المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



النظام الاقتصادي في المجتمع العراقي القديم  
  
10433   04:18 مساءً   التاريخ: 6-1-2019
المؤلف : عادل هاشم علي
الكتاب أو المصدر : البنية الاجتماعية في العراق القديم من عصر فجر السلالات وحتى نهاية العصر البابلي...
الجزء والصفحة : ص236- 261
القسم : التاريخ / العصر البابلي القديم /

النظام الاقتصادي

أولا: الزراعة

 شهد العراق قديماً بدايات الزراعة بعد التحول التدريجي الذي طرأ على حياة الانسان في العصر الحجري الوسيط (1) حيث أنتقل الانسان فيه من مرحلة جمع القوت الى مرحلة انتاج القوت من خلال عملية الاستزراع (2) وقد مرت هذه العملية بمراحل متعددة من التطور كانت القرية في بدايتها صغيرة وبدائية ثم تأسست قرى أكثر أتساع وتنظيماً في المراحل التالية حتى ظهرت بوادر المدن في فجر العصور التاريخية (3).

لقد حدث ظهور الزراعة تطوراً مهماً في البنية الاجتماعية آنذاك اذ ظهر نوع من تقسيم العمل الذي مارسته المجتمعات الزراعية الاولى (4) فاضطلعت المرأة بواجباتها المنزلية مضافاً اليها عمل المزرعة كطحن الحبوب والعناية بالحيوانات وغيرها من الامور التي تساعد الرجل بعمله في الحقل والمتضمن البزار وحماية الحقل وصناعة الالات الزراعية (5).

لم تكن الارض الزراعية ذات مساحات كبيرة وانما حددت بأرضيٍ صغيرة ومحدودة لا تكفي أنتاجها الا لإعالة أسرة واحدة، كما كانت زراعة حقلية خالية من البستنة وغرس الاشجار المثمرة التي لم تعرف في العصور التاريخية صلاحيته. وقد مثل القمح والشعير اولى أنواع الحبوب التي زرعها الانسان، وكانت الزراعة ديمية وتعتمد على مياه الامطار، لذا فقد اقتصرت في البداية على القسم الشمالي والغربي من الفرات حيث سقوط الامطار كان كافياً لإنبات الحبوب. كما ان الزراعة كانت متنقلة لان الارض بعد ان تنفذ خصوبتها يتركها الفلاح الى ارض خصبة اخرى ولكن ضمن نطاق القرى الزراعية المحيطة به (6).

اما القسم الجنوبي من العراق (بلاد سومر) فأن معظم الباحثين يقسمون مراحل نشوء وتطور الزراعة فيه الى ثلاثة أطوار هي كالاتي (7):-

المرحلة الاولى:-  التي تزامنت مع استيطان السومريين الاوائل وظهورهم في المنطقة الزاخرة بالأهوار المتناثرة وهي مرحلة لم يكن السومريين فيها يتواجدون بأعداد كبيرة ، لذلك فأنهم لم يمارسوا الزراعة على نطاق واسع واستغلوا موارد الاهوار الاخرى كالأسماك والطيور لسد حاجاتهم الذاتية . أي ان الزراعة كانت محدودة وبدائية ودونما ارواء، حيث كانوا يستفيدون من رطوبة التربة (الري ألحوضي) مع توفر النخيل على ضفاف الانهار.

المرحلة الثانية: -  جاءت مع تطور الزراعة في القسم الجنوبي من العراق القديم (بلاد سومر) ومتوافقةً مع الزيادة الطبيعية التي طرأت على الواقع السكاني للمنطقة، اذ لم تعد جزيرات الاهوار (الجبايش) تكفي لإعاشتهم مما جعلهم يسعون الى اراضي جديدة ضمن محيط بيئة الاهوار بعد ان أخذوا ببناء اسوار وسدود ترابية لتجفيف الاراضي وتنظيم عملية السقي والارواء من خلال أحداث فتحات في تلك الاسوار وبقدر حاجة الارض للمياه. ونظراً لوجود استمرارية جريان الماء، لم يعاني الفلاح آنذاك من مشكلة الملوحة في التربة، لذا فأن عملية تجفيف الاهوار استمرت حتى في زمن سلالة اور الثالثة (8).

المرحلة الثالثة: - فقد تطورت الزراعة واساليب الري وكان ذلك الامر طبيعياً بسبب التطور العام الذي طرأ على مختلف مجالات الحياة وتبلور ونضوج الحضارة بصورة عامة. حيث نشاهد في هذه المرحلة الجداول الطويلة التي تبدأ من نهر الفرات حتى تصل الى اماكن بعيدة من القسم الجنوبي يصاحبها أنشاء السدود والخزانات فضلاً عن الزيادة التي طرأت على الانتاج الزراعي حيث تعدى مرحلة الاكتفاء الذاتي وأصبح هناك فائضاً في الانتاج. الامر الذي جعل السومريين ينتشرون في الاراضي المجاورة لهم لاسيما الشمالية منها والنزوح من بيئة الاهوار الى بيئة السهل الرسوبي. كما أصبح الفلاح يعتمد على اساليب الارواء الاصطناعي، فضلا عن تعلمه طريقة ترك الارض بوراً لمدة سنة فضلاً عن استخدام بعض الالات الزراعية المتطورة نسبياً كالمحراث والمنجل وغيرها.

أذن فان المرحلة الثالثة تمثل بداية وضوح الصورة الحقيقية للزراعة في بلاد الرافدين ومدى أرتباطها بالبنية الاجتماعية وقتذاك وكما مر بنا، فان الاراضي الزراعية من حيث الملكية كانت تابعة للمعبد (9) اذ لم تزرع الارض من قبل الافراد المرتبطين بالمعبد بل من قبل مزارعين من افراد المجتمع (قطاع خاص) يقومون بزراعتها مقابل حصول المعبد على حصة من الفلاح لقاء ذلك. وكانت الحصة تجنى من قبل زراع يعينون بصفة خاصة لهذه المهمة (10) وكان هذا المزارع او الفلاح (Enkar) من المسؤولين عن القيام بأعمال الحصاد والبذار الذي يكون يزود به من قبل المعبد كما تشير الى ذلك وثائق مدينة (شروباك)(11).

وفي الواقع ان القوانين العراقية القديمة قد عالجت امور الزراعة الى حد كبير فقانون حمورابي مثلاً حدد خمس وعشرين مادة قانونية لتنظيم العلاقة الزراعية(12) وفي قانون اور نجد ان فكرة الشرط الجزائي في العلاقة الزراعية قد بدأت في عهد هذه السلالة كما تشير أحدى المواد القانونية :-

(( اذا اجر رجل ارض زراعية تعود لرجل آخر من اجل زراعتها ولكنه لم يزرعها بل حولها (بسبب أهماله) الى ارض جرداء علية (المؤجر) ان يدفع (لصاحب الارض) 3 كور من الشيد لكل أيكور من الحقل))(13) .

اما قانون لبت عشتار فقد أشتملت المادتين السابعة والثامنة على المعنى نفسه المتضمن على العلاقة بين صاحب الارض والزراع ودور الاخير في أنجاح العملية الزراعية (14).

ومن الامور التي تلاحظ في المواد القانونية لشريعة حمورابي المتعلقة بأمور الزراعة هو ان الشرط الجزائي والعقوبات موجة دائماً الى الفلاح او المزارع المستأجر اذا ما تقاعس في زراعة الارض او تركها بوراً او لم تنتج المحصول المتفق عليه، وحتى في الامور التي يحل فيها غضب الاله على الحقل لاسيما الاله (اور) الموكل بالأعاصير اذ نقرأ عن ذلك .

((اذا أعطى رجل حقله الى فلاح لقاء جزء من الغلة واستلم (صاحب) الحقل حصة حقله وبعد ذلك ومر آله الاعاصير (اور) الحقل او ضربه الفيضان فأن الخسارة تقع على الفلاح وحدة)) (15).

