1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون الخاص : القانون المدني :

مبررات فسخ العقد لوجود المصلحة في الإطار التشريعي

المؤلف:  زهراء صاحب محمد سعداوي

المصدر:  دور المصلحة في مشروعية الاخلال بالالتزام العقدي

الجزء والصفحة:  ص30-37

2025-05-11

25

نظراً لهذه الصعوبات كان لابد من التدخل التشريعي بفرض قيود تحد من غلواء مبدأ القوة الملزمة للعقد، ولزوم تمتعها بالمرونة، لاعتبارات تتعلق أساساً بالعدالة العقدية والموازنة بين المصالح المتعاقدة ، ورغبة في حماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، عبر إيجاد آليات تمكن كل من الأطراف المتعاقدة والمشرع وحتى القاضي المساس بالرابطة العقدية بالإنهاء أو التعديل والتي تعد استثناءات من مبدأ القوة الملزمة للعقد، ومن بينها تعديل العقد بالإرادة المنفردة لأحد طرفي العقد، وكذلك التدخل القضائي في أثناء تنفيذ العقد من خلال نظرية الظروف الطارئة.
إلا أن الفكرة التي نود طرحها في نطاق البحث، إنهاء العقد والإخلال بتنفيذ الالتزام لوجود مصلحة يمكن أن تحقق الفائدة من دون الولوج في البنود العقدية من جهة وتحقق الخسارة لأطرافه جزاء عدم تنفيذ الالتزام من جهة أخرى. وهو ما نعني بـه وجـود مصلحة يمكن من خلالها تبرير الإخلال بتنفيذ الالتزام العقدي
والسؤال المطروح ، هل يعد الإخلال للمصلحة ضمن نطاق حرية العدول في التعاقد أم أن الإخلال بتنفيذ العقد للمصلحة له استقلاليته في الفقه القانوني ؟ .
للإجابة عن هذا التساؤل لابد من بيان مفهوم الحق في العدول في نطاق التعاقد حيث للعقد قوة تلزم أطرافه بتنفيذه فلا يجوز نقضه أو تعديله من طرف واحد لا شرعا ولا قانونا ولا عرفا إلا باتفاق أو نص وهذا ما سارت عليه الشعوب والأمم عبر الحضارات المتعاقبة وتجسد هذا في القاعدة الفقهية الشهيرة العقد شريعة المتعاقدين التي أحصنت العقد وأضفت عليه قدسية كبيرة تحميه من الهدم يسري هذا المبدأ علـى المستهلك عند ابرامه للعقد، فهو مطالب باحترام العقد وإتمامه والوفاء بكل التزاماته تجاه المتدخل الاقتصادي، كما يتمتع المستهلك عند ابرامه للعقد بحماية قانونية تحمــي رضـاه ومصالحه بوصفه الطرف الاضعف في مقابل الطرف الأقوى الذي يملك الخبرة الواسعة والمعرفة الكبيرة والمتمثلة في المتدخل.
لم تعد قواعد القانون المدني المتعلقة بالعقود كافية لحماية المستهلك في عقد الاستهلاك باعتباره الطرف الأضعف مقارنة بالعون الاقتصادي، ذلك أن هذه القواعد الكلاسيكية صيغت بافتراض وجود نوع من التساوي في المراكز العقدية للمتعاقدين والذي يعبر عنه بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله الا باتفاقهما، الأمر غير القائم في عقد الاستهلاك. فالمستهلك بتجاوزه مرحلة التعاقد يكون قد انتهـى بـه الأمر إلى واقع يغلب عليه توافق شروط العقد مع مصالحه التي من أجلها أقبل على التعاقد. إلا أنه بالنظر إلى السرعة التي تتم بها المعاملات وقلة خبرة المستهلك في مواجهة العون الاقتصادي وتعرضه إلى دعاية كبيرة تحثه على التعاقد فإنه في الغالب ما تأتي تعاقداته خالية من التروي والتمهل، لذلك تدخلت التشريعات الحديثة فارضة مدة زمنية محددة يعتقد بكفايتها ليدرس المستهلك خلالها العقد ويمكنه فيها العدول عنه.
يعرف " العدول عن العقد " على أساس :" أنه سلطة الانفراد بنقض العقد دون أن يتوقف ذلك على إرادة المتعاقد الآخر ، إذ للمتعاقد صاحب هذا الحق المفاضلة بين إمضائه أو العدول فيه بعد إبرام العقد "، ولذلك عرف باسم خيار العدول عن التعاقد اتفاقا مع نظرية الخيارات في الفقه الإسلامي.
