساس بالعدالة ودوافع عملية لتطبيقها.
ثالثاً: اهل الذمة من يهود ونصارى، وهؤلاء بحاجة الى مدير يدير امورهم الاجتماعية ويستلم جزيتهم لوضعها في بيت المال.
رابعاً: بقية الافراد الذين كانوا يأتون الى المدينة، كالاعراب من البوادي لشراء مستلزمات معيشتهم وبيع الفاضل من دوابهم، والتجار الذين كانوا يمرون بالمدينة وهم في طريقهم الى العراق او الشام او اليمن. ومجموعة من المحاربين مع الامام (عليه السلام) لحماية المدينة وأهلها من هجوم الاعداء.
ولا شك ان ذلك الاستخلاف على المدينة كان تجربة فريدة للامام (عليه السلام) في الادارة الاجتماعية، خصوصاً انه كان متوقّعاً للنبي (صلى الله عليه واله) ان يرجع ويرى عمل علي (عليه السلام) خلال غيابه. وكان امضاؤه (صلى الله عليه واله) لادارة علي (عليه السلام) شهادة عظمى على كفاءته (عليه السلام) وقدرته على تنظيم امور المجتمع الاسلامي بعد رحيله (صلى الله عليه واله) ايضاً. وهنا جمع علي (عليه السلام) _ بكل كفاءة _ بين طرفي الادارة الدينية للمجتمع، وبالخصوص فيما يتعلّق بالحقوق والواجبات والتعبديات.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|