وفي بعض المواد نقرأ عن تنظيم العلاقة بين اصحاب الارض الزراعية والمحافظة على الحدود الزراعية بينهم :

(( اذا تقاعس أثناء فتح جدوله الخاص للسقي فترك الماء ينمر حقل جاره فعليه ان يدفع حبوباً (لصاحب الحقل) المتضرر ما ينتجه حقل جاره)) ونقرأ ايضاً : (( اذا تقاعس رجل في تقوية سد حقله ولم يقو سده وحدثت كسرة في سده فترك الماء يخرب الارض الزراعية (المجاورة) فعلى الرجل الذي حدثت الكسرة في سده ان يعوض الحبوب التي سبب تلفها))(16).

ان تركيز المشرع على حماية الارض الزراعية وضمان عدم حدوث المشاكل في المجتمع ,الذي هو اساساً ذو طابع زراعي, جعله يشدد من فرض الضوابط والعقوبات على المتجاوز او كل من لم يلتزم بالقانون حتى وصل الامر الى بيع الفلاح نفسه في حالة عدم المقدرة على التعويض للأضرار الناجمة عن التقصير ففي أحدى المواد نجد ذلك المضمون.

(( ....... فأذا كان غير قادر على تعويض الحبوب فعليهم ان يبيعون وممتلكاته وعلى المستأجرين (الفلاحين) الذي أتلف حبوبهم ان يقتسموا الثمن))(17) .

ومن الملاحظ ايضاً في قانون حمورابي التفرقة الواضحة بين كلمة (الحقل) وكلمة (البستان) فاما الحقل فقد قصد به الارض التي تزرع الحبوب وتحرث بالمحراث في حين البستان هو الأرض الذي تزرع فيه الأشجار المثمرة والدائمة كالنخيل مثلاً(18).

أن سيطرة رجال الدين على الأراضي الزراعية قد ضعفت خلال الفترة التي ظهر فيها الصراع واضحاً بين القصر والمعبد (19) ففي مدينة لكش مثلاً نجد بالإضافة إلى معابد الإله الرئيسية التي كانت تزود البيت الحاكم ، كان يوجد عدد من المعابد الثانوية تدار من قبل الأمراء الآخرين(20).

وفي مرحلة لاحقة نجد ان الاراضي الزراعية اصبحت تزرع من قبل عمال يرأسهم موظفون مستقلون أطلق عليهم أسم رؤساء الفلاحين ( ساك إنكار SAG. ENGAR ) وهذا الامر يدل على ان الزراعة كانت تتم بشكل جماعي أي ان الاراضي الزراعية كان يتم زراعتها بواسطة قرى فلاحية يترأسهم كبير الفلاحين(21) .

مع هذه التحولات في طبيعة العمل الزراعي نجد ان بعض الافراد العاملين في المزارع (المجندين) اوقات الحرب يُـمنحون قطعاً من الاراضي الزراعية وبمرور الوقت أصبح هناك قسم من مالكي الاراضي مع جميع لوازم الزراعة فيها من عمال وحيوانات ومعدات الانتاج(22) ومع ذلك لم يكن جميع العمال يمتلكون اراض زراعية بل كان بعضهم يعمل بأجره يومية عند مالكي الاراضي لذا فان القوانين والدساتير التي طرحت في المجتمع العراقي القديم قد خصصت عدداً كبيراً من المواد التي تشرح ضوابط العمل الزراعي كأجور الزراع والفلاحين وأجرة الالات والادوات . كانت أجرة الفلاح تقتطع من الغلة المزروعة من الحبوب او الفضة وعلى شكل أجور يومية او شهرية في الغالب(23).

من جانب أخر كان بعض صغار الفلاحين يقومون باستئجار مساحة من الاراضي التابعة لكبار الملاكين يقومون بزراعتها لمدة سنة كاملة مقابل أجره مقطوعة تدفع عند الحصاد وتعتمد كميتها على مساحة الارض، كما ان حصة الفلاح من الغلة أختلفت من عصر الى اخر وتعتمد على نوعية الارض وطريقة اروائها الا انها استقرت أخيرا في العصر البابلي القديم كما هو الحال لكثير من الانظمة الاجتماعية الأخرى (24).

ومن الملاحظ ان العلاقة المهنية بين صاحب الارض والمزارع المسؤول عن زراعة الاشجار ولاسيما النخيل قد نالت عدداً من المواد القانونية اذ نقرأ عن ذلك مثلاً:-

(( اذا سلم رجلً حقله الى بستاني ليحوله الى بستان فأن البستاني اذا زرعة وجب عليه ان ينمي ويرعاه لمدة اربع سنوات وفي السنة الخامسة يتقاسم المحصول مناصفة مع صاحب الارض ، ولصاحب الأرض الحق في اختيار النصيب الأفضل من المحصول))(25) .

ومع ذلك فان القانون يطبع الشروط الجزائية على صاحب العمل البستاني كما نقرأ:

"إذا لم يزرع البستاني كل الحقل وترك قطعة منه بورا فعلية ان يحسبوا القطعة البور ضمن نصيبه"(26)

وفي المضمون نفسه :-

"اذا لم يحول الحقل الذي أعطي له الى البستان بل اهمله فعلى البستاني ان يدفع لصاحب الحقل للسنوات التي اهمل فيها (الحقل) بقدر ما ينتجه حقل جاره وعليه ان ينجز العمل الضروري للحقل ويعيد الحقل الى صاحبه "(27) .

ولم تختلف الاعمال الزراعية التي كان يقوم بها الفلاح العراقي القديم عن الوقت الحاضر ، اذ اشتلمت على الحراثة واعداد الارض للزراعة وعزقها ، ومن ثم بذر البذور ومراقبة الزرع حتى فترت الحصاد (28) وقد كان لطبيعة بلاد سومر وبابل اثر مهم في تيسير مهمة اوراء الاراضي الزراعية نظراً لارتفاع مناسيب المياه من مستوى الارض المحيطة وابتكار وسائل رفع المياه الى الاراضي العالية وبناء السدود والخزانات ، وكانت نتيجة لذلك ازدياد المحصولات الزراعية منذ عصر العبيد وحصول فائض للإنتاج استفيد منه للتصدير والمبادلة التجارية (29) .

ان مشاريع الري وضبطها والسيطرة عليها كانت من اهم عوامل قيام الدول في القسم الجنوبي للعراق ، حيث كانت لجهود طلائع المستوطنين في منتصف الالف الخامس قبل الميلاد اثر كبير في تحويل الكثير من البطائح والمستنقعات الى اراضي زراعية (30)، وقد اثر نظام الري في حياة المجتمع السومري والبابلي وعلى جميع نواحي الحياة ؛ ولأهمية المياه في حياة الافراد وظهور القواعد والاحكام لتنظيم اسلوب الري والمحافظة على حقوق الافراد والجماعات ، اضف الى ذلك قدسية الماء في الفكر والعراقي القديم اذ جعلوا لكل ما يرتبط بالماء رمزاً مقدساً ، فكان هناك اله للبحار واله للأمطار وآخر للمياه العميقة (31) ، وتمثل لنا الاساطير نموذجاً واضحاً عن ذلك لا سيما قصة الطوفان والصراع بين المياه العذبة والمياه المالحة وتصوير كل منهما باله معين وصورة قدسية خاصة .(32) 

ان الافكار والملاحم والاساطير التي ظهرت في بلاد سومر تعكس وبوضوح ملامح المجتمع الزراعي حيث نجد هناك ملحمة خاصة بخلق الحيوان والنبات والتي تحتمل انها كتبت قبل الانتقال الى القسم الجنوبي من العراق وهي اسطورة (اله الماشية اشنان والنعجة) (33) وعلاوة على ان فكر هذه الاسطورة هي الانعكاس الواضح للتفكير الزراعي الصرف، فان احداثها تتضمن ايضا البدايات الاولى للزراعة ولعملية تدجين الحيوان، حيث ان الحديث عن ظهور الشعير بأنواعه والنعجة انما يدل على بداية الانسان لممارسة الزراعة وتدجينه للحيوان (34).

