عثمان بن سعيد أشهر وكلاء الإمام العسكري "ع"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الحسن العسكري "ع" والد الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص155-162
2025-08-14
744
أسدي منقطع للأئمة من أول نشأته
كان عثمان بن سعيد الأسدي من أسرة بغدادية شيعية منقطعة إلى الأئمة ( عليهم السلام ) ، وقيل إنه منسوب إلى العَمْري جده لأمه .
وقد اختاره الله من صباه فكان خادماً بواباً في بيت الإمام الجواد ( عليه السلام ) ( رجال الطوسي / 389 ، وأعيان الشيعة : 2 / 37 ) ثم كان وكيل الإمام الهادي ( عليه السلام ) ومعتمده ، ثم كان وكيل الإمام العسكري ( عليه السلام ) ومعتمده .
ففي غيبة الطوسي / 256 ، عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله الحسنيين قالا : « دخلنا على أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) بسر من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته ، حتى دخل عليه بدر خادمه فقال : يا مولاي بالباب قوم شعث غبر ، فقال لهم : هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن ، في حديث طويل يسوقانه إلى أن قال الحسن ( عليه السلام ) لبدر : فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري ، فما لبثنا إلا يسيراً حتى دخل عثمان فقال له سيدنا أبو محمد ( عليه السلام ) : إمض يا عثمان فإنك الوكيل والثقة المأمون على مال الله ، واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال . ثم ساق الحديث إلى أن قالا : ثم قلنا بأجمعنا : يا سيدنا والله إن عثمان لمن خيار شيعتك ، ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك وأنه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى .
قال : نعم ، واشهدوا عليَّ أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي ، وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم » . وإثبات الهداة : 3 / 511 ، والبحار : 51 / 345 .
وكان اسم عثمان بن سعيد العمري : حفص بن عمرو . ( الخلاصة / 128 ) .
وروى الطوسي في الغيبة / 354 ، عن : ( أحمد بن إسحاق بن سعد القمي قال : دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيام فقلت : يا سيدي أنا أغيب وأشهد ، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت ، فقول من نقبل وأمر من نمتثل ؟
فقال لي صلوات الله عليه : هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ما قاله لكم فعني يقوله ، وما أداه إليكم فعني يؤديه . فلما مضى أبو الحسن ( عليه السلام ) وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري ( عليه السلام ) ذات يوم فقلت له مثل قولي لأبيه فقال لي : هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات ، فما قاله لكم فعني يقوله ، وما أدى إليكم فعني يؤديه . قال أبو محمد هارون : قال أبو علي : قال أبو العباس الحميري : فكنا كثيراً ما نتذاكر هذا القول ، ونتواصف جلالة محل أبي عمرو ) .
روى في الكافي ( 1 / 329 ) عن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال : « اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو ( رحمه الله ) عند أحمد بن إسحاق ، فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له : يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه ، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة ، فلم يك يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً ، فأولئك شرار من خلق الله عز وجل ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة .
ولكني أحببت أن أزداد يقيناً ، وإن إبراهيم ( عليه السلام ) سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى : قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته وقلت من أعامل أو عمن آخذ وقولَ من أقبل ؟ فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي ، وما قال لك عني فعني يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون . وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد ( عليه السلام ) عن مثل ذلك ، فقال له : العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان ، وما قالا لك فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك .
قال : فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ، ثم قال : سل حاجتك . فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد ( عليه السلام ) ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيده إلى رقبته . فقلت له : فبقيت واحدة ، فقال لي : هات ، قلت : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم ، ولكن عنه ( عليه السلام ) ، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً ، وقسم ميراثه وأخذه من لاحقَّ له فيه وهو ذا وعياله يجولون ، ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً ، وإذا وقع الاسم وقع الطلب ، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك » .
ونحوه في غيبة الطوسي / 355 ، وفيه : قال : ( قد رأيته ( عليه السلام ) وعنقه هكذا ، يريد أنها أغلظ الرقاب حسناً وتماماً » .
انتقل عثمان بن سعيد بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) بمدة قليلة إلى بغداد ، ويبدو أن ابنه محمداً سكن بغداد قبله ، وفي تلك الفترة اضطرب وضع سامراء وضعف مركزها ، وانتقلت العاصمة منها إلى بغداد !
