أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/علم الامام/النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا
أبو أحمد عبيد الله ابن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد،
قال: سمعت جدي إبراهيم ابن علي يحدث عن أبيه علي بن عبيد الله، قال: حدثني شيخان
بران من أهلنا سيدان : موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي
أبي جعفر، عن أبيه، وحدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة، قال: حدثني عمي عمر بن
علي، قال: حدثني أخي محمد بن علي، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام)، قال أبو
جعفر (عليه السلام): وحدثني عبد الله بن العباس، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وكان
بدريا أحديا شجريا، وممن محض من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مودة
أمير المؤمنين (عليه السلام)، قالوا: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في
مسجده في رهط من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن ورجلان من قراء
الصحابة من المهاجرين، هما عبد الله بن أم عبد، ومن الأنصار أبي بن كعب وكانا
بدريين، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان، حتى أتى على هذه الآية (وأسبغ
عليكم نعمة ظاهرة وباطنة﴾ الآية، وقرأ أبي من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه
السلام) (وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) قالوا : قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): أيام الله نعماؤه، وبلاؤه مثلاته سبحانه.
ثم أقبل (صلى الله عليه وآله) على من شهده
من أصحابه، فقال: إني لأتخولكم بالموعظة تخولا مخافة السأمة عليكم، وقد أوحى إلي
ربي (جل جلاه) أن أذكركم بالنعمة، وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه، وتلا (أسبغ
عليكم نعمة) الآية. ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم: ما أول نعمة رغبكم الله فيها
وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من
المعاش والرياش والذرية والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله (عز وجل) به من أنعمه
الظاهرة، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه
السلام)، فقال: يا أبا الحسن، قل فقد قال أصحابك .
فقال : فكيف لي بالقول - فداك أبي وأمي -
وإنما هدانا الله بك. قال: ومع ذلك فهات، قل ما أول نعمة بلاك الله (عز وجل) وأنعم
عليك بها؟ قال: أن خلقني جل ثناؤه.
ولم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت، فما
الثانية؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا لا ميتا. قال: صدقت، فما الثالثة؟
قال: أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب. قال: صدقت، فما الرابعة؟ قال:
أن جعلني متفكرا راغبا لا بلهة ساهيا.
قال: صدقت، فما الخامسة؟ قال: أن جعل لي
شواعر أدرك ما ابتغيت بها، وجعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت، فما السادسة؟ قال: أن
هداني ولم يضلني عن سبيله.
قال: صدقت، فما السابعة؟ قال: أن جعل لي
مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت، فما الثامنة؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا
مملوكا. قال: صدقت، فما التاسعة؟ قال: أن سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما
من خلقة. قال: صدقت، فما العاشرة؟
قال: أن جعلنا سبحانه ذكرانا لا إناثا.
قال: صدقت، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله يا نبي الله فطابت، وتلا (وإن تعدوا
نعمة الله لا تحصوها) فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: لتهنك الحكمة،
ليهنك العلم يا أبا الحسن، وأنت وارث علمي، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي،
من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى صراط مستقيم، ومن رغب عن هواك وأبغضك
لقي الله يوم القيامة لأخلاق له.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 490
تاريخ النشر : 2023-09-23