ان القيام بالاعمال الزراعية ومشاريع الري كبناء السدود وشق القنوات والجداول كان بحاجة الى جهود كبير تفوق جهود الافراد أي انها كانت تحتاج الى التعاون التنظيم، فكان ذلك سببا رئيساً في اسباب نشوء اولى الادارات المركزية، (35). والتي اخذت على عاتقها تنظيم الجهود وتوجيهها والسيطرة عليها لتتمكن من تنفيذ مثل هذه المشاريع التي مثلت عماد حياة الفرد والجماعة (36).

وتشير الدراسات التي اختصت بهذا المجال (37) الى ان القسم الجنوبي من العراق كانت تشقه شبكة واسعة من الانهار والجداول والقنوات الكبيرة الصغيرة وقد تمتل موضع اهتم الملوك . حيث نرى ان الملك اياناتم ملك لكش قد اقام سداً على احدى هذه الجداول (38) كما ان الملك اورنمو اعاد كري كثير من الجداول التي اهملت خلال فترت التسليط الكوتي(39) واما الملك حمورابي فقد ابدى اهتماماً واضحاً بنظام الري حتى نراه يستحدث دائرة الشؤون الري تبعث مفتشيها الى المقاطعات للأشراف على شؤون الري والزراعة (40) وللاهتمام المتزايد من قبل الملوك بمشاريع الري كانوا يطلقون على بعض سنين حكمهم اسماء والقنوات المهمة فمثلاً نقرأ :

"حمورابي ثروت الشعوب … امر بحفر القناة المياه الفائضة وجعلها تصل الى نيبور ولارسا والوركاء"(41)  

ومن الطبيعي ان يرافق التطور الحاصل على البيئة الاجتماعية لجميع جوانبها ، تطوراً في تنقية الزراعة وآلات الحفر والتي اهمها المعازق والمناجل والفؤوس الحجرية ، وربما ان هذه الالات استعملها الانسان قبل اهتدائه للزراعة لغرض جمع النباتات (42)  . وبعد اهتدائه الى الزراعة فقد ابتدع الانسان العراقي القديم محراثاً من الحجر مثبت في نهاية قطعة من الخشب على هيئة مقبض(43) ومع تطور الحياة ووسائل الزراعة تم التوصل الى محراث يشبه الى حد كبير المحراث المستخدم في الريف الحالي (44).

مع استخدام المعادن تطور صنع الالات الزراعية فظهرت السكاكين والمناجل والفأس(45) ومن دراسة تلك الالات الزراعية المكتشفة او المصورة اشكالها على الاختام الاسطوانية والمنحوتات على ثلاث انواع منها ما هو مصنوع من حجر الصوان ومنها من الفخار والاخير من المعدن كالنحاس والبرونز وهو النوع الذي ظل سائداً في العصور التاريخية اللاحقة لبلاد الرافدين (46).

ان تنوع استخدام الالات الزراعية يمهد لإنتاج انواع مختلفة من المحاصيل الزراعية ومع ذلك فقد كانت هناك انواع من المزروعات ثابتة ، وشكلت مصدراً مهماً للغذاء في المجتمع الرافدين ياتي في مقدمتها الشعير الذي يعد اول الحبوب التي وجنتها الانسان وزرعها حتى انه حدد له الهاً خاصاً بالشعير وهو ( اشنان) كما جاء في الاسطورة (47). ومن الحبوب التي زرعها الى جانب الشعير هي القمح والعدس السمسم وغيرها من الحبوب (48) وفي فترة تالية بدأت عملية غرس الاشجار في البساتين ويأتي في مقدمتها شجرة النخيل التي استغلها العراقيون الى اقصى حد لما تحمله الشجرة من سعف والياف واخشاب، (49) وقد اشارت بعض المواد القانونية حرامة الى اسماء المحاصيل الزراعية لا سيما الحبوب كونها اهم وأكثر المواد التي تنتج في الحقول فضلاً عن التمور التي تنتجها البساتين (50).

ثانيا ً:- التجارة (التعامل التجاري )

تتولد التجارة في معظم المجتمعات في من خلال تفاعل عوامل عدة، تاتي في مقدمتها البيئة الطبيعية التي تؤهل المنطقة للقيام بالتعاملات التجارية وايضا وجود كميات من الفائض الانتاجي وبمختلف انواع المنتوجات، لا سيما المحاصيل الزراعية (51). ففي العراق القديم نجد انه عندما اتسعت مساحات الاراضي المزروعة وتنوعت المحاصيل وتطورت اساليب الزراعية ظهر ذلك الفائض في الانتاج (52) مما دفع البعض الى المقايضة مع انتاج البعض الاخر مع وجود الاختلاف في المحصولين (53)، ونتج عن ذلك سريعاً ما عرف التخصص في العمل. فظهرت هناك جماعات اختصت بزراعة الحبوب وانتاج كميات كبيرة منه من اجل المقايضة مع الجماعات التي اهتمت بصناعة الادوات والآلات في حين نرى جماعة اخرى اهتمت بصناعة الفخار والملابس الى غيره من التخصصات الحرفية والتي اخذت تؤسس بدايات التعامل التجاري (54) وذلك منذ الالف السادس قبل الميلاد (55).

ان الحديث عن النشاط التجاري ينقسم الى قسمين اساسين هما التجارة الداخلية والتجارة الخارجية، ولارتباط التجارة الداخلية بالواقع الاجتماعي للعراق القديم، ولكونه اكثر ملامسة لجميع طبقات المجتمع انذاك من خلال عمليات المجتمع والشراء والاسواق والقروض وغيرها، فان البحث ركز هنا على هذا النوع من التجارة (الداخلية) دون الحديث عن التجارة الخارجية.

ومما يشير الى اهتمام العراقيين بالتجارة هو ما اطلق على الاله انليل لقب (تاجر العالم) وزوجته (تاجرة الدنيا) (56) كما يظهر ايضا من خلال اهتمام الشرائع العراقية القديمة ، بالتعامل التجارية الداخلية مدى ارتباط التجارية في حياة الافراد وقد عرف عن التعامل التجاري الداخلي بانه جميع عقود البيع والشراء والقرض والايجار والابداع والمشاركة في الاموال والممتلكات والتي كانت تقترن بوظائف قانونية مدونة بين افراد المجتمع (57).

ان بدايات التعامل التجاري الداخلي بدأ كما – مربنا -  مع ظهور التخصص في العمل وتنوع البضائع المنتجة سواء كانت نباتية او حيوانية. وهذه البضائع تم تبادلها بين افراد المجتمع عن طريق المقايضة، فكان ذلك ايذاناً لبداية التعاملات التجارية. ومن الطبيعي ان تكون هناك عوامل اجتماعية ساعدت على تطور التعامل التجاري بين افراد المجتمع من اهمها طبيعة التجار انفسهم وحيوية التعامل فيما بينهم او على الاقل بينهم وبين وكلائهم وعملائهم وممثليهم حيث وصلت الينا مجموعة من الرسائل المتبادلة اشارت بوضوح الى ملامح التعامل التجاري الداخلي من حيث نوع الصفقات وحجمها ومناطق انتاج السلع التجارية وغيرها من الشؤون (58).

ومن الطبيعي ان تؤثر التجارة الخارجية على فاعلية التجارة في الداخل، ذلك لان حجم الاسواق والتعاملات التجارة الداخلية تعتمد الى حد كبير على ما يستورده التجار من البضائع والمواد غير المحلية وكذلك الامر يكون بالعكس اذا ما نظرنا الى ان التعامل التجاري والنشاط الشرائي في الاسواق المحلية يهيئ المواد المراد تصديرها لتوازن العملية الاقتصادية للدولة ولمعتمده على الصادرات والواردات (59).

كما كانت لوسائل النقل النهرية في العراق القديم اثر في تنشيط التجارة الداخلية لما تمتاز به من رخص وسعة الحمولة المنقولة على ظهرها، فضلاً عن تنوع السلع والمنتجات التي كانت تنقل بين المدن؛ كما ان وسائط النقل النهري كانت تفصح عن اماكن انتاج المواد والسلع والتي تعبر بالتالي عن جودة الصناعة في المواد التي تباينت فيها المدن العراقية القديمة (60).

ومن النصوص التي اشارت الى نقل البضائع بالوسائل البحرية ما نقرأ من احدى الرسائل التابعة للعصر البابلي القديم:

"لقد اجر التامكاروم تاملاع ابن كيش - نونو سفينة الملاح أياتم وابحرها باتجاه التيار الى بابــــل ..." (61).

ولا يخفى على احد ما يمتلكه العراق (قديماً وحديثاً) من ثروات طبيعية ساعدت على تطور التجارة والداخلية لما تحققه من تنوع في الصناعات المحلية، فقد كانت مدينة لكش مثلاً من المراكز الرئيسة لتجارة الاسماك الطرية والجافة، كما كانت مدينة اوما تشتهر بإنتاج الدهون العطرية وتصدير الاغنام، فيما اشتهرت مدينة سبار بإنتاج النسيج الجيد وتصديره الى المدن الاخرى لا سيما مدينة آشور (62).

ان تخصص وشهرة بعض المدن او المناطق العراقية القديمة بإنتاج سلعة معينة او بضاعة لم تستمر على منوال واحد وذلك بسبب تبدل الاوضاع العامة منها تبديل النهرين وبالأخص نهر الفرات لمجراها في القسم الوسطي و الجنوبي في العراق (63) من جانب اخر ارتفاع نسبة الملوحة في الارض اثر على معدلات الانتاج الزراعي عموماً(64) فضلاً عن ذلك فان للتطورات السياسية في العراق القديم والتي حدثت مع تبدل الدول وظهور السلالات الجزرية في الالف الثاني قبل الميلاد كانت سباً في ظهور مدن تجارية مهمة على حساب مدن اخرى، فقد اضمحلت مدن لكش واوما الوركاء ونفر مقابل ازدهار مدن بابل واشور وماري واشنونا (65).

ان النظم والتقاليد الاعراف التي تحمت في تنظيم الحياة الاقتصادية ولا سيما التعامل التجاري الداخلي ، لم تكن واحدة في جميع العصور وعلى مختلف الاقاليم والمناطق ، بل كانت تتغير بصورة واضحة عن ابرز ملامح التعاملات التجارية والفردية والجماعية في العصر البابلي القديم الذي زودنا باعداد كبيرة من النصوص المسمارية ذات العلاقة بسير الحياة الاقتصادية والتي عدت منوالاً لجميع الفترات التاريخية في العراق القديم (66).

ارتبطت طبقات المجتمع العراقي القديم بالتعامل التجاري بصورة كلية تقريباً ، الا ان هناك فئة خاصة من المجتمع تبقى تشكل نواة التعامل التجاري بين الافراد وهم فئة التجار بالاكدية (تمكاروTamkarum )  وبالسومرية DAM-KAR(67) وكانت هذه الفئة من المجتمع  تتمتع بمركز اجتماعي مرموق ذلك لان عمله يرتبط اساساً مع الدولة او على الاقل بداية ظهور فئة التجار تنامت مع اختصاص بعض الموظفين الاداريين باداء دور الوكيل للدولة او المعبد في كثير من التعاملات التجارية سواء كانت بيع او شراء او تخصيص اراضي او غيرها من المعاملات التي كانت تتم بين الافراد والسلطة (68).

وتشير المعلومات الواردة في النصوص الاقتصادية الى البدايات الاولى لنشاط التجارة في العراق القديم حيث تظهر لنا صورة البائع المتجول بين المدن والقرى عارضاً فيها سلعة ومواده التي يجعلها من اماكن اخرى (69) ويبدو ان كل مدينة كانت قد افرزت فئة من الناس من الناس ذات الارتباط المباشرة مع المعبد او القصر لكي تقوم بممارسة مهنة التجارة وعلى مختلف درجاتها وسعتها بالنسبة لأحوال المجتمع (70).

وتختلف النظرة الى التاجر عند بعض الباحثين فمنهم من يرى ان ارتباط التاجر بالمعبد او القصر وقيامه بدوره كوكيل جعله موظفاً ذو طابع اقتصادي وان مورده الاساس (الدخل) كان مستمداً من الهبات والمنح التي يخلعها عليه القصر او المعبد والتي كان من أهمها الأراضي الزراعية فضلاً عن الاجر الذي يتلقاه وباعتباره موظفاً وكيلاً للمعلومات التجارية بين السلطة والافراد اضافة الى ما يجنيه من بعض الاعمال التجارية الفردية التي كان يقوم بها خارج نطاق عمله الاساس التابع للقصر او المعبد (71).

هذا الراي قد يبدو صحيحاً اذا ما نظرنا الى البدايات الاولى للنشاط الاقتصادي وعدم وجود فوارق طبيعية تخصصية أي ان النظام التجاري كسائر الانظمة كان لا يزال مرتبطاً مع محورية المعبد او القصر لا سيما في الفترة التي سبقت قيام الدول المركزية القوية وظهور الاقطاعات الكبيرة للأفراد المرتبطين بالقصر.

من جهة اخرى فان هناك من يركن الى هذا الراي الا انه يضيف اليه الدور الاساسي الذي كان يقوم به وهو المتاجرة بالبضائع المختلفة واقراض الاموال والمشاركة مع التجار الاخرين وتمويلهم ولم يقتصر تمويله للتجار فقط . وانما يقوم بدور الممول للناس ايضا لقاء ارباح معينة من (الربا) وكذلك دوره كصراف لقاء فوائد مادية معينة (72).

ويبدو ان الرأيين يتفقان مع بعضهما خصوصاً اذا ما عرفنا ان التجارة حتى نهاية سلالة اور الثالثة كانت من اجل تلبية مصالح الافراد وحاجات الفلاحين لذا فهي كانت حكراً للدولة ، فالتاجر يستلم بضاعته المستوردة او المحلية من القصر او المعبد ، أي من قطاع الادارة الكبيرة للدولة والتي كان يسيطر عليها الملك بصورة غير مباشرة . بمعنى ان احد كبار الموظفين يقوم بدور التاجر الاكبر في القصر ويعمل باسم السلطة يساعدة في ذلك مجموعة من الموظفين الذين ينخرطون ضمن سلسلة الوكلاء التجاريين .

واذا ما اخذنا مثال على اخر مكل لسلالة اور الثالثة (ابي سين) نرى ان احد الموظفين الكبار وهو (لو – انيلاه Lu – Enlila ) قد استحوذ على جزء كبير من تجارة السلطة المركزية انذاك (73).

واذا ما اسلمنا بكون التاجر مرتبطاً بصورة مباشرة او غير مباشرة مع السلطة فان من الطبيعي ان تتمتع فئة التجار بامتيازات وحقوق اجتماعية واقتصادية تفوق الناس الاخرين الامر الذي جعلهم يكتسبون شهرة ومكانة اجتماعية في المجتمع العراقي القديم (74) ، كما ان القوانين والشرائع لا سيما قانون حمورابي اشارت الى حقوقهم وواجباتهم بصراحة واعتبرت ان رفع مكانه هذه الفئة (التجار) يعود بالتالي الى صالح الدولة كونها مرتبطة بها وتمثل احدى واجهاتها (75).

وتشير بعض النصوص المسمارية الى نشاطات فئة التجار وتسليط الضوء على اهم السلع والمواد التجارية والتي اهمها الصوف والاخشاب والملابس ومواد البناء وغيرها. ولم يقتصر على ذلك فقط فقد اشتملت على تجارة الرقيق حيث ان هذا النوع من التجارة لم يقتصر على البلدان الأجنبية (76) بل ان هناك فئة من التجار اختصت بالتعامل ببيع وشراء الرقيق داخل بلاد بابل (77).

