المفيد ، عن
المظفر بن محمد البلخي ، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، عن عيسى بن مهران ، عن
الحسن بن الحسين ، عن الحسن بن عبد الكريم ، عن جعفر بن زياد الأحمر ، عن عبد
الرحمن بن جندب ، عن أبيه جندب بن عبد الله قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام ـ وقد بويع لعثمان
بن عفان ـ فوجدته مطرقا كئيبا ، فقلت له : ما أصابك ـ جعلت فداك ـ من قومك؟. فقال
: صبر جميل. فقلت : سبحان الله! والله إنك لصبور. قال : فأصنع ماذا؟.
قلت : تقوم في
الناس وتدعوهم إلى نفسك وتخبرهم أنك أولى بالنبي صلى الله عليه وآله وبالفضل
والسابقة ، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك ، فإن أجابك عشرة من مائة
شددت بالعشرة على المائة ، فإن دانوا لك كان ذلك ما أحببت ، وإن أبوا قاتلهم ، فإن
ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي آتاه نبيه صلى الله عليه وآله وكنت أولى به
منهم ، وإن قتلت في طلبه قتلت إن شاء الله شهيدا ، وكنت أولى بالعذر عند الله ،
لأنك أحق بميراث رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال أمير
المؤمنين عليه السلام : أتراه يا جندب
كان يبايعني عشرة من مائة؟ فقلت : أرجو ذلك. فقال : لكني لا أرجو ، ولا من كل مائة
اثنان وسأخبرك من أين ذلك ، إنما ينظر الناس إلى قريش ، وإن قريشا يقول إن آل محمد
يرون لهم فضلا على سائر قريش ، وإنهم أولياء هذا الأمر دون غيرهم من قريش ، وإنهم
إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا ، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم
، ولا والله لا تدفع إلينا ـ هذا السلطان ـ قريش أبدا طائعين.
فقلت له : أفلا
أرجع فأخبر الناس بمقالتك هذه ، وأدعوهم إلى نصرك؟ فقال :يا جندب! ليس ذا زمان
ذاك.
قال جندب :
فرجعت بعد ذلك إلى العراق ، فكنت كلما ذكرت من فضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
عليه السلام شيئا زبروني ونهروني حتى رفع
ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة ، فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 29 / صفحة [ 440 ]
تاريخ النشر : 2025-08-04