x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الإمام علي (عليه السلام) وأهل الكتاب
المؤلف: الشيخ خليل رزق
المصدر: نظام العلاقات الاجتماعية في نهج البلاغة
الجزء والصفحة: ص111ــ114
2024-11-22
38
لم تكن طبيعة الإمام علي (عليه السلام) في تعامله مع أهل الكتاب مختلفة عن الموازيين المقاييس التي حددها القرآن الكريم، والرسول الأمين (صلى الله عليه وآله).
فعندما كان الإمام يوصي ولاته في الأمصار بالحفاظ على شؤون الناس، ورعايتها، كان كلامه يشمل أهل الذمة أيضاً.
ففي عهد الإمام (عليه السلام) لمالك الأشتر يقول:
((واعلم أن الرعية طبقاتٌ لا يَصلُحُ بعضها إلا ببعضٍ، ولا غنى ببعضها عن بعض)):
فمنها جنود الله، ومنها كُتَّابُ العامة والخاصة، ومنها قُضَاةُ العدل، ومنها عُمَّال الإنصاف والرفق، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الدّمة ومُسْلِمَة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات، ومنها الطبقات السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة، وكلُّ قد الله له سهمه، ووضع على حده فريضةً في كتابه أو سُنَّة نبيه (صلى الله عليه وآله) عهداً منهُ عندنا محفوظاً(1).
وقد ذكرت بعض الكتب التاريخية الآداب التي كان يتعامل فيها الإمام علي (عليه السلام) مع أهل الكتاب، ومما جاء من سيرته في ذلك.
أن الإمام (عليه السلام) صاحب ذات ليلةٍ مسيحياً في الكوفة، وهو خليفة المسلمين، حتى كانا في مفترق الطريق، فلم يفارقه الإمام (عليه السلام) بل صاحبه ماشياً نحو بيت المسيحي إلى مسافةٍ ما، ثم ودعه وأمَّ الرجوع، فقال له المسيحي: ظننت أن لك في هذه الحارة شغلاً.
فقال (عليه السلام) ما مؤاده: كلا، بل من شأن الصاحب أن يشايع صاحبه إلى مسافةٍ ما - حتى يأمن عليه ـ.
فقال المسيحي: وهل هذه هي تعاليم الإسلام.
فقال له الإمام: نعم.
فعند ذلك أسلم ذلك النصراني(2).
فهذه صورة واضحة عن أخلاق خليفة المسلمين مع الإنسان المسيحي وقد ذكرت حادثة أخرى في هذا المجال وهي:
أن الإمام علي (عليه السلام) افتقد درعه فوجدها عند رجل نصراني، فأقبل به يقاضيه إلى شريح القاضي وقال: إنها درعي ولم أبع ولم أهب.
فسأل شريح القاضي النصراني: ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟.
قال: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب!.
فالتفت شريح إلى الإمام يسأله: يا أمير المؤمنين هل من بينه؟.
فضحك الإمام وقال: أصاب شريح، ما لي بينة.
فقضى شريح بالدرع للنصراني. فأخذها ومشى (وأمير المؤمنين ينظر إليه..) إلا أن النصراني لم يخطو خطوات حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أنّ هذه أحكام أنبياء، أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الدرع درعك يا أمير المؤمنين.... فقال علي (عليه السلام): أما إذا أسلمت فهي لك(3).
ومما اختُصَّ به أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) هو ذلك الحب الذي وهبه إيَّاه جميع الناس على اختلاف أديانهم، نتيجة لسياسته الحكيمة، وتعامله المميز معهم على قواعد المحبة والأدب والاحترام للإنسان بما هو إنسان.
قال شارح النهج المعتزلي
((وما أقول في رجل تحبّه أهل الذمة على تكذيبهم بالنبوة، وتعظمه الفلاسفة على معاندتهم لأهل الملة، وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها، حاملاً سيفه، مشمراً لحربه، وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها!.
كان على سيف عَضُد الدولة بن بُوَيه، وسيف أبيه ركن الدولة صورته، وكان على سيف إلب ارسلان وابنه ملكشاه صورته، كأنهم يتفاءلون به النصر والظفر))(4).
_______________________________
(1) نهج البلاغة : الكتاب 53.
(2) راجع التكامل في الإسلام : أحمد أمين ج 1 ص 130.
(3) سنن البيهقي ج 10 ص 136 وفي ج 4 ص 6. - وذكر الحادثة سيد قطب في كتابه : نحو مجتمع إسلامي ص 128.
(4) شرح نهج البلاغة. ابن أبي الحديد ج 1 ص 28.