ويبدو ان مركز التاجر قد ارتفع كثيراً في العهد البابلي القديم نتيجة لتحولات الاقتصادية الجذرية التي حدثت في هذا العصر وشاعت خلاله الملكية الفردية ونشاط الافراد في مجال التجارة والصناعة والزراعة، بعد ان كان المعبد يهيمن على جميع النشاطات الاقتصادية تقريباً (78). ونتج عن هذا التوسع في مكانة التاجر ان اصبحت هناك جماعات من التجار تنضوي تحت امرة ما يعرف بـ(رئيس التجار) فكان ذلك اشبه الى ما يكون بالنقابة في الوقت الحاضر (79).

ان التجارة الداخلية التي كان يقوم بها التاجر، كانت تشكل حلقة واسعة من المعاملات ، والنشاطات التجارية داخل البلاد والتي لا بد انها كانت تقام في اماكن مخصصة لها (الاسواق) وعلى الرغم من ان بعض الباحثين لا يؤيدون فكرة وجود اسواق في العراق القديم ، معتمدين بذلك على اراء المؤرخ هيرودوتس الذي زار العراق في القرن الخامس قبل الميلاد واقام مقارنة مع الاقتصاد الاجنبي في بابل مضيفاً الى ذلك عدم وجود مساحات مفتوحة يمكن ان تستخدم كأسواق (80).

ويرد الاستاذ هاري ساكز على هذا الراي بالاشارة ان صاحب هذا الراي قد اغفل تماماً الاختلافات بين التكوين الاجتماعي والاقتصادي للفرس الاخمينين (المحتلين للعراق انذاك) والذي كانوا لا يزالون قبائل رحل وغير متحضرة، وبين البابليين الذين كان لهم تراث حضاري كبير يمتد الى عمق التاريخ الحضاري في بلاد الرافدين.

اما فيما يتعلق بالمساحات المخصصة للاسواق فان مدن العراق القديم تملك مساحات تكفي لأقامة مهرجانات نصر كبيرة وواسعة كما اشار الى ذلك الاثاريون كمدينة اشنونا مثلاً في الالف الثالث قبل الميلاد (81).

ويدعم الباحث الراي الاخير بالاشارة الى وجود اسواق دائمية تتالف من عدد من المحلات التجارية المتخصصة والتي تشكلت على شكل احياء وتجمعات تجارية اخضعت ببيع وشراء انواع محددة من السلع والمواد (كما هو الحال الان). فهناك سوق للخزافين وسوق للنسيج والنساجين واسواق للماشية فضلاً عن وجود الكثير من الحرف والصناعات تنجز في البيوت . وعليه فان الحي السكني كان يمثل سوقاُ لسلعة او بضاعة معينة بموجب مهارات او اهتمامات سكان هذا الحي او ذلك (82).

اما عن مسالة عدم وجود مساحات واسعة كأسواق للتعاملات التجارية بالاعتماد على الادلة الاثارية ، فان ذلك لا يمثل دليل قوي في دراسة النشاط الاقتصادي للحضارات فمثلاً ان اسواق العرب في الجاهلية كانت زاخرة وعامرة وتمتد على طول السنة وتنتشر على ارجاء واسعة من شبة الجزيرة العربية ، ومع ذلك لم تكن هناك مخلفات اثرية تدل على وجود ساحات هذه الاسواق ، وانما شهرتها المتناقلة بين الاقوام من خلال الشعر والنثر وباقي الفعاليات التي كانت ترافق اقامة الاسواق (83).

ان التعامل التجاري بين الافراد فيما يخص بيع وشراء الاموال المنقولة كالمواد الغذائية والالبسة والمنتجات المختلفة كانت تتم شفاهاً بعد ان يتفق البائع مع المشتري على السعر ولم يكن مثل هذا النوع من التعاملات يستوجب تحرير عقد بيع او شراء او إحضار الشهود (84).

اما بالنسبة للتعاملات التجارية التي استوجبت تحرير عقود فقد وضعت لها اسس وشروط احتوت على جميع التفاصيل الخاصة بالمعاملة التجارية من حيث تنظيم اسماء المتعاقدين والاسس المتفق عليها وموضوع العقد ومبلغ المال المدفوع او المقبوض والشروط الجزائية الخاصة بالعقد ؛ فضلاً عن رضا الاطراف المتعاقدة وقبولها للشروط , ومن الطبيعي ان يأخذ العقد صفة دينية من حيث القسم بالملك او الاله او كلاهما ، ثم ياتي بعد ذلك اسماء الشهود الذين يصل عددهم الى عشرين شاهد بغض النظر عن موضوع العقد واهميته ، ويختم العقد بطبيعة ختم او اختام الاطراف ويكون باطلاً في حالة الاخلال بتلك الشروط (85).

ولعل من اكثر الاوجه الاقتصادية تداولاً بين افراد المجتمع هو (نظام القرض)، حيث كانت القروض من المعاملات التجارية التي اهتم بها العراقيون القدماء لدورها الواضح في حياتهم الاقتصادية لا سيما في مجال الزراعة والتجارة، وقد ورد في احد الامثال العراقية القديمة ما يشير الى نظرة القوم الى القرض اذ يقول :-

"قرض الدين كعملية الاتصال الجنسي ، واستعادة الدين هي كولادة ابن " (86).

ان اهمية القروض وتداولها وتدخلها في حياة الافراد جعلت المشرعين يحددون لها القواعد والاصول سواء من حيث استخدامات القرض او من حيث التزامات الاطراف ذات العلاقة بالقرض او من حيث اسعار الفائدة الجارية عليها (87) وتشير الوثائق الاقتصادية الى ان القروض كانت على نوعين الاول ما يُمــنح بفائدة 33 1/3 % من الشعير وفائدة الفضة 20% ويكون الدفع في موسم الحصاد (88)  .

وكثيراً ما تسمى فائدة الفضة بفائدة الالة شمش (89) ويسمى هذا النوع من القروض عموماً (خوبولوم Hubulum)(90). اما النوع الثاني من القروض فيعطى بدون فائدة محددة ، حيث ان الفائدة على القرض تكون على قيمته وبالاتفاق, ويسمى هذا النوع بــ(خوباتوم hubtum)  ويمثل العقد التالي نموذجاً لمثل هذا النوع من العقود : " لقد استلم شمش ناصر الحاكم ابن سنأتيشام من اليشو- ناصر ... من الحنطة، كقرض خوباتوم لمدة سنتين لن يكون هناك فائدة ، واذا لم يعد الحنطة في السنة الثالثة . فعلية ان يضيف الفائدة " (91).

لقد نالت القروض جزءاً من القوانين العراقية القديمة وذلك من خلال وضع الشروط الجزائية ومنع حالات التعسف من قبل الدائن في مواجهة المدين فضلاً عن اضفاء صفة الإلزام بالقرض، وكل ذلك من اجل استقرار عمليات التبادل التجاري . ويلاحظ ان شريعة اشنونا قد خصصت ثماني مواد لأحكام القروض (92) في حين خصص المشروع حمورابي ستة عشر مادة قانونية تتعلق بأحكام القروض (93)  .

اما عمليات إلايـداع في الممارسات التجارية الداخلية فقد اعتبرت من معاملات الصيرفة المعتادة التي طالما لجأ اليها الافراد ، اما لحفظ المال المودع وتجنب مخاطر السرقة او من اجل استثمار هذه الاموال وتحصيل الفوائد عليها . او بهدف الاحتفاظ بسرية محتويات الوديعة من اموال او مقتنيات اخرى كما جاء قانون حمورابي: "اذا اعطى رجلُ فضى او ذهباً او أي شيء اخر الى رجل اخر للمحافظة عليها فعليه ان يشهد الشهود على ما يعطيه، وعليه ان يدون عقداً بذلك عندئذ يستطيع ان يعطي امواله للمحافظة عليها " (94).

وفي الواقع ان العراقيين القدماء قد اهتموا بالصيرفة ومؤسساتها معتمدين بالتعامل الصيرفي انماطاً متنوعة في حالات الإقراض والايداع والتسليف والتمويل المالي الذي كان سائداً بين مختلف المراكز التجارية على شكل رسائل وصكوك وهي جميعها تمثل ادوات ائتمان (95).

ومما هو ذو صلة بالواقع الاقتصادي والحياة الاجتماعية في العراق القديم هي مسالة الضرائب، فقد ورد في قانون اشنونا مصطلح (نسخاتم Nishatum) والتي قصد به ضريبة المواد الغذائية والتي خصصت منها نوع اخر وهي ضريبة القصر (96).

وفي الواقع ان النظام الضريبي كان من الادوات التي استخدمها الملوك والامراء الكبار الموظفين للضغط على كاهل الافراد الامر الذي جعله سبباً في تغيير بعض انظمة الحكم من خلال مساعدة الناس للأمراء الثائرين ضد هذا التعسف والظلم. وتمثل حالة وصول الملك (اوروانمكينا) حاكم دويلة لكش الى الحكم مثالاً واضحاً يشير الى مسألة استغلال الضرائب لتكوين اقطاعيات فردية واسعة.

لقد جاء في المدونة الخاصة باصلاحات الملك اوروانمكنيا ما يشير الى الوضع الضريبي الفاسد قبل مجيئه الى الحكم ‘ اذ تشير المدونة (97)  الى حالة الفرد في لكش الذي اذا طلق امراته كان (ايشاكو= الامير) يأخذ منه خمس شيقلات ، ويقبض وزيرة شيقل واحد . واذا هيأ صاحب العطر نوعاً من الدهان حصل (ايشاكو) على خمس شيقلات، والوزير على شيقل واحد. واخذ القصر شيقلاً اخر وحتى الموت لم يخلص الناس من الضرائب والجبايات ويستمر المؤرخ السومري بشرح الوضع البائس حتى يعلق عن ذلك بمرارة بقوله: " ان جباة الضرائب منتشرون في كل مكان" (98).

ومع ظهور السلطة المركزية في بلاد الرافدين لا سيما في عصر حمورابي نرى ان النظام الضريبي قد اصبح مقنناً وفقاً لشروط خاصة به، ودخلت الضريبة في كل مجالات الحياة الا انها كانت تتناسب مع طاقة الفرد الاقتصادية بل ان الضرائب في بعض الاحيان كانت تؤخذ لأجل اعانة الفئات الفقيرة، اذ ان الضرائب كانت تعد مصدراً الكثير من الفئات. حيث نرى ان العاملين في بناء المعابد كانت اجورهم تدفع لهم من خلال النظام الضريبي المستحق على التجارة واصحاب الفائض الاقتصادي ومع ذلك فقد بقي النظام الضريبي اقل بكثير من التطور الاقتصادي المستمر في بلاد سومر وبابل بعبارة اخرى انه كان ملائماً جداً للحياة الاجتماعية والاقتصادية في تاريخ العراق القديم (99).

ثالثاً : الصناعة .

من الطبيعي ان ترافق عملية الزراعة منذ بداياتها طرق تصنيع بعض الادوات التي رافقت عملية الانتاج والزراعة فضلاً عن صناعة الادوات المنزلية من بعض جلود الحيوانات وخياطتهابواسطة ابر العظام ، وكذلك القيام بتصنيع بعض المنسوجات الخشنة الى غير ذلك من الامور الدقيقة التي اشارت الى بدايات الصناعة اليدوية (100).

وتدريجاً اخذت هذه الصناعات اليدوية تتطور بفضل اكتساب المواد الاولية والتي اهمها اكتشاف انواع المعادن فضلاً عن ظهور جديدة كصناعة الاختام والمنحوتات والتماثيل والحلي والاسلحة. وقد تفنن انسان العصر الحجري بضاعة الفخار وتلوينه وزخرفته؛ واخذت جميع هذه الصناعات تأخذ شكلاً طابعا خاصاً مع مرور الزمن حتى ظهرت بصورة واضحة في العصور التاريخية اللاحقة، ومع ذلك فان الصناعة في العراق القديم ظلت محدودة ولم تنال شهرة واسعة كما هو الحال بالنسبة للزراعة والتجارة. وربما يعود ذلك الى افتقار بلاد الرافدين الى المواد الخام لتطور الصناعة كالأخشاب والمعادن والاحجار على اختلاف انواعها ، وبصورة عامة فقد بقيت الصناعات التي مارسها العراقيون القدماء صناعات يدوية ومحدودة (101).

في عصر فجر السلالات كان المعبد – كما مر بنا – يمثل نواة المدينة ومركزها ونواة جميع النشاطات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومن الطبيعي ان يسيطر المعبد على معظم الحرف والصناعات، فقد كان لكل معبد عدد من المصانع البسيطة (مشاغل) يعمل فيها عدد من الصناع والحرفيين لأنتاج السلع التي يحتاجها المعبد وبيع الفائض منها كجزء اساس من واردات المعبد . وكان من بين هذه المشاغل عدة ورشات مختلفة منها للنجارة والنحت والدباغة وغيرها من الورش التي كانت تحتوي على الصبيان والنساء فضلاً عن وجود الرقيق ويخضعون جميعهم الى سلطة المراقب العام للمشغل (102).

ان ارتباط الصناعات اليدوية بالمعبد جعلها تلبي الحاجات المفروضة على المشاغل التابعة له فكانت ادارة المعبد بالمقابل تجهز الحرفيين والصناع بكميات معينة من المواد الخام لتصنيعها وفقاً للشروط وربما ان المنتوج كان يصنع خصيصاً لتصديره الى الخارج (103).

مع تطور الحياة الاقتصادية وانتقال السلطة من المعبد , الذي تقلص نفوذه ازاء تطور سلطة القصر ، شاعت الملكية الفردية ونشاط القطاع الاقتصادي الخاص واصبحت الحرف والمهن المختلفة بأيدي بعض الاسر او وافراد معينين ربما انهم اقتطعوها من المعبد او القصر واصحبت هذه الحرف سمة خاصة لبعض الاسر العراقية القديمة(104) بالمقابل نجد ان الحرفيين الافراد اخذوا ينتظمون ضمن تنظيم خاص لهم , وكل حسب حرفته او مهنته وكان يقوم هذا التجمع باختيار ابرز شخص من بينهم من اجل تمثيلهم امام السلطة لذا فقد شبه هذا التجمع بالنقابات الموجودة في الوقت الحاضر (105).

ان حاجة المجتمع افراد المجتمع الى اكتساب المهن او الحرف كان امراً ضرورياًَ لضمان مكسب العيش لذا فقد كانت الحرفة او الصنعة الواحدة تأخذ مدة طويلة من حياة الفرد كي يكسبها ويتعلمها كما هو الحال بالنسبة لمهنة التجارة والصياغة مثلاً . ولضمان استمرار الحرفة داخل الاسرة الواحدة كان الآباء يخصصون بعض اولادهم وربما جميعهم ليتدربون على حرفة الاب ؛ وربما يتعدى الامر الى تبني الاولاد لتعليمهم مهنة الاسرة وتاكيد بقاء هذه الصنعة وداخل افراد الاسرة واقتصارها عليهم ولا يحق لأي احد تعليمها اذا ما كانت هذه الحرفة نادرة(106).

 وبما ان بقاء الحرفة او المهنة ضمن اسرة واحدة كان يضمن مكانة وواجهة اجتماعية متميزة في المجتمع او ان هذه الحرفة او تلك كانت تحضى بعناية او تقريب الى البلاط الملكي كما نراه بالنسبة الى مهنة الطب وصناعة المواد الكيماوية والعقاقير، فان اصحاب هذه الحرفة كانوا دائماً ما يبقون اسرار مهنتهم غامضة ومخفية عن كل من لا ينتمي لعائلاتهم (107).