ويظهر أن بيت الإمام العسكري بقي بعد وفاته ( عليه السلام ) مفتوحاً ، وكان فيه والدته ، وكان بوابه عثمان بن سعيد العمري ( قدس سره ) .
فقد ادعى جعفر الكذاب أنه وارث أخيه الحسن العسكري ، لأنه لا ولد له ، فردت أم الإمام ( عليه السلام ) دعواه وأبرزت وصيتها ، وادعت جاريةٌ للإمام أنها حامل ، فقرر القاضي ابن أبي الشوارب التريث حتى يتبين أمر الجارية ، لذلك أبقى الدار على وضعه .
ثم طرأت أحداث خطيرة كوصول جيش الزنج وجيش يعقوب الصفار إلى واسط ، فهرب الخليفة من سامراء إلى بغداد ليستعد لحربه !
قال الذهبي في سيره ( 12 / 543 ) : « وفي سنة 261 ، مالت الديلم إلى الصفار ونابذوا العلوي فصار إلى كرمان ، وأما الزنج فحروبهم متتالية ، وسار يعقوب الصفار إلى فارس فالتقى هو وابن واصل فهزمه الصفار ، وأخذ له من قلعته أربعين ألف ألف درهم ! وأعيا المعتمد شأن الصفار وحار ، فلانَ له وبعث إليه بالخلع وبولاية خراسان وجرجان ، فلم يرض بذلك حتى يجئ إلى سامراء ! وأضمر الشر ، فتحول المعتمد إلى بغداد ، وأقبل الصفار بكتائب كالجبال » !
وفي تلك الفترة كان الإمام المهدي ( عليها السلام ) يتواجد في سامراء ، وكان بوابه ووكيله عثمان بن سعيد العمري رضي الله عنه . ( دلائل الإمامة / 425 ) .
قال الطبري في دلائل الإمامة / 424 ، عن الإمام العسكري ( عليه السلام ) : « وتوفي ( عليه السلام ) بسر من رأى ، ولما اتصل الخبر بأمه وهي في المدينة ، خرجت حتى قدمت سر من رأى ، وجرى بينها وبين أخيه جعفر أقاصيص في مطالبته إياها بميراثه ، وسعى بها إلى السلطان وكشف ما ستر الله ، وادعت صقيل عند ذلك أنها حامل ، وحملت إلى دار المعتمد فجعل نساءه وخدمه ونساء الواثق ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدون أمرها ، إلى أن دهمهم من أمر الصفار ، وموت عبد الله بن يحيى بن خاقان ، وأمر صاحب الزنج وخروجهم عن سر من رأى ، ما شغلهم عنها وعن ذكر من أعقب ( عليه السلام ) من أجل ما يشاء الله ستره وحسن رعايته بمنه وطوله » .
ويدل حديث أحمد بن الدينوري ( دلائل الإمامة / 304 ) على أن محمد بن عثمان العمري كان بعد سنة أو أكثر في بغداد ، وأن الدينوري أراد أن يعطيه أمانات للإمام ( عليه السلام ) فلم يقبل ، وأرسله إلى سامراء فرأى آيات الإمام ( عليه السلام ) على يد عثمان بن سعيد ، وأمره الإمام ( عليه السلام ) أن يسلم الأمانات إلى شخص في بغداد بواسطة محمد بن عثمان العمري .
وجاء في حديث وفد قم ، الذين وصلوا إلى سامراء أيام وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) ( كمال الدين / 478 ) : « وأمرنا القائم ( عليه السلام ) أن لا نحمل إلى سر من رأى بعدها شيئاً من المال ، فإنه ينصب لنا ببغداد رجلاً يحمل إليه الأموال ، وتخرج من عنده التوقيعات » .
ومعناه أن عثمان بن سعيد بقي في سامراء بعد وفاة الإمام ( عليه السلام ) مدة قليلة .