وبناء عليه فإن تبني الحق في العدول عن العقد إنما كان لمواجهة افتراض تسرع المستهلك وعدم تكوينه لرضا كاف عند ابرام العقد، وهذه المهلة هي أ أصلاً لحماية رضا المستهلك (1)، بوصفه الطرف الأضعف في العلاقة الاستهلاكية، فهو مرتبط بـركن الرضا لا من حيث وضوحه وسلامته ، الأمر الذي تسعى نظرية عيوب الارادة إلى ضمانه، وإنما من جهة التروي وعدم التسرع؛ ذلك أن القواعد العامة للعقـد لـم تتطلب سوى أن يكون الرضا سليما كما أنها لم تشترط لصحة العقد تحقق أي قدر من المساواة بين المتعاقدين أو إعداد الدراسة المتمهلة والمتأنية لأمر التعاقد وبالتالي، فإن الحق في العدول عن العقد يهدف إلى منح المستهلك مهلة للتدبر والتفكير في عقده بعد إبرامه حماية لرضاه من المخاطرة تبعا لما تتميز به المعاملات في عصرنا الحالي من وسائل إشهار ودعاية تحث على التعاقد، ولعل هذا سبب دعوة بعض الفقه إلى ضرورة إدراج عيب جديد قد يعتري إرادة المستهلك يتمثل في عيب الإغواء
أما تكييف هذا الحق فيمكن القول بأنه رخصة قانونية باعتبار أن الرخصة هي مكنة واقعية لاستعمال حرية من الحريات العامة أو هي إباحة يسمح لها القانون في شأن حرية من الحريات العامة فلا يمكن التسليم به على أساس أن الرخصة لا تثبت للمتعاقد فقط بل يشاركه فيها الكافة ومثالها حرية العمل حرية التنقل فضلا على أنها لا تثبت لسبب معين بذاته كالحقوق وإنما يثبت بسبب الإذن العام من المشرع (2). وتبنى هذا الحق المشرع الفرنسي والذي نص على الحق في العدول بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 88 - 21 الصادر في 6 يناير 1988 و اعتبره حقا قانونيا إلزاميا يجيز للمستهلك العدول عن العقد الذي قبله خلال مدة معينة
تناول المشرع المصري حق العدول في نطاق عقود الإستهلاك في المادة (40) من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 والتي جاء فيها : (مع عدم الإخلال بأي ضمانات أو شروط قانونية أو اتفاقية أفضل للمستهلك، يحق للمستهلك الذي يتعاقد عن بعد الرجوع في العقد خلال أربعة عشر يوما من استلامه السلعة . وفي هذه الحالة يلتزم المورد برد المبلغ المدفوع من المستهلك بذات طريقة دفعه، ما لم يتفق على طريقة أخرى للرد ، وذلك خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام من تاريخ إعادة المنتج بالنسبة للسلع ، أو من تاريخ التعاقد بالنسبة للخدمات ويتحمل المستهلك نفقات الشحن وإعادة المنتج، ما لم ينص العقد على غير ذلك. وإذا تأخر المورد في تسليم المنتج عن التاريخ المتفق عليه، أو لم يسلمه خلال ثلاثين يوما إذا لم يكن قد اتفق على تاريخ التسليم، يكون للمستهلك الرجوع في التعاقد دون أي نفقات خلال أربعة عشر يوما من تاريخ التأخر أو من تاريخ الاستلام أيهما أطول على أن يخطر المورد بذلك، وفي هذه الحالة يلتزم المورد برد المبلغ المدفوع من المستهلك فور إخطاره بالرجوع عن التعاقد وفقا للكيفية والمدد المنصوص عليهما في الفقرتين السابقتين بحسب الأحوال، ويتحمل المورد جميع نفقات إعادة الشحن ومصاريف التسليم. وذلك كله وفقا للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ) .
كما تنص المادة (41) من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 المصري على أنه يسقط حق المستهلك في العدول عن التعاقد المنصوص عليه في المادة (40) من هذا القانون في الحالات الآتية:
1. إذا انتفع كليا بالخدمة قبل انقضاء المهلة المقررة للحق في العدول.
2. إذا كان الاتفاق يتناول سلعا صنعت بناء على طلبه، أو وفقا لمواصفات حددها.
3. إذا كان الاتفاق يتناول أشرطة فيديو أو أسطوانات أو أقراصا مدمجة أو برامج معلوماتية أو مطبوعات أزال المستهلك غلافها.
4. إذا حدث عيب في السلعة نتيجة سوء حيازتها من قبل المستهلك.
5. في الأحوال التي يعد فيها طلب العدول متعارضا مع طبيعة المنتج أو يخالف العرف التجاري أو يعد تعسفا من جانب المستهلك في ممارسة الحق في العدول وذلك كله على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وفي الحديث عن العدول في العقود وفي خضم التقدم العلمي الذي يشهده العالم نتج عن التقدم التكنولوجي ظهور أشكال جديدة للمنتجات والخدمات المعروضة علــى المستهلك ، كما ظهرت أساليب جديدة لتسويقها تختلف عن الأساليب التقليدية مما أدى إلى ظهور نوع جديد من البيوع أطلق عليه اسم البيع عن بعد الذي يعرف على كونه تقنية تسمح للمستهلك طلب المنتج أو الحصول على خدمة خارج الأماكن المعتادة لإستقبال العملاء ، وقد أدت التطورات التكنولوجية الجديدة في ميدان الإتصالات إلى ميلاد نوع جديد من وسائل الإتصال دأب المستهلك على إستخدامها من أجل التواصل مع المحترفين و إنجاز تعاقداته بسرعة وسهولة ويسر، و يقصد بوسائل الإتصال الحديثة كل إرسال أو إستقبال العلامات والإشارات و الخطوط المكتوبة والصور والمعلومات أي كان نوعها و يستوي أن يكون شكليا أو أن يتم سمعيا أو بصريا ، أو بأي نظام أخر فهي أجهزة تقنية متقدمة تستخدم للإتصال عن بعد ، و الجدير بالذكر أن جل التشريعات لم تورد تعداد حصري لوسائل الإتصال عن بعد و لكنها اكتفت بأمثلة تحسبا لما قد يسفر عنه المستقبل من إبتداع وسائل جديدة ، و وفقا لذلك فأي وسيلة يستخدمها المتعاقدان في إبرام عقد الإستهلاك بدون حضور مادي بينهما تعتبر من وسائل الإتصال الحديثة في إبرام العقد
وما يجب التنويه به ، هو الدور المهم الذي تلعبه المعاملات الإلكترونية في عصرنا الحاضر ، سيما في مجال التجارة الإلكترونية ، التي تعد الميدان الرئيسي لإجراء مثل هذا النوع من المعاملات ، حيث أصبحت شبكة فضاء إفتراضيا تباع فيه السلع و تشترى ، فصارت سوقا لجميع أطراف التعاقد ، و تتم فيه العقود الإستهلاكية المختلفة . غير أن ذلك لا يخلو من المخاطر الكثيرة التي تنتج عنه بالنسبة للمستهلك الذي يجهل إستخداماته وتعقيداته الفنية خصوصا أن معظم المستهلكين لا تتوفر لديهم معرفة بالمنتج .
وبهذا الصدد توجه المشرع الفرنسي نصت المادة الأولى من القانون الفرنسي رقم (88/21) الصادر في 6 كانون الثاني / يناير 1988 على أنه : ( في كافة العمليات التي يتم فيها البيع عبر المسافات فإن للمشتري خلال سبعه أيام من تاريخ تسليم المبيع الحق في إعادته إلى البائع لاستبداله بآخر أو رده واسترداد الثمانون أية نفقات من جانبه سوى مصاريف الرد ) .
اما المشرع المصري بنص المادة (8) من قانون حماية المستهلك المصري فلم يقرر مثل هذا الخيار للمستهلك بل نص على حق المستهلك في استبدال السلعة أو إعادتها مع استرجاع ثمنها إذا شابها عيب أو كانت غير مطابقة للمواصفات .