وفي هذا المجال اشارات القوانين لا سيما قانون حمورابي الى مسالة تعليم الحرفة للولد المتبني وتدريبه عليها عيشته وتربيته اذ نقرأ:-

"اذا اخذ حرفي ولداً ليربيه ( أي ليتبناه) وعلمه عمل يده (أي حرفته) فلا يطالب... "(108)

وايضاً في المادة التي تليها :

"فاذا لم يعلمه (الحرفي) عمل يده (حرفته)، (يحق) لذلك الولد المتبنى الرجوع الى بيت ابيه " (109).

واذا تركنا صناعة الادوات والآلات الزراعية البدائية فان صناعة التعدين تاتي في مقدمة الصناعات التي ظهرت مع الحاجة الضرورية للمجتمع الناتجة عن تعقد امور الحياة، فقد عرف العراقيون القدماء المعادن منذ وقت مبكر، وبدأوا بتصنيفها فكان النحاس اول المعادن التي عرفوها واستخدموها على شكل ادوات حربية. وقد كان لنحاس في بادئ الامر يستخدم بشكله الطبيعي وبدون تسخين ولم التعريف على عملية صهر النحاس الا في عصر جمدة نصر اي في حدود نهايات الالف الرابع قبل الميلاد (110) وقد عدت عملية الصهر مرحلة كبيرة ومؤثرة في تسريع التطور الحضاري وخصوصاً في العراق ، اما الافراد والعاملين في صهر وصب معدن النحاس فقد اطلق عليهم مصطلح (تابيرو Tabero ) (111).

ومن المعروف ان العراقيين القدماء قد عرفوا المصادر الاساسية للنحاس والمعادن والاخرى فقد كانت دلمون (البحرين) سوقاُ ممولاً لهذا المعدن عند منتصف الالف الثالث قبل الميلاد وقد كان دلمون يتميز عن بقية انواع النحاس لا سيما نحاس قبرص وحمرين، ومن الجدير بالذكر ان مكـّـان (عُـمان) كانت تعرف عند السومريين بانها جبل النحاس لوجود جبل خاص بالمعادن لا تزال آثاره قائمة ليومنا هذا (112) .

ويأتي البرونز بعد النحاس في صناعة التعدين، ويليه الفضة والذهب والرصاص، كما استخدموا التصدير فكانت براعة العراقيون واضحة في صناعة الحلي والاواني الدقيقة من المعادن وزخرفتها بالحفر والنقش والتلوين ، اما الحديد فلم يستخدم الا في العصر الاكدي تقريباً فقد انتشر استخدامه صناعة بعض الالات والادوات الزراعية والمنزلية وصناعة الاسلحة .

 ومن خلال المحاولات المتكررة استطاع العراقيون القدماء تحويل المعادن الخسيسة الى معادن ثمينة ووصولاً من خلال محاولاتهم الى معرفة خواص المعادن ، والتفاعلات الكيمياوية المهمة وقد حاولوا تقليد الاحجار الكريمة حيث تشير القطع الفنية المكتشفة في مقبرة اور الملكية والمصنوعة من الذهب والاحجار الكريمة الى دقة الصنع والمهارة الواضح في صناعة التعدين (113).

ومن المهن القديمة التي كانت ذات علاقة بارزة في المجتمع العراقي القديم هي مهنة الحياكة والنسيج حيث تشير المصادر المادية الى ان النسيج كان معروفاً منذ العصر الحجري المعدني . فقد كانت هناك الأصواف الجيدة لا سيما أصوات الخراف التي استمرت تربيتها في بلاد الرافدين كما يظهر من خلال النصوص الخاصة بتنظيم اقتصاديات الدولة آنذاك (114).

وتذكر النصوص العائدة لسلالة اور الثالثة الى وجود مشاغل للحياكة والنساجين وربما ان عملية الغزل والنسيج كانت تتم في البيوت ليشارك فيها افراد الاسرة كافه؛ لذا فان اهتمام الاسرة العراقية، والمجتمع العراقي القديم عموما، بالمنسوجات جعله منتوجاً ذو جودة عالية ويخصص البعض منه الى التصدير او أرساله كهدايا للملوك وحكام البلدان المجاورة (115).

كما برع العراقيون القدماء في صناعة الفخار وقد دخلت هذه الصناعة الى جميع مستويات المجتمع كافة وذلك لرخص ثمنه وسرعة تحضيره ، فضلاً عن ذلك فقد كانت لصناعة الاختام الاسطوانية ميزة خاصة في تاريخ الصناعات اليدوية (116). اذ بدأ استخدام الاختام الاسطوانية منذ عصر الوركاء في اواسط الالف الرابع قبل الميلاد وقد افادت صناعة الفخار والاختام في تحديد الادوار الزمنية للطبقات الاثرية المنتشرة في بلاد الرافدين(117).

كما انتشرت ايضا صناعة الجلود اذ اتخذ الدباغون من جلود المواشي مادة اولية لعديد من الصناعات المحلية كالملابس والاحذية والعدد الحربية، كما استخدموا الجلود كأغلفة وزنية لبوابات الدور فضلاً عن استخدماها في حفظ المواد الثمينة ويرجع تاريخ استخدام الجلد الى فترة سلالة اور الثالثة حيث عثر في المقبرة الملكية اغلفة اطارات خاصة بالعربة الملكية ويرجع تاريخها الى حدود الالف الثالث قبل الميلاد (118). وقد اطلق على المتخصصون في صناعة الجلود في مختلف الازمنة التاريخية في العراق القديم لفظ (Ashkappe) المأخوذة من اللفظ السومري (119) (ASHGAB) ويلاحظ في هذا اللفظ التشابه مع كلمة (اسكافي) الدارجة في الوقت الحاضر والتي تعني صانع او مصلح الاحذية.

عموماً فان الحرفيين والصناع كانت تختلف مكانتهم الاجتماعية من حرفة الى اخرى الامر الذي جعل المشرعين يحددون قيمة واجور عمل الحرفيين كل حسب اختصاصه، فقد جاءت احدى مواد شريعة حمورابي بصورة عن اجور عدد من الحرفيين والمهرة لعدد من الصناعات (120).

اذن فان الصناعة كانت لاتصل بأزهارها الى درجة الزراعة او التجارة كون ان المجتمع العراقي القديم لم يكن مجتمع صناعي للأسباب التي مرت بنا آنفا ً. 

_______________

(1)  تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، حضارة العراق ، ج1 ، ص 114

(2)  طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات ، ط1 ، ص 366

(3)  تقي الدباغ : الثورة الصناعية ، ص120

(4) حول تقسيم العمل أنظر الفصل الثاني

(5) وليد الجادر : التجمعات الزراعية الاولى في المدينة والحياة المدنية ، ج1 ، ص 61 .

(6) تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، ص120 ، وما بعدها .

(7)  أحمد سوسة : تاريخ حضارة وادي الرافدين في ضوء المشاريع الزراعية ، بغداد 1981 ، ج1 ، ص109 وما بعدها .

(8) تقي الدباغ : الزراعة والتحضر . العراق موكب الحضارة ، ج1 ، ص 27  وما بعدها .

(9) سامي سعيد الاحمد ، الزراعة والري ، حضارة العراق ، ج2 ، ص 156

(10)  فوزي رشيد : ابي سين , ص32

(11) انظر الفصل الثاني ، ص

(12) أنظر قانون حمورابي المواد 42 – 65

(13)  قانون أورنمو المادة 29

(14) قانون حمورابي : المادة 45

(15)  قانون حمورابي : المادة 55

(16) قانون حمورابي. المادة 53

(17) قانون حمورابي. المادة 54

(18)  نجيب ميخائيل ابراهيم ، مصر والشرق الادنى ، ج6 ، ص 185 .

