أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/المعاد/منزلة النبي وأهل البيت صلوات الله عليهم في القيامة/الإمام علي (عليه السلام)
أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا
محمد بن علي بن مهدي الكندي العطار بالكوفة وغيره، قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو
بن طريف الحجري، قال: حدثني أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الأصبغ
بن نباتة، قال: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه
السلام) في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل - يعني الحارث - يتأود في مشيته ويخبط
الأرض بمحجنه وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت له منه
منزلة، فقال: كيف تجدك، يا حارث؟ قال: نال الدهر مني يا أمير المؤمنين، وزادني
أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم؟ قال: في شأنك والبلية من
قبلك، فمن مفرط غال ومقتصد قال، ومن متردد مرتاب لا يدري أيقدم أو يحجم. قال:
فحسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق
التالي.
قال: لو كشفت - فداك أبي وأمي - الرين عن
قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا؟
قال: قدك ، فإنك امرؤ ملبوس عليك، إن دين
الله لا يعرف بالرجال، بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله.
يا حار، إن الحق أحسن الحديث، والصادع به
مجاهد، وبالحق أخبرك فارعني سمعك، ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك، ألا إني
عبد الله وأخو رسوله، وصديقه الأول، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه
الأول في أمتكم حقا، فنحن الأولون ونحن الآخرون، ألا وأنا خاصته - يا حار -
وخالصته وصنوه، ووصيه ووليه، وصاحب نجواه وسره، أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب،
وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى
ألف ألف عهد، وأيدت - أو قال: أمددت - بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري لي ولمن
استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأبشرك - يا حار - ليعرفني، والذي فلق
الحبة وبرأ النسمة، وليي وعدوي في مواطن شتى، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند
المقاسمة. قال: قلت: وما المقاسمة، يا مولاي؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة
صحاحا، أقول: هذا وليي، وهذا عدوي.
ثم أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) بيد
الحارث وقال: يا حار، أخذت بيدك كما أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي،
فقال: لي واشتكيت إليه حسد قريش والمنافقين لي: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل
- أو بحجزة، يعني عصمة - من ذي العرش (تعالى)، وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت
ذريتك بحجزتك، وأخذ شيعتكم بحجزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه، وما يصنع نبيه بوصيه،
خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما احتسبت - أو قال: ما
اكتسبت - قالها ثلاثا. فقال الحارث - وقام يجر رداءه جذلا -: ما أبالي وربي بعد
هذا، متى لقيت الموت أو لقيني.
قال جميل بن صالح : فأنشدني السيد بن محمد
في كتابه :
قول عــــلي لــــحارث عـــــجب * كم ثم
أعجوبة لــه حـــملا
يا حــار همدان من يـــمت يرني * من مؤمن
أو منافـق قبـــلا
يــعـــرفـنــي طرفــه وأعـرفــــه * بنعته
واسمه ومــا فـــــعلا
وأنـــت عـــند الـــصراط تعرفني * فلا تخف
عثـــرة ولا زللا
أســــقيـــك مــن بـارد عـلى ظمأ * تخاله
في الحـــلاوة العسلا
أقول للنار حين تعرض للـعرض * دعيـــــــه
لا تقـبلي الرجلا
دعــيه لا تــقربيـــه إن لــــــــــه *
حبلا بحبل الوصي متصلا .
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 625
تاريخ النشر : 2023-04-18