لم يتضمن التشريع العراقي خياراً يتيح للمتعاقد حق العدول حتى في نصوص قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 على الرغم من تبنيه في الفقرة الأولى من المادة (2) فكرة ضمان حقوق المستهلك الأساسية وحمايتها من الممارسات غير المشروعة التي تؤدي إلى الإضرار به(3) . إلا أن القانون المدني له فكرة مقاربة لفكرة العدول ولكن بطريقة أخف وطأة مما جاء عليه التشريع الفرنسي وهي خيار التجربة . البيع بشرط التجربة هو البيع الذي يحتفظ فيه المشتري بحق تجربة المبيع قبل شرائه نهائياً، وذلك أما لغرض التأكد من صلاحية المبيع للغرض المقصود منه أو للتأكد من ملائمته لحاجته الشخصية والعلة في اشتراط (التجربة) قبل الموافقة النهائية على البيع هي رغبة المشتري في عدم الالتزام بالعقد حالاً وترجيه ابداء الموافقة النهائية بالعقد بعد معاينة المبيع وتجربته لما قد يترتب عليه من نتائج خطيرة، خاصة إذا كان البيع منصباً على أشياء ثمينة. وحق المشتري في تجربة المبيع لا ينشأ إلا من شرط صريح في العقد أو شرط ضمني يستخلص من ظروف التعاقد، وبصفة خاصة مما جرت به العادة أو تقضي به طبيعة المبيع، فشراء الملابس الجاهزة ينطوي عادة على شرط ضمني بأن المشتري قد اشتراها بشرط التجربة، كما أن شراء الآلات الميكانيكية إذا كانت من الدقة بحيث لا يمكن الوقوف على صلاحيتها إلا بعد تجربتها، تفترض فيه التجربة شرطاً ضمنياً (4) .
أباح القانون المدني العراقي بنص المادة (524) البيع بشرط التجربة حيث (يجوز للمشتري ان يقبل المبيع او يرفضه وعلى البائع ان يمكنه من التجربة فإذا رفض المشتري المبيع وجب أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها فإذا لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع فإذا انقضت هذه المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا (للبيع) وكييف العقد على أنه (بشرط التجربة معلقا على شرط واقف هو قبول المبيع، الا إذا تبين من الاتفاق والظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ. وهو ذات التوجه أخذ به المشرع المصري في نص المادة (421) من القانون المدني المصري .
إذا، خيار المستهلك في العدول ليس بحرية وليس بحق شخصي أو عيني، ولكنه يحتل منزلة وسطى بين الحق بمعناه الدقيق والحرية فهو أعلى مرتبة من هذه الأخيرة ولكنه لا يصل إلى حد الاقتضاء أو التسلط، بل يعد مكنة قانونية ، والتـي يـعـد خـيـار العدول من أهم تطبيقاتها، وحق إرادي محض يختلف مضمونه عن مضمون الحقوق العادية لما تتميز به هذه المكنة بقدرة صاحبها على إحداث أثر قانوني خاص بإرادته المنفردة ودون توقف ذلك على إرادة شخص آخر فهي مكنة جوهرها سلطة التحكم في مصيرالعقد الذي تقرر هذا الخيار بشأنه (5) . ويؤكد ذلك أنّ خيار العدول لا يقابله واجب أو التزام على من يستعمل هذا الحق في مواجهته، لذا نرجح ما ذهب إليه الاتجاه الأخير من الفقه كونه الأقرب للصواب ومن ثم فإن الفكرة التي نحن بصدد طرحها (العدول لوجود مصلحة تفوق الالتزام العقدي السابق فيما لو تم تنفيذه والإخلال مع التعويض هو الأكثر نفعاً) .
______________
1- زعبي عمار الحق في العدول عن التعاقد ودوره في حماية المستهلك - دراسة مقارنة ، جامعة الوادي، 2018، ص120.
2- د. نبهات بن حميدة، حماية الطرف الضعيف في العلاقات التعاقدية رسالة ماجستير في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان ، 2007 ص 80.
3- د. موفق حماد عبد الحماية القانونية للمستهلك في عقود التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، منشورات زين الحقوقية، بغداد، 2018 ، ص 311
4- د. سعيد مبارك ، طه الملا حويش ، صاحب الفتلاوي ، الوجيز في العقود المسماة ، المكتبة القانونية ، 2020 ، ص 72
5- د. نبهات بن حميدة ، مرجع سابق، ص 83.

EN