وكانت مدة سفارة عثمان بن سعيد العمري للإمام المهدي ( عليه السلام ) خمس سنين 260 - 265 ، وكان ابنه محمد بن عثمان سفيراً معه ، ثم استقل بالسفارة بعد وفاة أبيه من 265 - 305 ، وأوصى بالسفارة إلى الحسين بن روح النوبختي ، فكانت سفارته من 305 - 326 ، وأوصى بالسفارة إلى علي بن محمد السمري ، فكانت سفارته من 326 - 329 ، بداية الغيبة الكبرى .
قال الحموي في معجم البلدان : 3 / 176 ، إن سامراء أخذت بالخراب بعد ولاية المستعين العباسي وانتقل الخلفاء منها إلى بغداد ، ولم يبق منها إلا مشهد الإمامين ( عليهما السلام ) قال : « وسائر ذلك خراب يباب ، يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلها أحسن منها ، ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكاً منها ، فسبحان من لا يزول ولا يحول ) !
وفي غيبة الطوسي / 164 : « عن الزهري قال : طلبت هذا الأمر طلباً شاقاً حتى ذهب لي فيه مال صالح ، فوقعت إلى العمري وخدمته ولزمته وسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان ، فقال لي : ليس إلى ذلك وصول ، فخضعت فقال لي : بكر بالغداة فوافيت ، فاستقبلني ومعه شاب من أحسن الناس وجهاً وأطيبهم رائحة ، بهيئة التجار ، وفي كمه شئ كهيئة التجار ، فلما نظرت إليه دنوت من العمري فأومأ إليَّ فعدلت إليه وسألته فأجابني عن كل ما أردت ، ثم مرَّ ليدخل الدار وكانت من الدور التي لا يكترث لها ، فقال العمري إن أردت أن تسأل سل فإنك لا تراه بعد ذا ، فذهبت لأسأل فلم يسمع ودخل الدار وما كلمني بأكثر من أن قال : ملعون ملعون من أخر العشاء إلى أن تشتبك النجوم ، ملعون ملعون من أخر الغداة إلى أن تقضي النجوم ، ودخل الدار » !
أقول : يظهر أن وقت هذا الحديث بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) بفترة قصيرة ، وأن الإمام المهدي ( عليه السلام ) كان في سامراء ، وأنه أمر عثمان بن سعيد أن يأتي بالزهري الذي يبحث عنه ، فتشرف بخدمته وسأله مسائله ورأى آياته .
وهذا الزهري هو جعفر بن محمد الزهري . ( غيبة الطوسي / 182 ) .
قال ابن طاووس في الطرائف / 183 : ( عثمان بن سعيد العمري ، المدفون بقطقطان من الجانب الغربي ببغداد » .
وقد وردت نسبة ( المنتجي ) في جمال الأسبوع / 321 : ولعلها نسبة إلى فرع من بني أسد ، وقد تكون نسبة إلى مكان ، ففي أمالي الشجري / 730 : « حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر الرداد المنتجي بمنتج » .
وتوفي عثمان بن سعيد ( قدس سره ) في بغداد وقبره فيها قرب الميدان ، وقد حاول الوهابيون تفجيره هذه الأيام ، أواخر شهر رمضان سنة 1430 :
10392 http : / / www . alcauther . com / html / modules . php ? name = News ( رحمه الله ) file = article ( رحمه الله ) sid =
« نفذ التكفيريون وأعوانهم البعثيون تفجيرين بعبوتين ناسفتين ، استهدفتا المرقد الشريف لعثمان بن سعيد العمري سفير الإمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ، وأكد مصدر أمني مطلع لشبكة نهرين نت أن الإرهابيين زرعوا عبوتين ناسفتين ، واحدة في المرقد الشريف والأخرى في مرآب قريب من المكان . وأضاف المصدر بأن حصيلة هذين التفجيرين كان استشهاد ثلاثة مواطنين وجرح ثمانية آخرين .
والجدير بالذكر أن المرقد الشريف للسفير عثمان بن سعيد العمري يقع بالقرب من ساحة الميدان في العاصمة بغداد ، وأن هذا التفجير يأتي ضمن سلسلة تفجيرات تستهدف المراقد المقدسة من جديد » .
قال الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) في الغيبة / 358 : ( قال أبو نصر هبة الله بن محمد : وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام ، في شارع الميدان في أول الموضع المعروف بدرب جبلة ، في مسجد الدرب ، يمنة الداخل إليه ، والقبر في نفس قبلة المسجد ) .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة