أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/الامام حجة الله والدليل عليه وان الارض لا تخلو من حجة/الامام الصادق عليه السلام
عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
فورد عليه رجل
من الشام فقال : إني صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك
، فقال له أبو عبد الله عليه
السلام : كلامك هذا من كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أو
من
عندك؟ فقال : من كلام رسول الله بعضه ، ومن عندي بعضه ، فقال له أبو عبد الله
عليه السلام : فأنت إذا شريك رسول
الله صلى الله عليه وآله؟ قال : لا
، قال : فسمعت الوحي عن الله؟ قال : لا ، قال : فتجب طاعتك كما
تجب طاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال : لا قال : فالتفت
الي أبو عبد الله عليه
السلام فقال : يا يونس هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم
ثم
قال : يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته ، قال يونس : فيالها من حسرة ، فقلت : جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب
الكلام يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا ينساق ، وهذا
لا ينساق وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال أبو عبد الله عليه السلام : إنما قلت :
ويل لقوم تركوا قولي بالكلام وذهبوا إلى ما يريدون به
، ثم قال : اخرج إلى الباب من ترى من المتكلمين فأدخله ، قال : فخرجت فوجدت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام ،
ومحمد بن النعمان الاحول فكان
متكلما وهشام بن سالم وقيس الماصر وكانا متكلمين ، وكان قيس عندي
أحسنهم كلاما ، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام فأدخلتهم
عليه
، فلما استقربنا المجلس وكنا في خيمة لابي عبد الله عليه السلام في طرف جبل في
طريق
الحرم وذلك قبل الحج بأيام أخرج أبو عبد الله عليه السلام
رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب قال : هشام ورب الكعبة قال :
وكنا ظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديدا المحبة لابي عبد الله
عليه السلام
، فإذا هشام بن الحكم قد ورد
وهو أول ما اختطت لحيته ، وليس فينا إلا من هو أكبر سنا منه ، قال : فوسع له أبوعبد الله عليه السلام وقال له :
ناصرنا بقلبه ويده ولسانه ، ثم قال لحمران : كلم الرجل يعني الشامي ، فكلمه حمران وظهر عليه ،
ثم قال : يا طافي كلمه فكلمه فظهر عليه ، يعني بالطافي محمد بن
النعمان ثم قال لهشام بن سالم : فكلمه فتعارفا ، ثم قال لقيس الماصر : كلمه ،
فكلمه ، فأقبل أبوعبد الله عليه
السلام تبسم من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ، ثم
قال للشامي : كلم هذا الغلام ، يعني هشام بن الحكم فقال : نعم ، ثم قال الشامي
لهشام : يا غلام سلني في إمامة هذا ، يعني أبا عبد الله
عليه السلام
، فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم قال له : أخبرني يا هذا أربك أنظر
لخلقه
أم خلقه لانفسهم؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره
لهم
في دينهم ماذا؟ قال : كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم وأزاح
في
ذلك عللهم ، فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي : هو
رسول
الله ، قال هشام : فبعد رسول الله صلى الله عليه
وآله من؟ قال : الكتاب والسنة ، فقال :
هشام
: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه حتى رفع عنا الاختلاف
ومكننا
من الاتفاق؟ فقال الشامي : نعم ، قال هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت جئتنا من
الشام
فخالفتنا وتزعم أن الرأي طريق الدين وأنت مقر بان الرأي لا يجمع على
القول
الواحد المختلفين ، فسكت الشامي كالمفكر ، فقال أبو عبد الله عليه السلام
: مالك لا تتكلم؟ قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت ، وإن قلت : إن الكتاب
والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت ، لانهما يحتملان الوجوه ، وإن قلت
: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذا الكتاب والسنة
، ولكن لي عليه مثل ذلك، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : سله تجده
مليا ، فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق. ربهم أم أنفسهم؟ فقال : بل ربهم أنظر
لهم ، فقال الشام فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم ، ويبين لهم حقهم من
باطلهم؟
فقال
هشام : نعم ، قال الشامي : من هو؟ قال هشام أما في ابتداء الشريعة فرسول
الله
صلى الله عليه وآله ، وأما بعد
النبي (صلى الله عليه وآله) فغيره ، قال الشامي : من هو غير النبي القائم
مقامه
في حجته؟ قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله؟ قال الشامي : بل في وقتنا هذا
قال
هشام : هذا الجالس يعني أبا عبد الله عليه السلام الذي نشد إليه
الرحال ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن أب عن جد ، قال الشامي : وكيف
لي بعلم ذلك؟ فقال هشام : سله عما بدا لك ، قال : قطعت عذري ، فعلي السؤال ، فقال
أبوعبد
الله عليه
السلام : أنا أكفيك المسألة يا شامي ، اخبرك عن
مسيرك وسفرك خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت
على كذا ، ومر بك كذا ، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول :
صدقت والله ، ثم قال الشامي : أسلمت لله
الساعة ، فقال له أبوعبدالله : بل آمنت بالله الساعة إن الاسلام قبل الايمان
وعليه
يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون ، قال الشامي : صدقت فأنا
الساعة
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي الانبياء
قال
: فأقبل أبوعبد الله عليه السلام على حمران
فقال : يا حمران تجري الكلام على الاثر فتصيب ، والتفت إلى هشام بن سالم فقال :
تريد الاثر ولا تعرف ، ثم التفت إلى الاحول فقال : قياس رواغ
تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر ، ثم التفت
إلى
قيس الماصر فقال : تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن الرسول صلى الله عليه وآله أبعد
ما
تكون منه ، تمزج الحق بالباطل ، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل ، أنت
والاحول
قفازان حاذقان ، قال يونس بن يعقوب : فظننت والله أنه عليه السلام يقول
لهشام
: قريبا مما قال لهما ، فقال عليه
السلام : يا هشام لا تكاد تقع ، تلوي رجليك إذا
هممت
بالارض طرت ، مثلك فليكلم الناس ، اتق الزلة والشفاعة من وراءك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 23 / صفحة [ 9 ]
تاريخ النشر : 2024-10-08