(19)  فوزي رشيد : السياسة والدين ، ص 20

(20)  تيومينيف : اقتصاد دولة ، ص 116 .

(21)  تيومينيف : اقتصاد الدولة في سومر ، ص 117

(22) ينظر المادة 28 من قانون حمورابي

(23) ينظر المادة 42 – 48 من قانون حمورابي

(24)  طه باقر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، ط1 ، ص 427

(25)  قانون حمورابي : المادة 60

(26) قانون حمورابي : المادة (61) .

(27) قانون حمورابي : المادة (62) .

(28) صموئيل نوح كريمر : من الواح سومر ، ص137 وما بعدها.

(29) تقي الدباغ : الزراعة والتحضر ، ص58.

(30) سامي سعيد الاحمد : الزراعة والري ، ص170 .

(31) مهند عاشور شناوة : مجمع الالهة ، ص108 .

(32) ينظر قصة الخليفة البابلية (اينوما ايليش) .

(33) ينظر ملخص الاسطورة في فاضل عبد الواحد علي : سومر اسطورة وملحمة ، ص209.

(34) فوزي رشيد : الديانة ، حضارة العراق ، ط ص،169 .

(35) انظر الفصل الثالث ، النظام السياسي ، ص .

(36) طه باقر واخرون : تاريخ العراق القديم / ط2 ، ص120 .

(37) احمد سوسة: تاريخ حضارة وادي الرافدين وايضاً فيضانات بغداد وغيرها من كتب الاستاذ .

(38) سامي سعيد الاحمد : الزراعة والري ، ص177 .

(39) م.ن والصفحة .

(40) هورست كلنغل : حمورابي ، ص117 .

(41) م.ن ، ص116 .

(42) تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، ص123 .

(43) طه باقر واخرون ، تاريخ العراق القديم ، جـ2 ، ص126 .

(44) م.ن والصفحة .

(45) وليد الجادر : صناعة التعدين ، حضارة العراق ، جـ2 ، ص239 .

(46) م . ن. جـ2 ، ص240 .

(47) انظر اسطورة الغلة والماشية .

(48) تقي الدباغ : الزراعة والتحضر ، جـ1 ، ص51-ص52 .

(49) سامي سعيد الاحمد : الزراعية والري ، ص167 .

(50) انظر قانون حمورابي : المادة (49-52) .

(51) عبد القادر الجبوري : والتاريخ الاقتصادي ، ص11 .

(52) تقي الدباغ : الزراعة والتحضر ، ط1 ، ص49 .

(53) عامر سليمان : النظم المالية والاقتصادية ، ط1 ، ص352 .

(54) اسماعيل حسين حجارة : ملاحظات عن الاحوال الاجتماعية والاقتصادية ، ص7 .

(55) سامي سعيد الاحمد : العراق القديم ، جـ 2 ، ص29 .

(56) رضا الهاشمي : التجاري ، حضارة العراق ، جـ 2 ، ص213 .

(57) رضا الهاشمي : التجارة ، جـ2 ، ص238 .

(58) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص327 .

(59) رضا الهاشمي: التجارة، جـ2، ص214-ص215.

(60) للتفصيل حول مجرى الانهار ينظر: طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات ‘ج1‘ص428-ص434.

(60) احمد سوسة : تاريخ حضارة وادي الرافدين ، ط1 ، ص112 .

(61) رضا الهاشمي : التجارة ، جـ ، ص215-ص 216 .

(62) طه باقر واخرون : تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص13-ص140 .

(63) عامر سليمان : النظم المالية ، ص386 . 

(64) Polanyi K. (editor) : Trade and Markets  in the early Empire (New York) 1957. P20

(65) رضا الهاشمي : التجارة / حم2 ، ص329 .

(66) Leemans ; W.E: Legal and Economic Records from The Kingdom  of Larsa (Leiden 1954) P.P 8-9 .

(67) Polanyi : Trade and markets P.P 15-19 .

(68) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص326 .

(69) هورست كلنغل : حمورابي ، ص60-ص61 .

(70) رضا الهاشمي : التجارة ، جـ2 ، ص229 .

(71) فوزي رشيد : الشرائع العراقية القديمة . ص133-136 .

(72) قانون حمورابي : المادة (280) .

(73) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص327 .

(74) عامر سليمان : العراق في التاريخ القديم ، جـ2 ، ص247 .

(75)  Leemans : W.F. the old Babylonian Merchant . Liden , 1950. P25 .

(76) يدعم هذا الراي Polanyi. K: Trade and Markets: P.P 16-17 . ويؤيده ايضا. ل. (77) ديلابورت: بلاد ما بين النهرين، ص156–158.

(78) هاري ساكز ، عظمة بابل ، ص325 .

(79) رضا الهاشمي : التجارة ، جـ2 ، ص216.

(80) حول تلك الاسواق ينظر حمدان الكبيسي ، اسواق العرب التجارية قبل الاسلام ، بغداد – 1990 .

(81) طه باقر واخرون : تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص283 .

(82) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص328-ص331 .

(83) رضا الهاشمي : التجارة ، جـ2 ، ص243 رما بعدها .

(84) حسن النجفي : التجارة والقانون ، ص45 ، ص77 ، ص92 .

(85) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص328 .

(86) حسن النجفي : التجارة والقانون ، ص45 .

(87) فوزي رشيد :  الشرائع العراقية القديمة ، ص133 .

(88) عبد الملك يونس: عبادة الالة شمس ،ص114

(89)  PSD : letter ( H ) .   

(90)  PSD : letter ( H ).

(91) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص329 .

(92) قانون اشنونا : المواد (16 ، 19-25)

(93) انظر المواد فوزي رشيد : الشرائع العراقية ، ص133-137 .

(94) قانون حمورابي : المادة (122) وينظر ايضا المواد (123-126) من القانون نفسه .

(95) حسن ألنجفي : التجارة والقانون ، ص52 .

(96) قانون اشنونا : المادة (2) وينظر التعليق حول هذا المصطلح عند فوزي رشيد : الشرائع العراقية ، ص85 .

(97) ينظر النصوص الكاملة لإصلاحات الملك اوروانمكينا في صموئيل نوح كريمر : السومريون , ص455-ص464.

(98) صموئيل نوح كريمر: من الواح سومر ، ص109-ص110 .

(99) Trade and Taxation in the free encyclopedia , (Sumer) in   httm//www.wikipedia.com

(100) وليد الجادر : الحرف والصناعات اليدوية ، بغداد – 1972 ، ص6 .

(101) وليد الجادر : صناعة التعدين ، حضارة العراق ، جـ 2 ، ص239 .

(102) طه باقر وآخرون : تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص150-ص151 .

(103) هورست كلنفل : حمو رابي ، ص61 .

(104) عامر سليمان : العراق في التاريخ القديم ، جـ 2 ، ص255 .

(105) وليد الجادر : صناعة الجلود في وادي الرافدين ، مجلة سومر مج27 ، ص1971 ، 311 .

(106) نجيب ميخائيل ابراهيم : مصر والشرق الادنى ،  جـ 6، ص191 .

(107) عامر سليمان ، العراق في التاريخ القديم  جـ 2 ، ص254 .

(108) قانون حمورابي : المادة (188) .

(109) قانون حمورابي : المادة (189) .

(110) وليد الجادر : صناعة التعدين ، ص241 .

(111) م. ن الصفحة.

(112) م. ن، ص244.

 (113) Sumerian Jobs and Economy ; in htt www.Crystallink.com/sumer

(114) وليد الجادر: صناعة الجلود، ص305.

(115) سامي سعيد الاحمد: السومريون، ص105.

(116) ل.ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ، ص225 .

(117) طه باقر وآخرون: تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص156 .

(118) وليد الجادر، صناعة الجلود ، ص306 .

(119) Halloran , A. Jon : Sumerian lexicon , p.45 .

(120) انظر المادة (274) من قانون حمورابي.

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).